على أسس جديدة.. المفوضية الأوربية تقترح علاقات أوثق مع تركيا
٢٩ نوفمبر ٢٠٢٣
في ظل المأزق الذي يخيم على العلاقات بينه وبين تركيا، اقترح الاتحاد الأوروبي تحسين الحوار والتعاون مع أنقرة استنادا الى أسس جديدة. والمفاوضات مع تركيا، البلد المرشح للانضمام الى الاتحاد الاوروبي منذ 1999، متوقفة منذ 2018.
إعلان
اقترح مسؤول العلاقات الخارجية في الاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل والمفوض الأوروبي المكلف بشؤون الدول المجاورة للاتحاد أوليفر فارهيلي اليوم الأربعاء (29 نوفمبر/ تشرين الثاني 2023) على الدول الـ27 الأعضاء في التكتل القاري، استئناف الحوار على مستوى رفيع مع أنقرة، وتحسين التعاون في ملفات "تهم الطرفين" مثل الهجرة والطاقة والتجارة أو منح تأشيرات للمواطنين الأتراك.
وعلى صعيد التأشيرات، اقترح فارهيلي أن يتم منح الأتراك تأشيرات دخول متعددة لفترات أطول، الأمر الذي تطالب به تركيا منذ فترة طويلة. كما تم اقتراح "تحديث" اتفاق الاتحاد الجمركي بين الاتحاد وتركيا.
وبلغ التبادل التجاري بين أنقرة والاتحاد الأوروبي نحو مئتي مليار يورو، وهو معدل "قياسي" بحسب فارهيلي.
لكن المسؤولَين شددا على ضرورة أن يتم استئناف الحوار والتعاون " بشكل تدريجي" ومتكافئ"، بحيث يمكن التراجع عن خطوات معينة في أي وقت.
وعلى وقع الحرب في أوكرانيا، يرغب الاتحاد أيضا في أن يبحث مع تركيا السبيل الأفضل لمنع روسيا من الالتفاف على العقوبات التي فرضها الغربيون، بحسب المسؤولين الأوروبيين.
ورفضت تركيا إلى الآن فرض عقوبات على موسكو، علما أنها عضو في حلف شمال الأطلسي وتسيطر على مضائق البحر الأسود. وتتطلب هذه التوصيات موافقة الدول الأعضاء الـ27 قبل إمكان تنفيذها.
في غضون ذلك قالت المفوضية الأوروبية في بيان إن بنك الاستثمار الأوروبي يدعو لاستئناف العمليات عبر كل القطاعات
في تركيا. ومن المقرر أن تحشد المفوضية موارد الميزانية الأوروبية لضمان قرض جديد من بنك الاستثمار الأوروبي بقيمة 400 مليون يورو لتركيا، وقد قررت ذلك عقب زلزالي 2023.
يشار إلى أن بنك الاستثمار الأوروبي أوقف كل العمليات في البلاد في 2019 وسط نزاع بشكل أعمال الحفر غير القانوني، وطلب المجلس الأوروبي من البنك مراجعة عملياته في تركيا، بحسب وكالة بلومبرغ للأنباء.
ويعمل بنك الاستثمار الأوروبي في البلاد منذ 1965 وقد قام بتمويل عمليات بقيمة 30 مليار يورو من حينها.
ع.ش/أ.ح (أ ف ب، د ب أ)
تركيا- الاتحاد الأوروبي.. كيف تحوّلت فكرة الانضمام إلى سراب؟
تاريخ من الشد والجذب بين تركيا والاتحاد الأوروبي. أنقرة وضعت الطلب مبكرا قبل إنشاء الاتحاد لكن كانت هناك ملفات شائكة عرقلت عملية الانضمام حتى بات الأمر مستحيلا تقريبا، على الأقل في فترة رجب طيب أردوغان.
صورة من: Getty Images/C. McGrath
أول اتفاقية مع الجماعة الأوروبية
وقعت تركيا وما كان يعرف بالجماعة الاقتصادية الأوروبية (تكونت حينها من ستة بلدان) اتفاقية اتحاد جمركي عام 1963. وكان من المفروض أن يكون الاتفاق بداية للانضمام الفعلي إلى الجماعة، خاصة مع توقيع بروتوكول إضافي عام 1970 وازدهار التبادل التجاري بين الطرفين، غير أن الحال بقي كما هو عليه، قبل تجميد عضوية تركيا بعد وقوع انقلاب عسكري فيها عام 1980.
صورة من: Alfred Hennig/dpa/picture alliance
جمهورية قبرص التركية تعمّق الخلاف
عادت تركيا لتطلب الانضمام مجددا عام 1987، لكن ظهر جليا وجود معارضة داخلية أوروبية قوية لهذا الانضمام، خاصة بعد انضمام اليونان إلى المجموعة عام 1981، ودخولها في صراع مع تركيا منذ اجتياح هذه الأخيرة لقبرص عام 1975 ثم إعلان أنقرة من جانب واحد قيام جمهورية شمال قبرص التركية عام 1983.
صورة من: Birol Bebek/AFP/Getty Images
الاتحاد يتأسس دون تركيا
تأسس الاتحاد الأوروبي فعليا عام 1992 دون تركيا. استمرت هذه الأخيرة في محاولاتها، واستطاعت إقناع الأوروبيين بتوقيع اتفاقية للتجارة الحرة معها عام 1995، غير أن تفكك الاتحاد السوفياتي ساهم سلبا في استمرار إبعاد تركيا نظرا لكثرة المرشحين الجدد، قبل أن يتم إعلان أن تركيا ولأول مرة مرشحة فعليا للانضمام، وذلك بعد قمة هلسنكي عام 1999.
صورة من: picture-alliance/dpa
عهد أردوغان
وصل رجب طيب أردوغان إلى السلطة في تركيا عام 2003 وكان متحمسا كثيرا للانضمام، غير أن عدة دول أوروبية كالنمسا وألمانيا وفرنسا كانت لها تحفظات كثيرة على عضوية تركيا. المستشارة الألمانية أنغيلا ميركل عارضت فكرة الانضمام واقترحت بدلا منها شراكة مميزة بسبب الخلافات مع تركيا حول حقوق الإنسان وقبرص وسياسة أنقرة الخارجية.
صورة من: imago/Depo Photos
شروط كوبنهاغن
وضع الأوروبيون شرط احترام بنود اتفاقية كوبنهاغن أمام تركيا للانضمام، ومن الشروط تنظيم انتخابات حرة واحترام حقوق الإنسان واحترام الأقليات. ولأجل ذلك أعلنت أنقرة عدة إصلاحات منها إلغاء عقوبة الإعدام. بدأت المفاوضات الفعلية للانضمام عام 2005 في مجموعة من المجالات، غير أن استمرار مشكلة قبرص عجل بوقف المفاوضات، إذ رفضت أنقرة الاعتراف بعضوية قبرص في الاتحاد.
صورة من: Getty Images/AFP/C. Turkel
دولة مسلمة وسط اتحاد مسيحي؟
تشير العديد من التقارير إلى أن الاختلاف الديني بين تركيا وبلدان الاتحاد الأوروبي يشكلّ سبباً غير معلن لرفض الانضمام، فدول الاتحاد هي بلدان مسيحية فيما تركيا هي بلد مسلم. أكثر من ذلك، قلّص أردوغان مظاهر العلمانية وأرجع الدين إلى الحياة العامة. هذا العامل يرتبط بتوجس الأوروبيين من النزعة القومية التركية ومن عدم إمكانية قبول الأتراك بمشاركة هوية مجتمعية مع أوربييين يختلفون عنهم في نمط حياتهم.
صورة من: Reuters/U. Bektas
التفاوض يتعثر مجددا
بدءا من عام 2013 عادت المفاوضات مجددا، خاصة بعد مغادرة الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي الذي كان معارضا بقوة لفكرة الانضمام. لم تغيّر ميركل موقفها لكنها أبدت مرونة واضحة، بيدَ أن تركيا وضعت هي الأخرى شروطها المالية الخاصة لاسيما مع تحملها موجة اللاجئين. وجاء قمع مظاهرات ميدان تقسيم 2013 ليوقف المفاوضات مرة أخرى.
صورة من: picture-alliance/dpa/AP/T. Bozoglu
الصراع مع قادة أوروبيين يتفاقم
لم تجانب المفوضية الأوروبية الواقع عندما قالت عام 2019 إن آمال انضمام تركيا إلى الاتحاد تلاشت، فلا أحد من الطرفين بات متحمسا للفكرة. أخذ أردوغان خطوات وصفها قادة من الاتحاد بأنها "استبدادية" خاصة مع تقارير حقوقية عن تراجع الحريات في البلد. أبعد ملف اللاجئين الطرفين أكثر، ثم جاء النزاع في شرق المتوسط بين تركيا من جهة واليونان وقبرص وفرنسا من جهة ثانية ليعدم تقريبا الفكرة.
صورة من: Adem ALTAN and Ludovic Marin/various sources/AFP