لم تكن بلدة نبرا بولاية ساكسونيا أنهالت تحلم في يوم ما أن تصحو على وقع كشف أثريّ يعتبر فتحا علميا وكشفا أثريا رائدا. إذ يعتبر "قرص الشمس" من أحد أهم الاكتشافات الأثرية، فقد تمّ العثور عليه مع لصوص للآثار قرب بلدة نبرا وقد تمّ استعادته بفعل جهود قادها الدكتور ميلر مدير متحف آثار ما قبل التاريخ في مدينة هاله. وحاول هؤلاء اللصوص بيعه في السوق السوداء عن طريق سماسرة سويسريين مقابل حوالي نصف مليون دولار. ولكن بالتعاون مع الشرطة الدولية تمّ إلقاء القبض على العصابة واسترداد المسروقات. وتكمن أهمية هذا الاكتشاف في كونه يعطي صورة عن العصر البرونزيّ والطرق العلمية التي وظّفت في ذلك العصر في عملية تحديد الوقت وآلية ضبطه.

القيمة العلمية والروحية لهذا الكشف

لقد أثار هذا الاكتشاف ضجة علمية واسعة بين العلماء بشأن قيمته التاريخية والتخوف من إمكانية أن يكون مزورا، لكن البروفسور ايرنست بيرنزيكا مدير معهد الآثار في مدينة مانهايم يؤكد على أنّ القرص أصلي ولا يحمل علامات التزوير. ففي هذا المعهد يتم تشخيص القطع الأثرية بوسائل علميّة وتكنولوجية متقدمة لتحديد مكونات الموجودات وخواصها المختلفة. ويقدّر عمر هذا القرص بـ 3600 سنة وهو يعطي تصورا حقيقيا عن علم الفلك وعن الطبيعة الروحية والفكرية للعصر البرونزيّ. ويرى البروفسور ميلر أنّ هذا الاكتشاف يعكس حجم الاهتمام بالجانب الروحانيّ لشعوب ذلك العصر ومدى المعرفة العلمية الفلكية عندهم. وعن القيمة العلمية أشار الدكتور بيرتيمس من جامعة هاله-ويتنبرج إلى أنّه من أقدم المواقع المقدسة التي تمّ اكتشافها في وسط أوروبا. فهذا القرص يظهر الشمس كاملة وأبعاد الشرق والغرب وسفينة تشق طريقها في السماء الزرقاء. إنّ هذه القطعة الأثرية تعطي دلائل تاريخية على أنّ تاريخ الحضارة الأوروبية يضرب في أعماق التاريخ و تكشف لنا جانبا مهما من جوانب الحياة الدينية والمعتقدات التي كانت سائدة في ألمانيا قبل 3600 عام.

موقع الاكتشاف قبلة لعلماء الآثار

لقد أصبح الموقع خلية نحل بحثية ينشط فيه الباحثون والطلبة من جامعة هاله-ويتنبرج. وكذلك تجري فيه مزيد من أعمال التنقيب من قبل بعثات أثرية مختلفة، إذ من المتوقع أن تصل العام القادم مجموعة من طلبة جامعة كاليفورنيا من الولايات المتحدة الأمريكية لتقوم بالتنقيب عن مزيد من الآثار في الموقع. ولكن يخشى من أن يفرّغ هذا الموقع من قيمته الأثرية بأن يتحول إلى ملتقى للهواة من علماء الآثار والفلك كما يرى رودجر ايربن مدير منطقة وايسنفلز.

القطعة الأثرية تجتذب الزوار في العديد من المعارض

لقد تمّ عرض هذا القرص في مدن ساكسونيا أنهالت حيث استقطب أكثر من 300.000 مشاهد، ليكون بذلك أضخم معرض للآثار في تاريخ ألمانيا الحديث يجتذب مثل هذا العدد من الزائرين. وكذلك تمّ عرض هذا القرص في مدينة مانهايم بالإضافة إلى معروضات أخرى، حيث استأثر هذا القرص بنصيب الأسد من الزائرين وأكثر من استهوى فؤاد المشاهدين مسحورين ببريقه وعبق تاريخه.

.