Die deutsch-arabischen Beziehungen und Israel
٥ مايو ٢٠٠٨من ضمن أولى المهام التي اضطلعت بها جمهورية ألمانيا الاتحادية عقب تأسيسها عام 1949 القيام بمفاوضات سرية مع دولة إسرائيل التي تأسست قبيل ذلك بحوالي عام، وذلك في إطار "التكفير عن أخطاء الماضي" المتمثلة في المحرقة النازية. فلقد توجب على ألمانيا أن تعمل على معالجة آثار أسوء إبادة جماعية في تاريخ البشرية كشرط لعودتها إلى الأسرة الدولية.
عبد الناصر عجل بإقامة علاقات دبلوماسية مع إسرائيل
وسعت ألمانيا دوما إلى أن توازن بين مسؤوليتها تجاه اليهود وبين مراعاة عدم إغضاب العرب. فلألمانيا مصالح اقتصادية كبيرة في العالم العربي تتطلبها حاجتها إلى إعادة بناء اقتصادها الذي دمرته الحرب، لكن في الوقت نفسه تشعر ألمانيا بمسؤولية خاصة تجاه إسرائيل بسبب الهولوكوست. ولم يأت تزويد ألمانيا إسرائيل بالقطارات والسفن ووسائل البنية التحتية متزامنا مع الاعتراف الدبلوماسي من قبل برلين بتل أبيب. وليس معروفا ما إذا كانت إسرائيل حتى ذلك الوقت لم تكن مستعدة بعد لإقامة علاقات دبلوماسية مع ألمانيا أم أن العرب كانوا بالنسبة للأخيرة أهم.
وعندما تم تبادل السفراء بين ألمانيا وإسرائيل لم يكن لذلك علاقة لا بماضي ألمانيا ولا أيضا بالنزاع في الشرق الأوسط. فقد طبقت جمهورية ألمانيا الاتحادية ما عُرف "بمبدأ هالشتاين" في خضم الحرب الباردة، والذي كان يقضي بقطع العلاقات مع أي دولة تعترف بجمهورية ألمانية الديمقراطية(الشرقية). وعندما تجرأ الرئيس المصري جمال عبد الناصر بضغط من موسكو على هذا الاعتراف، لم يبق أمام بون، العاصمة ألألمانية آنذاك، أي عائق "لتطبيع" العلاقات مع الدولة اليهودية. العرب من ناحيتهم لم يطبقوا "مبدأ هالشتاين" الخاص بهم، أي لم يقطعوا العلاقات مع الدولة التي تعترف بإسرائيل، وهي ألمانيا في هذه الحالة.
علاقات وثيقة مع الطرفيين المتخاصمين
على الصعيد السياسي لم تكن ألمانيا المقسمة حينها تلعب دورا كبيرا على الساحة الدولية، فهي لم تكن عضوا في الأمم المتحدة، كما لم تحصل على مقعد دائم في مجلس الأمن الدولي حتى اليوم، وذلك على عكس قوتها الاقتصادية الصاعدة. لذلك استطاعت الحكومة الألمانية حتى بعد إقامة العلاقات الدبلوماسية مع إسرائيل، أن تحافظ على حيادها الصارم.
وعندما أنشأت سلطة الحكم الذاتي الفلسطينية عقب اتفاق أوسلو الذي تم التوقيع عليه عام 1993، أقامت ألمانيا أول "مُمثلية" لدى السلطة الفلسطينية، كما أصبحت اكبر مانح للإدارة الفلسطينية سواء بشكل مباشر أو غير مباشر عن طريق الاتحاد الأوروبي. في الوقت نفسه أوقفت ألمانيا على إسرائيل قرضا سنويا بلغ 140 مليون مارك ألمانيا، كان دافيد بن غوريون وكونراد أديناور قد اتفقا عليه عام 1962 في إطار "التكفير عن أخطاء الماضي" وكان يصرف تحت بند "مساعدات تنموية". هذه المساعدة، التي كانت تقدم من ميزانية وزارة التنمية والتعاون الدولي الألمانية، لم يكن بالإمكان تبريرها بعد ترشح إسرائيل لعضوية نادي الدول الغنية، أي منظمة التعاون والتنمية الاقتصادية (OECD). وفشلت بعد ذلك كل المحاولات الإسرائيلية لتحويل هذا المبلغ لتمويل مشاريع لها علاقة بالسلام، مثل بناء سكة حديد تربط بين الأردن وميناء حيفا عبر المناطق الفلسطينية.
سياسة متوازنة في منطقة مضطربة
وحتى اليوم نجحت ألمانيا في إقامة علاقات وثيقة مع معظم الدول العربية، كما أن لها وجودا قويا في إيران، وفي لبنان يتحادث جهاز المخابرات الألماني (بي إن دي) مع حزب الله بسرية كاملة. وعندما أرادت الولايات المتحدة الأمريكية الضغط على سوريا، طار وزير الخارجية الألماني فرانك ـ فالتر شتاينماير إلى دمشق.
وتوسط وزير الخارجية السابق يوشكا فيشر بين ياسر عرفات واريل شارون عقب أول واقسي عملية انتحارية في يوليو/ حزيران 2001 في "دوليفناريوم" في تل أبيب. ونجح فيشر في وقف شارون عن اجتياح رام الله وفي الوقت نفسه جعل ياسر عرفات يقدم "اعتذاره" الوحيد باللغتين العربية والانجليزية.
وكانت المستشارة انجيلا ميركل قد أعطت أولوية للعلاقات الثنائية مع إسرائيل في خطابها "المؤيد لإسرائيل" أمام الكنيست، دون أن أي نقد لسياسة الاستيطان الإسرائيلي، وذلك انطلاقا من رؤيتها الشخصية وليس لمصالح سياسية انتهازية. ومن غير المنطقي تبرير النقد الذي تعرضت له المستشارة سواء في ألمانيا أو العالم العربي، وذلك لأن ميركل زارت أيضا دولا عربية و لم تنتقد أولوية العلاقات معها. وبذلك فإن ميركل تواصل انتهاج سياسة التوازن الحرج المتمثلة في إقامة علاقات وثيقة مع الدول المتعادية فيما بينها.
من وجهة النظر الألمانية لا يجب بأي حال من الأحوال أن يكون إقامة علاقات جيدة مع أي من طرفي الصراع على حساب الطرف الأخر. فعلى سبيل المثال لا الحصر فانه لا يوجد تناقض بين خطاب ميركل أمام الكنيست وفي الوقت نفسه تدريب قوات الشرطة الفلسطينية من قبل مدربين من الشرطة الألمانية، أو مع الدوريات الروتينية للقوات البحرية الألمانية في السواحل اللبنانية. ويبقى من الصعوبة بمكان على طرفي الصراع، سوا العرب أو إسرائيل، أن يتفهموا إقامة علاقات صداقة مع كل من "العدوين".