على ماذا تنص اتفاقية إعادة اللاجئين من ألمانيا إلى إسبانيا؟
١٣ أغسطس ٢٠١٨لقد كانت مجرد "زيارة غير رسمية" هكذا أعلن الجانبان أكثر من مرة، ووصفا لقاء المستشارة أنغيلا ميركل برئيس الوزراء الإسباني بيدرو سانشيز ليومين في أندلوسيا جنوب إسبانيا. غير أن للزيارة الخاطفة إشارة مهمة، فقد صدرت من البلد الذي وقع للتو اتفاقا مع ألمانيا لإعادة اللاجئين.
ماذا ينص الاتفاق مع إسبانيا؟
ينص الاتفاق على أنه يمكن لألمانيا أرسال بعض اللاجئين الذين يصلون إليها إلى إسبانيا مباشرة. والمشمولون بهذا الاتفاق هم اللاجئون الذين كانوا قد تقدموا بطلبات لجوء في إسبانيا ووصلوا ألمانيا عبر الحدود النمساوية - عبر المعابر الحدودية الثلاثة التي يتم فيها حاليا إجراءات فحص المسافرين. وتنص الاتفاقية على أنه يمكن إعادتهم في غضون 48 ساعة إلى إسبانيا.
ويتم التحقق من القادمين إلى ألمانيا عبر قاعدة بيانات "أوروداك" لبصمات الأصابع في أوروبا، التي تضم بصمات أصابع كل لاجئ يسجل عند وصوله إلى أوروبا. أما اللاجئون القصر دون صحبة ذويهم فهم مستثنون من اتفاقية إعادة اللاجئين.
ألا تنظم قواعد دبلن ذلك؟
من الناحية النظرية نعم. فقواعد دبلن ترى من حيث المبدأ أن الدولة الوحيدة المسؤولة عن اللاجئ، هي الدولة التي سجل فيها اللاجئ نفسه لأول مرة. وبشكل عام يجب أن يكون هذا المكان الذي دخل فيه اللاجئ الأراضي الأوروبية لأول مرة. وإذا جاء اللاجئ إلى ألمانيا وتبين أنه مسجل في إيطاليا على سبيل المثال، يمكن في هذه الحالة لألمانيا إعادته إلى إيطاليا. ومع ذلك، يمكن وحسب القانون الأوروبي فحص ما إذا كان هنالك سبب يستدعي بقاء اللاجئ في ألمانيا، لأن أقربائه يعيشون فيها.
لكن كثير من دول الاتحاد الأوروبي ترى صعوبات في تطبيق قواعد دبلن، لأن نقل الأشخاص من بلد ما إلى آخر يعد شيئا معقدا ومكلفا. بالإضافة إلى ذلك، لا يتم تسجيل العديد من اللاجئين عند دخولهم الأراضي الأوروبية. وحتى المستشارة ميركل كانت قد وصفت قواعد دبلن في زيارتها الأخيرة إلى إسبانيا بأنها "غير فعالة".
وذكرت المستشارة أنه من الناحية النظرية "لا يُسمح بأن يصل أي مهاجر أو لاجئ إلى ألمانيا". لكن وبسبب أن القواعد القانونية لا تتطابق مع الواقع، فيجب أن يكون هناك "نظام توزيع عادل"، حسب ميركل.
ماذا تتوقع ألمانيا من الاتفاقية؟
حسب تقارير اعتمدت على بيانات وزارة الداخلية الاتحادية، فإنه تم إلقاء القبض على خمسة أشخاص يوميا في المعدل بعام 2017 في المعابر الحدودية الثلاثة بين ألمانيا والنمسا التي يتم فيها فحص المسافرين، وكان هؤلاء الأشخاص الخمسة ممن تقدموا بطلبات لجوء في بلد آخر في الاتحاد الأوروبي، وكان بعضهم فقط قد تقدم بطلب لجوء في إسبانيا.
ولا توجد بيانات رسمية لأعدادهم. لكن توجد أرقاما لطلبات استلام مقدمة من ألمانيا ضمن قواعد اتفاقية دبلن، والتي تقدمها برلين عندما ترى أن هناك بلدا أوروبيا آخرا مسؤول عن لاجئ ما. وفي الربع الأخير من عام 2017 ذهبت نحو 5 بالمائة من هذه الطلبات من ألمانيا إلى إسبانيا. بينما ذكر البرنامج الإخباري الألماني "تاغيس شاو" أن 32.7 بالمائة من الطلبات الألمانية ذهبت إلى إيطاليا.
مع ذلك فإن الاتفاق يحمل قيمة رمزية معينة. فالجدل يدور داخل الائتلاف الحكومي الكبير منذ عدة أشهر حول التعامل مع اللاجئين. وأراد وزير الداخلية هورست زيهوفر أن يرسل اللاجئين بعيدا عن ألمانيا ومن الحدود مباشرة ومن دون اتفاقيات مع الدول الأخرى، وهو ما عارضته المستشارة ميركل.
والاتفاقية مع إسبانيا يمكن النظر لها على أنها إشارة موجهة لدول أخرى. وتقول الإشارة: "انظروا، ألمانيا لها أيضا قواعد صارمة"، ويمكن تقييم الاتفاقية أيضا على أنها نوع من الترضية لوزير الداخلية زيهوفر. بالإضافة إلى ذلك، تأمل برلين أن تكون الاتفاقية مع إسبانيا، الأولى ضمن سلسة من الاتفاقيات الثنائية التي ستوقع بعدها.
البلدان المرشحة لتوقيع الاتفاقية
يتفاوض هورست زيهوفر حاليا لتوقيع اتفاقيات مماثلة مع إيطاليا واليونان، لكن هذا أمر صعب. وعلى الرغم من أن إسبانيا تأمل من توقيع الاتفاقية في أن تستثمر ألمانيا المزيد من الأموال في حماية حدود الاتحاد الأوروبي، إلا أنها لا تطالب بتعويض مباشر مقابل استقبال اللاجئين العائدين من ألمانيا.
أما اليونان وإيطاليا فتطالبان بذلك بالفعل. وفي الوقت الحاضر فإن البلدين على استعداد لعقد اتفاقيات مشتركة فقط ، إذا كانت ألمانيا تستقبل في المقابل لاجئين من اليونان وإيطاليا، كالذين يرغبون في الانضمام إلى أفراد عوائلهم في ألمانيا على سبيل المثال.
وهو ما رفضه زيهوفر، الذي أوضح بالقول: " نحن لا نحتاج إلى التوقيع على هذا، لأن ذلك سوف لن يفهمه المواطنون الألمان عندما نستقبل أكثر مما نرفضهم على الحدود".
وقال متحدث باسم وزارة الداخلية إنه وعلى الرغم من الصعوبات ما زال توقيع اتفاق مع اليونان في الأفق. في حين، لا يمكن توقع اتفاق بين برلين وروما في المستقبل القريب.
الكاتب: كارلا بلايكر/ زمن البدري