1. تخطي إلى المحتوى
  2. تخطي إلى القائمة الرئيسية
  3. تخطي إلى المزيد من صفحات DW

ثمن الاحتلال باهظ للطرفين

١ سبتمبر ٢٠١٠

رسالة من صحافي فلسطيني لرئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتانياهو بمناسبة انطلاق المفاوضات المباشرة

يرى دراغمة أن على إسرائيل أن تحسم خيارها في المفاوضات المباشرةصورة من: Mohammad Daraghmeh

السيد رئيس الوزراء،

أنا صحافي فلسطيني، عملت خلال العشرين عاما الأخيرة مراسلا صحافيا في الأراضي الفلسطينية المحتلة. غطيت خلالها أحداثا جساما كالانتفاضتين الأولى والثانية، وحركة الاستيطان. شاهدت عشرات الضحايا يسقطون، وكتبت عن عائلات انكسرت بعد مقتل الآباء أو الأبناء.

وفي كل يوم أرى في تنقلاتي أحياء استيطانية جديدة تبنى على مساحات جديدة من أراضي الضفة الغربية والقدس، حتى بات المشهد الاستيطاني هو الطاغي، فيما أبناء شعبي يحصرون داخل تجمعات سكنية ضيقة لم تعد تتسع لهم. فأخذ كثيرون منهم يقامرون بإقامة بيوت خارج هذه التجمعات، ويعيشون تحت رحمة الجرافات الإسرائيلية التي سرعان ما تدهمهم لتزيلها عن وجه الأرض، وتزيل معها أحلامهم البسيطة ببيت آمن.

وفي الجانب الإسرائيلي قرأت قصصا عن ضحايا سقطوا في هجمات انتحارية، قرأت عن نادلة في مطعم فقدت ساقيها في إحدى هذه الانفجارات، وعن أم فقدت رضيعها الذي اصطحبته معها إلى المقهى وعادت بدونه.


لقد سمعت أخيرا تصريحا لك يقول إنك ستفاجئ الجميع في المفاوضات القادمة. وأثار هذا التصريح ومضة أمل في مخيلتي بعد أن أفقدتني وقائع الاستيطان والاحتلال على الأرض أي أمل. ومضة أمل لاحت في الأفق بعد أن فقدنا الأمل بالعيش بأمن وسلام وكرامة على هذه الأرض.

سيد نتانياهو

إن بقاء الاحتلال وتواصل الاستيطان الإسرائيلي يحمل في طياته احتمالات جهنمية، منها تفجر الصراع مجددا بين الشعب الفلسطيني والمستوطنين، ومعهم الجيش الإسرائيلي، في جولة عنف جديدة.

هناك فرصة لتحقيق مصالحة تاريخية بين الشعبين تجنب الأجيال الجديدة ويلات الصراع والفقدان والفجيعة. فرصة تتمثل في إقامة دولة فلسطينية على الأرض التي احتلتها إسرائيل عام 67، مع تبادل طفيف للأراضي يتيح لكم حل مشكلة المستوطنين عبر تجميعهم في كتل استيطانية. وبالمقابل يعيش الإسرائيليون في دولتهم بسلام وأمن، ويتفرغون لبناء اقتصادهم وحل مشكلات بدأت تطرق أبوابنا جميعا مثل نقص المياه. وربما يغري احتلال أرض الفلسطينيين بعض الإسرائيليين، لكن ثمن ذلك سيكون باهظا علينا وعليكم. فإسرائيل لا تستطيع أن تظل دولة احتلال إلى الأبد.

من خلال متابعتي للموقف السياسي الفلسطيني فإنني أجزم أنّ الغالبية العظمى من الفلسطينيين مستعدون لمساومة تاريخية تقوم على إقامة دولة فلسطينية مستقلة على حدود الرابع من حزيران عام 67، يجري فيها استيعاب جزء كبير من اللاجئين. في هذا الموقف تتفق الحركة الوطنية المتمثلة في منظمة التحرير والحركة الإسلامية الممثلة في حركة "حماس". أما إذا عرضت إسرائيل حلا أقل من ذلك، فإن أي فلسطيني مهما بلغ اعتداله لن يحصل على تفويض من أية جهة للتوقيع عليه.

السيد رئيس الوزراء

الفلسطينيون، تماما مثلما هم الإسرائيليون، بشر عاديون يتطلعون إلى حياة آمنة وحرة وكريمة. وهذا لن يتحقق إلا عبر إنهاء الاحتلال وإزالة الاستيطان أو العيش في دولة يتساوي فيها البشر على أساس أنهم بشر تماما مثلما هي أمريكا مفتوحة لكل الأديان والأعراق لا فرق بين دين أو عرق أو لون.

والآن الفلسطينيون يفكرون في خياراتهم، وهي باتت محصورة في خيارين: إما دولة فلسطينية مستقلة على 22 في المائة من أرض فلسطين التاريخية، مع تبادل طفيف للأرض يوفر حلا للمستوطنات، أو مساواة مع اليهود في المواطنة في إسرائيل. وإسرائيل لا تقف بعيدا عن هذين الخيارين، فإما إنهاء الصراع أو الضم. أما بقاء الخيار الحالي فهو ليس سوى إبقاء الجرح مفتوحا على مزيد من الآلام والاحتمالات الخطرة.

محمد دراغمة

مراجعة: أحمد حسو

محمد دراغمة صحافي فلسطيني مقيم في رام الله

تخطي إلى الجزء التالي اكتشاف المزيد
تخطي إلى الجزء التالي موضوع DW الرئيسي

موضوع DW الرئيسي

تخطي إلى الجزء التالي المزيد من الموضوعات من DW