عودة منتدى دافوس وسط حرب أوكرانيا وتأزم الاقتصاد العالمي
٢٣ مايو ٢٠٢٢
انطلقت أشغال المنتدى الاقتصادي العالمي في دافوس، حيث تتصدر الحرب في أوكرانيا جدول أعمال المنتدى، إضافة إلى الوضعين المالي والغذائي وتأثيرهما على النمو، غير أن صندوق النقد الدولي لا يتوقع مع ذلك ركودا للاقتصاد العالمي.
إعلان
انطلقت أشغال المنتدى الاقتصادي العالمي اليوم (الاثنين 23 مايو/ أيار 2022) وذلك بعد ثلاثة أشهر على بدء الغزو الروسي لأوكرانيا، والمخاطر التي يطرحها على انتعاش الاقتصاد العالم. ويناقش 2500 مشارك تقريبا من مسؤولي السياسة والأعمال والمجتمع المدني حلولا للمشكلات الدولية. ويتمحور منتدى هذ العام حول شعار: "التاريخ في نقطة تحول: سياسات حكومية واستراتيجيات اقتصادية". وسينصب تركيز المنتدى على الأزمات العالمية بما في ذلك الحرب الأوكرانية وجائحة فيروس كورونا والتغيرات المناخية. ومن بين القضايا التي سيجري مناقشتها خلال الحدث ستكون تبعات الحرب على سلاسل التوريد، وإمدادات الطاقة والأمن الغذائي. ومن المتوقع أن يلقي المستشار الألماني أولاف شولتس كلمة في دافوس. ويعقد المنتدى سنويا بشكل تقليدي في منتصف كانون الثاني/ يناير، ولكن تم تأجيله هذا العام بسبب جائحة كورونا.
وقال مؤسس المنتدى كلاوس شفاب "أفكارنا الأولى تتوجه إلى الحرب في أوكرانيا"، لدى عرضه برنامج اجتماعات هذه السنة التي تنعقد في ظل "ظروف سياسية واقتصادية واجتماعية ... غير مسبوقة". وسيكون الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي أول رئيس يلقي كلمة، ومن المتوقع أن يغتنم هذا المنبر لحض العالم على تقديم المزيد من المساعدات المالية والعسكرية لبلاده، وربما تجديد طلب كييف الانضمام إلى الاتحاد الأوروبي. ويلقي زيلينسكي خطابه عبر الفيديو، غير أن عددا من المسؤولين السياسيين الأوكرانيين يشاركون في المنتدى حضوريا، وبينهم وزير الخارجية دميترو كوليبا ورئيس بلدية كييف فيتالي كليتشكو. وقالت إيفانا كليمبوش وهي من البرلمانيين الأوكرانيين الذين حضروا إلى دافوس، متوجهة مساء الأحد إلى الصحافيين "طلبنا الرئيسي إلى العالم هنا هو التالي: لا تتوقفوا عن دعم أوكرانيا" داعية إلى التثبت من أن روسيا "لن يكون بإمكانها شن حرب جديدة ضد أي كان في المنطقة".
من جهتها، صرحت البرلمانية أناستاسيا رادينا "نحن بحاجة إلى أسلحة أكثر من أي شيء آخر ... أسلحة كأسلحة الحلف الأطلسي، هذا ما يساعدنا على الانتصار في الحرب ... وضمان إنقاذ أرواح المدنيين من أجل الأجيال القادمة". وفي سياق العقوبات الغربية المفروضة على روسيا، استبعد المنتدى الاقتصادي هذه السنة مشاركة موسكو التي ترسل عادة أكبر وفد إلى دافوس.
وعوضا عن "البيت الروسي" الذي كانت النسخ السابقة من المنتدى تتضمنه، يُقام هذه السنة "بيت جرائم الحرب الروسية" حيث ستنظم عدة أنشطة بمشاركة شخصيات أوكرانية دعما لهذا البلد. وتهز الحرب في أوكرانيا الاقتصاد العالمي في وقت كان بدأ يتعافى من صدمة الوباء، فتتسبب بالارتفاع الحاد المسجل في اسعار الطاقة والمواد الغذائية وسط مخاوف بشأن الإمدادات، ما يطرح أزمة معيشية حقيقية في العالم.
وفي تقرير صدر الإثنين قبيل افتتاح أشغال المنتدى، توقعت منظمة أوكسفام أن يقع 263 مليون شخص تحت خط الفقر المدقع هذه السنة، أي بمعدل مليون شخص كل 33 ساعة، وهي وتيرة يقابلها إحصاء ملياردير جديد كل ثلاثين ساعة خلال أزمة الوباء.
وقالت غابرييلا بوشر المسؤولة في المنظمة في بيان "يصل أصحاب المليارات إلى دافوس للاحتفال بزيادة ثرواتهم بشكل يفوق التصور" مضيفة "في الوقت نفسه، نحن نتراجع عن عقود من التقدم على صعيد الفقر المدقع، مع مواجهة ملايين الأشخاص زيادة غير معقولة في تكلفة البقاء على قيد الحياة بكل بساطة".
عربيا ودوليا.. تداعيات حرب بوتين على الأسعار ومعيشة الناس
تداعيات غزو روسيا لأوكرانيا لم تقتصر على دول الجوار، وإنما امتد تأثير الحرب إلى جميع أنحاء العالم. فمع ارتفاع أسعار الطعام والوقود إلى معدلات غير مسبوقة، شهدت بعض الدول مظاهرات وأعمال شغب.
صورة من: Dong Jianghui/dpa/XinHua/picture alliance
ألمانيا.. التسوق بات مكلفا
أدت الحرب في أوكرانيا والعقوبات المفروضة على روسيا إلى ارتفاع تكلفة المعيشة في ألمانيا وهو ما أثر على المستهلكين. ففي مارس/ آذار، ارتفع معدل التضخم في ألمانيا إلى أعلى مستوى له منذ عام 1981. وبالنسبة للعقوبات، تبدي الحكومة الألمانية حرصا على المضي قدما في فرض حظر على الفحم الروسي، لكنها لم تتخذ قرارا بعد حيال حظر الغاز والنفط الروسي.
صورة من: Moritz Frankenberg/dpa/picture alliance
كينيا.. ازدحام أمام محطات الوقود
شهدت محطات الوقود في العاصمة الكينية نيروبي ازدحاما كبيرا مع شعور الناس بارتفاع سعر الوقود بشكل كبير، مع عدم توفره جراء الحرب فضلا عن تداعياتها على أزمة الغذاء في هذا البلد الفقير. وقد أعرب سفير كينيا لدى الأمم المتحدة، مارتن كيماني، عن بالغ قلقه إزاء الأمر أمام مجلس الأمن، إذ أجرى مقارنة بين الوضع في شرق أوكرانيا والأحداث التي شهدتها أفريقيا عقب الحقبة الاستعمارية.
صورة من: SIMON MAINA/AFP via Getty Images
تركيا.. تأمين إمدادات القمح
تعد روسيا من أكبر منتجي القمح في العالم. وبسبب الحظر على الصادرات الروسية، ارتفع سعر الخبز في دول عدة ومنها تركيا. كما أدت العقوبات الدولية إلى تعطيل سلاسل التوريد. وتعد أوكرانيا واحدة من أكبر خمس دول مصدرة للقمح في العالم، لكن بسبب الغزو الروسي لا تستطيع كييف شحن الإمدادات من موانئها المطلة على البحر الأسود.
صورة من: Burak Kara/Getty Images
العراق.. ارتفاع كبير في أسعار القمح
يعمل هذا العامل في سوق جميلة، أحد أسواق الجملة في بغداد. ارتفعت أسعار القمح في العراق إلى معدلات قياسية منذ غزو روسيا لأوكرانيا. وبما أن روسيا وأوكرانيا تستحوذان على نسبة 30 بالمائة من تجارة القمح في العالم، فلم يكن العراق بمنأى عن تأثير العقوبات. ورغم أن الحكومة العراقية اتخذت موقفا محايدا من الأزمة الأوكرانية، إلا أن الملصقات المؤيدة لبوتين باتت محظورة في البلاد.
صورة من: Ameer Al Mohammedaw/dpa/picture alliance
مصر.. رفوف ممتلئة وأسواق خالية
تضررت مصر بشدة من الارتفاع الراهن في أسعار السلع الأساسية بسبب الحرب في أوكرانيا فقد أصبحت بعض الأسواق خالية رغم أن الأسواق تكون مزدحمة عادة وتشهد رواجا في شهر رمضان. وبلغ معدل التضخّم في مصر 10 بالمائة على أساس سنوي في فبراير/ شباط في ارتفاع يعزوه الخبراء بشكل أساسي إلى زيادة أسعار المواد الغذائية بنسبة 20 بالمائة.
صورة من: Mohamed Farhan/DW
تونس ..مخاوف من أزمة هجرة
ارتفعت أسعار أسطوانة الغاز والخبز في تونس إلى معدلات مذهلة بسبب الحرب في أوكرانيا ليواجه مهد "الربيع العربي" حاليا أزمة حادة في توفير الغذاء للجميع. فهل ستتسبب الأزمة في موجة جديدة من الهجرة؟
صورة من: Chedly Ben Ibrahim/NurPhoto/picture alliance
اليمن.. السير على الأقدام
أدى ارتفاع أسعار الوقود إلى ارتفاع أجور النقل في اليمن، وهو ما دفع البعض إلى السير على الأقدام بدل ركوب السيارة. ففي الأسابيع الأولى للحرب، ارتفعت أسعار الوقود فتضاعف سعر التنقل من 100 ريال إلى 200 ريال يمني. وقد حذر برنامج الأغذية العالمي في مارس/ آذار الماضي من تدهور الأمن الغذائي الحاد وسوء التغذية في اليمن في ظل حاجة قرابة 17,4 مليون شخص إلى مساعدات فورية.
صورة من: Farouk Mokbel/DW
بيرو.. موجة احتجاجات
اندلعت مظاهرات ووقعت اشتباكات بين محتجين ورجال الشرطة في العاصمة ليما التي شهدت موجة من احتجاجات ضد ارتفاع أسعار المواد الغذائية وغيرها من السلع الأساسية، خاصة مع تفاقم الأزمة مع اندلاع حرب أوكرانيا. ومع اتساع رقعة الاحتجاجات وزيادة حدتها، فرض الرئيس بيدرو كاستيلو حظر تجول وأعلن حالة الطوارئ بشكل مؤقت. لكن مع انتهاء سريان حالة الطوارئ، خرجت مظاهرات جديدة في البلاد.
صورة من: ERNESTO BENAVIDES/AFP via Getty Images
سريلانكا.. حالة طوارئ
عصفت بسريلانكا أيضا موجة احتجاجات ضد ارتفاع أسعار المواد الغذائية، لكن تزايدت حدتها مع محاولة عدد من المتظاهرين اقتحام المقر الخاص للرئيس غوتابايا راجاباكسا. ومع اتساع رقعة الاحتجاجات ضد ارتفاع تكاليف المعيشة ونقص الوقود وانقطاع التيار الكهربائي، أعلن راجاباكسا حالة الطوارئ، داعيا في الوقت نفسه الهند والصين إلى مساعدة بلاده في تأمين احتياجاتها الغذائية.
صورة من: Pradeep Dambarage/Zumapress/picture alliance
اسكتلندا.. المظاهرات تصل أوروبا
شهدت اسكتلندا احتجاجات ضد ارتفاع أسعار المواد الغذائية والطاقة، كما نظمت النقابات العمالية في جميع أنحاء المملكة المتحدة مظاهرات ضد ارتفاع تكاليف المعيشة. وعقب انفصال بريطانيا عن الاتحاد الأوروبي، ارتفعت الأسعار، لكن الحرب في أوكرانيا زادت الوضع سوءً.
صورة من: Jeff J Mitchell/Getty Images
بريطانيا.. ارتفاع أسعار الأسماك
يعد طبق "السمك مع البطاطا المقلية" من الأطباق المفضلة والشعبية في بريطانيا، إذ يتم تناول حوالي 380 مليون حصة من السمك ورقائق البطاطس في المملكة المتحدة كل عام. بيد أن العقوبات الصارمة على روسيا أدت إلى ارتفاع أسعار السمك الأبيض المستورد من روسيا فضلا عن زيادة أسعار زيت الطهي والطاقة. وقد وصل معدل التضخم في المملكة المتحدة 6.2 بالمائة على أساس سنوي في فبراير/ شباط الماضي.
صورة من: ADRIAN DENNIS/AFP via Getty Images
نيجيريا.. اغتنام الفرصة
يقوم هذا التاجر بتعبئة الدقيق لإعادة بيعه في منطقة إيبافو بنيجيريا. وتسعى نيجيريا منذ زمن طويل لتقليل اعتمادها على استيراد المواد الغذائية. فهل يمكن أن توفر الحرب في أوكرانيا الفرصة لنيجيريا لتقليل استيرادها للمواد الغذائية؟ وفي هذا السياق، دشن أليكو دانغوت، أغنى رجل في نيجيريا وأحد أثرياء إفريقيا، مؤخرا أكبر مصنع للأسمدة في البلاد فيما يحدوه الأمل في سد حاجة نيجيريا من الأسمدة.
صورة من: PIUS UTOMI EKPEI/AFP via Getty Images
12 صورة1 | 12
وأقر شفاب نفسه بأن "شرائح متزايدة من سكان العالم تواجه خيارات وجودية، أو حتى باتت تحت خط الفقر المدقع" مؤكدا "علينا أن نواجه هذه المسائل في دافوس، والأزمة الغذائية العالمية تستدعي اهتمامنا الفوري".
ولفتت الأمينة العامة لمنظمة العفو الدولية أنياس كالامار إلى أن المنتدى يُعقد وسط "عاصفة من الازمات المتعلقة بحقوق الإنسان"، معددة "جرائم الحرب الروسية في أوكرانيا، والتراجع المقلق عن حق الإجهاض في الولايات المتحدة، والأوضاع المناخية الطارئة التي لا تزال مهملة، والفشل في ضمان إمكانية الحصول على اللقاح في العالم". ودعت المشاركين في المنتدى إلى التحلي بـ"الواجب الأخلاقي" معتبرة أن "عليهم استخدام ثرواتهم الطائلة ونفوذهم من أجل إنهاء الوضع القائم الحالي".