1. تخطي إلى المحتوى
  2. تخطي إلى القائمة الرئيسية
  3. تخطي إلى المزيد من صفحات DW

عماد الدين حسين: الإخوان لم يهجروا العنف حتى الآن

عماد الدين حسين٨ سبتمبر ٢٠١٦

في مقاله لهذا الأسبوع يناقش الصحفي المصري عماد الدين حسين خيارات جماعة الإخوان المسلمين بين انتهاج السلمية والأعمال الإرهابية لتحقيق مكاسب سياسية.

Kolumnisten Emad El-Din Hussein

السؤال الذي لا يجد نقاشاً جاداً وحقيقياً في بعض الدوائر الغربية المهتمة بالشأن المصري والعربي والإسلامي هو الآتي: هل جماعة الإخوان المسلمين جادة فعلاً في سلميتها وأنها حقاً، تنبذ العنف، أم أن خطابها السلمي موجه فقط إلى الخارج عموماً والغرب خصوصاً للحصول على مكاسب سياسية؟

الانطباع السائد في الغرب أن الحكومة المصرية وأجهزتها ترفض أي تقارب مع جماعة الإخوان، وأنها تلتزم فقط بسياسة المطاردة والملاحقة بكل أشكالها ضد الجماعة، في حين أن الأخيرة حمل وديع يريد التأقلم والتكيف مع الواقع السياسي، ويتحمل الضربات المتلاحقة صابراً محتسباً لوجه الله تعالى ولوجه السلمية والديمقراطية!!!

ربما كان الجزء الأول من هذا الانطباع سليماً، فمن الواضح فعلاً أن الحكومة المصرية، ومنذ فض اعتصام رابعة أخذت توجهاً استراتيجياً بتوجيه ضربات موجعة لتنظيم الإخوان، ويتمثل ذلك في تصنيف الجماعة باعتبارها إرهابية وغير شرعية، والقبض على غالبية قادتها وكوادرها، وأحالتهم إلى النيابة بتهم متنوعة، تبدأ من الانضمام إلى جماعة محظورة وتنتهي بارتكاب أعمال عنف وإرهاب مروراً بالتحريض والتظاهر وبث شائعات كاذبة.

لا تخفي الحكومة وأجهزتها هذا التوجه، وتقول إنه يتوافق وصحيح القانون والدستور،وبغض النظرعما إذا كان ذلك صحيحاً أم لا، فإن الجزء الأهم الذي نناقشه اليوم هو السؤال الآتي: وهل جماعة الإخوان جادة فعلاً في السلمية، أم أن ما تدعيه فى هذا الصدد مجرد خطاب إنشائي موجه للرأي العام خصوصا فى الغرب؟!

الإجابة تقول إن من يتابع ما تفعله الجماعة على الأرض، سيجد سلوكاً مختلفاً تماماً عما يخرج فى بعض بياناتها التى تصدر من جبهة محمود عزت أو ما يطلق عليهم القيادة التاريخية للجماعة. وإن الخلاف بين من يطلقون على أنفسهم دعاة السلمية لا يختلف كثيراً عما ينادى به "التيار الشبابي المتطرف" الذي يدعو إلى العنف الواضح والصريح، بل ويتبنى العديد من العمليات الإرهابية.

على أرض الواقع ننسى أنه وفي 27 مايو/ أيار 2015 أصدرت 158 شخصية دينية كبيرة من 25 دولة - معروفين بانتماءهم لجماعة الإخوان أو تعاطفهم مع الجماعة- بياناً خطيراً أطلقوا عليه اسم "بيان الكنانة"، وصفوا فيه النظام المصري الحاكم بأنه: "نظام انقلابي مجرم قاتل ويجب مقاومته بكل الوسائل المشروعة في دين الله، والمعتقلين فى السجون يشبهون الأسرى الذى يجب تحريرهم بكل الوسائل".

دعا البيان كل الأمة الإسلامية حكاماً وشعوباً إلى ضرورة"مقاومة المنظومة الانقلابية والعمل على كسرها والإجهاز عليها. البيان اعتبر تصدى السلطات المصرية للإرهاب فى سيناء الذي يشنه تنظيم داعش الإرهابي هو" حصار وتدمير لسيناء وتهجير أهلها، وهو خيانة للدين والوطن ومعاداة للمقاومة الفلسطينية وموالاة للصهيونية".

الأخطر أن البيان اعتبر"الحكام والقضاة والضباط والجنود والمفتيين والإعلاميين والسياسيين وكل من يثبت اشتراكهم ولو بالتحريض فى انتهاك أعراض الإخوان وسفك دمائهم، حكمهم في الشرع أنهم قتلة يجب القصاص منهم. وعلى الأمة السعي في بذل كل غالى وثمين فى سبيل تحرير كل من تم اعتقاله بسبب رفضه للانقلاب".

واعتبر البيان شيخ الأزهر "شريكاً في الانقلاب وكذلك مفتى مصر". واعتبر البيان أن "الدفاع عن النفس والعرض والمال حق مشروع وواجب شرعي"، وختم البيان بالدعوة إلى العصيان المدني الشامل.

قبل هذا البيان الشامل والخطير بأيام قليلة كان عدد كبير من قادة الإخوان وانصارهم يطلقون دعوات واضحة عبر وسائل إعلامهم من تركيا، يهددون فيها باستهداف الدبلوماسيين والمستثمرين الأجانب في مصر، وطالبوهم بتركها "حتى لا يكونوا شركاء وداعمين للانقلاب" حسب تسميتهم. وبعدها تم استهداف العديد من السفارات العربية والإفريقية.

في السنوات الثلاثة الماضية سمعنا عن منظمات تقول إنها جزء من الاخوان مثل: "المقاومة الشعبية - العقاب الثورى - كتيبة إعدام - ولع - حركة حسم - حركة مولوتوف - كتائب حلوان - حركة مجهولون - تنظيم داهف".

وقبل أيام قليلة دعا بيان لما يطلق عليه "المجلس الثوري الإخواني"، العمال في جميع الشركات المصرية إلى "البدء فى عصيان مدني شامل يتضمن تقليل ساعات العمل ومعدل الإنتاج، وتعمد تطويل فترات الراحة، وعدم إصلاح أي عطل، واستغلال الإجازات المرضية لعدم الذهاب للعمل". وكان الأخطر فى البيان هو دعوة المصريين إلى عدم دفع فواتير المياه والكهرباء والغاز.

ما بين نداء الكنانة فى مايو/ أيار قبل الماضي وبيان المجلس الثوري الإخواني قبل أيام، اعترفت الجماعة أنها استخدمت العنف فعلياً في العمليات الإرهابية التى تصفها الجماعة أنها "عمليات نوعية" ،خصوصاً في استهداف منشآت حيوية تخص جميع المصريين أكثر مما تخص الحكومة مثل المنشآت الكهربائية ووسائل المواصلات، وقبلها استهداف ضباط الجيش والشرطة والقضاء، وهناك اتهامات رسمية يجرى التحقيق فيها الآن خصوصاً في قضيتي اغتيال العميد وائل طاحون والنائب العام السابق هشام بركات.

فى هذه الكلمات أحاول قدر الإمكان الاستناد إلى ما يقوله الإخوان بانفسهم، وليس ما ينسبه لهم خصومهم في الحكومة وأجهزة الأمن المختلفة.

ويصبح السؤال المهم بعد هذه المعلومات والتصريحات الإخوانية هو: هل الجماعة جادة فعلاً حينما تقول إنها تريد أن تكون جزءا من المشهد السياسي، أم أنها تريد ذلك فعلاً لكن عبر استخدام القوة؟!. الحقائق على الأرض تؤكد أن الجماعة ــ أو معظم الفاعلين الرئيسيين فيها ــ ترفض الاعتراف بالأمر الواقع، وربما يكون هذا حقها، لكن الخلاف الجوهري هو في كيفية نظرتها لتغيير هذا الأمر الواقع؟! هل يتم عبر عمل سلمي وسياسي، أم عبر عمل عنيف وإرهابي؟

تعتقد الجماعة أنها قادرة على تغيير المشهد السياسي بالقوة، وتدخل فى صراع مستمر مع أجهزة الأمن لحسم الامربالقوة، لكنها تصرخ عند أي خسارة تتعرض لها فى هذا الصراع!!

المشكلة الحقيقية من وجهة نظري أن الجماعة لم تحسم أمرها النهائي.. وهل هي جماعة دعوية أم حزب سياسي، ولا تريد أن تتخلى عن التنظيم الخاص، ولا تريد أن تراجع مجمل تجربتها، ولا تريد الاعتراف بأخطائها.. ولذلك فمشكلة الجماعة سوف تستمر مستعرة حتى إشعار آخر، وبالتالي علينا ألا نتوقع هدوءا قريباً.

تخطي إلى الجزء التالي اكتشاف المزيد

اكتشاف المزيد

المزيد من الموضوعات
تخطي إلى الجزء التالي موضوع DW الرئيسي

موضوع DW الرئيسي

تخطي إلى الجزء التالي المزيد من الموضوعات من DW

المزيد من الموضوعات من DW