عندما يتحول الاغتصاب إلى أداةٍ للحرب في ليبيا!
٣ نوفمبر ٢٠١٧التطرّق إلى الاغتصاب كأداةٍ للحرب في ليبيا بدأ منذ سنوات، فالكثير من المتتبعين يتذكرون قصة إيمان العبيدي التي تداولتها وسائل الإعلام عام 2011، عندما حكت لصحفيين في مدينة طرابلس، كيف قام رجال من قوات القذافي باغتصابها بسبب مشاركتها في الاحتجاجات ضد النظام، مُظهرة في مؤتمر صحفي جراحا وندوبا قالت إنها ناتجة عن الاغتصاب.في العام ذاته. واتهمت وزيرة الخارجية الأمريكية سابقا، هيلاري كلينتون، نظام القذافي باستخدام الاغتصاب أداةَ حربٍ.
جاء هذا الاتهام في ظرفية قال فيها ثوار ليبيا إنهم عثروا على الكثير من لقطات الفيديو في هواتف الكتائب الموالية للقذافي، تُظهر عمليات تعذيب واغتصاب. المحكمة الجنائية الدولية لم تصمت حيال الأمر، فقد صرّح مدعيها العام لويس مورينو أوكامبو، بوجود مزاعم حول استخدام كتائب القذافي للمنشطات الجنسية لأجل الاغتصاب، لافتاً إلى أن المحكمة تتوفر على معلومات مفترضة حول اغتصاب جماعي لنساء الثوار في نقاط التفتيش. وعد أوكامبو بالتحقيق، لكن هذا الأخير لم يصل إلى نتائج كبيرة.
غير أن حمزة أحمد، مقرّر اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان في ليبيا، نفى أن تكون حالات الاغتصاب إبّان المراحل الأولى للثورة بكل هذه الحدة، إذ قال في تصريحات لـDW عربية، إن الأمر لم يصل أبدا إلى آلاف الحالات، كما ورد في تقارير إعلامية، فاللجنة لم توثق إلّا بضعة حالات قامت بها هذه العناصر ضد الثوار ونسائهم، حسب قوله، مبرزا أن اللجنة لم ترصد كذلك حالات انتهاكات جنسية استخدمتها الجماعات المسلحة فيما بينهما بعد الثورة.
بيدَ أن وزارة العدل الليبية، في فترة ما بعد القذافي، اعترفت بأن الحالات المعنية بالانتهاكات الجنسية تصل حد أن تكون موضوع نقاش عام. وأنشأت بالتالي صندوق "معالجة أوضاع ضحايا العنف الجنسي"، قالت إنه الأول من نوعه عبر العالم الذي يُعنى بمرافقة ضحايا هذه الانتهاكات خلال الحروب. ويتحدث القائمون على هذا الصندوق، الذي لا يزال يعاني في إيجاد موارده المالية، أن"معمر القذافي وظف سلاح الاغتصاب لقمع الثورة".
حسب جريدة لوموند، فقد بدأت أحداث الفيلم الاستقصائي المذكور أعلاه في تونس شهر أكتوبر/تشرين الأول 2016، حيث التقت المخرجة شاهدين ليبيين، ياسين وفاطمة، تحدثا لها عن التعذيب الذي تعرّضا إليه من لدن عناصر موالية للقذافي قبل سقوط نظامه. كان حديث الشاهديْن حذرا كثيرا لكون موضوع الاغتصاب محرما في ليبيا، لكن من خلاصاته أن الاغتصاب لم يكن يفرّق بين الرجال والنساء.
بعد ذلك التقت المخرجة سيسيل أليغرا بعدة حقوقيين ليبيين خلقوا شبكة غرضها التوصل بأدلة حول الانتهاكات الجنسية لأجل توثيقها، تقول المخرجة لجريدة لوموند، مُردفة أن بدايات التحقيق الذي قامت به شبكة الحقوقيين بيّنت أن قيادة النظام الليبي أعطت أوامر لقواتها وللمتعاونين معها بانتهاك حرمة البيوت واستخدام الاغتصاب وسيلة لإذلال الثوار، قبل أن يمرّ التحقيق إلى تقديم شهادات عن فظاعات اغتصاب عاشها مواطنون ليبيون على يد ميليشيات كانت تدعم القذافي.
غير أن قصص الاغتصاب لم تنته عند هذا الحد، فالعديد من الليبيين يتذكرون فيديو شهير جرى تداوله على نطاق واسع شهر ديسمبر/كانون الأول 2016، يُظهر سيدة تتعرّض للاغتصاب من لدن مجموعة مسلحين. الفيديو خلّف غضبا شعبيا واسعا وخرجت احتجاجات ضد استمرار هذه الأحداث في دولة تضع 10 سنوات عقوبة للاغتصاب، لكن لا يظهر أبدًا أن هذه العقوبة تُوقف المغتصبين، خاصة في بلد لم تستقر بعد أوضاعه الأمنية والسياسية.
ويشير أحمد حمزة إلى جانب آخر من هذه الانتهاكات، فقد وثقت اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان في ليبيا لما يقارب 150 حالة اغتصاب واعتداء جنسي على النساء في السجون منذ الإطاحة بالقذافي، خاصة السجينات المُواليات لنظامه، إذ "تعرضن لانتهاكات من لدن العناصر المسلحة المسيطرة على السجون، حيث كان يتم مقايضة أجسادهن حتى يتم السماح لهن بالاستفادة من زيارة الأهل، والأمر ذاته بالنسبة للرجال ولو بحدة أقل إذ وثقت اللجنة 50 حالة" حسب تصريحاته، مشيرًا إلى أن هذا الأمر حدث بالخصوص في سجون ومعتقلات طرابلس ومصراتة.
إسماعيل عزام