جائزة الرئيس غاوك لـ"عمدة اللاجئين" في أرنسبرغ الألمانية
١٧ مارس ٢٠١٧
"الجيران الجدد" واحدة من المبادرات التي أطلقها بعض اللاجئين في ألمانيا. ولهذه المبادرة أهداف خاصة. وبفضل نشاطاتها المتنوعة ودورها في تعريف الألمان باللاجئين، تلقت جائزة تقديرية من قبل رئيس الجمهورية الألمانية يواخيم غاوك
إعلان
"المجتمع الألماني لديه خوف كبير من اللاجئين وهو أمر مفهوم" هكذا أجاب منير الشيخ على سؤالنا له حول مبادرته "الجيران الجدد"، فمنير هرب من الحرب الدائرة في سوريا وقدم إلى ألمانيا منذ أقل من سنيتن بحثا عن الأمان. لم تمض أيام على وصول منير إلى مدينة أرنسبرغ، فاهتزت أوروبا ومعها ألمانيا بخبر هجمات باريس (14نوفمبر/تشرين الثاني)، ومن هنا كانت الانطلاقة.
هذه الأحداث البشعة دفعت الشاب السوري لإطلاق دعوة على الفيسبوك للقيام بمسيرة تستنكر هذه الأحداث. وجذبت هذه الدعوة مئات الشباب السوريين والألمان. ولاقت المسيرة إعجابا شديدا لدى عمدة بلدية مدينة أرنسبرغ، ليلقب الشاب السوري بـ"عمدة اللاجئين"حسبما أكد منير الذي يضيف في مقابلة مع مهاجر نيوز:"بعد المسيرة دعيت لزيارة عمدة بلدية أرنسبرغ وأثناء الزيارة تحدثت معه عن رغبتي بالتطوع لمساعدة الألمان في خدمة اللاجئين كشكر على استضافتهم لنا على عكس الكثير من الدول العربية الأخرى".
أهداف "الجيران الجدد"
وبعد مناقشات عدة تبلورت مبادرة "الجيران الجدد" وعن الهدف الأساسي لهذه المبادرة يقول منير: "أردنا أن تكون المبادرة صلة وصل بين المجتمع الألماني واللاجئين". بدأ منير العمل في هذه المبادرة بفريق مؤلف من سبعة أشخاص، والآن يبلغ عدد القائمين عليها 45 شخصا.
يسعى القائمون على هذه المبادرة للقيام بنشاطات تجمع الألمان واللاجئين، من بينها رحلات مشتركة ونشاطات رياضية ولقاءات شهرية يتم فيها تناول مواضيع مختلفة تساعد الطرفان على فهم بعضهم البعض، وعن ذلك يقول منير "بدأنا بمواضيع تعرف الألمان على مجتمعات اللاجئين وقمنا أيضا بتعريف اللاجئين على ألمانيا والحياة فيها والقانون الألماني وقواعد السير وحقوق المرأة وفرص العمل والتعلم هنا وغير ذلك".
ولعل أكثر ما أثار استغراب منير خلال عمله مع الألمان هو: "الأفكار الخاطئة لدى الألمان عن المجتمعات العربية"، الأمر الذي تسبب في حوارات شائكة بين الألمان واللاجئين وعن هذه الحوارات يقول منير"لم أصدق الصورة الموجودة لدى الألمان عن المرأة في مجتمعاتنا، فكثيرا ما سمعت منهم أن المرأة لاقيمة لها في مجتمعنا فهي ممنوعة من التعلم والعمل وهذا ما أزعجني كثيرا".
دعوة من رئيس الجمهورية الألماني
لم يقتصر نشاط مبادرة "الجيران الجدد" على تغير الصورة النمطية عن المجتمع العربي، بل تطوع منير وفريقه في مساعدة الألمان على خدمة اللاجئين:"بدأنا بجمع الأثاث المستعمل لدى الألمان وتوزيعه على اللاجئين وحاولنا تقديم مساعدات كثيرة في الترجمة وخاصة لدى مراجعات الطبيب وتعبئة الأوراق وفتح حسابات للاجئين وغيرها".
هذه الأعمال التطوعية التي قام بها فريق "الجيران الجدد"، لم تلق استحسانا لدى الألمان فحسب، بل حتى إن صيتها ذاع ليصل إلى قصر "Bellevue" في برلين. إذ تمت دعوة منير من قبل رئيس جمهورية ألمانيا الاتحادية يواخيم غاوك لتكريمه على أعماله التطوعية. وعن هذه الجائزة يقول منير "هذه الجائزة هي فخر للسوريين وتؤكد على أن السوريين شعب طموح وقادر على تحقيق الكثير لو أتيحت له الفرصة لذلك". ليس هذا فحسب بل شاركت مبادرة "الجيران الجدد" في مسابقة عدة وحصلت على جوائز تقديرية من بينها جائزة "Deutschland Land der Ideen" لعام 2016.
ساعدت مبادرة الجيران الجدد منير في التعرف على المجتمع الألماني ولعل أكثر ما يقدره الشاب السوري في الألمان هو إخلاصهم في العمل ووفائهم بوعودهم وحبهم لبلدهم والتزامهم بمواعيدهم ولكن مايفتقده في ألمانيا هو غياب الحياة الاجتماعية الجميلة التي عرفها في بلده الأم سوريا.
لا يرغب الرئيس الألماني يواخيم غاوك في الترشح لولاية ثانية. وستستمر ولايته الحالية لتسعة أشهر. ويشكل هذا المنصب لخمس سنوات أعلى منصب في الدولة. وستعقد "الجمعية الاتحادية" جلستها في فبراير المقبل لانتخاب رئيس جديد.
صورة من: Getty Images/AFP/J. Macdougall
تولى يواخيم غاوك إدارة وثائق جهاز المخابرات لألمانيا الشرقية سابقا (ستازي) وحتى الآن يطلق على تلك الإدارة إسم " إدارة غاوك". قبل ذلك تم انتخابه عام 1990 كناشط في الدفاع عن حقوق الإنسان في مجلس الشعب الأخير لجمهورية ألمانيا الشرقية سابقا.
صورة من: picture-alliance/dpa
بعد الاستقالة المفاجئة للرئيس الألماني هورست كولر عام 2010 من منصبه، اقترح الحزب الاشتراكي الديمقراطي وحزب الخضر يواخيم غاوك كمرشح لمنصب الرئاسة. وصنفته وسائل الإعلام آنذاك كمرشح الشعب. لكن الجمعية الاتحادية صوتت في الدورة الثالثة لصالح كريستيان فولف مرشح الحزبين المسيحي والليبرالي لمنصب الرئاسة الإتحادية.
صورة من: picture-alliance/dpa
بعد مرور نحو ثلاث سنوات استقال الرئيس كرستيان فولف، واقترحت أحزاب المعارضة مجددا غاوك لشغل منصب الرئاسة، وهذه المرة بدعم من الحكومة. وكشف استطلاع قبل تصويت الجمعية الاتحادية أن نسبة 69 في المائة تساند ترشيح غاوك. وكانت النتيجة في 18 مارس 2012 أكثر وضوحا، حيث حصل غاوك على 991 صوت من مجموع 1228.
صورة من: picture-alliance/dpa
بموجب القانون الأساسي يتمتع الرئيس الاتحادي باستقلالية عن السلطات الحكومية. غاوك هو أول رئيس في هذا المنصب الذي لم ترافقه عقيلته في المناسبات الرسمية، بل رفيقة حياته دانييلا شات، والتي ارتبط بها منذ عام 2000. قبل 25 عاما انفصل غاوك عن زوجته غيلهيلد غاوك التي أنجبت له أربعة أطفال.
صورة من: Picture-alliance/dpa/W. Kumm
الموضوع المحوري المفضل لدى غاوك هو الحرية. ويعتبر منتقدوه بأنه يتحدث عن ذلك في صياغة ساذجة مناهضة للشيوعية، في حين يرى آخرون أن تمجيده للحرية يعبر عن مناصرة للرشد: فالحرية لا تعني بالضرورة السعادة أو الفرحة، بل هي مسؤولية واقعية لاتنطلق من أشكال سلطة الدولة فقط.
صورة من: picture-alliance/dpa/K. Nietfeld
كممثل لجمهورية ألمانيا الاتحادية قام يواخيم غاوك بزيارة العديد من البلدان كما قابل رؤساء الدول والحكومات وغيرهم. ولم يلتزم غاوك دوما بالتحفظ الدبلوماسي: ففي تركيا انتقد حكومة رئيس الوزراء اردوغان مطلع 2014 واعتبر أنه ينهج توجها رقابيا وتأثيرا قضائيا وأسلوبا متسلطا.
صورة من: Reuters
في مارس 2016 تحدث غاوك أمام طلبة جامعة شنغاي عن تأثيرات انعدام الثقة بين الدولة والمواطنين، مشيرا إلى ضرورة حصول أية حكومة على الشرعية من خلال الانتخابات الحرة. ولم يأخذ ذلك من حفيظة الحكومة الصينية، لأن غاوك تحدث عن تجربة ألمانيا الشرقية سابقا، حيث إنه ينحدر منها.
صورة من: picture-alliance/dpa/W. Kumm
بعد مرور شهرين على زيارته لتركيا 2014 حيث تفقد أيضا مخيما للاجئين على الحدود مع سوريا، لفت غاوك الانتباه إلى العدد المتزايد من اللاجئين الفارين عبر البحر ودعا إلى ضرورة التحرك والتضامن مع الشركاء الأوروبيين لتحقيق ما يمكن تحقيقه سياسيا على أرض الواقع. بعد 14 شهرا أكدت المستشارة أنغيلا ميركل مقولتها في هذا الشأن: "سننجح في ذلك".
صورة من: picture alliance/AA
بإعلانه أنه لن يترشح لولاية رئاسية ثانية عام2017 أطلق الرئيس يواخيم غاوك جدلا حول هوية الرئيس المقبل. غاوك برر قراره بأن سنه المتقدم لم يعد يسمح له بتقديم "الطاقة والحيوية" المطلوبتين في مثل هذا المنصب. لمنصب الرئيس في ألمانيا الاتحادية صبغة فخرية ومعنوية، غير أن غاوك لم يتردد في إعلان مواقفه في السياسات الداخلية، مثل دعم استقبال اللاجئين أو التأكيد على المسؤوليات التاريخية للبلاد.