هكذا تفتح سعودية بن سلمان أبوابها أمام مجلات الموضة العالمية
٥ أبريل ٢٠٢١
تطرق السعودية أبواب الموضة في سياق الانفتاح الاجتماعي الذي تعيشه. واليوم بدأت عناوين عالمية في هذا المجال تفتح فروعا لها هناك. غير أن السؤال المطروح هو، هل سيُسمح بتناول مواضيع حساسة من خلال ذلك؟
إعلان
عناوين جديدة ظهرت في الإعلام المطبوع في السعودية، منها فرع محلي لمجلة الموضة العالمية هاربر بازار، وفرع لمجلة إسكوير. ظهور مجلات ترفيهية مماثلة يعدّ أحد سمات عهد الأمير محمد بن سلمان، وتحديدا منذ إعلانه رؤية 2030 التي تعهدت بتغيير الطابع المحافظ في البلد.
"النشر في مجال الموضة يملك مؤهلات كبيرة لجذب المجهور، خاصة مع نشر قصص مواهب تبدع في هذا المجال، وكذلك لتشجيع التبادل الثقافي" تقول الأميرة نورة ابنة فيصل آل سعود، وهي مسؤولة رفيعة المستوى في لجنة بوزارة الثقافة خاصة بالموضة، في تصريح غداة إعلان ظهور المجلات الجديدة.
هذه اللجنة هي واحدة من 11 هيئة تدير موضوع تطوير المجال الثقافي في السعودية. على رأس اللجنة يوجد بوراك شاكماك، وهو مصمم أمريكي معروف، تم تعيينه لأجل تطوير وترويج ما ستنتجه السعودية في هذه الصناعة تحت اسم "صُنع في السعودية".
السعوديون يريدون رؤية مواهب سعودية
قبل مارس/آذار 2021، كان السوق السعودي مكتفيا بإنتاج عربي من مجلات الموضة العالمية، غير أن سياسة جديدة بدأت بنسخ سعودية من هذه المجلات وكتُاب سعوديين. ولهذا الغرض، فتحت المجموعة الإعلامية/ آي تي بي ITP التي يوجد مقرها في دبي وتنشر عدة مجلات، مكاتب لها في الرياض ووظفت كاتبات سعوديات ومساهمات محليات.
تقول أوليفيا فيليبس، رئيسة تحرير هاربر بازار النسخة العربية لـDW عربية: "النسخة السعودية موجهة تحديدا للسوق السعودي وهي تُوزع هناك بشكل مطبوع. النسخة موجهة تحديدا بشكل يتراعى مع أذواق المستهلكين، كما تعرض المواهب السعودية القادمة التي من بينها ما لم يتم رؤيتها قبل ذلك".
مثل هذه المجلات التي تُنشر بالإنجليزية والعربية ستنشر مرتين كما عليه الحال مع مجلة إسكوير سعودي وأربعة مرات في السنة كما عليه الحال مع هاربر بازار سعودي، بعدد نسخ يصل إلى 100 ألف نسخة عام 2021. وستركز النسخ الأولى على مشروع نيوم.
بلد يتطور اجتماعيا
عُرفت مريم مصلي، وهي واحدة من وجوه الموضة في السعودية ومساهمة في مجلة هاربر بازار سعودي، بمواجهتها للأفكار النمطية حول النساء السعوديات عبر حسابها على انستغرام ومدونتها الرقمية، وكذلك في عملها كرئيسة شركة استشارية مختصة بنمط الحياة العصرية، وسبق أن دعتها ميشيل أوباما إلى البيت الأبيض.
"أسست شركتي قبل 10 سنوات، وكنت شاهدة كيف كان البلد يتطور" تقول مصلي لـDW، متابعة: "كنا نعتمد في السابق على الموضة من الخارج، لكننا اليوم بدأنا موجة الترند الخاصة بنا هنا". ويعني لمصلي هذا التطور المزيد من الحرية لتسخيرها في إلقاء الضوء على السوق المحلي للموضة وتشجيع النساء على العمل في المجال وتصدير المنتجات والثقافة السعودية، وبالنسبة لها تلعب الموضة دورا في تطوير الصناعة السعودية.
هل تعكس الموضة حقيقة الوضع؟
يوجد تساؤل حول ما إذا كانت هذه المجلات ستتطرق للمواضيع الحساسة، لكن عموما يظهر أن مجلات من هذا النوع لديها سوق طموح وكبير، فالبلد يملك شريحة سكانية شابة تشكل حوالي ثلثي السكان بأعمار أقل من 35 عاما.
غير أنه في الوقت الذي بدأت أعمال الموضة السعودية تتطور، كانت ناشطات في السجن أمثال لجين الهذلول التي أطلق سراحها مؤخرا بعد سجن دام ثلاث سنوات. وكانت الهذلول من الناشطات اللاتي ناضلن لوقف حظر قيادة المرأة للسيارة، ورغم رفع الحظر بقيت الهذلول في السجن آنذاك.
واقع حقوق الإنسان في السعودية جعل منظمات كهيومن رايتس ووتش لا ترى أن تطوّر إعلام الموضة في البلد يستحق كل هذه الإشادة: "أسابيع الموضة وتشجيع أحداث صناعة الفخامة أمور جيدة يمكن للجمهور السعودي الاستمتاع بها، ولكن يجب أن يتمتع السكان كذلك بحقوقهم" يقول أحمد بنشمسي، مدير الترافع في فرع المنظمة بالشرق الأوسط وشمال إفريقيا.
وينتقد بنشمسي إنفاق مليارات الدولارات على جهود العلاقات العامة لأجل تلميع صورة السعودية عبر العالم: "هذه الجهود تعني تحويل الاهتمام العالمي عن السجل الشنيع للرياض في حقوق الإنسان، ومن ذلك قتل الصحفي خاشقجي وتقطيع جثته، والتعذيب، والاختفاء القسري وغيرها. فلا يوجد أيّ مقدار من الموضة سيبيّض هذه الانتهاكات" يقول لـ DW.
جينفير هوليز/إ.ع
في صور: رغم الإصلاحات في السعودية.. أصحاب رأي خلف القضبان
فاجأت السعودية العالم بخبر إلغاء عقوبة الجلد في قضايا التعزير وعقوبة الإعدام بحق القصر. لكن هل ستنعكس هذه الإصلاحات على أرض الواقع؟ وماذا عن سجناء الرأي الحاليين؟
صورة من: Getty Images/M. Ingram
إلغاء عقوبة الإعدام بحق القاصرين
بعد عدة ساعات على قرار إلغاء عقوبة الجلد في قضايا التعزير، أعلنت السعودية أيضاً إلغاء حكم الإعدام بحكم المدانين القصّر واستبداله بالسجن مدة لا تزيد عن عشر سنوات في منشأة احتجاز للأحداث. وجاءت هذه القرارات لتساعد "على صياغة قانون للعقوبات أكثر عصرية" بحسب ما تناقلته وسائل إعلامية.
صورة من: picture-alliance/AP Photo/A. Nabil
محاولة للتجميل بعد مقتل خاشقجي؟
جاء ترحيب الحقوقيون ومنظمات حقوق الإنسان بهذه القرارات بشكل حذر، حيث اعتبر غيدو شتاينبيرغ من مؤسسة العلوم والسياسة (SWP) ببرلين أن هذه القرارات صحيحة، ولكنها لا تعبر بالضرورة عن إتجاه إصلاحي في السعودية وقال: "إنها محاولة لتلميع صورة الدولة". وكانت سمعة المملكة على الساحة الدولية تراجعت بشدة بعد قضية مقتل الصحفي السعودي جمال خاشقجي.
صورة من: picture-alliance/AP Photo/L. Pitarakis
محاولة لكسب الغرب
ويرى غيدو شتاينبيرغ أن السعودية تهتم بشكل خاص بسمعتها في الولايات المتحدة الأمريكية والغرب، إلا أن ولي العهد محمد بن سلمان مازال يحكم بقبضة من حديد. فالإصلاحات التي قام بها صاحبتها إجراءات قمعية لكل معارضة داخلية. ولم تسلم العائلة المالكة نفسها من هذه الإجراءات.
صورة من: Reuters/Courtesy of Saudi Royal Court/B. Algaloud
شخصيات بارزة رهن الإعتقال
وطالت الإجراءات القمعية في السعودية أيضاً أفراد بارزين من العائلة المالكة، حيث شهدت أواخر شهر مارس/آذار حملة جديدة من الإعتقالات شملت إبن عم محمد بن سلمان وولي العهد السابق محمد بن نايف (يسار الصورة) بتهمة "الخيانة وتدبير انقلاب". وبحسب شتاينبرغ فإن هذه رسالة للجميع بأن أي معارضة سياسية لن يتم التسامح معها.
صورة من: picture-alliance/abaca
رسالة للعائلة المالكة
كما قام ولي العهد السعودي بإبعاد أي منافس محتمل له من العائلة المالكة عن طريق حملات توقيف بحق أفراد من العائلة ومنهم متعب بن عبد الله، وهو رئيس الحرس الوطني السعودي السابق. ويقول شتاينبيرغ: "يريد محمد بن سلمان إرسال إشارة للعائلة أن المملكة لديها حاكم جديد، وانهم يستطيعون الحفاظ على إمتيازاتهم بشرط عدم إظهار أي معارضة".
صورة من: picture-alliance/dpa/M. Yalcin
الأميرة السجينة بسمة بن سعود
يعرف عن الأميرة بسمة بنت سعود أنها ناشطة في مجال حقوق الإنسان ومعارضة للممارسات القمعية ضد المرأة في السعودية. في عام 2019 إختفت الأميرة دون أثر، لتظهر منذ فترة قصيرة بنداء استغاثة اطلقته عن طريق خطاب طالبت فيه بإطلاق صراحها. وكتبت الأميرة البالغة من العمر 56 عاماً أنه يتم احتجازها دون موافقتها وبدون سند قانوني في سجن الحاير السعودي.
صورة من: Getty Images/M. Ingram
الناشطة لجين الهذلول
قبل إطلاق سراحها في شباط/ فبراير 2021 تعرضت الناشطة السعودية في مجال حقوق المرأة للسجن ثلاث سنوات بتهم من أبرزها "التآمر" مع جهات أجنبية. وبحسب تصريحات أختها لينا، فقد تعرضت لجين للتعذيب والتحرش الجنسي خلال الحبس. وقالت عائلة لجين أنها تلقت خلال السجن عرضاً بإطلاق سراحها بشرط قيامها بنفي التعرض للتعذيب.
صورة من: Getty Images/AFP/Facebook/Loujain al-Hathloul
محاولة للإلهاء
يرى مراقبون أن قرارات إلغاء عقوبتي الجلد والإعدام جاءت كمحاولة لإلهاء الناس عن خبر وفاة الناشط الحقوقي عبد الله الحامد (يسار الصورة) في السجن. وكان الحامد توفي منذ أيام قليلة بسبب جلطة دماغية لم يتلق بعدها العناية الطبية الكافية بحسب ما تناقلته التقارير الإعلامية. ومازال الناشطان الحقوقيان وليد أبو الخير ومحمد فهد القحطاني (يمين الصورة) في السجن بسبب نشاطهما السياسي.
صورة من: picture-alliance/dpa/right livelihood award
رائف بدوي
يُعد رائف بدوي أحد أكثر معتقلي الرأي شهرة في السعودية. وكان المدون والناشط الحقوقي أُعتقل في عام 2013 بتهمة "إهانة الإسلام" وحُكم عليه بألف جلدة وبالسجن عشر سنوات. وتسبب تنفيذ حكم الجلد عليه علناً في إثارة انتقادات دولية واسعة للسعودية. يقول شتاينبرغ أن رد الفعل هذا قد يكون سبباً في إلغاء عقوبة الجلد، ولكنه ينبه:" ليس معنى ذلك أنه سيتم إطلاق سراحه الآن".
صورة من: picture-alliance/dpa/empics/Canadian Press/P. Chiasson
سمر بدوي
تقبع سمر بدوي، أخت رائف بدوي، ايضاً في السجن منذ 2018، ومعها نسيمة السادة، وهما من الناشطات في مجال حقوق الإنسان في المملكة. وكانت السلطات شنت في 2018 حملة إعتقالات على مجموعة من الناشطات، تم بعدها الإفراج عن بعضهن مثل أمل الحربي وميساء الماعن، بينما تنتظر الأخريات، مثل سمر ونسيمة، البت في قضيتهن.
صورة من: picture-alliance/dpa/A. Wiklund
سلمان العودة
يعد الداعية سلمان العودة أحد الدعاة الدينيين السلفيين المعتدلين والمعروفين على الساحة، وهو قريب من جماعة الإخوان المسلمين التي تحظرها السلطات السعودية. يعرف عن العودة انتقاده للسياسات الداخلية والخارجية للمملكة، وفي 2017 حُكم عليه بعقوبة الإعدام، إلا أن الحكم لم ينفذ حتى اليوم.
صورة من: Creative Commons
علي محمد النمر
بعد إلغاء عقوبة الإعدام بحق القُصر تتجه الأنظار لعلي محمد النمر الذي أعتقل وهو في السابعة عشرة من عمره بسبب مشاركته في مظاهرات تطالب بالإصلاح وإطلاق صراح سجناء الرأي في 2012. وكان عمه نمر النمر أحد الدعاة الشيعة البارزين في السعودية. ويتوقع خبير شئون الشرق الأوسط غيدو شتاينبرغ أن حكم الإعدام لن ينفذ بحق علي محمد النمر، لكنه سيبقى في السجن.