على وقع عقوبات أمريكية.. تشكيل الحكومة في لبنان يزداد تعقيدا
١٧ سبتمبر ٢٠٢٠
فرضت أمريكا عقوبات على شركتين وأحد الأفراد لصلاتهم المفترضة بحزب الله. فيما يواصل السياسي السني مصطفى أديب مشاوراته لتشكيل حكومة بعد إصرار الفصيلين الشيعيين المهيمنين في لبنان، على تسمية وزراء شيعة بينهم وزير المالية.
وقالت وزارة الخزانة الأمريكية في بيان إنها أدرجت شركتي آرش كونسالتين للدراسات والاستشارات الهندسية ومعمار للهندسة والمقاولات، ومقرهما لبنان، على القائمة السوداء، لأن حزب الله استغلهما لإخفاء تحويلات مالية إلى حساباته بما يسهم في إثراء قيادة حزب الله. كما طالت العقوبات سلطان خليفة أسعد الذي قالت الوزارة إنه مسؤول كبير في حزب الله.
ومن جهته أكد وزير الخارجية مايك بومبيو في تغريدة على موقع تويتر فرض العقوبات وقال: "يعتمد حزب الله على الثراء الذاتي الفاسد لدفع أجندته في لبنان. اليوم قمنا بتصنيف شركتين مرتبطتين بحزب الله ومسؤول واحد متورط في مخططات محظورة. شعب لبنان يستحق الأفضل وستواصل الولايات المتحدة الوقوف ضد الفساد".
ويجمد هذا الإجراء أي أرصدة بالولايات المتحدة للمدرجين في القائمة السوداء ويمنع بصفة عامة الأمريكيين من التعامل معهم. وقالت الوزارة إن الذين ينخرطون في معاملات معينة مع هؤلاء عُرضة أيضا لاحتمال فرض عقوبات عليهم.
العقوبات الأمريكية تفرض بظلالها على عملية تشكيل الحكومة اللبنانية الجديدة. ففيما كانت التوقعات في أن يعتذر، أعلن رئيس الوزراء اللبناني المكلف مصطفى أديب الخميس بأنه سيعطي مزيدا من الوقت لمشاورات تشكيل حكومة جديدة، فيما تلقي جهوده المتعثرة بظلال من الشك على آفاق مبادرة فرنسية تسعى لانتشال البلاد من أزمتها.
وقال أديب بعد زيارته القصر الرئاسي إنه عرض مع الرئيس ميشال عون "الصعوبات التي تعترضنا لتشكيل الحكومة الجديدة"، مضيفاً "أعي تماماً أنه ليس لدينا ترف الوقت". وأوضح "أعوّل على تعاون الجميع من أجل تشكيل حكومة تكون صلاحياتها انفاذ ما اتفِق عليه مع الرئيس ماكرون"، لافتاً إلى اتفاقه مع عون "على التريث قليلاً لإعطاء مزيد من الوقت للمشاورات الجارية".
ويوم الثلاثاء انقضى أجل موعد نهائي اتفق الساسة اللبنانيون عليه مع باريس لتشكيل الحكومة دون إحراز تقدم. وتعثرت العملية في ظل إصرار الفصيلين الشيعيين المهيمنين في لبنان، وهما جماعة حزب الله المدعومة من إيران وحركة أمل، على تسمية وزراء شيعة بالحكومة وقالوا إن وزير المالية يجب أن يكون منهم.
وتقول مصادر سياسية إن أديب يعمل على اقتراحات لتغيير السيطرة على وزارات أسند الكثير منها لنفس الفصائل على مدى سنوات وهو يسعى لتشكيل حكومة اختصاصيين لتنفيذ الإصلاحات التي طرحتها فرنسا.
الحكومة اللبنانية تستقيل بعد أسيبوع على تفجير بيروت
02:20
وقالت مصادر سياسية من عدة أحزاب إن رئيس مجلس النواب نبيه بري، رئيس حركة أمل، بات أكثر إصرارا على تسمية وزير المالية بعد أن فرضت واشنطن الأسبوع الماضي عقوبات على كبير مساعديه بتهمة الفساد وتمكين حزب الله. وسبق أن عمل مساعده علي حسن خليل وزيرا للمالية.
ويتهم حزب الله وحلفاؤه، وهم يشكلون أكثرية برلمانية وازنة، أديب بالتفرّد في تشكيل الحكومة من دون التشاور معهم. ونقلت مصادر عن أديب في وقت سابق الخميس إنه وافق "نتيجة تفاهم غالبية القوى السياسية اللبنانية" على "تشكيل حكومة اختصاصيين غير سياسية، في فترة قياسية، والبدء بتنفيذ الاصلاحات فوراً". وأوضحت أن "أي طرح آخر" في إشارة إلى شرط الثنائي الشيعي، "سيفترض تالياً مقاربة مختلفة للحكومة الجديدة، وهذا لا يتوافق مع المهمة التي كُلفت من أجلها".
وفي حال إصرار أديب على المضي بحكومة لا تحظى برضى المكوّن الشيعي النافذ، ستكون مهمة التشكيل صعبة، ما قد يدفعه وفق محللين إلى الاعتذار، إذ إن التوافق بين المكونات الأساسية كان باستمرار شرطا لتشكيل الحكومات في لبنان.
ص.ش/أ.ح (رويترز، أ ف ب)
لبنان 100 عام.. من طوائف الجبل إلى دولة على شفا الانهيار
لبنان.. بلد صغير المساحة، لكنه يختزل على مدار قرن من إعلان قيامه أحداثاً كبيرة جعلته صورة مصغرة عما جرى في العالم العربي من خيبات متواصلة. يحتضن تاريخه كل شيء: العنف والصلح، الحرب والسلم، الرخاء والشدة، الوطنية والتبعية.
صورة من: Getty Images/AFP/J. Eid
فتنة جبل لبنان
سكنت عدة طوائف في المناطق المعروفة حالياً بلبنان، خاصة منطقة جبل لبنان. لكن الطوائف الأبرز كانت ستة: الموارنة والأرثودوكس والكاثوليك، وفي الجانب الآخر الدروز والسنة والشيعة. بقي الجبل تحت سيطرة العثمانيين، لكنه شهد توترات طائفية خطيرة خاصة المجازر بين الدروز والموارنة عام 1860. تدخلت قوى أوروبية في المنطقة خاصة منها فرنسا، وشهد جبل لبنان بضغط أوروبي قيام نظام "المتصرفية" الذي عزّز الوجود الماروني.
صورة من: picture-alliance/Design Pics
قيام لبنان الكبير
بعد هزيمة العثمانيين في الحرب العالمية الأولى، استطاعت فرنسا فرض انتدابها على لبنان بعد توسيعه ليضم البقاع وولاية بيروت فضلاً عن ترسيم الحدود مع سوريا. ويقول جوزيف باحوط في مقال على كارنيغي إن فرنسا هدفت إلى خلق وطن شبه قومي للمسيحيين في الشرق الأوسط، لكن الطوائف المسلمة رفضت بشدة الوضع الجديد. أعلن لبنان استقلاله عام 1943 على يد الرئيس بشارة الخوري، لكن جلاء القوات الفرنسية لم يتم إلّا عام 1946.
صورة من: picture-alliance/United Archives/TopFoto
الميثاق الوطني
شهد إعلان استقلال لبنان ما عُرف بالميثاق الوطني الذي منح رئاسة الدولة للموارنة ورئاسة الوزراء للسنة ورئاسة مجلس النواب للشيعة. وكان هدف الميثاق تسهيل الاستقلال حتى لا يطلب المسيحيون حماية فرنسا ولا يطالب المسلمون بالوحدة مع سوريا. لم يُكتب الميثاق لكنه بقي مطبقاً في البلاد منذ ذلك الحين، ويرى متتبعون أنه سبب المشاكل الطائفية في البلاد بما أنه هو من أسس لنظام المحاصصة.
صورة من: picture-alliance/dpa/W. Hamzeh
إنهاء حكم شمعون
تحوّلت بيروت إلى مدينة تجمع الكل منذ سنوات الاستقلال، لكن اندلاع النزاع العربي-الإسرائيلى ألقى بظلاله على بلد يصارع لخلق هويته. استقبلت بيروت آلاف اللاجئين الفلسطينيين كما استقبلت مهاجرين عرب وشهدت نمواً اقتصادياً لكن في الآن ذاته ركزت قوى عربية متصارعة نفوذها داخل المدينة منذ ذلك الحين. غير أن أبرز حدث شهدته بيروت في الخمسينيات كان الانتفاضة ضد الرئيس كميل شمعون الذي كان له علاقات قوية مع الغرب.
صورة من: Imago Images/United Archives International
العصر الشهابي
من بين أكثر رؤساء لبنان احتراما هو فؤاد شهاب الذي حكم البلاد منذ 1958 إلى 1964 ورفض التمديد له رغم شعبيته الطاغية. تحقق في عهد شهاب الكثير من الاستقرار في البلد رغم الانتقادات الموجهة له بتقوية دور المخابرات بعد محاولة الانقلاب. جاء بعده شارل حلو الذي حاول اتباع النهج الشهابي بعدم تفضيل أيّ طرف سياسي على آخر، لكن البلد شهد في عهده عدة مشاكل اقتصادية، ما مهد الباب لسليمان إفرنجية ليخلفه.
صورة من: picture-alliance/dpa/M. Tödt
الحرب الأهلية تندلع
شهد لبنان توقيع اتفاق القاهرة عام 1969 بين الفصائل الفلسطينية في مخيمات اللاجئين وبين الدولة اللبنانية حتى لا تتكرر مناوشات بين الطرفين، وبموجبه تم الاعتراف بالوجود الفلسطيني المسلح في لبنان. وقف اليسار اللبناني مع الفلسطينيين، في حين رفضهم اليمين المشكل أساساً من منظمات مارونية. ومع تعاظم النفوذ الفلسطيني تعددت الاحتكاكات مع القوى اليمينية، لتندلع رسمياً الحرب الأهلية في أبريل/ نيسان 1975.
صورة من: picture-alliance/AP Photo/M. Raouf
بيروت تشتعل
قُسمت بيروت إلى شرقية تحت سيطرة القوات اليمينية وغربية للفلسطينيين والقوات اليسارية. زاد التناحر الطائفي بين المسلمين والمسيحيين من الحرب خاصة مع وجود اختلالات اجتماعية بينهم. زاد التدخل السوري من سعير الحرب، وكذلك فعلت إسرائيل عندما اجتاحت لبنان عام 1982 وحاصرت بيروت الغربية ما أدى إلى جلاء المسلحين الفلسطينيين، لكن الحرب لم تنته، ووقعت بعد ذلك مواجهات حتى داخل الأطراف التي كانت متحالفة.
صورة من: Ziad Saab
حزب الله يخرج منتصرًا
انتهت الحرب رسميا عام 1991 سنتين بعد توقيع اتفاق الطائف. شهدت الحرب مجازر مروعة كالكرنتينا والدامور وصبرا وشاتيلا، ووثقت الكاميرات مشاهد مرعبة كما جرى في حصار بيروت وحرب المخيمات. تقوّت لاحقا التنظيمات الشيعية، وخصوصا حزب الله المرتبط بإيران، وبقي التنظيم محافظًا على سلاحه بعد حلّ كل الميلشيات، فتراجع نفوذ التنظيمات المسلحة اليمينية واليسارية والفلسطينية، كما ضمنت سوريا استمرار حضورها في البلد.
صورة من: Getty Images/AFP/A. Amro
الاغتيالات تستمر
استقر لبنان نسبيا في التسعينيات، لكن سنوات الألفية شهدت مواجهات مسلحة بين حزب الله وإسرائيل في صيف 2006، لكن الهزة الأعنف كانت اغتيال رفيق الحريري، رئيس الوزراء السابق الذي ساهم في إعمار لبنان. كانت من نتائج الاغتيال خروج القوات السورية نتيجة ما عُرف بـ "ثورة الأرز". شهد البلد في تلك السنوات استمرار الاغتيالات السياسية التي وجهت فيها الاتهامات لدمشق كاغتيال الشيوعي جورج حاوي والصحفي سمير قصير.
صورة من: picture-alliance/dpa/N. Mounzer
حراك لبنان
لأول مرة في تاريخ البلاد، يخرج مئات الآلاف من اللبنانيين عام 2019 رفضاً لنظام المحاصصة الطائفية، مطالبين برحيل الطبقة السياسية ككل. جاءت الاحتجاجات في ظل استمرار ترّدي الوضع الاقتصادي وارتفاع نسب الفساد، ما أدى إلى استقالة حكومة سعد الحريري، وتشكيل حكومة حسان دياب التي استقالت بدورها بعد انفجار مرفأ بيروت الذي أودى بحياة ما يناهز مئتي قتيل. تقرير: إسماعيل عزام