1. تخطي إلى المحتوى
  2. تخطي إلى القائمة الرئيسية
  3. تخطي إلى المزيد من صفحات DW

علماء يحذرون من "قاتل خفي" يهدد الأقمار الاصطناعية في الفضاء

٦ أغسطس ٢٠٢٤

كشفت التحقيقات التي يجريها علماء أن تعرض بعض الأقمار الاصطناعية لأضرار وهجمات أحيانا في الفضاء الخارجي، يقف وراءها قاتل يهدد سلامتها طوال الوقت. فما حقيقة هذا القاتل؟ وهل هناك من حل للقضاء عليه؟

صورة تم توليدها بواسطة الكومبيوتر تظهر خطر النفايات التي يمثلها النشاط البشري في الفضاء
صورة تم توليدها بواسطة الكومبيوتر تظهر خطر النفايات التي يمثلها النشاط البشري في الفضاءصورة من: picture alliance/ESA/dpa

تخيل لو كنت تعيش في عالم محفوف بالمخاطر يتعرض فيه العاملون في مجال الأرصاد الجوية والاتصالات وخدمات الانترنت لخطر الإصابة بأعيرة نارية طائشة من مسافات قريبة أثناء مزاولة أعمالهم اليومية. ألن تشعر ببعض القلق على الأقل من أجل سلامتهم لاسيما في ضوء الدور المهم الذي يؤديه هؤلاء من أجل خدمة البشرية؟

لكن ماذا لو عرفت أن ما سبق ليس مجرد سيناريو افتراضي أو تخيلي، وأن العاملين المشار إليهم سلفا هم الأقمار الاصطناعية التي تدور حول الارض على مدار الساعة، تهاجم بقطع الحطام الفضائي الدقيقة أو مخلفات الصواريخ وأجزاء الاقمار القديمة صغيرة الحجم التي مازالت تسبح في الفضاء الخارجي، وأن المسافة القريبة المشار إليها  ما هي إلا المدارات الفضائية حول الأرض.

فضاء مكتض بالنفايات!

منذ أن طرق الإنسان أبواب الفضاء للمرة الأولى قبل قرابة سبعين عاما من خلال القمر الروسي سبوتنيك 1، وهو أول قمر اصطناعي جاب الفضاء الخارجي، أصبح الفضاء مكتظا بقطع الحطام والنفايات التي تتحرك حول الأرض بسرعات فائقة.

تلوث الغلاف الجوي لكوكب الأرض والفضاء بمخلفات الحوادث على مر السنين.صورة من: NASA/Zoonar/picture alliance

وبحسب الموقع الإلكتروني "ساينتفيك أمريكان" المتخصص في الأبحاث العلمية، يراقب سلاح الجو الأمريكي قرابة 25 ألف قطعة حطام فضائي في المدار السفلي للأرض، وهي المساحة التي تقع على ارتفاع 2000 كيلومتر أو أقل من سطح الكوكب.

وتستطيع التليسكوبات وتقنيات الرادار الحالية رصد قطع النفايات الفضائية الضئيلة التي لا يزيد قطرها عن عشرة سنتيمترات، ولكن في حقيقة الأمر، يحتوي الفضاء المحيط بالأرض على الملايين من القطع الأصغر حجما وقشور الدهانات، فضلا عن أجزاء دقيقة من الصواريخ وسفن الفضاء والأقمار التي خرجت من الخدمة.

 وتعتبر هذه النفايات الفضائية أصغر من أن يتم رصدها أو تصنيفها بالتقنيات المتاحة حاليا، وإن كانت تظل تمثل خطرا داهما لاسيما وأنها تدور حول الأرض بسرعات تصل إلى 10 كيلومترات في الثانية، بما يوازي أكثر من 22 ألف ميل في الساعة، وبالتالي فإن اصطدام أي قطعة من هذه النفايات القاتلة بقمر اصطناعي نشط سوف يكون له تأثير مدمر.

في عام 2016، خرقت قطعة حطام فضائية لا يزيد حجمها عن عدة ملليمترات أحد ألواح الطاقة الشمسية في القمر الاصطناعي "سنتينال 1 إيه" التابع لوكالة الفضاء الأوروبية، وكان الاصطدام قويا لدرجة أنه أحدث ثقبا بحجم أربعين سنتيمترا في اللوح وتسبب في اعوجاج هيكله الخارجي.

الخطر على الإنسان!

وفي هذا الصدد، لا يمكن أيضا إغفال الخطر الذي تمثله تلك النفايات على البشر أيضا، فقبل عدة أسابيع انفجر قمر اصطناعي روسي خارج الخدمة وانقسم إلى مئات الشظايا، مما اضطر رواد الفضاء في المحطة الفضائية الدولية إلى الاحتماء من هذه المقذوفات خشية اصطدام المحطة بقطع حطام فضائية غير مصنفة، مما كان سيتسبب في حادث كارثي.

ويقول عالم الفضاء جوناثان سي ماكدول، من مركز هارفارد سميثونيان لعلوم الفيزياء الفضائية في الولايات المتحدة: "هناك الكثير من قطع النفايات الفضائية التي لا يمكن تعقبها وهي تنطوي على خطورة بالغة". وأضاف في تصريحات نقلها موقع "ساينتيفيك أمريكان" إنه "عندما تتحرك هذه القطع والجزيئات بسرعات مدارية، فإنه حتى أصغر قطعة منها قد تتسبب في لطمة قوية".

وبدون وجود وسيلة فعالة لرصد هذه الجزيئات الدقيقة، لا يوجد سبيل لتحذير شركات تشغيل الأقمار الاصطناعية مسبقا باحتمالات التصادم الكارثية، ولا حتى تقييم حجم الخطر البالغ الذي يتهدد هذه الأقمار.

ولكن هذا الوضع بأسره قد يتغير في القريب العاجل، حيث تعكف الحكومة الأمريكية حاليا على تطوير منظومة جديدة للرصد الفضائي يمكنها تحديد مواقع الملايين من قطع الحطام الفضائي حول الأرض التي يبلغ حجمها عشرة سنتيمترات أو أقل وصولا إلى عدة ملليمترات في المدار السفلي للأرض وخارجه.

وتحمل هذه المنظومة اسم "برنامج تحديد وتعقب الحطام الفضائي" (سينترا) ويشارك فيه أكثر من 100 باحث من عشرات المؤسسات العلمية. وكخطوة أولى، يستخدم برنامج سينترا أجهزة كمبيوتر خارقة ومعادلات خوارزمية تعمل بالذكاء الاصطناعي استنادا على قواعد بيانات ضخمة من أجل رصد البصمات الفضائية لأصغر قطع النفايات الدقيقة التي تتحرك بسرعات فائقة.

صورة من سبيس إكس لتصور فني للآلية التي سيتم استخدامها لإسقاط محطة الفضاء الدولية عبر الغلاف الجوي في يناير 2031صورة من: SpaceX/AP Photo/picture alliance

تطوير التقنية لأجل حلول فعالة

سوف يكون بمقدور هذا البرنامج رصد الومضات الضوئية الخافتة التي قد تحدث عندما تصطدم قطع الحطام بالغة الصغر، أو تسجيل تموجات البلازما حول الارض عندما تمر تلك القطع عبر الغلاف الجوي المشحون كهربائيا. ويعتقد علماء الفضاء أن هذه التقنيات سوف تساعد بالقطع في رصد مسارات النفايات الفضائية حول الأرض.

ومن أجل دعم هذا المشروع العلمي، يسعى فريق بحثي من مختبر أبحاث البحرية الأمريكية في واشنطن إلى إجراء تجربة لمحاكاة تأثير تصادم الشظايا الفضائية عن طريق تصنيع قطع دقيقة من الألومنيوم والسيلكون والبلاستيك المصنوع للاستخدامات الفضائية.

كما سيتم تحريكها بسرعات فائقة داخل غرف مفرغة من الهواء مع قياس سرعاتها ومدى تأثير اصطدامها، وذلك لتغذية المعادلات الخوارزمية بقدر أكبر من البيانات يسمح بتحسين أدائها ويساعد في الكشف عن مزيد من التصادمات الضئيلة التي تحدث بين قطع الحطام الفضائي الدقيقة.

ويتمثل الهدف النهائي لهذا المشروع في إيجاد منظومة إنذار مبكر لتلافي الاصطدامات المحتملة بين الأقمار العاملة وقطع الحطام الفضائي الدقيقة.

ويقول الباحث جوناثان ماكدول، وهو ليس من العلماء المشاركين في مشروع سينترا، إن هذه المنظومة هي "انعكاس لحجم التحديات التي نجابهها ومدى تنامي قدراتنا بحيث أصبحنا نفكر في تنفيذ مثل هذا المشروع العلمي"، مضيفا أن "الوصول لمثل هذا المستوى من الرصد الفضائي يتطلب جهدا بالغا، ولكنه عمل لابد من إتمامه".

وأظهرت الأبحاث السابقة حسب موقع  scientificamerican المجلة العلمية الأمريكية أن اصطدامات الأجسام في الفضاء، ينتج عنها سحب من الغاز المشحون والشظايا الصغيرة التي تخلق صواعق ضوئية صغيرة أثناء اصطدامها.

يمكن للشظايا المشحونة أيضًا أن تولد طاقة كهربائية عندما تحتك ببعضها. هذه الانبعاثات قوية بما يكفي لالتقاطها بواسطة مستشعرات شبكة الفضاء التابعة لوكالة ناسا، وفقًا للمحاكاة الأخيرة التي أجراها فريق في جامعة ميشيغان كجزء من مشروع سينترا.

يأمل الباحثون حسب تقرير المجلة العلمية الأمريكية، في اكتشاف ما يصل إلى 100 تصادم صغير في الفضاء كل يوم، حسب أخافان تافتي من جامعة ميشيغان، وهو عضو في الفريق الذي أجرى عمليات المحاكاة وعالم في مشروع سينترا، الذي قال "لم يحدث هذا من قبل، هذا مجال جديد يتم التأسيس له عبر هذا البحث، لذلك ليس هناك أبحاث سابقة يمكن الاعتماد عليها والعودة إلى من قاموا بها للاستفادة من تجاربهم".

"نحن نعلم أن الفضاء كبير جدًا، لكننا نتجاهل حقيقة أن البشر أيضًا بارعون جدًا في تدمير البيئة"، يقول أخافان تافتي، ويضيف "إن تراكم الكثير من النفايات المدارية في أقل من سبعة عقود من الأنشطة الفضائية أمر مثير للقلق حقًا".

(د ب أ)/ م.ب

كيف يعمل رواد الفضاء خارج المركبة؟

03:13

This browser does not support the video element.

تخطي إلى الجزء التالي موضوع DW الرئيسي

موضوع DW الرئيسي

تخطي إلى الجزء التالي المزيد من الموضوعات من DW

المزيد من الموضوعات من DW