عقوبات أمريكية واسعة على كيانات وأسطول سفن إيرانية "متحايلة"
علي المخلافي رويترز ، أ ف ب
٣٠ يوليو ٢٠٢٥
أعلنت وزارة الخزانة الأمريكية عقوبات جديدة على أكثر من 115 فردا وكيانا وسفينة على صلة بإيران، "ضالعة في التحايل" على العقوبات في 17 دولة، في مؤشر على تكثيف إدارة ترامب جهودها في حملة "أقصى الضغوط" بعد قصف مواقع نووية.
صورة أرشيف - سفينة نقل نفط إيرانية. تستهدف العقوبات الأمريكية الجديدة ناقلات تقول واشنطن إنها ضالعة في التحايل على العقوبات.صورة من: Reuters/J. Nazca
إعلان
أعلنت الحكومة الأمريكية اليوم الأربعاء (30 يوليو/تموز 2025) فرض سلسلة جديدة من العقوبات على إيران، تستهدف أكثر من خمسين فردا وكيانا، إضافة الى أكثر من خمسين سفينة يشتبه بأنها عائدة إلى اسطول تجاري يملكه نجل مسؤول كبير في الجمهورية الإسلامية.
وأكد مكتب مراقبة الأصول الأجنبية في وزارة الخزانة الأمريكية في بيان أن هذه العقوبات "هي الأكبر المتصلة بإيران منذ 2018"، وتستهدف أسطولا من ناقلات النفط وسفن الحاويات، يعود وفق المكتب إلى محمد حسين شمخاني، نجل علي شمخاني المستشار المقرب من المرشد الأعلى الايراني علي خامنئي.
إعلان
عقوبات تستهدف سفن نجل مستشار لخامنئي
وتستهدف العقوبات بشكل عام مصالح الشحن التابعة لمحمد حسين شمخاني، نجل علي شمخاني، وهو مستشار للزعيم الأعلى آية الله علي خامنئي. ووصفت وزارة الخزانة الأمريكية هذه الخطوة بأنها أهم إجراء يخص العقوبات المتعلقة بإيران منذ 2018، خلال ولاية ترامب الأولى.
وتقول وزارة الخزانة إن شمخاني يسيطر على شبكة واسعة من سفن الحاويات والناقلات عبر شبكة معقدة من الوسطاء الذين يبيعون شحنات النفط الإيرانية والروسية وسلعا أخرى عبر العالم. واتهمت الوزارة شمخاني باستغلال علاقاته الشخصية والفساد في طهران لتحقيق أرباح بعشرات المليارات من الدولارات، يُستخدم جزء كبير منها لدعم النظام الإيراني.
وقالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الأمريكية تامي بروس إنّ العقوبات ترمي إلى "تعطيل قدرة النظام الإيراني على تمويل أنشطته المزعزعة للاستقرار، بما في ذلك برنامجه النووي، ودعمه لجماعات إرهابية، وقمعه لشعبه".
وأضافت "سبق أن قال الرئيس (دونالد) ترامب، إنّ أيّ دولة أو شخص يختار شراء النفط أو المواد النفطية الإيرانية يعرض نفسه لخطر العقوبات الأمريكية ولن يُسمح له بمزاولة الأعمال مع الولايات المتحدة".
مسؤول أمريكي: "لن يحدث اضطراب لأسواق النفط"
وبشكل عام، تستهدف العقوبات الجديدة 15 شركة شحن و52 سفينة و12 فردا و53 كيانا للضلوع في التحايل على العقوبات في 17 دولة، من بنما وإيطاليا إلى هونغ كونغ. وقال مسؤول أمريكي إن الخطوة الجديدة لن تسبب اضطرابا في أسواق النفط العالمية إذ صُممت خصيصا لاستهداف جهات محددة. وفرض الاتحاد الأوروبي عقوبات على شمخاني في وقت سابق من يوليو/تموز 2025، وعزا التكتل ذلك إلى دوره في تجارة النفط الروسية.
"تأثير على روسيا وإيران لكن التركيز على طهران"
وقال مسؤول أمريكي إن إجراءات اليوم الأربعاء ستؤثر على كل من روسيا وإيران، لكنها تركز على طهران. وأضاف المسؤول: "من وجهة نظرنا، وبالنظر إلى موقع هذا الشخص وارتباطه بالزعيم الأعلى وأنشطة والده السابقة في مجال العقوبات، من الأهمية بمكان التأكيد على أن العقوبات على إيران ذات مغزى وتأثير كبير". واستهدفت الولايات المتحدة علي شمخاني، والد محمد حسين، بعقوبات عام 2020.
وبحسب مساعد وزير الخزانة مايكل فولكندر في تصريح لصحافيين فإنّ إيران كانت تصدّر نحو 1,8 مليون برميل من النفط الخام يوميا في بداية العام، لكنّ الكمية تراجعت إلى 1,2 مليون برميل يوميا. وأضاف "ما زلنا منخرطين في مزيد من الإجراءات لخفض هذا الرقم على نحو أكبر".
وأضاف "عبر كشف هذه الأنشطة، نساعد الشركات الشرعية على تجنّب هذه الأعمال التجارية ونعطّل على نحو أكبر قدرة إيران على جمع إيرادات لأنشطتها المزعزعة للاستقرار".
تحرير: عبده جميل المخلافي
الضربة الإسرائيلية.. محطة كبرى في التصعيد بين إسرائيل وإيران حول الملف النووي
تطورت لعبة القط والفأر حول البرنامج النووي الإيراني، حيث قررت إسرائيل اليوم التدخل لوقف تطوره. منذ نهاية خمسينات القرن الماضي انطلق، ثم جاءت القطيعة مع وصول الخميني للحكم لتتوالى فصول الترغيب والترهيب بين الغرب وطهران.
صورة من: picture-alliance/AP Photo/Iranian Presidency Office/M. Berno
ضربات إسرائيلية في قلب إيران لوقف تطور برنامجها النووي
يثير البرنامج النووي الإيراني منذ عقود قلقاً كبيراً لدى عدد من الدول الغربية ودول المنطقة، وعلى رأس هذه الدول إسرائيل، التي استهدفت مؤخراً عدة منشآت نووية إيرانية للحد من النمو المتسارع للبرنامج الإيراني، ومنع طهران من حيازة سلاح نووي رغم نفي الأخيرة طوال عقود أن يكون هذا هو هدفها، وتأكيدها المستمر أن أغراض برنامجها سلمية.
صورة من: Don Emmert/AFP/Getty Images
استهداف منشآت لتخصيب اليورانيوم وتصفية القادة
الضربة الإسرائيلية شملت منشأة نطنز الرئيسية لتخصيب اليورانيوم، كما تم تنفيذ عمليات اغتيال لعدد من كبار القادة العسكريين أدت لمقتل قائد أركان القوات المسلحة محمد باقري، فضلا عن قائد الحرس الثوري حسين سلامي والقيادي البارز في الحرس غلام علي رشيد، كما قتل ستة من العلماء الإيرانيين، بينهم محمد مهدي طهرانجي وفريدون عباسي.
صورة من: Atomic Energy Organization of Iran/AP/picture alliance
البداية النووية
كان العام 1957، بداية البرنامج النووي الأيراني حين وقع شاه إيران اتفاق برنامج نووي مع أمريكا، ليتم الإعلان عن "الاتفاق المقترح للتعاون في مجال البحوث ومجال الاستخدامات السلمية للطاقة الذرية" تحت رعاية برنامج أيزنهاور "الذرة من أجل السلام". وفي1967، أسس مركز طهران للبحوث النووية. لكن توقيع إيران معاهدة عدم انتشار الأسلحة النووية في 1968، جعلها تخضع للتفتيش والتحقيق من قبل الوكالة الدولية للطاقة.
صورة من: gemeinfrei
إنهاء التدخل الغربي في البرنامج النووي
الإطاحة بحكم الشاه وقيام جمهورية إسلامية في إيران سنة 1979، جعلت أواصر العلاقات بين إيران والدول الغربية موسومة بقطيعة، فدخل البرنامج النووي في مرحلة سبات بعد انسحاب الشركات الغربية من العمل في المشاريع النووية وإمدادات اليورانيوم عالي التخصيب؛ فتوقف لفترة برنامج إيران النووي .
صورة من: Getty Images/Afp/Gabriel Duval
البحث عن حلول
سمح خميني عام 1981 بإجراء بحوث في الطاقة النووية. وفي 1983، تعاونت إيران والوكالة الدولية للطاقة الذرية لمساعدة طهران على الصعيد الكيميائي وتصميم المحطات التجريبية لتحويل اليورانيوم، خاصة في موقع أصفهان للتكنولوجيا النووية، لكن الموقف الغربي عموما كان رافضا لمثل هذا التعاون. ومع اندلاع الحرب بين إيران والعراق تضرر مفاعل محطة بوشهر النووية فتوقفت عن العمل.
صورة من: akairan.com
روسيا تدخل على الخط، والصين تنسحب!
في التسعينات تم تزويد إيران بخبراء في الطاقة النووية من طرف روسيا. وفي 1992، انتشرت مزاعم في الإعلام الدولي بوجود أنشطة نووية إيرانية غير معلنة، مما جعل إيران تستدعي مفتشي الوكالة الدولية للطاقة الذرية لزيارة المنشآت النووية، وخلصت التفتيشات حينها إلى أن الأنشطة سلمية. في 1995، وقعت إيران مع روسيا عقدا لتشغيل محطة بوشهر بالكامل، في حين انسحبت الصين من مشروع بناء محطة لتحويل اليورانيوم.
صورة من: AP
إعلان طهران وزيارة البرادعي لإيران
طلبت الوكالة الدولية، في 2002، زيارة موقعين نوويين قيل أنهما غير معلنين، لكن إيران لم تسمح بذلك حتى مرور ستة أشهر على شيوع الخبر. وفي 2003، زار محمد البرادعي، المدير السابق للوكالة الدولية للطاقة الذرية، إيران للحصول على إيضاحات في ما يخص استئناف أنشطة تخصيب اليورانيوم، واصدرت الوكالة تقريرا سلبيا تجاه تعاون إيران.
صورة من: AP
شد وجذب
أصدرت الوكالة الدولية، في 2004، قرارا يطالب إيران بالإجابة عن جميع الأسئلة العالقة، وبتسهيل إمكانية الوصول الفوري إلى كل المواقع التي تريد الوكالة زيارتها، وبتجميد جميع الأنشطة المتعلقة بتخصيب اليورانيوم بمستوى يتيح إنتاج الوقود النووي والشحنة الانشطارية. لكن الرئيس السابق محمود أحمدي نجاد وبعد انتخابه، عمل على تفعيل البرنامج النووي ولم يكترث للتهديدات الغربية، كما أسس مفاعل "أراك" للماء الثقيل.
صورة من: AP
فصل جديد
في 2006، صوت أعضاء الوكالة الدولية على إحالة الملف الإيراني إلى مجلس الأمن، الذي فرض حظرا على تزويد إيران بالمعدات اللازمة لتخصيب اليورانيوم وإنتاج صواريخ بالستية. وردت إيران على هذا الإجراء بتعليق العمل بالبروتوكول الإضافي وجميع أشكال التعاون الطوعي. وفي نفس السنة، أعلن الرئيس الإيراني؛ أحمدي نجاد، عن نجاح بلده في تخصيب اليورانيوم بنسبة 3,5 بالمائة. الصورة لوفد قطر أثناء التصويت على القرار.
صورة من: AP
مفاعلات نووية سرية
في عام2009 ، تحدث بعض المسؤولين الأميركيين والبريطانيين والفرنسيين، عبر وسائل الاعلام، عن قيام إيران ببناء مفاعل نووي في ضواحي مدينة قم، كما قال هؤلاء بأنه تحت الأرض ويبنى بكل سرية، دون أن تخبر به إيران الوكالة الدولية للطاقة الذرية، في حين نفت طهران ذلك واعتبرته مجرد ادعاءات.
صورة من: AP
على مشارف حل
في عام 2014، تم الاتفاق على وقف تجميد الولايات المتحدة لأموال إيرانية قدرت بمليارات الدولارات، مقابل توقف إيران عن تحويل اليورانيوم المخصب بنسبة 20 بالمائة إلى وقود. وفي نفس السنة، قامت منظمة الطاقة الذرية الإيرانية باجراء تعديلات على منشأة "أراك" لضمان إنتاج حجم أقل من البلوتونيوم.
صورة من: ISNA
الاتفاق التاريخي
في عام 2015، وبعد سلسلة من الاجتماعات، في فيينا، أعلن عن التوصل لاتفاق نهائي؛ سمي اتفاق إطار، بخصوص برنامج إيران النووي. الاتفاق جمع الولايات المتحدة والمملكة المتحدة وروسيا والصين وفرنسا وألمانيا بإيران. وكان من المرجح أن ينهي هذا الاتفاق التهديدات والمواجهة بين إيران والغرب.
صورة من: Getty Images/AFP/R. Wilking
طموحات حدها الاتفاق!
كان باراك أوباما، الرئيس الأمريكي السابق، واحدا من رؤساء الدول المتفقة مع إيران، فيما يخص البرنامج النووي، من الذين رأوا في الخطوة ضمانا لأمن العالم، بالمقابل قال نظيره الإيراني؛ حسن روحاني، إن بلاده حققت كل أهدافها من خلال الاتفاق. لكن الأمور لم تعرف استقرارا، خاصة مع رغبة إيران في تطوير برنامجها نووي، دون أن تلفت اليها الأنظار.
صورة من: Getty Images/A. Burton/M. Wilson
أمريكا تنسحب
آخر التطورات في الاتفاق النووي، كانت يوم الثلاثاء 8 أيار/مايو 2018، حيث أعلن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، قرار الانسحاب من الاتفاق النووي مع إيران، متعهداً بأن تفرض بلاده "أعلى مستوى من العقوبات الاقتصادية على النظام الإيراني". وفي هذا الصدد، عبرت طهران عن عدم رغبتها في الدخول في جولات جديدة من المفاوضات الشاقة مع أمريكا.
صورة من: Imago/Zumapress/C. May
شروط أي "اتفاق جديد"
بعد الانسحاب الأميركي، أعلن وزير الخارجية مايك بومبيو 12 شرطاً أميركياً للتوصل إلى "اتفاق جديد". وتضمنت هذه الشروط مطالب شديدة الصرامة بخصوص البرنامج النووي وبرامج طهران البالستية ودور إيران في الشرق الأوسط. وهدّد بومبيو إيران بالعقوبات "الأقوى في التاريخ" إذا لم تلتزم بالشروط الأميركية.
صورة من: Getty Images/L. Balogh
واشنطن تشدد الخناق
فرضت إدارة ترامب أول حزمة عقوبات في آب/أغسطس ثم أعقبتها بأخرى في تشرين الثاني/نوفمبر. وشملت هذه العقوبات تعطيل معاملات مالية وواردات المواد الأولية إضافة إلى إجراءات عقابية في مجالي صناعة السيارات والطيران المدني. وفي نيسان/أبريل من عام 2019، أدرجت الولايات المتحدة الحرس الثوري الإيراني على لائحتها السوداء لـ"المنظمات الإرهابية الأجنبية"، وكذلك فيلق القدس المكلف بالعمليات الخارجية للحرس الثوري.
صورة من: picture-alliance/U. Baumgarten
أوروبا تغرد خارج السرب
في 31 كانون الثاني/يناير 2019، أعلنت باريس وبرلين ولندن إنشاء آلية مقايضة عرفت باسم "إنستكس" من أجل السماح لشركات الاتحاد الأوروبي بمواصلة المبادلات التجارية مع إيران رغم العقوبات الأميركية. ولم تفعل الآلية بعد، كما رفضتها القيادة العليا في إيران. وزيرة خارجية الاتحاد الأوروبي فيديريكا موغيريني أكدت على "مواصلة دعمنا الكامل للاتفاق النووي مع إيران، وتطبيقه كاملاً"، داعية إيران إلى التمسك به.
صورة من: Reuters/S. Nenov
طهران ترد
في أيار/مايو الماضي، قررت طهران تعليق بعض تعهداتها في الاتفاق النووي التاريخي المبرم عام 2015 مع الدول الكبرى بعد عام على القرار الأميركي الانسحاب من الاتفاق. وحذرت الجمهورية الإسلامية من أنها ستستأنف تخصيب اليورانيوم بدرجة أعلى من المسموح بها في الاتفاق خلال 60 يوماً، إذا لم يوفر لها الأوروبيون الحماية من العقوبات الأمريكية. مريم مرغيش/خالد سلامة