علماء يريدون بناء معجل جزيئي عملاق من أجل فهم بداية الكون
١٧ يناير ٢٠١٩
عبر مشروع فريد من نوعه، يحاول علماء الفيزياء في معجل هادرون التصادمي الكبير في سويسرا إنشاء آلة بحث ضخمة لأبحاث الفيزياء الجزيئية. وتقدر تكلفة المشروع بـ 24 مليار يورو والهدف منه فهم أكبر لطبيعة الكون المحيط بنا.
إعلان
يسعى علماء الفيزياء في معجل هادرون التصادمي الكبير في سويسرا إلى إنشاء آلة بحث ضخمة لأبحاث الفيزياء الجزيئية، حيث قدموا مسودة لإنشاء نفق دائري بامتداد نحو 100 كيلومتر، بعضه أسفل بحيرة جنيف، يقوم مقام المعجل الحالي الذي يبلغ طوله 27 كيلومتراً فقط.
وقال الباحثون إن النفق الجديد سيكون أكثر قوة، وسينتج تصادمات جزيئية أكثر بكثير من المعجل الحالي، الذي تمتلكه المنظمة الأوروبية للأبحاث النووية، والتي تعرف اختصاراً بالفرنسية "سرن". وفي حالة تنفيذ هذا المشروع، الذي تقدر تكلفته بـ 24 مليار يورو فسيبدأ عمله في مصادمة الإلكترونات والبوزيتونات خلال العشر سنوات المقبلة.
مستقبل الأبحاث النووية
03:18
ومن الممكن وفقاً للعلماء استخدام هذا النفق فيما بعد كمصادم للبروتونات. ويسعى علماء الفيزياء النووية في معجل سرن للبرهنة من خلال تجاربهم في المعجل العملاق على وجود جسيمات غير معروفة حتى الآن. ويعكف فيزيائيون أوروبيون حالياً على إعداد توصيات بشأن كيفية الدفع بأبحاث الفيزياء الجزيئية. ولابد من موافقة الدول الـ 22، الأعضاء في معجل سرن، قبل بناء المعجل المقترح.
ويسعى علماء سرن من خلال تجاربهم لجمع معلومات أساسية عن الثواني القليلة التي تبعت الانفجار العظيم الذي يعتقد العلماء أنه كان بداية نشأة الكون في صورته الحالية، بالإضافة للكشف عن جسيمات يرجحون وجودها رغم أنها غير معروفة في الوقت الحالي.
وقال ميشائيل بينيديكت، كبير معدي الدراسة، التي أوصت بإنشاء المعجل العملاق، إنه من الممكن تنفيذ مشروع المعجل في منطقة حوض جنيف مشيراً في تصريح لوكالة الأنباء الألمانية (د .ب. أ) إلى أنه من الممكن أيضاً استخدام المنشآت الحالية التابعة للمعجل الموجود بالفعل، كمعجلات تمهيدية.
ر.ض/ ع.أ.ج (د ب أ)
محاكاة الانفجار الكوني العظيم - مشروع رائد كشف العجائب
قبل 5 سنوات جرت في مختبر مصادم الهدرونات الكبير (LHC) لدى المنظمة الأوروبية للأبحاث النووية محاكاة للانفجار العظيم. استخدمت في التجربة كاميرات عملاقة واكتشفت أشياء مثيرة، في مشروع مفتوح لكل الجامعات والمعاهد في العالم.
صورة من: picture-alliance/dpa/Illustris Collaboration
في نهاية مارس/ آذار 2010 أجرت المنظمة الأوروبية للأبحاث النووية عملية محاكاة صغيرة للانفجار العظيم، بقيادة علماء فيزياء الجسيمات. كان هناك مناهضون لهذه العملية وحاولوا منعها بطرق قانونية. فقد كانوا يخشون أن تتسبب في نهاية العالم. لكنها أجريت في النهاية وأسفرت عن اكتشافات مثيرة.
صورة من: picture-alliance/dpa/Illustris Collaboration
وفي عام 2013، تم اكتشاف "بوزون هيغز"، وهو جسيم أولي يعتقد أنه المسؤول عن اكتساب المادة لكتلتها. كاميرا رقمية عملاقة، أطلق عليها اسم "أطلس" تمكنت من تصوير أصغر عناصر بناء الكون وأجزاء من نواة الذرة. وهنا رسم جداري للتجربة يبين مدى ضخامة "أطلس". أما الكاشف نفسه فهو أكبر حجما ويقع على عمق 90 مترا.
صورة من: DW/F.Schmidt
وعلى طول مختبر مصادم الهدرونات الكبير توجد أربع كاميرات كاشِفات. أسماؤها: "أليس"، و"أطلس"، و"سي ام اس"، و"ال اتش سي بي". ومن يريد مشاهدتها عليه أن يهبط إلى أعماق الصخور في الألب الفرنسية والسويسرية، ويجب أن يرتدي خوذة لحماية رأسه، فهناك تنتشر مواسير وتوصيلات، ويمكن أن يرتطم الرأس بها بسهولة، أو أن تسقط أي معدة من أعلى على الرأس.
صورة من: DW/F.Schmidt
هكذا تبدو الصور التي رصدت في التجارب عند تصادم البروتونات أو أيونات الرصاص مع بعضها بسرعة الضوء، مسببة إطلاق أصغر الجسيمات الأولية، بوزون هيغز، المكتشف حديثا. إنها جزيئات تكون منها الكون الذي نعيش فيه في أول جزء من مليار جزء من الثانية بعد الانفجار العظيم.
صورة من: 2011 CERN
في هذا الأنبوب تتسارع أيونات الرصاص وبروتونات الهيدروجين بطاقة قطار سريع، وتبقى في مسارها بفضل وحدات مغناطيس كهربية. الأنبوب يقع في أعماق أراضي سويسرا وفرنسا، ويبلغ محيطه 27 كيلومترا.
صورة من: DW/F.Schmidt
وحدات المغناطيس الكهربية، المذكورة تتكون من لفائف فائقة التوصيل، ويتم تبريد الكابلات إلى 271.3 درجة مئوية تحت الصفر، لذلك تختفي منها المقاومة الكهربائية تماما. ولأجل ذلك يحتاج مُسَرّع سير الجزيئات إلى الكثير من الهيليوم السائل، الذي يتدفق في المواسير. وبهذا فإن المنظمة الأوروبية للأبحاث النووية هي الجهة التي لديها أكبر ثلاجة في العالم.
صورة من: DW/F.Schmidt
لكل كاشِف كما هنا في "أطلس" غرفة تحكم عن بعد بسبب الخطورة. وعندما يكون مُسَرّع الجزيئات في وضع عمل يجب ألا يبقى أحد في الوحدات تحت الأرض. إذ لو خرج شعاع بروتون عن السيطرة يمكنه إذابة 500 كيلوغرام من النحاس. وتسرب الهيليوم قد يسبب الاختناق والتجمد، كما أن شعاع الجسيمات يمكن أن تكون له أنشطة نووية.
صورة من: DW/F. Schmidt
ملايين البيانات في الثانية الواحدة تمدنا بها الكاشِفات الأربعة عن تصادم الجزيئات. ولأنه ليس بالضرورة أن تكون كل التصادمات مهمة بالنسبة للعلماء؛ توجد عملية تصفية للبيانات المهمة. وتخزن على أقراص مدمجة (سي دي)، وتوضع في البداية في مركز الحاسب الآلي لدى المنظمة الأوروبية للأبحاث النووية.
صورة من: DW/F.Schmidt
تنتج المنظمة الأوروبية للأبحاث النووية كل عام الكثير من البيانات تكفي لتشكيل كومة من الأقراص المدمجة، بارتفاع عشرين كيلومترا. ولا تستطيع أقسام المحفوظات "الأرشيف" حتى الآن الاحتفاظ بكل هذه البيانات، لذلك يتم توزيعها في جميع أنحاء العالم. وهناك أكثر من 200 من الجامعات ومعاهد الأبحاث قامت بتوصيل مراكز الحاسب الآلي لديها مع بيانات المنظمة الأوروبية للأبحاث النووية، مكونة شبكة عالمية.
صورة من: DW/F.Schmidt
علماء فيزياء الجسيمات من كل أنحاء العالم مسموح لهم بالوصول إلى بيانات المنظمة الأوروبية للأبحاث النووية. فالمنظمة تعتبر نفسها مقدم خدمات للجامعات والمعاهد التي تعمل في مجال البحوث الأساسية، كمشروع مشترك للبشرية جمعاء.