العراق..زلزال انتخابي يربك قواعد اللعبة السياسية والنفوذ
١١ نوفمبر ٢٠٢٥
قالت المفوضية العليا المستقلة للانتخابات في العراق إن نسبة المشاركة في الانتخابات البرلمانية بلغت 55 بالمئة في "مفاجاة أقل ما تُوصف بأنها من العيار الثقيل".
وأغلقت مراكز الاقتراع عند السادسة مساء (15,00 ت غ)، بعدما فتحت على مدى 11 ساعة أمام ما يزيد عن 21,4 مليون ناخب مسجّلين لاختيار مجلس النواب لولاية تمتدّ أربع سنوات.
وبهذا تزيد نسبة المشاركة كثيرا عن نسبة 41% المسجّلة في الانتخابات الأخيرة عام 2021. وجاءت نسبة المشاركة القياسية رغم تعبير الكثير من العراقيين عن إحباطهم في ظلّ عدم بروز أسماء جديدة متنافسة.
"نريد فرص عمل"
ويرى المحلل السياسي حمزة حداد أن نسبة المشاركة هذا العام "خطوة إيجابية بالنسبة للعراق"، معتبرا أنها تُظهر أن "تأثير(مقتدى) الصدر يقتصر فعليا على أنصاره".
ويضيف "هذا يعني أنه لا يمكن لأي زعيم سياسي أن يوقف الانتخابات الديموقراطية في العراق".
ويُفترض أن تُعلن النتائج الأولية خلال 24 ساعة من إغلاق المراكز، في وقت يتوقع محللون أن يحقق ائتلاف الإعمار والتنمية الذي يقوده رئيس الوزراء محمد شياع السوداني نتيجة جيدة في الانتخابات، من دون أن يعني ذلك بالضرورة عودته إلى منصبه.
وتنافس أكثر من 7740 مرشحا ثلثهم تقريبا من النساء على 329 مقعدا لتمثيل أكثر من 46 مليون نسمة. ومعظمم المرشحين ضمن تحالفات وأحزاب سياسية كبيرة، إذ شارك 75 مستقلّا فقط هذا العام.
وقال علي عبد (57 عاما) الذي أدلى بصوته في مدينة الموصل بشمال البلاد "نشارك بالانتخابات لأننا نريد تغييرا الناس يعيشون في البطالة، لذلك نريد فرص عمل ونهوضا اقتصاديا".
"بأمر السيد"
شهدت الانتخابات مقاطعة من أنصار رجل الدين الشيعي مقتدى الصدر الذي اعتبر أنها مشوبة بالفساد، ودعا إلى عدم الترشح ولا الاقتراع.
على مقربة من أحد مراكز الاقتراع في مدينة الصدر، إحدى أبرز معاقل الزعيم الشيعي في بغداد، قالت مجموعة من الرجال بصوت واحد "نحن مقاطعون بأمر من السيد" مقتدى.
وقال حاتم كاظم (28 عاما) الذي أغلق متجره لاكسسوارات السيارات لقضاء اليوم مع عائلته "بدافع الحبّ والطاعة (أنا) مقاطع للانتخابات بأمر السيد القائد".
وانتهت الانتخابات الأخيرة في 2021، بفوز الصدر بأكبر عدد من المقاعد في البرلمان (73 مقعدا)، لكنه انسحب منه جرّاء خلافات مع "الإطار التنسيقي" حول تشكيل الحكومة. وأثارت الأزمة التي استمرت أشهرا أعمال عنف دامية.
ورغم خوض الانتخابات بشكل منفصل، يُتوقّع أن تتّحد الأحزاب الشيعية المنضوية ضمن "الإطار التنسيقي" بعد الاقتراع لتشكيل أكبر كتلة. وكذلك، خاضت الأحزاب السنية الانتخابات بشكل منفصل، ويُتوقّع أن يحقّق رئيس مجلس النواب الأسبق السياسي النافذ محمد الحلبوسي مكاسب بنتيجتها.
وشملت الانتخابات إقليم كردستان العراق حيث يستمرّ التنافس السياسي التاريخي بين الحزب الديموقراطي الكردستاني والاتحاد الوطني الكردستاني.
صراع النفوذ بين إيران وأمريكا
ويكتسب التوازن الذي يقيمه العراق في علاقاته مع إيران و الولايات المتحدة أهمية متزايدة في ظلّ التغيّرات الإقليمية منذ اندلاع حرب غزة عام 2023.
وفي خضم التوترات، حافظ العراق على استقرار نسبي، رغم أن فصائل مسلّحة موالية لطهران تبنّت إطلاق صواريخ ومسيّرات على مواقع تضم قوات أمريكية في سوريا والعراق، بينما قصفت واشنطن أهدافا لهذه المجموعات في العراق.
وفي تعليقها، قالت صحيفة "نيويورك تايمز" إن الانتخابات الحالية تحمل تداعيات جيوسياسية خطيرة.
وأضافت أن إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب "تُصر على أن تتولى الحكومة المقبلة المهمة الصعبة المتمثلة في نزع سلاح الميليشيات القوية المدعومة من إيران".
وأشارت الصحيفة إلى أن كلًا من واشنطن و طهران "تسعيان إلى ضمان نفوذهما على الحكومة المقبلة" في العراق.
تحرير: عباس الخشالي