1. تخطي إلى المحتوى
  2. تخطي إلى القائمة الرئيسية
  3. تخطي إلى المزيد من صفحات DW

عماد الدين حسين: داعش وأقباط سيناء.. البحث عن الحقائق

٢ مارس ٢٠١٧

في مقاله* لـDW عربية يسلط الكاتب الصحفي عماد الدين حسين الضوء على ارتكاب تنظيم "داعش" لجرائم بحق الأقباط في سيناء، ومحاولته الظهور بموضع القوي للتغطية على هزائمه في الموصل وحلب وسرت.

عماد الدين حسين، كاتب صحفي مصري
عماد الدين حسين، كاتب صحفي مصري

خلال الأسبوعين الأخيرين  فقط قام تنظيم "داعش" بقتل ثمانية أقباط في مدينة العريش المصرية بشمال سيناء بطرق وحشية. ووجه التنظيم تهديدات للمسيحيين بضرورة مغادرة سيناء، وإلا تعرضوا للقتل. ونفذ التنظيم  بالفعل عمليات إحراق وتدمير لإحدى الكنائس وبيوت المسيحيين، كما تم قتل أحد الكهنة هناك.

والنتيجة أن موجة نزوح وتهجير بدأت فعلا قبل عشرة أيام، ووصلت إلى ذروتها يوم السبت الماضي، متجهة بالأساس إلى محافظة الإسماعيلية الأقرب إلى سيناء على ضفة قناة السويس.

ما حدث من تهجير للمسحيين أمر جلل فاجأ كثيرون، وربما كانت بعض أجهزة الحكم من بين أولئك المفاجئين. تنظيم "داعش" الإرهابي أو ولاية سيناء أو "أنصار بيت المقدس"،يقاتل الدولة منذ سقوط جماعة الإخوان عن الحكم عقب مظاهرات 30 يونيو/ حزيران 2013.

صحيح أن التنظيم كان موجوداً قبل ذلك في المنطقة ،لكنه كان خاملاً أو نائماً، باستثناء محاولتين الأولى قتل فيهما العديد من جنود القوات المسلحة، الأمر الذي مكن جماعة الإخوان- أثناء وجودها في الحكم- من إحالة المشير حسين طنطاوي والفريق أول سامي عنان إلى التقاعد، والثانية في أواخر عهد الجماعة حينما خطف التنظيم العديد من الجنود، وتم الإفراج عنهم بعد وساطة قادها زعماء الدعوة السلفية الذين كانوا متحالفين مع الإخوان في هذا الوقت، وهو الحادث الذي قال فيه الرئيس الإخواني الأسبق قولته التي حيرت وفاجأت كثيرين وقتها وهي" نحن نحرص علي سلامة الخاطفين والمخطوفين!!!".

في اليوم التالي لخروج الإخوان من السلطة، فوجئنا أن  "داعش" هاجم أهدافاً عسكرية وحكومية بأسلحة ثقيلة منها مطار العريش، لم يكن أحد يعرف أن التنظيم يملكها، ويُعتقد أن مصدرها الأساسي كانت الشحنات التي تم تهريبها من ليبيا عقب سقوط القذافي، وفترة الفوضى الأمنية التي أعقبت ثورة 25 يناير في مصر.

 بعد خروج الجماعة بأيام قليلة قال القيادي في الإخوان محمد البلتاجي عبارته الشهيرة أيضاً وهي: "إن ما يحدث في سيناء سيتوقف في اللحظة التي سيتراجع فيها الجيش عما وصفه بالانقلاب ويعود مرسي إلى مهامه". وهي العبارة التي يري كثيرون أنها دليل مهم علي وجود دور لجماعة الإخوان فيما يحدث بسيناء.

طوال السنوات الثلاثة الماضية وجه تنظيم "داعش" هجماته واعتداءاته الأساسية ضد القوات المسلحة والشرطة المصرية إضافة إلى أهداف حكومية مدنية، وظل الأقباط خارج دائرة اهتماماته، باستثناء بعض البيانات والحوادث الفردية.

كثيرون يسألون ما الذي تغير حتى يقوم  التنظيم باستهداف المسيحيين؟!

هناك أسباب كثيرة يمكن إجمالها في الآتي:

أولاً: هذه الهجمات تتسق مع مبادئ وأفكار التنظيم المتطرفة، التي رأينا أمثالها في المناطق التي سيطر فيها خصوصاً في الموصل العراقية والرقة ودير الزور السوريتين، ورأينا ماذا فعل مع الإيزيديين مثلاً في العراق، أو حينما قتل أحد كبار مسؤولي الآثار المسيحيين في مدينة تدمر السورية، وإذا كان التنظيم قد سبق له "تكفير" القاعدة أو النصرة وبقية الفصائل الإسلامية المتطرفة، فمن المنطقي أن "يكفر" المسيحيين ويستهدف حياتهم وأملاكهم.

ثانياً: بطبيعة الحال يسعى التنظيم ورعاته إلى إظهار أنه ما يزال قوياً وأنه قادر على فرض سيطرته على الأرض، وتدخله في حياة الناس، بما فيهم المسلمين، خصوصاً أنه يحاول فرض مظاهر على الأرض، وقيوده المتعلقة بملابس السيدات مثال على ذلك.

ثالثاً: يقول البعض إن هذا التطور يعني أن شوكة التنظيم قد قويت، والدليل أنه صار يستعرض عضلاته في شوارع العريش، ويطرق أبواب بعض المسيحيين ويهددهم علناً، كما أنه قام بتكسير كاميرات المراقبة التي وضعتها أجهزة الأمن في الشوارع، خصوصاً أمام المنشآت الحيوية.

رابعاً: تقول وجهة نظر أخرى إن العكس هو الصحيح، وإن هذا التطور، يعني أن التنظيم في حالة ضعف، وإلا ما قام باستهداف الأقباط، لأنهم هدف سهل، باعتبارهم مواطنين مسالمين يسيرون في الشوارع ولهم أماكن إقامة معروفة لكثيرين، ويريد التنظيم أيضاً التغطية على الهزائم المتوالية التي لحقت بهم في الموصل وحلب وسرت .

خامساً: هناك تفسير آخر يقول إنه لا يمكن فصل هذا التطور عن الزيارة المرتقبة للرئيس المصري عبد الفتاح السيسي إلى الولايات المتحدة خلال الأيام المقبلة.

أصحاب هذا الاقتراح يقولون إن القوى المحلية والإقليمية التي ترعى "داعش" وتشجعه وتدعمه سراً وعلناً، بطريقة مباشرة أو غير مباشرة، تريد "الشوشرة" على زيارة السيسي، والإيحاء بأن "داعش" المصرية صارت هي المسيطرة على الأرض.

والرسالة الأهم موجهة إلى أهالي سيناء، خصوصاً أن التنظيم يحاول استثمار أي تقصير حكومي، أو سوء فهم بين أجهزة الدولة وأهالي المنطقة، سواء تعلق الأمر بالخدمات المعيشية اليومية، أو الاحتكاكات  بين الشرطة والمواطنين.

سادساً: ما حدث تطور بالغ الخطورة، هو تغير نوعي، في معادلة الصراع ببقعة ضيقة في شمال سيناء، صحيح أنها قد لا تزيد على 3 بالمائة من مساحة سيناءـ ـ كما تقول الحكومة ــ لكنها ذات دلالة رمزية، وتجعل المبادرة في يد هذا التنظيم، وبالتالي فإن الحكومة المصرية مطالبة باتخاذ سلسلة من الإجراءات السريعة والعملية لكي تستعيد السيطرة على زمام الأمور،وأولها التأكد من أن غالبية أبناء سيناء معها ضد الإرهاب والمتطرفين،وليسوا حتى على الحياد.. وذلك موضوع يستحق نقاشاً أوسع.

عماد الدين حسين، كاتب صحفي مصري

* المقال يعبر عن وجهة نظر كاتبه وليس بالضرورة رأي مؤسسة DW

 

تخطي إلى الجزء التالي اكتشاف المزيد

اكتشاف المزيد

المزيد من الموضوعات
تخطي إلى الجزء التالي موضوع DW الرئيسي

موضوع DW الرئيسي

تخطي إلى الجزء التالي المزيد من الموضوعات من DW

المزيد من الموضوعات من DW