علماء يجدون آثارها.. أين اختفت قارة "آدريا العظمى"؟
١٩ سبتمبر ٢٠١٩قبل ملايين السنين غرقت قارة بأكملها ولم يتبق منها إلا أجزاء قليلة ما تزال مطمورة تحت مناطق من جنوب أوروبا، كما توصل الباحثون من جامعة أوتريخت الهولندية. وقام فريق علمي برئاسة البروفيسور دوي فان هينسبيرغن بجمع بيانات من إجمالي 2300 عينة من الصخور لمدة عشر سنوات، وعملوا على تحليلها من ناحية عمرها ومغنطتها ووجدوا أنه لا بد من وجود صفيحة ثالثة من الأرض في منطقة التصادم بين الصفائح الإفريقية والأوراسية.
وبحسب الدراسة كانت القارة، المعروفة باسم "آدريا العظمى"، بحجم غرينلاند. لكنها اصطدمت بقارة أوروبا قبل حوالي 120 مليون سنة، فضُغط الجزء الأكبر من الصفيحة الأرضية في أعماق الأرض. وتظهر التحليلات الجيولوجية أن العديد من عينات صخور القارة الغارقة باتت مبعثرة في أكثر من 30 دولة اليوم.
عن ذلك يقول البروفيسور دوي فان هينسبيرغن: "فلننس قارة أطلانطس. الكثير من السائحين يقضون اليوم عطلاتهم على القارة المفقودة آدريا العظمى من دون أن يلحظوا ذلك". ما تبقى من هذه القارة هو شريط يمتد من تورينو الإيطالية عبر البحر الأدرياتيكي إلى أقصى الجنوب الإيطالي، وفقاً لما ذكره المشرف على الدراسة في بيان صادر عن الجامعة الهولندية. كما عثر العلماء أيضاً على آثار هذه القارة الضائعة على شكل صخور رسوبية في بعض أجزاء سلسلة جبال الأبينيني بإيطاليا وفي منطقة البلقان وفي اليونان وفي تركيا.
حطام جيولوجي يلفه الغموض
للمرة الأولى أعاد الباحثون سيناريو ولادة قارة آدريا العظمى واندثارها باستخدام البيانات المستمدة من الصخور المنتشرة على نطاق واسع في المناطق المذكورة. ويشكّل الأمر مهمة في غاية الصعوبة لأن "البحر المتوسط هو في حقيقتيه حقل عملاق من الحطام الجيولوجي، ويكتنف الغموض طبقات الحطام المتكدسة"، كما يشرح فان هينسبرغن.
ويضيف الباحث الهولندي بالقول: "بالمقارنة مع ذلك، فإن جبال الهيمالايا تشكّل نظاماً بسيطاً للغاية." ومع ذلك، فقد نجح الجيولوجيون في إعادة تشكّيل أبعاد القارة. ووفقاً لنتائج الدراسة المنشورة في مجلة "Science Direct" العلمية، فقد انفصلت آدريا العظمى عن شبه جزيرة غندوانا العملاقة قبل نحو 240 مليون عام وراحت تزحف شمالاً. وغندوانا هو القسم الجنوبي من قارة عظيمة بدائية كانت توجد في الحقبة الجيولوجية الوسطى (بين 200 مليون سنة و65 مليون سنة)
وبعد 100 مليون سنة كانت الصفيحة الأرضية بين إفريقيا وأوراسيا في ما يُسمى بـ "بحر تيش"، وهو البحر القديم الذي كان يفصل بين القارات خلال العصور المختلفة من عمر الأرض، وغير ثابت الموقع، إذ كان يتغير موقعه تبعاً لحركة القارات. أما هذه الصفيحة الأرضية فقد كانت مغطاة بشكل رئيسي بالمحيط الاستوائي الضحل.
وفي الفترة ما بين 120 إلى 100 مليون سنة، وصل الأمر أخيراً إلى تصادم هائل ومدمر، إذ اندفعت أجزاء من القارة لتتحول إلى الجبال، حيث بقايا الصخور ما تزال قابلة للكشف حتى يومنا هذا. وتحول ما تبقى من هذه الكتلة الأرضية عكس اتجاه عقارب الساعة، وتجزأ تدريجياً، وأخيراً انسحقت تحت الحافة الجنوبية من قارة أوروبا الحالية.
ع.غ/ ي.أ