صنفت سلطات الأمن -في نوفمبر2016- أنيس العامري، المشتبه بتنفيذه الاعتداء بالشاحنة -في ديسمبر 2016- على سوق عيد ميلاد في برلين، عنصراً خطِراً. وتضع مجموعة العناصر المهددة للسلم ألمانيا أمام تحديات أمنية جمة.
إعلان
في سبتمبر/ أيلول 2016 أعلن وزير الداخلية الألماني توماس دي ميزيير أن عدد العناصر الخطيرة المهددة للسلم في ألمانيا "ارتفع بشكل لم يسبق له مثيل"، وأشار إلى أن الأمر يرتبط بما يفوق 520 شخصا.
وتصنف سلطات الأمن الألمانية حاليا 549 شخصا كعناصر خطيرة مهددة للأمن. وهذا الوصف يُطلق على الأشخاص الذين "يُفترض طبقا لحقائق معينة أنهم قادرون على ارتكاب أعمال جنائية كبيرة لأسباب سياسية". ويضاف إليهم 369 شخصا آخرين تصفهم الولايات الاتحادية الألمانية بأنهم "عناصر بارزة"، يعني أنهم قادرون على دعم جنايات لدوافع سياسية.
خطر داهم من كل الزوايا
وينطلق خطر الإرهاب من وجهتين، كما أوضح وزير الداخلية: من أولئك الذين يتم تهريبهم من الخارج إلى أوروبا لتنفيذ أعمال إرهابية. ومن أولئك العناصر الذين يتحركون في ألمانيا بمفردهم، ويصعب التعرف عليهم، لأنه قلما تكون لهم اتصالات مع أشخاص آخرين. لكن المجموعتين تشكلان خطرا، وتهديدهما "اليوم واقعي للأسف"، كما جاء على لسان وزير الداخلية دي ميزيير.
كما أن جهاز الاستخبارات الألماني يصنف مجموعتين إضافيتين في تقريره لعام 2015 تجندان عناصر خطرة مثل العائدين من مناطق الحروب، وأولئك الذين مُنعوا من السفر إلى مناطق النزاعات في الشرق الأوسط. كما أن التقرير يعتبر أن المخاطر الإرهابية متصلة أيضا بحركة الهجرة إلى أوروبا، إذ "يمكن في زمن الهجرة إلى ألمانيا أن يختبئ عناصر ومناصرون لمنظمات إرهابية بين أفواج اللاجئين".
متاهات فكرية
ويفيد تقرير الاستخبارات الألمانية أن الخطورة تكمن أيضا في أن الحركات السلفية الموجودة في ألمانيا بخلاف ما هو عليه الحال في البلدان الإسلامية لا تبالي بالتقاليد الإسلامية، أي أن العناصر القائدة لهذه الحركات يمكن أن تؤثر على صبغتها الدينية بحسب مزاجها الفكري. وهذا في خضم عدم وجود مرجعيات دينية في أوروبا، ليبقى المجال مفتوحا لتفسيرات شخصية بحسب الحاجة الشخصية للعناصر القائدة لتلك المجموعات لتبقى مرنة وقابلة للتكيف مع توقعات الأشخاص المجندين.
تشخيص اجتماعي معقد
تجنيد أعضاء جدد يتم بنجاح، كما يقول خبير الشؤون السياسية وعلم الاجتماع مارتن كال من معهد بحوث السلم والسياسة الأمنية التابع لجامعة هامبورغ. لأن دائرة المجندين للقتال يشمل أشخاصا لهم سيرة ذاتية متباينة، ويتعلق الأمر بشباب مسلمين من الذكور. وفيما يخص الوسط الاجتماعي الذي ينحدرون منه، فهو من مستوى ضعيف، "إلا أنه لا يمكن الجزم بأن الأشخاص من أوساط اجتماعية فقيرة وغير متعلمة هي المؤهلة للتجنيد، بل يوجد أيضا عناصر من أوساط اجتماعية مرموقة".
عوامل التطرف
وتشير شرطة الجنايات الألمانية في دراسة صادرة في أكتوبر/ تشرين الأول 2016 إلى بعض الظواهر المرتبطة بعوامل التطرف. فسلطات الأمن الألمانية تتوفر على بيانات 572 شخصا سافروا منذ 2014 إلى سوريا والعراق. هؤلاء الأشخاص يُعرفون بتواصلهم مع بعض المساجد، كما يترددون على مواقع إلكترونية تدعو إلى المشاركة في الجهاد، كما أن خُمس مجموع هؤلاء الأشخاص تصبح لديهم قناعات متطرفة في أوساطهم العائلية.
وتشعر سلطات الأمن الألمانية بالقلق من بعض المنظمات مثل التنظيم المحظور "الدين الحَقّ". ويقول تقرير المخابرات الألمانية لعام 2015 بأن هذا التنظيم تعاون مع مجموعات تدعو إلى الجهاد.
ليس هناك حل سهل
دوافع التطرف ومحطاته إلى حين استخدام العنف متنوعة. وهي تتنوع مع كل سيرة ذاتية سقطت في التطرف، وبالتالي "لا توجد وصفة جاهزة للعلاج"، كما يقول خبير الشؤون السياسية مارتن كال. وتوجد حاليا على مستوى دولي موجة عنف تشجع سلسلة من الأشخاص على التعاطف مع عناصر تدعو إلى الجهاد أو ينضمون إليهم. وإقناع هؤلاء الأشخاص بالعدول عن مخططاتهم وإلغاء تصوراتهم الفكرية يُعد مهمة معقدة تتطلب الوقت، "ولا توجد حلول سهلة لمعالجة بعض المشاكل، ولا يمكن قطع وعود بذلك لا من جانب العلوم ولا السياسة".
كيرستن كنيب/ م.أ.م
السلفيون في ألمانيا... أنشطة مختلفة والهدف واحد
يبدو المشهد السلفي في ألمانيا في صور مختلفة، فهو يضم العديد من المتطرفين المستعدين للقيام بأعمال عنف. كما يستغل هؤلاء كل فرصة لنشر مواقفهم المتشددة، من خلال القيام بأنشطة أو تظاهرات لجذب الشباب للتنظيمات المتطرفة.
صورة من: picture-alliance/dpa/J. Stratenschulte
استغلال المساجد لأهداف إيديولوجية
تقدر السلطات الأمنية عدد السلفيين المتشددين في ألمانيا بنحو 6500 ولكن ليسو جميعا مستعدين لاستخدام العنف. ويستغل هؤلاء المساجد لجذب الشبان ونشر التطرف بين المسلمين مثل مسجد النور في برلين الذي قامت السلطات الأمنية بإغلاقه، حيث كان يعتبر معقلا لسلفيين متشددين حسب هيئة حماية الدستور.
صورة من: picture-alliance/dpa/P. Zinken
توزيع القرآن بالمجان
بغرض نشر دعايتهم والتواصل مع الراي العام يستغل سلفيون حملة توزيع القرآن بالمجان في العديد من المدن الألمانية، أطلقوا عليها اسم "إقرأ"!
صورة من: picture-alliance/dpa/I. Fassbender
صلاة وسط شارع عمومي
يحاول السلفيون استغلال كل فرصة ومكان لنشر فكرهم واكتساب المزيد من المؤيدين. في الصورة مجموعة من السلفيين الذي تجمعوا في شارع قرب أكاديمية الملك فهد بمدينة بون لأداء الصلاة. تم ذلك بالقرب من تجمع لحزب "Pro NRW" اليميني المناهض للمهاجرين والإسلام، والذي اعتبر ذلك استفزازا له فحصل اشتباك بين أنصاره والمصلين في الشارع.
صورة من: dapd
"شرطة الشريعة"
عام 2015 قام سلفيون بدوريات عبر شوارع مدينة فوبرتال في ولاية شمال الراين فيستفاليا وكأنهم أفراد شرطة لحماية الشريعة، وتسبب ذلك في استياء عام على مستوى ألمانيا بأكملها.
صورة من: picture-alliance/dpa/O. Berg
الرأس المدبر لشبكة تجنيد الشبان
هناك بين السلفيين جهاديون يتعاونون مع تنظيمات إرهابية مثل تنظيم "الدولة الإسلامية"، حيث يجندون الشباب في ألمانيا لخدمة تلك التنظيمات. ومن ابرز هؤلاء أبو ولاء العراقي الذي اعتقلته الأجهزة الأمنية في نوفمبر/ تشرين الثاني 2016 . وقال المدعي العام الاتحادي، فرانك بيتر، بأنه يشكل "الرأس المدبر لشبكة تجنيد الشبان للقتال في صفوف تنظيم الدولة الإسلامية".
صورة من: picture alliance/dpa/Al Manhaj Media
استعداد للقيام بأعمال عنف
ينظم السلفيون مظاهرات لحشد مؤيديهم واستعراض قوتهم. أثناء تلك المظاهرات غالبا ما تقع اشتباكات بينهم وبين الشرطة التي تحاول تفريقهم، بسبب ما يقومون به من أعمال عنف وتخريب.
صورة من: picture-alliance/dpa
جماعات مناهضة للسلفيين
مقابل السلفيين المتشددين هناك جماعات يمينية متطرفة مناهضة مثل مجموعات "هوليغانز ضد السلفيين" التي تنظم مظاهرات رافضة للسلفيين. وأحيانا تحدث اشتباكات بينهم وبين السلفيين، كما حصل في إحدى المظاهرات بمدينة كولونيا في تشرين الأول/ اكتوبر، شارك فيها الآلاف.
صورة من: picture-alliance/dpa/Roberto Pfeil
مشاركة نسائية في التحركات السلفية
المشهد السلفي لا يقتصر على الرجال فقط، بل إن هناك نساء منهم يشاركن في النشاطات والتجمعات السلفية، كما في الصورة خلال تجمع لأحد أبرز زعماء السلفيين في ألمانيا بيير فوغل بمدينة أوفينباخ عام 2014.
صورة من: picture-alliance/dpa/B. Roessler
مداهمة مقرات السلفيين وجمعياتهم
تقوم الشرطة بين الحين والآخر بمداهمة مساجد ومقرات جميعات سلفية وبيوت مسؤوليها وتعتقل المطلوبين منهم، كما تُغلق المكاتب والمقرات التي تعود إلى تلك الجمعيات التي يشتبه قيامها بنشاطات غير قانونية.
صورة من: picture-alliance/dpa/C. Gossmann
حظر جميعة سلفية متشددة
يسعى السلفيون من خلال نشاطاتهم إلى نشر الفكر الإسلامي المتشدد وتقديم "الإسلام على أنه دين العنف والكراهية والزواج القسري والإرهاب"، كما جاء في أحد مقاطع الفيديو على الإنترنت للجمعية السلفية "الدين الحق" التي تم حظرها من قبل السلطات الألمانية واعتُقل أحد مؤسسيها وأبرز وجوهها ابراهيم أبو ناجي.
صورة من: picture-alliance/Geisler-Fotopress/R. Harde
محاكمة مشتبه به
من يلجأ إلى العنف من بين السلفيين يقبض عليهم وتتم محاكمته مع حفظ حقه في محاكمة عادلة بوجود محامي الدفاع. في الصورة: السلفي مراد ك. بجانب المحامي أثناء جلسة المحاكمة في بون بتهمة الإيذاء الجسدي ومقاومة موظف عام أثناء القيام بمهامه.