عمران خان لـ DW: "التصعيد العسكري مع إيران سيكون كارثة"
١٦ يناير ٢٠٢٠
أكد رئيس وزراء باكستان عمران خان في لقاء حصري مع رئيسة تحرير DW إينس بول أنّ بلاده تعيش في جوار صعب يتطلب منها موازنة علاقاتها مع جيرانها، محذراً في الوقت نفسه من أنّ أي مواجهة عسكرية مع إيران ستكون مدمرة للمنطقة.
إعلان
أجرت إينس بول رئيسة تحرير DW لقاء حصرياً مع رئيس وزراء باكستان عمران خان في اسلام آباد عاصمة بلاده تناول قضايا دولية متعددة. وقد سألته أنيس بول عن حساسية الجوار الذي تعيشه باكستان فأجاب أنّ جوار بلاده صعب للغاية ما يجبرها على تحقيق توازن في مواقفها السياسة، وأورد بهذا الخصوص ذكر المملكة العربية السعودية باعتبارها كانت وستبقى إحدى أعظم أصدقاء بلاده، ومضى ليقارن هذه العلاقة بعلاقة بلاده بإيران التي طالما احتفظت باكستان بعلاقات جيدة معها، ثم اعتبر أن أيّ صراع عسكري بين العربية السعودية وبين إيران سيكون مدمراً لباكستان. وأكد خان مساعي بلاده للحفاظ على علاقتها بالبلدين، ومنع تدهورها، مشيرا إلى أنّ المنطقة لن يكون بوسعها تحمل صراعاً آخر.
ولدى سؤاله عن جهود حكومته لخفض مستوى التوتر مع الجارة الهند، ذكر عمران خان، أنه كان أول من لفت الأنظار الى مخاطر عقائدية مدمرة تنتشر في الهند، وتهدد بتحويل دولة مسلحة بالقدرة النووية إلى دولة متطرفة.
وأكد رئيس حكومة باكستان على خطورة الوضع في كشمير، مشيرا إلى أنّ الهند قامت بضم كشمير اليها بقرار أحادي، رغم أنها مناطقة متنازع عليها بين باكستان والهند وقد صدرت في تعريفها وتحديد مشكلتها عدة قرارات عن الأمم المتحدة.
ولفتت إينس بول نظر رئيس الوزراء الباكستاني السيد عمران خان إلى أنّ أصوات كثيرة ما فتئت تعلن أن وضع حقوق الانسان ليس جيدا في الجزء الباكستاني من منطقة كشمير، وعن هذه الآراء علق السيد خان بالقول إنّ من السهل الوصول إلى الحقيقة بهذا الخصوص، فبالإمكان دعوة أي شخص من أي مكتان في العالم لزيارة باكستان وزيارة الجزء الباكستاني من كشمير، ثم دعوته لزيارة الجزء الهندي من كشمير، ويُترك له القرار.
ومضى إلى القول إن "كشمير الحرة" تجري فيها انتخابات عادلة، تُنتخب من خلالها حكومة محلية، وهذا لا ينفي أن لديهم مشكلاتهم. وسألت رئيسة تحرير DW رئيس حكومة باكستان السيد عمران خان عما إذا كان المجتمع الدولي لا يوجه اهتماماً كافياً إلى الصراع في كشمير فأبدى أسفه لهذه الحقيقة داعياً الى مقارنة هذا الاهتمام بالاهتمام الموجه إلى الاحتجاجات الجارية في هونغ كونغ على سبيل المثال، ناسباً ذلك إلى تغليب المصالح التجارية التي تهتم بها الدول الغربية باعتبار الهند سوقاً كبيراً لمنتجاتها، كما لفت النظر إلى الجانب الاستراتيجي في العلاقة، حيث ينظر الغرب إلى الهند باعتبارها معادل توازن مع الصين، وهذا يفسر تباين المقاربات تجاه القضيتين.
وأبدى رئيس الحكومة الباكستانية رأيه بمفاوضات السلام في أفغانستان، مشيرا إلى نجاح المحادثات الأمريكية مع طالبان، وإلى قيام حكومة جديدة برئاسة أشرف غني الذي أعيد انتخابه. وأكد خان أن السلام في هذا البلد سيفتح آفاق التجارة في منطقة آسيا الوسطى التي ستتيح لبلاده ممرا تجاريا عبر أفغانستان، كما أنّ سكان منطقة خيبر الباكستانية سينتفعون من هذا السلام.
وفي معرض مقارنة موقف باكستان مما يجري للمسلمين في الهند وفي كشمير على وجه الخصوص بما تفعله الحكومة الصينية بمسلمي الإيغور، اعتبر عمران خان أنّ موقف بلاده من القضيتين متباين لسببين، أولهما أنّ مستوى ومدى ما يحدث في الهند أكثر اتساعا مما يجري للإيغور في الصين، والسبب الثاني أن الصين كانت دائماً صديقا كبيرا لبلاده، وهكذا فإنّ حكومته تتحدث إلى الصين بشأن قضية الإيغور في غرف مغلقة وليس علناً عبر وسائل الاعلام.
أجرت الحوار إينس بول رئيسة تحرير DW
إرث غاندي وجناح ـ سبعة عقود من الصراع بين الهند وباكستان
في الخامس عشر من آب/ أغسطس عام 1947 انقسمت "الهند البريطانية" إلى دولتين :الهند ذات الأغلبية الهندوسية وباكستان ذات الأغلبية المسلمة. ويستمر العداء بين الدولتين لحد اليوم على الرغم من بعض الجهود لتحسين العلاقات الثنائية.
صورة من: AP
ولادة دولتين
في عام 1947، تم تقسيم "الهند البريطانية" إلى دولتين- الهند وباكستان. وكان مؤسس باكستان محمد علي جناح وحزب الرابطة الإسلامية في الهند قد طالبا باستقلال ذاتي للمناطق ذات الأغلبية المسلمة في الهند غير المقسمة، وفي وقت لاحق بدولة منفصلة للمسلمين. اعتقد جناح أن الهندوس والمسلمين لا يمكنهما الاستمرار في العيش معاً، لأنهما كانا يمثلان "أمتان" مختلفتان تماماً.
صورة من: picture alliance/dpa/United Archives/WHA
شلال الدم
وكان للتقسيم تبعات وخيمة، إذ بدأت عقب ولادة الهند وباكستان، أعمال شغب جماعية عنيفة في العديد من المناطق الغربية، معظمها في منطقة البنجاب، الواقعة بين الهند وباكستان. ويقول المؤرخون إن أكثر من مليون شخص لقوا حتفهم في الاشتباكات، كما هاجر الملايين من الأراضي الهندية إلى باكستان ومن الجانب الباكستاني إلى الهند.
صورة من: picture alliance/dpa/AP Images
حرب 1948
وقد اشتبكت الهند وباكستان حول كشمير بعد استقلالهما. وكان زعيم هندوسي يحكم منطقة كشمير ذات الأغلبية المسلمة، لكن جناح، مؤسس باكستان، أرادها أن تكون جزءاً من الأراضي الباكستانية. قاتلت القوات الهندية والباكستانية في كشمير في عام 1948، مع سيطرة الهند على معظم أجزاء الوادي، في حين احتلت باكستان منطقة أصغر. وتواصل الهند وباكستان الاشتباك حول كشمير.
صورة من: picture alliance/dpa/AP Photo/M. Desfor
العلاقة بين الولايات المتحد وكندا نموجاً
ويقول بعض المؤرخين أن جناح والمهاتما غاندي أرادا إقامة علاقات ودية بين الدول المستقلة حديثاً. فعلى سبيل المثال، اعتقد جناح أن العلاقات بين الهند وباكستان يجب أن تكون مشابهة لتلك التي تربط بين الولايات المتحدة وكندا. ولكن بعد وفاته في عام 1948، تصادم خلفائه مع نيودلهي.
صورة من: AP
روايات مختلفة
إلا أن الحكومتان الهندية والباكستانية تقدمان روايات مختلفة جداً عن التقسيم. فبينما تؤكد الهند على حركة المؤتمر الوطني الهندي ضد الحكام البريطانيين - مع غاندي كمهندس رئيسي لها - تركز الكتب المدرسية الباكستانية على "صراع" ضد كل من القمع البريطاني والهندوسي. والدعاية الحكومية في كلا البلدين ترسم بعضها البعض كـ "عدو" لا يمكن الوثوق به.
صورة من: picture alliance/dpa/AP Photo/M. Desfor
توتر العلاقات
وبقيت العلاقات الدبلوماسية بين الهند وباكستان متوترة طيلة العقود السبعة الماضية. وقد ساهمت قضية الارهاب الإسلاموي في توتر العلاقات بين البلدين في السنوات القليلة الماضية واتهمت نيودلهي اسلام اباد بدعم الجهاديين الاسلاميين بشن حرب في كشمير، التي تسيطر عليها الهند، كما تتهم الهند الجماعات التي تتخذ من باكستان مقراً لها بشن هجمات ارهابية على الأراضي الهندية. من جهتها تنفي اسلام اباد هذه الاتهامات.
صورة من: Picture alliance/AP Photo/D. Yasin
المضي قدماً نحو تحسين العلاقات
ويحث كثير من الشباب في كل من الهند وباكستان حكومات بلديهم على تحسين العلاقات الثنائية. ويرى المخرج الوثائقي وجاهات مالك، الذي يتخذ من إسلام آباد مقراً له، أن أفضل طريقة لتطوير العلاقات بين البلدين هي من خلال المزيد من التفاعل بين شعوبهما. وقال مالك لـDW: "التجارة والسياحة هما الطريق نحو تحسن العلاقات بالنسبة لنا. فعندما يجتمع المواطنون معا، ستحذو الدول حذوهم". الكاتب: جانينا سيمينوفا/ إيمان ملوك