1. تخطي إلى المحتوى
  2. تخطي إلى القائمة الرئيسية
  3. تخطي إلى المزيد من صفحات DW

علاقات ألمانيا بإسرائيل بين ثقل الماضي واستحقاقات السلام

١٧ يناير ٢٠١٠

تحتضن برلين اجتماعا مشتركا للحكومتين الإسرائيلية والألمانية يُنظر له كانطلاقة إستراتيجية جديدة في علاقات الطرفين، وخبير ألماني يرى بأن الدور الألماني والأوروبي في الشرق الأوسط لا يمكن أن يكون غير مستقل عن الدور الأمريكي

برلين تسعى للحفاظ على سياسة متوازنة مع أطراف نزاع الشرق الأوسطصورة من: DW

تعقد الحكومتان الألمانية والإسرائيلية يوم الاثنين 18 يناير/ كانون الثاني الحالي اجتماعا تشاوريا يوصف من قبل الجانبين بـ "التاريخي"، ويعقد الاجتماع برئاسة كل من المستشارة انغيلا ميركل ورئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، ومشاركة عدد من أعضاء حكومتي البلدين، ومن ضمنهم وزراء الخارجية والدفاع والتجارة والبيئة والبحث العلمي. وكان مقررا عقده في نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي، غير انه تأجل بسبب وعكة صحية ألمت بنتنياهو.

وينظر الجانبان الألماني والإسرائيلي باهتمام كبير لاجتماع برلين، ويسعيان لتتجاوز محادثاته الطابع "الروتيني" للاجتماعات الثنائية، وتركز على قضايا ذات طابع "مستقبلي وإستراتيجي". ويتزامن الاجتماع مع التوتر المتزايد في العلاقات بين الغرب وإيران بسبب برنامجها النووي ، كما يأتي عشية إطلاق إدارة الرئيس الأميركي باراك أوباما مبادرة جديدة لتحريك ملف مفاوضات السلام بين الفلسطينيين والإسرائيليين، ويطرح المراقبون تساؤلات حول مدى تأثير العلاقات الخاصة بين ألمانيا وإسرائيل في مسار السلام بالشرق الأوسط.

مرحلة جديدة في تاريخ العلاقات الخاصة بين إسرائيل وألمانيا

ميركل ونتنياهو في مؤتمر صحافي مشترك في اغسطس/ آب الماضي ببرلينصورة من: AP

بعد مرور أكثر من ستة عقود على تأسيس إسرائيل، اتفقت برلين وتل أبيب العام الماضي على إعطاء علاقاتهما الخاصة انطلاقة جديدة ذات أبعاد إستراتيجية، كما اتفقتا على إجراء اجتماعات سنوية تشاورية عُقد أولها في مارس /آذار 2008.

وحسب رأي الخبير الألماني في شؤون الشرق الأوسط الدكتور يوخن هيبلر أستاذ العلوم السياسية بمعهد التنمية والسلام في جامعة دويسبورغ الألمانية، فإن " البعد الأعمق في العلاقات الثنائية بين إسرائيل وألمانيا يكمن في التاريخ الألماني والمسؤولية عن الهولوكوست وإبادة اليهود في أوروبا" ، وفي حوار مع دويتشه فيله أوضح الخبير الألماني بأن"هذا البُعد يعود للماضي لكن تأثيره لا يزال قائما في علاقات ألمانيا وسياستها الخارجية ويساهم في رسم حدود لها".

وبموجب اتفاقية اللوكسمبورغ الموقعة بين إسرائيل وألمانيا عام 1952 التزمت ألمانيا بدفع تعويضات مالية سنوية لضحايا الهولوكوست، وشهدت العلاقات الثنائية خلال العقود الأربعة الماضية بعد إقامة علاقات دبلوماسية بين البلدين، تدرجا ملحوظا لتكتسي طابع "علاقات طبيعية ذات خلفية خاصة " كما وصفها المستشار الألماني الأسبق فيلي براندت، ومن بعده أيضا الرئيس الحالي هورست كولر في أول خطاب يلقيه رئيس ألماني أمام الكنيست الإسرائيلي عام 2005 ، قال "إن مسؤولية ألمانيا عن المحرقة تشكل جزءا لا يتجزأ من هويتها".

ويشكل "الحفاظ على كيان دولة إسرائيل والمساهمة في حماية حقها في العيش بأمن وسلام " من ثوابت السياسة الخارجية الألمانية، واقتصاديا تعتبر ألمانيا أول شريك تجاري أوروبي لإسرائيل، وتحصل إسرائيل على مساعدات عسكرية ألمانية. وحسب أحد مساعدي وزير الدفاع الاسرائيلي إيهود باراك، فإن إسرائيل تسعى حاليا لإقناع برلين بمدها بالمزيد من أحدث الغواصات الألمانية من طراز" دولفين" التي تصنعها شركة"اتش دي دبليو" الألمانية، وتملك إسرائيل ثلاث غواصات منها، وهي قادرة على حمل صواريخ نووية مثلا من نوع "كروز" الأمريكية، وتعتبر إسرائيل تعزيز ترسانتها العسكرية في الوقت الراهن أمرا "ضروريا في مواجهة التحدي الإيراني".

"ألمانيا لا يمكن لها القيام بأكثر من دور داعم للدور الأمريكي في الشرق الأوسط"

الحكومة الألمانية وجهت في الآونة الأخيرة إنتقادات لسياسة الاستيطان الاسرائيليةصورة من: AP

يرى مراقبون بأن الامتحان الأكبر الذي تواجهه الدبلوماسية الألمانية في منطقة الشرق الأوسط هو مدى قدرتها على إقامة توازن بين متطلبات علاقاتها الخاصة بإسرائيل واستحقاقات السلام في المنطقة. وفي رده على سؤال حول مدى تأثير العلاقات الخاصة التي تربط ألمانيا بإسرائيل على المساعي المبذولة من أجل تسوية النزاع الفلسطيني الإسرائيلي، قال الدكتور هيبلر "إن السلام يتحقق أولا استنادا الى استعداد مسبق من قبل المجتمعين الإسرائيلي والفلسطيني، وثانيا بالاعتماد على دور أساسي للولايات المتحدة الأميركية التي تعتبر القوة الأولى المؤثرة في المنطقة، ولها نفوذ قوي سياسي واقتصادي على إسرائيل"، وأضاف الخبير الألماني أن "دور أوروبا وبشكل خاص ألمانيا لا يمكنه أن يكون سوى داعم للدور الأميركي في إيجاد أي حل للنزاع".

وخلال الأشهر الماضية أثار محللون في بعض وسائل الإعلام الألمانية تساؤلات على حول "حدود" الدور الألماني في التأثير على ملف الشرق الأوسط وبشكل خاص على السياسة الإسرائيلية، وخصوصا على خلفية حربي غزة ولبنان، حيث التزمت خلالهما حكومة المستشارة ميركل بالنهج التقليدي الذي دأبت عليه الدبلوماسية الألمانية والقائم على تأييد إسرائيل والامتناع عن توجيه انتقادات علنية للسياسة الإسرائيلية.

ورغم أن ألمانيا تتصدر مانحي المساعدات للشعب الفلسطيني، وتقوم بأدوار إنسانية في لبنان والأراضي الفلسطينية مثل التوسط في إطلاق سراح الأسرى، كما وجهت برلين في الآونة الأخيرة انتقادات لسياسة الاستيطان الإسرائيلية وحثت طرفي النزاع على تسويته على أساس حل الدولتين، فإن بعض الانتقادات ترتفع في العالم العربي من حين لآخر بشأن عدم حفاظ ألمانيا على "مبدأ التوازن" في سياستها الشرق أوسطية، وفي رده على سؤال حول رأيه في تلك الانتقادات، قال هيبلر: " يمكن تفهمها كرؤية عربية، وإن كانت لا تأخذ بعين الاعتبار جوهرية قضية الهولوكوست في السياسة الألمانية"، وأشار الخبير الألماني الى الجهود التي تبذلها ألمانيا لتقوية علاقاتها مع طرفي النزاع: الإسرائيلي من جهة والفلسطيني والعربي من جهة أخرى بشكل عام.

وبرأي الدكتور هيبلر فإن تحسن علاقات ألمانيا بالطرفين يساعد على حل النزاع في الشرق الأوسط، لكنه لاحظ أن "ألمانيا مطالبة بالفعل ببلورة سياسة قوية توفق بين متطلبات علاقاتها المتينة بإسرائيل وقيامها بمبادرات سياسية تعارض من خلالها ممارسات معينة تتعلق بالاحتلال أو حقوق الإنسان"، مشيرا الى حربي غزة ولبنان كحالتين أظهرتا بأن صياغة الموقف الألماني وبحكم ثقل الماضي لم يكن واضحا بما فيه الكفاية مقارنة بمواقف دول أوروبية أخرى.

الكاتب : منصف السليمي

مراجعة: ابراهيم محمد

تخطي إلى الجزء التالي اكتشاف المزيد
تخطي إلى الجزء التالي موضوع DW الرئيسي

موضوع DW الرئيسي

تخطي إلى الجزء التالي المزيد من الموضوعات من DW