1. تخطي إلى المحتوى
  2. تخطي إلى القائمة الرئيسية
  3. تخطي إلى المزيد من صفحات DW

عندما يلتقي الخط العربي التقليدي والشعارات السياسية في غرافيتي حديثة

١٧ يونيو ٢٠١١

وسع فنانون عرب رقعة الغرافيتي من خلال تبنيهم أسلوبا مستوحى من فن الخط العربي للتعبيرعن شعارات سياسية. إبداع الغرافيتي العربية ومدى قوتها السياسية، هذا ما يتناوله كتاب نشر مؤخرا في ألمانيا تحت عنوان غرافيتي عربية.

نماذج لغرافيتي عربية تعرض في برلينصورة من: Cinnamon Nippard

قد تَكون الغرافيتي أكثر من مجرد كتابة على جدران، إذ أنها لعبت دورا في الاحتجاجات التي بدأت تهز العالم العربي منذ مطلع السنة الجارية. في سوريا مثلا اشتعل فتيل الثورة عندما اعتقلت في بداية آذار/ مارس مجموعة من التلاميذ تتراوح أعمارهم بين 8 و 15 سنة، ألقي عليهم القبض عندما كانوا يرشون شعارات مناوئة للحكومة على جدران مدرستهم. ولما أطلق سراحهم في 20 مارس وعليهم آثار التعذيب خرج الناس إلى الشوارع في احتجاجات ضد النظام، أسفرت حتى الآن عن مقتل أكثر من 1.200 شخص واعتقال حوالي 10.000 آخرين.

موضوع الغرافيتي في العالم العربي لم ينل الكثير من الاهتمام لحد الآن. هذا ما يود تغييره كتاب جديد أصدرته دار النشر From Here to Fame (من هنا إلى الشهرة). ويعرض الكتاب الذي ألفه دون كارل بالتعاون مع منضد الحروف اللبناني باسكال زغبي، أعمال عدد من الفنانين العرب النابغين في الغرافيتي، بالإضافة إلى تقديمه الحروف العربية وأنماط الخط العربي المختلفة لغير العرب.

"كن مع الثورة"

يعتبر نشر كنية الفنان والإشهار بها الهدف الرئيسي لفن الغرافيتي في الغرب. هذه الظاهرة موجودة كذلك في العالم العربي، حسب باسكال زغبي، غير أن الغرافيتي تلعب هنا دورا أكثر إلحاحا كوسيلة للتعبيرعن معارضة النظام. من هذا القبيل نرى الغرافيتي العربية التي تتبنى شعارات سياسية على نحو "كن مع الثورة" تنتشر من بلاد إلى أخرى أثناء الثورات الأخيرة.

ويعتبر زغبي كتابة الشعارات هذه على الجدران أسهل وأسرع وسيلة بالنسبة لمواطني الدول اللاديمقراطية للتعبيرعن رأيهم بصراحة: "ليس بإمكانهم أن يعبروا عن رأيهم في الصحف بسبب الرقابة المفروضة عليها. مدوناتهم تغلق والإنترنت يحجب عنهم. الحكومة تسيطر فعلا على كل ما يفعلونه. لذا فإن الكتابة على الجدران هي الوسيلة الوحيدة للتعبيرعن رأيهم".

قد يكون فن الغرافيتي في ازدهار مستمر منذ اندلاع ما يسمى بالربيع العربي، مما أدى إلى انتشار الشعارات السياسية في الشوارع وحتى على الدبابات، غير أن من يلقى عليه القبض من طرف أحد الأنظمة القمعية في المنطقة، ينتظره عقاب أشد بكثير من الذي يناله من يكتب على الجدران في الغرب.

الفنان الباريسي الأطلس أثناء عمله بالشريط اللاصق في برلينصورة من: Cinnamon Nippard

ثمن التعبير عن الرأي

ففي سوريا قام رجال الأمن باقتلاع أظافر المراهقين الذين رشوا عبارات مناوئة للحكومة. أما في ليبيا فقد دفع من عبرعن معارضته من خلال الغرافيتي ثمنا أبهظ من ذلك: "عندما رسموا علم المقاومة على الجدران للإطاحة بالقذافي قامت قوى الأمن بإطلاق النار عليهم." ويعتبر لبنان من البلدان القليلة التي لا تحظر الغرافيتي، ما دامت الكتابات لا تستهدف سياسيين بارزين أو أحزابا سياسية معينة، كما يوضح زغبي: "لكنك بمجرد المساس بأحد السياسيين الكبار تواجهك القلاقل، ليس على يد الشرطة، وإنما من طرف عصابات المافيا الناشطة في لبنان".

فيما يخص أسلوبهم، تأثر فنانو الغرافيتي اللبنانيون كثيرا بالنمط السائد في نيويورك الثمانينيات، بينما يستوحي فنانو البلدان الأخرى تصاميمهم من أشكال الخط العربي الأنيقة. وفي فلسطين يتخذ فن الجدران أشكالا مختلفة، ابتداء بالشعارات السياسية، إلى الجداريات ومراسيم الشهداء. ويمثل الجدار العازل المثير للجدل الذي شيدته إسرائيل في الضفة الغربية أهم موضوع يعالجه الفنانون الفلسطينيون وزملاؤهم المشهورون عالميا مثل بانسكي وبلو وسوون لانتقاد السياسة الإسرائيلية. لكن الكثير من السكان المحليين يرفضون تناول الجدار العازل بشكل فني، لأنهم يرون في ذلك خطوة تمنحه نوعا من الجمال وتجعله بالتالي مقبولا.

فن له رسالة

من أهم الفنانين الذين يتناولهم الكتاب، الفنان التونسي المولود في فرنسا ال سيد. يمتاز أسلوب ال سيد، الذي يقيم في كندا حاليا، بنمط صاف يرتكز على فن الخط العربي التقليدي، لكنه يعكس في نفس الوقت نوعا من النضارة والحداثة. ولقد تخلى ال سيد عن رش كنيته على الجدران كما يفعل غالبية الفنانين الآخرين، وانتقل إلى تراث الأمثال العربية التي تعير الأهمية الكبرى لرسالة معينة. كبرى جدارياته تجسد مقولات شهيرة مثل "وقروا كباركم" أو "نحن في حاجة إلى تاريخنا". "لقد قام بتحديث فن الخط وأنعشه مما جعله يلائم ذوق فناني الغرافيتي الشباب الناشطين في بيروت مثلا. كلهم يعرفونه ويعشقون عمله"، يقول عنه دون كارل.

باريسي مولع بالخط الكوفي

"توازن" من إنتاج فنان الغرافيتي التونسي الأصل السيد في مونتريال الكنديةصورة من: eL Seed

الأطلس كنية لفنان يقطن في العاصمة الفرنسية باريس، أصيب بحمى الغرافيتي في ثمانينيات القرن الماضي. لكن الأطلس لم يقنع بالكتابة اللاتينية التي تربى عليها، وأوصله هوسه بالخط والكتابة إلى دراسة الخطين العربي والصيني بنفسه. وبعد التقائه بأقطاب الخط العربي، واصل دراسته في المغرب ومصر وسوريا ووقع في هيام الخط الكوفي. إثر ذلك طور الأطلس خطا جديدا يمزج بين الحروف اللاتينية والحروف الكوفية الهندسية، في محاولة منه لاستكشاف إمكانيات بصرية جديدة، ولمد جسور بين الشرق والغرب.

بعد أن ألقت عليه الشرطة القبض عام 2001 قرر الأطلس أن ينتقل إلى التعبيرعن أفكاره بطريقة قانونية، فبدل رش الطلاء على الجدران أصبح يستخدم الأشرطة اللاصقة ليرسم بها ألغازا على شكل بوصلة على الأرض عند مخارج مترو الأنفاق الباريسية، آملا أن يدفع ذلك الناس إلى التساؤل حول اتجاههم في الحياة: "طريقتي هذه هي مثال عن مساءلة الناس مثل البوصلة: إلى أين تذهبون؟ ماذا تفعلون؟" البوصلة غدت شارة الأطلس كفنان. وفي غضون سنوات قليلة فقط ذاع صيت الأطلس في باريس، حيث سمع عنه الجميع وعن سعيه لمد الجسور بين القارات والفنون المختلفة.

هناك أوجه شبه كثيرة بين الغرافيتي العربية والغربية، ففي كلا الفنين تشابك وتمديد للحروف. لكن زغبي يصر على أن الغرافيتي العربية لها صفة خاصة: "إنها تبدو راقصة أكثر مما هي مبنية على بعضها البعض. إنها أشبه بمخطوطة موسيقية"

سينامون نيبارد / بشير عمرون

مراجعة: منى صالح

تخطي إلى الجزء التالي اكتشاف المزيد
تخطي إلى الجزء التالي موضوع DW الرئيسي

موضوع DW الرئيسي

تخطي إلى الجزء التالي المزيد من الموضوعات من DW

المزيد من الموضوعات من DW