1. تخطي إلى المحتوى
  2. تخطي إلى القائمة الرئيسية
  3. تخطي إلى المزيد من صفحات DW

عملية سفن الفجيرة.. نُذر حرب رابعة في الخليج؟

١٣ مايو ٢٠١٩

أربع سفن تجارية مختلفة المنشأ، اثنتان منها سعودية، تعرضت لهجوم بمياه الخليج أمام إمارة الفجيرة الإماراتية، الحادث غامض بشكله وطريقة تنفيذه ونتائجه، لكنه يحمل بين طياته رسائل خطيرة. هل يترقب الخليج حربا رابعة؟

Meerenge von Hormus | Tanker
ناقلة نفط تمر عبر مضيق هرمزصورة من: picture-alliance/dpa/epa/Mitsui O.S.K Lines

حرب الخليج الأولى كانت بين العراق وإيران (1980-1988) والثانية جاءت لتحرير الكويت من الاحتلال العراقي عام 1991، والثالثة جرت لإسقاط نظام صدام حسين في العراق عام 2003، والرابعة؟ ربما على الأبواب؟ فبعد حاث الاعتداء على سفن تجارية مختلفة المنشأ، منها اثنتان سعودية الجنسية في مياه الفجيرة وتصاعد التوتر مؤخرا في الخليج حبس كثيرون أنفاسهم خشية وقوع حرب رابعة في الخليج.

الواقعة "الخطيرة" أعلنت عنها الإمارات العربية المتحدة أمس الأحد وأشارت إلى أنّ أربع سفن شحن تجارية من عدة جنسيات تعرّضت لـ"عمليات تخريبية" في مياهها قبالة إيران، في شرق إمارة الفجيرة بدون تحديد المنفذين واصفة الحادث بانه "خطير" وبأن تحقيقا يجري في الواقعة. وأعاد وزير الدولة للشؤون الخارجية في الإمارات أنور قرقاش الاثنين التأكيد على إجراء التحقيق. وكتب في تغريدة على تويتر "التحقيق يتم بحرفية وستتضح الحقائق ولنا قراءاتنا واستنتاجاتنا".

"أبعاد الحادث الخطيرة"

لنحاول أولا قراءة حادث غامض بخلفيات غير معروفة وقع في منطقة يرى خبراء بأنها برميل بارود تحاول أطراف عديدة إشعال النار فيه، عبر صب الزيت على نار التوتر القائم أساسا بين دول خليجية بين إيران وبين الولايات المتحدة وحلفائها في المنطقة وخارجها. "المنطقة تعيش توترا سياسيا وعسكريا ينذر بنشوب مواجهة عسكرية حتى بدون حادث من هذا النوع"، حسب رأي الخبير العسكري والاستراتيجي اللبناني شارل أبي نادر.

ويضيف الخبير العسكري أنه لا شك أن الغموض الذي يكتنف هذا الحادث يستطيع أن يدفعنا لنضعه في احتمالات متضاربة. ويتابع  أبي نادر "ولكن طبيعة المنطقة أو طبيعة الميدان الذي حصل فيه الحادث والتوقيت في ظل اشتباك سياسي دولي إيراني ـ أمريكي أو إيراني ـ إقليمي ـ خليجي، وتخطى الاشتباك هذا حدود أن يكون صراعا على العقوبات الأمريكية المفروضة على إيران وبدأ يقترب من المستوى العسكري، بعد أن لمسنا بعض التلميحات الإيرانية والأمريكية بخصوص تصعيد عسكري أو التهديد به".

وهو ما أسفر عن دفع الولايات المتحدة بقدرات عسكرية ضخمة إلى المنطقة، فيما قابلت ذلك تهديدات الحرس الثوري الإيراني. هذا الجو المتشنج عسكريا ودبلوماسيا أضفى على هذا الحادث أبعادا خطيرة وحساسة.

يرى علي واعظ مسؤول الشؤون الإيرانية في مجموعة الأزمات الدولية ومقرها في واشنطن متحدثا لوكالة فرانس برس، أن "احتمال حصول مواجهة ولو بدون عمل استفزازي مرتفع" في ضوء تصعيد التوتر بين الولايات المتحدة وإيران. ورأت آغات دوماريه مديرة التوقعات في قسم البحوث والاستشراف من مجموعة "ذي إيكونوميست" في لندن "هناك مخاطر اشتعال فعلية".

تمارين عسكرية لقوات البحرية الإيرانية في منطقة الخليجصورة من: FARS

أصابع الاتهام الخليجية تتجه نحو إيران

يعتقد الخبير اللبناني أبي نادر أن أغلب الخليجيين يوجهون أصابع الاتهام إلى إيران، حتى دون أن يعلنوا عن ذلك صراحة، أي أن يكون الحادث بفعل ودفع إيراني. ولتبرير ذلك يسوق البعض، كما يقول الخبير، بعض المؤشرات التي تكون ذات صلة بالموضوع الخلافي في المنطقة، حيث تبعث إيران عبر هذا الحادث برسالة قوية تقول فيها، حسب رأي شارل أبي نادر، إن أمن الخليج كله معرض للخطر إذا تعرض أمن تصدير النفط الإيراني للتصفير الذي تسعى إليه واشنطن وبدعم خليجي عربي.

غير أن إيران ألمحت مرات متكررة أنها لن لترضخ لسياسة تصفير صادرات نفطها مقابل زيادة دول خليجية لطاقتها الإنتاجية، كي لا يؤثر ذلك على التوازن في الإنتاج العالمي للطاقة، حسب تحليل الخبير اللبناني. كما أن إيران أشارت إلى أن أمنها الاقتصادي قد يتعرض للخطر إذا ما زادت دول خليجية من إنتاجها على حسابها معتبرة ذلك اعتداء عليها.

لكن خبراء غربيين يلاحظون أن طرفي الأزمة ما يزالون ينتهجون سياسة"ضبط النفس"، وبرأي دوني بوشار مستشار شؤون الشرق الأوسط في المعهد الفرنسي للعلاقات الدولية أنه "من المفترض منطقيا ألا تنزلق الأمور الى ما هو أبعد، لأن هناك من الطرفين من يحاول تهدئة الوضع"، ولا سيما القيادات العسكرية الأميركية والإسرائيلية. ويقول بوشار في تصرحيان لفرانس برس، أن إيران لا تزال تلتزم ضبط النفس في الوقت الحاضر، أشار إلى وجود "متهورين في الطرفين، مع بولتون في الولايات المتحدة والحرس الثوري في الجانب الإيراني".

أطراف أخرى قد تكون لها مصلحة أيضا

لكن إيران ليست الطرف الوحيد الذي قد تكون مصلحة في الحادث، فهناك أطراف أخرى يمكن وضعها في خانة المعنيين بالأمر، لأنه لها مصلحة في أن تكون إيران متورطة في هذا الموضوع، فإلى جانب دول خليجية مثل السعودية والإمارات، لا يجوز أن ننكر دور إسرائيل، حسب رأي الخبير شارل أبي نادر.

ويعلل الخبير رأيه بالقول "إسرائيل كانت دائما ضد السياسات الأمريكية في السابق التي حاولت إيجاد تسوية للملف الإيراني وكانت دائما متشددة في اتجاه المواجهة بين الولايات المتحدة وإيران، ورأينا ذلك جليا عندما كانت إسرائيل رأس حربة في خروج الولايات المتحدة من الاتفاق النووي الغربي مع إيران. طبعا إسرائيل لها مصلحة أن يكون هناك أكثر من توتر، بل أن يكون هناك صدام عسكري مع طهران، حسب الخبير اللبناني. 

والتزمت حكومة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو الصمت بدرجة كبيرة إزاء التوترات المتصاعدة. لكن وزير الطاقة الإسرائيلي يوفال شتاينتز خرج عن هذا الصمت قائلا إن "الأوضاع تحتدم" في الخليج. وأضاف شتاينتز، وهو عضو في المجلس الأمني المصغر، متحدثا
لتلفزيون (واي نت) "إذا اشتعلت الأوضاع بشكل ما بين إيران والولايات المتحدة أو بين إيران وجيرانها فأنا لا أستبعد أن يؤدي ذلك إلى تفعيل دور حزب الله والجهاد الإسلامي من غزة أو حتى أن يحاولوا إطلاق صواريخ من إيران على دولة إسرائيل".
وبرأي آن صوفي ماري، محللة مخاطر الدول في شركة "ريسك أند كو"، في ما يخصّ السفن التي تضررت، "هناك أمور مجهولة كثيرة (...) لأن السعوديين والإماراتيين لم يعطوا أدلة" على الهجمات. وتقول ماري لوكالة فرانس برس"هناك العديد من الفرضيات: الأولى هي أن يكون السعوديون والإماراتيون هم من أعدّوا الهجمات، لجر الأميركيين للرد عسكرياً".  وتقوم فرضية أخرى على أن "الإيرانيين أنفسهم أو +وكلاء+ لإيران" قاموا بذلك "علماً أن الإيرانيين هددوا بشنّ هجمات على الملاحة البحرية في مضيق هرمز إذا تمّ منعهم من بيع نفطهم (حسب ما تنصّ عليه العقوبات الأميركية الجديدة)، وقد يكون ما حصل تحذيراً: +لطّفوا مواقفكم وإلا فسنتعرض لمصالحكم+". وأخيراً، تبدو الفرضية الثالثة "أقلّ مصداقية" وهي احتمال أن تكون مجموعة إرهابية قامت بأعمال التخريب، وهو ما يتطابق فيه استنتاج الخبيرابي نادر والمحللة صوفي ماري.

بينما يقول شرال أبي نادر أن "هناك أيضا دول خليجية لها مصلحة بأن تكون إيران متهمة أو متورطة في الحادث، وعلى رأسها طبعا الإمارات والسعودية، وهذا كان دوما هدفا سعوديا، على الأقل إذا لم تكن هناك مواجهة عسكرية مع إيران وتدميرها عسكريا، فيمكن تلقينها درسا على يد الأمريكيين"، حسب رأي الخبير اللبناني.

لكن الخبير العسكري أبي نادر يستبعد كليا عملا إرهابيا وراءه وذلك، حسب رأيه، بسبب أن الجهد لتنفيذ اعتداء مثل الذي حصل، يتجاوز حدود إمكانيات التنظيمات الإرهابية المعروفة على الساحة، كداعش أو القاعدة. كما أن الخبير اللبناني يضيف قائلا "إن الحادث لم يسفر عن ضحايا بشرية، وهذا يخالف منطق الإرهابيين الذين يحاولون قتل أكبر عدد ممكن من الناس في اعتداءاتهم"

مناورات عسكرية أمريكية في جيبوتي ـ تمارين على إنزال بريصورة من: Getty Images/AFP/S. Maina

لماذا الفجيرة؟

ويبقى للحادث خطورة استثنائية حتى دون تصعيد عسكري أو مواجهة عسكرية مفتوحة، فأقل اشتباك أو أقل احتكاك عسكري أو أي توتر أمني دون أن يكون قريبا من عمليات عسكرية سوف يضع ملف الاستقرار النفطي في خطر في العالم.

ورأى دوني بوشار مستشار شؤون الشرق الأوسط في المعهد الفرنسي للعلاقات الدولية 

وقد يحصل ذلك خصوصاً إذا استهدفت هجمات محتملة عصب الحرب في جميع دول المنطقة وهو النفط، على غرار ما أظهرته أعمال التخريب الغامضة التي تعرّضت لها السفن قبالة السواحل الإماراتية والتي ساهمت في تصعيد التوتر. وترى دو ماريه "إذا استُهدفت صادراتهم النفطية وباتت الأسواق مشككة في امكانية الوثوق بقدرات التصدير لدى هذه الدول(دول الخليج)، فهذا ما يمكن أن يكون الضربة الأوجع".
ولذلك فان موقع الهجوم يثير أكثر من تساؤل، فالحادث وقع في ميناء الفجيرة وفي مياهها الإقليمية، وفق المعلومات الإماراتية. والفجيرة تقع خارج مضيق هرمز فهل لذلك خاصة؟ أو هل هناك رسالة خاصة بهذا المعنى؟

يقول الخبير أبي نادر عن ذلك "أن هناك رسالة مهمة بخصوص اختيار مرفئ الفجيرة وهو خارج مضيف هرمز، مكانا للتفجيرات وكأن الذين أرادوا إرسال هذه الرسالة يريدون أن يقولوا: مضيف هرمز أصبح خارج الاستهداف، وهناك نقاط أخرى ذات أهمية أكبر أصبحت تحت الاستهداف، وبمعنى أن الرسالة تقول بأن حتى لو تم حماية مضيق هرمز أو تم منعنا من دخول مضيق هرمز، فهناك نقاط أخرى يعول عليها الإماراتيون والخليجيون كثيرا خارج المضيق، ويمكننا أن نستهدفها.

وأخيرا يتساءل البعض عن طبيعة المواجهة العسكرية المقبلة بين أطراف الصراع في الخليج وحلفاءها، بمعنى هل ستكون المواجهة العسكرية المقبلة بحرية بحتة؟ عن ذلك يقول الخبير العسكري أبي نادر: "لا اعتقد أن المواجهة المقبلة ستكون بحرية بحتة ولن تكون على الأرض، المواجهة ستكون صاروخية وجوية. ربما سيكون هناك استهداف لقواعد برية أمريكية على الأرض، وطبعا سيكون استهداف لأهداف برية داخل إيران، ولكن إذا حدث ذلك، فإن الداخل الإسرائيلي سوف لن يكون بعيدا عن هذه المواجهات، لأنها ستكون هي "نقطة الضعف الأكثر إمكانية لأن يتم التأثير عليها من قبل الإيرانيين أو من قبل الأحزاب القريبة من التوجه الإيراني" . نتكلم عن حماس في غزة، أو نتكلم عن حزب الله اللبناني. لذا يمكن أن نقول أن إسرائيل ستكون الهدف الأكثر تعرضا للإيذاء في المحور الأمريكي".

بينما يرجح علي واعظ مسؤول الشؤون الإيرانية في مجموعة  الأزمات الدولية سيناريو يقوم على "شنّ الولايات المتحدة هجوماً عسكرياً محدوداً ضد إيران، التي قد تردّ بصورة محدودة، فيما يأمل الطرفان في أن يحافظ الجميع على هدوئهم".  لكن الشرارة يمكن أن تأتي من جانب حلفائهما أو جهات فاعلة غير الدول. فيوضح الخبير واعظ في حوار لفرانس برس "على سبيل المثال، إذا أطلق الحوثيون في اليمن صاروخاً على ناقلة نفط سعودية في البحر الأحمر، يمكن أن يطال الرد إيران" حليفة الحوثيين، نظراً إلى الموقف الأميركي الذي يتوعد طهران بردّ "شديد على أي هجوم ضدّ مصالح الولايات المتحدة أو حلفائها".
 

حسن ع. حسين ( أ ف ب)

 

تخطي إلى الجزء التالي اكتشاف المزيد

اكتشاف المزيد

تخطي إلى الجزء التالي موضوع DW الرئيسي

موضوع DW الرئيسي

تخطي إلى الجزء التالي المزيد من الموضوعات من DW