علماء أمريكيون يعلنون استنساخهم أجنة بشرية
١٨ يناير ٢٠٠٨أعلن علماء أمريكيون أنهم نجحوا ولأول مرة في استنساخ جنين بشري من إحدى خلايا الجسم البالغة، وذلك بنفس الطريقة التي تم بها استنساخ النعجة "دولي" الشهيرة عام 1996. ونشرت مجموعة من الباحثين تحت إشراف البروفيسور أندرو فرينش من مؤسسة ستيماجن في مدينة لايولا بولاية كاليفورنيا نتائج دراسة أمس الخميس على الموقع الالكتروني لمجلة "ستيم سيلز" (الخلايا الجذعية).
ولم تتجاوز الأجنة الثلاثة التي أجريت عليها التجارب المرحلة المبكرة لها، حيث يتم خلال هذه الطريقة أخذ بويضة من إحدى المتبرعات ثم انتزاع نواتها ووضع نواة خلية بالغة مكانها مما يدفع بمحتويات هذه البويضة الأخيرة لإعادة برمجة النواة البالغة إلى مرحلة مبكرة بحيث تنقسم النواة "القديمة" وتتطور لتصبح جنينا "جديدا".
واستخدم الباحثون الأمريكيون نواة خلايا مأخوذة من جلد أشخاص بالغين. وقام الباحثون خلال هذه الدراسة باستعمال 29 بويضة مأخوذة من ثلاث سيدات في عمر 20 إلى 24 عاما. وأشار الباحثون في مجلة ستيم سيلز إلى أن السيدات المعنيات تبرعن بهذه الخلايا للأغراض البحثية.
علماء ألمان: "نقلة نوعية"...لكن يجب أولا التأكد من النتائج
وكان حكم رئيس الجمعية الألمانية لأبحاث الخلايا الجذعية البروفيسور يورجين هيشلر من جامعة كولونيا على هذا الاكتشاف المعلن بأنه "عمل أجري بشكل متقن". غير أن هيشلر سارع للإشارة إلى عدم إمكانية تقييم نتائج هذه الدراسة من خلال ما نشر عنها. وأضاف: "لقد بينت تجارب أخرى كثيرة على العديد من الثدييات صلاحية هذه الطريقة، أما تطبيقها على الإنسان فليست إلا مجرد مسألة تقنية". وأكد البروفيسور هيشلر أنه من غير الممكن حاليا الحكم بشكل مؤكد على فرصة تطور الخلايا المنتجة بهذه الطريقة حيث أنه لم يتم الحصول خلالها على خلايا جذعية. يشار إلى أن مثل هذه التجارب محظورة في ألمانيا.
وأعتبر العالم الألماني في مجال الخلايا ميودراج ستويكوفيس عمل الفريق الأمريكي بأنه "نقلة نوعية وذلك لأن هذه هي المرة الأولى التي يثبت أنه من الممكن استنساخ أجنة من خلايا بشرية من البالغين". يذكر هنا أن ستويكوفيس كان قد استنسخ عام 2005 أجنة بشرية ولكن ليس من خلايا جلدية بل من خلايا جنينية.
من جانبه طالب العالم الألماني أوليفر بروستله المتخصص في أبحاث الخلايا الجذعية بالتأكد أولا من حقيقة نجاح زملائه الأمريكيين في استنساخ جنين بشري من إحدى خلايا الجسم البالغة. وأضاف بروستله: "نشرت بيانات مشابهة عام 2005 واستطاع العلماء آنذاك مثل اليوم تماما في التوصل لوسائل عبر هذه الطريقة للحصول على خلايا جذعية للمجال الطبي". وكان فريق من الباحثين الأوروبيين قد استنسخوا جنينا بشريا عام 2005 من خلال إدخال نواة خلية جذعية جنينية في بويضة منزوعة النواة.
الغرض هو معرفة تطور الأجنة البشرية
وكان الباحث هوانج وو سوك قد ادعى هذا النجاح لنفسه عام 2004 غير أنه ثبت فيما بعد أن فريقه البحثي قام بتزييف نتائج الأبحاث. ولكن البروفيسور فرينش يقول إن تجاربه أسفرت عن استنساخ جنين بشري بنفس الطريقة التي استنسخت بها النعجة دولي.
وأراد البروفيسور فرينش وزملاؤه من خلال هذه الدراسة أن يعرفوا كيفية تطور أجنة بشرية من خلايا جلدية حية. وأكد فريق الأبحاث على أن باستطاعته التدليل بدقة على نجاحهم من خلال التحليلات الجينية. وأظهرت هذه التجارب الجينية أن جنين نواة الخلية يتضمن موروثات المتبرع بالخلايا الجلدية. كما تحقق أمل الباحثين عندما عثروا على الصفات الوراثية للبويضة المتبرع بها فيما يعرف بـ"مركز توليد الطاقة للخلية" (ميتوكوندريون). وتعتزم مؤسسة ستيماجن الأمريكية الحصول على خلايا جذعية من خلال هذه الطريقة. وتم خلال هذه الطريقة المعلن عنها الآن استخدام خلايا الأجنة في التحليلات الجينية بشكل تام.
استنساخ الخلايا للأغراض العلاجية
وتهدف مثل هذه التجارب في نهاية المطاف إلى التوصل للاستنساخ العلاجي، حيث تستطيع خلايا الأجنة الصغيرة من ناحية المبدأ أن تتطور إلى جميع أنسجة الإنسان البالغ عددها 200 تقريبا. ويأمل الباحثون في التمكن من تعويض الأعضاء والخلايا التالفة لدى المرضى من خلال هذه الطريقة حيث أن الجهاز المناعي لجسم المريض لا يلفظها لأنها أخذت في الأصل منه. ولاحت في الآفاق العلمية حاليا طرق أخرى أمام العلماء في طريق التوصل لهدفهم الأخير في الحصول على الخلايا الجذعية التي يجتهدون في الحصول عليها حيث نجح باحثون مؤخرا من خلال مزج الكثير من الموروثات المختلفة في إعادة برمجة خلايا بالغة مباشرة إلى مرحلة جنينية مبكرة.