1. تخطي إلى المحتوى
  2. تخطي إلى القائمة الرئيسية
  3. تخطي إلى المزيد من صفحات DW

عماد الدين حسين: مسؤولية مبارك عن الأزمة الاقتصادية

١٧ نوفمبر ٢٠١٦

في مقاله لـ DW عربية يناقش الكاتب الصحفي عماد الدين حسين فرضية مسؤولية نظام الرئيس المصري الأسبق حسني مبارك عن الأزمة الإقتصادية التي تعاني منها البلاد حاليا، ويتساءل عن مدى مسؤولية نظام الرئيس الحالي عبد الفتاح السيسي.

Kolumnisten Emad El-Din Hussein

أحد القراء بعث لي برسالة صوتية على الواتس آب ينتقدنى فيها لأننى أحمل نظام حسنى مبارك معظم المسؤولية عن الأزمة الاقتصادية التى نعيشها الآن في مصر، ويتهمنى بأننى لا أجرؤ على تحميل النظام الحالى أي دور فى هذه الأزمة.

يقول القارئ العزيز فى رسالته أيضاً أننى أغفل مليارات الدولارات التى تدفقت على حكومات ما بعد ثورة 30 يونيو/حزيران، ولا أحد يعرف أين ذهبت؟!.

قبل هذه الرسالة الأخيرة تلقيت رسالة عبر فيسبوك من وزير التخطيط الأسبق عثمان محمد عثمان يلومني أيضاً وبأدب شديد لأننى أحمل نظام مبارك مسؤولية الأزمة الاقتصادية، فى حين أن عهده شهد العديد من الإنجازات الاقتصادية حسب رأي الدكتور عثمان.

نفس المعنى اسمعه من كثير من الناس يمكن أن ندرجهم تحت شعار أو حزب: "فين أيامك يا أبو علاء"!!، وهم يقصدون بالطبع الحنين والترحم علي عهد وأيام مبارك.

احترم رأي هؤلاء جميعاً إيماناً مني بحق الجميع فى أن يعبر عن رأيه كما يشاء. ورأيي باختصار أن عهد مبارك شهد بعض الإصلاحات الاقتصادية فعلاً، وكذلك بعض المشروعات القومية الكبرى وارتفعت نسبة النمو فى فترات كثيرة إلى مستوى الـ8 ٪، وكان هناك مسؤولون غاية فى الكفاءة والوطنية، واجتهدوا كثيراً فى إطار الحيز المسموح به.

أولا: هذا منطقى لنظام استمر30 عاماً، وتقييمى لعهد مبارك اقتصادياً ليس سوداوياً، لكن النظام الذي ينهار فى غمضة عين يوم 28 يناير معناه أنه فقد ثقة الغالبية.

 ثانياً: "نظرية تساقط آثار النمو" التي تبناها هذا النظام ثبت فشلها، وهي تعني ان المكاسب والارباح الكثيرة التي يحققها الاغنياء، سوف تتساقط ثمارها على الفقراء المحتاجين ومحدودي الدخل ان آجلا أو عاجلا.

سقوط هذة النظرية يعني انه لا يهم كم هي نسبة النمو، بل لمن تصل؟!. لغالبية الناس أم لقلة قليلة؟!.

 ثالثاً وهذا هو الأهم أن نظام مبارك  فشل فشلاً ذريعاً فى قضية إصلاح التشوه فى قضية الدعم خصوصاً فى الطاقة. هو أراد أن يشتري صمت الناس حتى يستمر، وهذا هو السبب الجوهري فى الأزمة الوجودية التى نعيشها الآن. لو ان النظام  رفع الدعم ولو بمقدار ربع جنيه سنوياً، فربما ما وصلنا إلى هذا المأزق.

أما الفشل الأكبر لنظام مبارك فهو فى ملف التعليم والصحة، وهو ما ندفع ثمنه الآن وسوف نستمر في دفعه لسنوات للاسف الشديد، ومن لديه أي معلومات مختلفة عن هذا الأمر فليخبرنا بها!!.

عندما يستمر نظام في الحكم  من دون أي منغصات حقيقية لمدة 30 عاماً، ومن دون أن يخوض حرباً خارجية، ومن دون تهديدات جدية، وسياحة متدفقة، ورضا أمريكى وعربى وخليجى، وينتهي به الحال على الدرجة التي رأيناها، فالمؤكد أنه كان نظاماً كارثياً!!!.

مرة أخرى هناك الكثير من المسؤولين أيام مبارك كانوا على أعلى مستوى من الحرفية والمهنية والكفاءة، ومنهم كمال الجنزورى ومحمود محيي الدين واحمد درويش ورشيد محمد رشيد ويوسف بطرس غالى وآخرون، لكن نحن لا نتحدث عن الأشخاص وكفاءاتهم، بل عن السياسات الاقتصادية والانحيازات الاجتماعية، التي أوصلت البلاد إلى يوم 25 يناير 2011. كل ذلك ونحن لم نتحدث عن ملف الحريات وحقوق الإنسان والديمقراطية والتعددية.

أحد أخطر مساوئ عهد مبارك أنه  أقام عمليا زواج مصلحة مع جماعة الإخوان. نظرياً كان يدعي أنه في حالة صراع وخصام معهم، لكنه أمم الحياة السياسية، وحاصر الأحزاب المدنية، وبدلاً من مساعدتها كي تكون ظهيراً للدولة المدنية، فقد ترك هذه الجماعة وغيرها من الجماعات الدينية تقوى وتتعملق وتسيطر على النقابات والهيئات والجمعيات والمؤسسات الخيرية.

جماعة الاخوان وعبر - دبلوماسية الزيت والسكر والمستشفيات والمراكز الطبية - كونت ظهيراً فعلياً كان سبباً فى حصول هذا التيار على ثلثي مقاعد البرلمان فى انتخابات خريف 2011، وبالتوازي مع حصار الحكومة وأجهزتها الأمنية للاحزاب المدنية.

ومازلنا حتى هذه اللحظة ندفع ثمن هذا الخطأ الاستراتيجي الذى تتحمل جزء منه أيضاً الأحزاب المدنية التى تقاعست واستسلمت للحصار أو اعتقدت واهمة ان الحياة الحزبية يمكن اختزالها في التواجد بالمقر والصحيفة الحزبية أو القناة التليفزيونية، من دون النزول للناس في القرى والمدن.

القراءة الموضوعية الهادئة لعصر مبارك تقول أن له بعض الإيجابيات، لكن أيضاً الكثير من السلبيات، وبسببها فقد تبخر هذا الحكم فى دقائق معدودة يوم الجمعة 28 يناير 2011.

ويظل السؤال: هل الأزمة الاقتصادية الحالية سببها نظام مبارك فقط.. بالطبع الإجابة هي لا، وحكومات ما بعد 25 يناير تتحمل بعض المسؤولية، ومنها حكومات الرئيس عبد الفتاح السيسي، وتلك قضية أخرى.

 

الكاتب: عماد الدين حسين 

تخطي إلى الجزء التالي اكتشاف المزيد
تخطي إلى الجزء التالي موضوع DW الرئيسي

موضوع DW الرئيسي

تخطي إلى الجزء التالي المزيد من الموضوعات من DW