لا تعطينا التربة السليمة غذاءً صحيًا فحسب بل توفر موائل لكثير من أنواع الحيوانات، كما أنها مفتاح لإنقاذ المناخ، وقد أدرك البعض ذلك فأخذوا يستصلحون بعض ما خسرناه من تربة. هذا ما فعله المزارع النمساوي يوزيف ناغل الذي تساءل بعدما تعرض لحادث كاد يودي بحياته، هل لي أن يرث أولادي عني مزرعة تُربتها ميتة لا يمكن تنمو فيها محاصيل وفيرة إلا باستعمال سماد ومبيدات حشرية اصطناعية؟ ثم قلب طريقة عمله رأسًا على عقب، فأقلع نهائيا عن استعمال المحراث والكيماويات التي تبيد التربة، واعتمد زراعة سلسلة نباتات متتالية، وبالتالي يبقى الحقل أخضر على مدار العام، كما تغير موقفه إزاء الدورات الطبيعية. وانضم يوزيف ناغل إلى منطقة الزراعة العضوية كايندورف، حيث تنمو حركة مزارعين يعتبرون التربة كائنًا حيًا جديرًا بالعناية فيزرعونها بحيث لا تخسر الدبال بل تزيد من نسبته باستمرار. كما يعود هذا التغيير عليهم بأرباح مالية، حيث أنهم يكافؤون على إنتاج الدبال الذي يُخزِّن ثاني أكسيد الكربون. الأرض التي تقف عليها إريكا كوته تستحيل زراعتها في القرون القادمة، فقد تم استخراج اليورانيوم منها في زمن جمهورية ألمانيا الديمقراطية، وبالتالي أصبحت أرضا جرداء ملوثة بالأحماض والمعادن الثقيلة. فكيف يمكن استصلاح تربة كهذه؟ "بالجذور والبكتيريات والفطريات التكافلية" حسبما تقول إريكا كوته الباحثة من جامعة يينا مع زميلها المتخصص في الجيولوجيا تورستن شِفر، وهما يزرعان نباتات سريعة النمو ويطعِّمان التربة بالبكتيريات والفطريات التي تقيِّد المعادن الثقيلة فتجعلها غير ضارة. ويمكن أن تُعتمد هذه التقنية لاستصلاح مناطق شاسعة كانت مقالع ومناجم معادن.