1. تخطي إلى المحتوى
  2. تخطي إلى القائمة الرئيسية
  3. تخطي إلى المزيد من صفحات DW

عيد الصحافة: حضرت الحكومة و غاب الإعلام

٣٠ يونيو ٢٠١٢

احتفل الصحفيون العراقيون بعيدهم الثالث والأربعين بعد المائة. وأقامت نقابة الصحفيين يوم 28 حزيران/يونيو 2012 احتفالا باذخا حضره رئيس الحكومة نوري المالكي .غاب الإعلام العالمي عن الحفل ، وغابت هموم الصحفيين.

صورة من: Picture-Alliance/dpa

حسب بيان إعلامي صدر عن نقابة الصحفيين فقد شاركت في المهرجان وفود صحفية وبرلمانية من فرنسا واليونان ورومانيا وتونس وغانا وكولومبيا وزيمبابوي وتشيلي والأرجنتين وموريتانيا والصومال إضافة إلى الأمين العام لاتحاد الصحفيين العرب و رئيس اتحاد الصحفيين العرب والأمين العام لاتحاد وكالات الأنباء العربية. مضمون البيان يعني أن الإعلام الدولي واسع الانتشار قد غاب بشكل كامل عن المهرجان، ولذا لم يحظ الاحتفال بأية تغطية صحفية عالمية، ويبدو أن الاحتفال بهذه المناسبة قد مرّ بشكل عابر رغم رعاية رئيس الحكومة له، لكن المهم في هذا الموضوع أن هذه المناسبة تعبّر عن تطور حرية الرأي وحرية الكلمة في العراق.

حرية الكلمة في العالم كله ترتبط إلى حد كبير بالأوضاع السياسية. وحرية الكلمة هي التعبير الحي عن الديمقراطية، لأنها تعني أن الإنسان في أي مجتمع حر في إعلان كلمته، وعلينا ان ننتبه هنا ونفرق بين حرية إبداء الرأي ومسالة فرض الرأي على الآخرين. بمعنى أن أي محطة تلفزيونية أو إذاعة أو موقع الكتروني أو صحيفة يمكنها ان تعرض ما تشاء على أن لا يكون المعروض مخالفا للحقيقة ، وعلى أن لا يتعرض لحقوق الآخرين وحدود حريتهم.

هذا الحوار جولة في هموم ومشاغل واهتمامات الصحفيين العراقيين على مدى أكثر من نصف قرن، وقد شارك فيه صحفيون من أجيال متعاقبة.

"40 سنتا في الشهر تقاعد الصحفي العراقي"

الصحفي المخضرم جاسم المطير تحدث من أمستردام لمايكروفون برنامج العراق اليوم من DW مبينا أنه بدأ عمله الصحفي عام 1950 وهو مستمر بالكتابة والإنتاج حتى ساعة إجراء الحوار رغم حالته الصحية التي اقتضت ملازمته للكرسي المتنقل. المطير تحدث بمرارة عن قانون تقاعد الصحفيين، الباقي على وضعه منذ سقوط نظام صدام حسين، مبينا أنه ومعه 2000 صحفي عراقي متقاعد بينهم أسماء لامعة جدا في عالم الصحافة كحميد المطبعي، والمرحوم شهاب التميمي نقيب الصحفيين السابق الذي جرى اغتياله وآخرين ما زالوا يتقاضون راتبا تقاعديا قدره 40 سنتا أمريكيا في الشهر( 500 دينار عراقي)! ومشيرا إلى أنه قد اتصل شخصيا بنقيب الصحفيين العراقيين الحالي لبحث هذه المشكلة، فعرض عليه الأخير راتبا تقاعديا ومكافأة فردية، رفضها المطير لتمسكه بقضية الدفاع عن حقوق الصحفيين المتقاعدين كافة، حسب تعبيره.

صحف كانت ممنوعة في زمن صدام تباع اليوم في الشوارعصورة من: Picture-Alliance/dpa

وفي معرض حديثه عن تطور حرية الكلمة أشار المطير إلى أن تطور حرية الكلمة في العراق كان دائما مصحوبا بالقمع في خمسينات وستينات القرن الماضي وصولا إلى الفترة الحالية، وكان هذا التطور متصلا دائما بتطور وعي الصحفي والكاتب. وفي حديثه عن القمع الذي يتعرض له الصحفيون العراقيون أشار المطير إلى " أن ما يقال عن حرية الصحافة في العهد الملكي لا صحة له، فالقمع كان شديدا، والصحافة كانت مراقبة من قبل مدير الدعاية الذي دأب على إغلاق أي صحيفة تكتب شيئا لا يرضي السلطة".

وأكد جاسم المطير أن الإعلام الذي رافق الجمهوريات اتخذ شكلا آخر، فقد صار إعلاما حكوميا رسميا، وغابت الصحافة الحرة حتى سقوط صدام سنة 2003، ومن هنا فإن المقارنة بين العهدين قد لا تصح.

"لم تستطع صحافة العراق المقلدة تجاوز ضفاف البحر المتوسط"

من باريس تحدث إلى مايكروفون برنامج العراق اليوم من DW الصحفي سيف الخياط مشيرا إلى ان جيله السبعيني ورث جميع مشاكل وخيبات المجتمع خلال العقود الأربعة عشر المنصرمة على مستوى الصحافة والسياسة وحرية التعبير، وقد تحمل هذا الجيل الذي عاش عصر الديكتاتورية وما بعدها مسؤولية تغيير مسار ما درجت عليه الصحافة على مدى العقود المشار إليها" نحن نسعى إلى تخطي خيبات الصحافة على مدى 140 عاما ، ولهذا يطلق علينا البعض تعبير صحافة الفوضى ، هي ليست صحافة فوضى بل صحافة خلق روح روح جديدة ، وتقاليد جديدة وعناوين جديدة للصحافة".

ولفت الخياط الأنظار إلى أنّّ الصحافة العراقية كانت على مدى الزمان مقلّدة لصحافة الجوار الإقليمي وهي صحافة لها مشكلاتها الكبرى، ولم تستطع صحافة العراق حتى على مستوى التقليد تجاوز ضفاف البحر المتوسط للوصول إلى أوروبا، وبقيت في الغالب صحافة حزبية " نحن لا نمتلك صحافة تجارية ربحية مهنية، بمعنى أننا نفتقد إلى صحافة تموّل نفسها من خلال الإعلانات وغيرها، والمعروض الآن هو في الغالب صحافة ممولة، تموت حين يجف تمويلها وتخضّر حين تفتح لها حنفية الدولارات".

الصحفي سيف الخياط المقيم في باريس تحدث عن تجربته في العمل مع صحيفة النهضة، التي تولى تحريرها صحفيون أكفاء وكان صاحب امتيازها عدنان الباججي الذي كان يتنافس على منصب رئيس الجمهورية، وحين فشل في الحصول على هذا المنصب أغلق الصحيفة وألقى بكل كادرها إلى قارعة الطريق! "وهذا مثال يدل على أن صحافة العراق تعمل وفق أجندات مموليها الحزبية".

" الحكومة تدفع ميزانية نقابة الصحفيين"

من بغداد شارك في حوار العراق اليوم من DW الصحفي زياد العجيلي رئيس مرصد الحريات الصحفية مسلطا الضوء على نقابة الصحفيين العراقيين التي تولت إقامة الاحتفال بعيد الصحافة، ومبينا أن الحكومة العراقية خصصت ميزانية لنقابة الصحفيين، وهذا يعني أن النقابة أضحت جزءا من السلطة التنفيذية ، وهي لهذا لا تمتلك أي استقلال عن هذه السلطة" ويلاحظ المتابع لنشاط النقابة منذ التغيير أنها لم تعترض على أي إجراء حكومي بحق الصحفيين، بل أن النقابة كانت مع الحكومة في قمع تظاهرات الصحفيين على سبيل المثال".

وتطرق العجيلي إلى قانون حماية الصحفيين مبينا أن المختصين على المستوى الدولي أكدوا أن هذا القانون يحمي الحكومة ولا يحمي الصحفي من الحكومة، مشيرا إلى أن نقابة الصحفيين على مدى تاريخها لم تكن جزءا من الجسد الصحفي بل كانت واجهة حكومية أو حزبية ، مشيرا إلى أن النقابة في عهد البعث تحولت إلى جزء من المؤسسة العسكرية التي حكمت الدولة " والنقابة التي نراها اليوم هي تركة ثقيلة من حكومة البعث على النظام الديمقراطي.

انفتاح اعلامي ومئات الصحفصورة من: Judith Pfannenmüller

" على الصحفيين أن يجتهدوا ليقيموا نقابتهم"

يشار إلى أن نقابة الصحفيين العراقيين جاءت إثر انتخابات مثيرة للجدل جرت عام 2011، وهذا يثير أسئلة حول الاعتراض على شرعية النقابة. عن هذه الأسئلة أجاب زياد العجيلي المتابع لقضايا حقوق الصحفيين بالقول" إن النقابة انتخبت بهذا الشكل لأن أيا من الصحفيين العاملين فعلا في الميدان لم يشارك في الانتخابات، وأغلب أعضاء النقابة اليوم من العاطلين عن العمل، وأغلب الأسماء الإعلامية الهامة في العراق غير منتسبة لهذه النقابة" ويعني هذا ، أن النقابة قد فازت بأصوات بضعة أفراد من المحسوبين على الوسط الإعلامي ، ولذا اعتبرت نقابة منتخبة .

العجيلي أنحى باللائمة على الصحفيين أنفسهم مشيرا إلا أنهم لم يفعلوا أي جديد لإزاحة هذه النقابة ، والدستور العراقي يبيح إقامة المنظمات والاتحادات غير الربحية وغير الحكومية.

سيف الخياط أشار إلى هذه المسألة بالقول" إذا كانت هناك مؤشرات كثيرة على نقابة الصحفيين، فهذا لا يعني أنها نهاية المطاف أو آخر الحياة، وعلى الصحفيين أن يجتهدوا ويبتكروا مؤسسات نقابية أخرى لاسيما وأن الدستور العراقي يسمح بذلك".

ملهم الملائكة

مراجعة: هبة الله إسماعيل

تخطي إلى الجزء التالي اكتشاف المزيد
تخطي إلى الجزء التالي موضوع DW الرئيسي

موضوع DW الرئيسي

تخطي إلى الجزء التالي المزيد من الموضوعات من DW

المزيد من الموضوعات من DW