1. تخطي إلى المحتوى
  2. تخطي إلى القائمة الرئيسية
  3. تخطي إلى المزيد من صفحات DW

عماد الدين حسين: دماء جديدة فى شرايين متيبسة

٣ نوفمبر ٢٠١٦

الكاتب الصحفي المصري عماد الدين حسين يرى ضوءًا في نفق الحياة السياسية بمصر. "مؤشرات على الانفتاح" كما يقول الكاتب في مقاله لـDW عربية.

Kolumnisten Emad El-Din Hussein


 

هناك مؤشرات تشير إلى أن الحكومة المصرية بدأت تدرك أهمية إعادة احياء السياسة فى الفترة المقبلة ولو بدرجة قليلة، بديلا لحالة الجمود والتكلس والتيبس التى أصابت غالبية شرايين السياسة بالانسداد.

ذهبت إلى مدينة شرم الشيخ الساحرة الأسبوع الماضى وحضرت المؤتمر القومى للشباب، وتابعت معظم جلساته وورش عمله عن قرب، والتقيت وناقشت العديد من كبار الوزراء والمسؤولين والنواب والباحثين وأساتذة الجامعات والشباب.

خلال هذا المؤتمر رأيت مؤشرات تكشف عن أن ثمة تغييرا طفيفا حدث فى مناخ السياسة المصرية، عندما كان الكاتب الصحفى إبراهيم عيسى المصنف الآن باعتباره الناقد الأبرز لإدارة الرئيس عبدالفتاح السيسى جالسا على منصة ندوة الإعلام والشباب، وفى الصف الأول من الحضور يجلس الرئيس نفسه وبجانبه كبار المسؤولين، ويستمع إلى صوت عيسى الهادر المطالب بإعادة الاعتبار للسياسة والإفراج عن المعارضين خصوصا الذين ينتقدون المؤسسة الدينية الرسمية مثل إسلام بحيرى، وإشاعة الحريات الصحفية، فقد مثل ذلك تحولا نوعيا مهما.

كان رئيس الجمهورية وبجواره وزير الدفاع وعدد من الوزارء وكبار المسؤولين يستمعون ويشاهدون وقائع الندوة والسجالات والنقاشات بين فريق قليل يمثله إبراهيم عيسى يطالب بأكبر قدر من الحريات وزملاء آخرين يلمحون ويطالبون بفرض المزيد من القيود على الحريات الإعلامية.

هذا المشهد يعنى أن الحكومة والرئاسة صارت أكثر انفتاحا على المجتمع عما قبل.

نفس المشهد تكرر مرة أخرى، حينما كانت هناك ندوة بطلها الدكتور أسامة الغزالى حرب الكاتب السياسى البارز فى مواجهة وزير الإسكان الدكتور مصطفى مدبولى والجدل حول مدى حاجة مصر للمشروع الضخم الخاص بالعاصمة الإدارية الجديدة. الغزالى حرب كتب عدة مرات منتقدا هذا المشروع لأنه لا يمثل أولوية اقتصادية من وجهة نظره. رد الحكومة كان ذكيا هذه المرة، ودعت الغزالي حرب فى ندوة يواجه فيه الوزير المسؤول عن هذا الملف بكل التفاصيل، وفى حضور رئيس الجمهورية.

المشهد جديد على الساحة السياسية المصرية منذ ثلاث سنوات. الجدل والنقاش والحوار كان مفيدا. الحكومة أصرت على موقفها وكذلك أسامة حرب، لكن المستفيد هم كل من تابعوا هذا النقاش سواء داخل القاعة أو أمام شاشات التليفزيون الرسمي وبعض الفضائيات الخاصة التى نقلت مباشرة وقائع غالبية الندوات، ما أتاح لهم المزيد من المعلومات والرؤى والأفكار بشأن الموضوعات والقضايا الجدلية المطروحة علي المجتمع.

فى قاعة المؤتمرات الضخمة ــ التى بناها حسين سالم رجل الأعمال المصرى الشهير وصديق الرئيس الأسبق حسنى مبارك قبل سنوات ــ رأيت العشرات من المختلفين كثيرا مع الحكومة المصرية، ليس فقط من المعروفين مثل إبراهيم عيسى وأسامة الغزالى حرب، لكن من مدونين وناشطين وإعلاميين . وجود هؤلاء أعطى زخما وحيوية للمؤتمر، لكن الأهم أنه فتح كوة صغيرة فى جسد الحياة السياسية المصرية التى يرى البعض أنها مصابة بالشلل ويرى آخرون أنها ماتت منذ زمن، ويرى فريق ثالث أنها مريضة مرضا عاديا، وسوف تنهض من كبوتها.

الحكومة خرجت من المؤتمر وهى تشعر أنها سجلت أهدافا كثيرة، وعدد كبير من القوى السياسية يعتقد أن المؤتمر خطوة مهمة جدا، فى طريق الألف ميل.

الأكثر أهمية هو التوصيات التى صدرت فى اليوم الثالث والأخير من المؤتمر، الذى عقد فى منتجع شرم الشيخ الذي يعاني كثيرا بسبب توقف السياحة، وتأمل المدينة أن تستعيد عافيتها السياحية قريبا.

من بين ثمانى توصيات فإن اثنتين مثلتا اهتماما إعلاميا وسياسيا بارزا، وهما دراسة الإفراج عن بعض المحبوسين من الشباب، والتوصية الثانية تتعلق بتعديل قانون التظاهر نحو مزيد من تقليل القيود الواردة فيه.

ما يشجع على التفاؤل أن توصية الإفراج عن المعتقلين الشباب مرهونة بمدى زمنى هو أسبوعين منذ نهاية المؤتمر، وكذلك ان الذي تولي مهمة قيادة اللجنة هو الكاتب والباحث الكبير أسامة الغزالي حرب، الذي يدعو دائما إلى اطلاق سراح المسجونين خصوصا الشباب، وبالتالى فهناك مراهنات سياسية كبيرة على أن انجاز وتنفيذ هذه التوصية، قد يمثل أحد المخارج الأساسية من الأزمة السياسية الصعبة التى تشهدها البلاد.

خلال جلسات المؤتمر وفى ممراته وكواليسه استمعت وحاورت الكثيرين، وما سمعته أن الحكومة جادة هذه المرة فى الانفتاح على بقية القوى السياسية، خصوصا من كانوا فى تحالف 30 يونيو 2013 الذى أطاح بالإخوان من الحكم ومن المشهد السياسى برمته.

هناك تغير طفيف يمكن الاحساس به، والأمر يتعلق أولا وأخيرا بأن تكون الحكومة جادة فى الانفتاح على بقية قوى المجتمع، والأهم أن يتم ترجمة هذه التصريحات والأمنيات والوعود إلى واقع ملموس على الأرض، لأن عدم فعل ذلك، سوف يعنى عمليا فقدان ما تبقى من ثقة قليلة لغالبية الناس فى الحكومة المصرية.

 

الكاتب: عماد الدين حسين 

تخطي إلى الجزء التالي اكتشاف المزيد
تخطي إلى الجزء التالي موضوع DW الرئيسي

موضوع DW الرئيسي

تخطي إلى الجزء التالي المزيد من الموضوعات من DW

المزيد من الموضوعات من DW