1. تخطي إلى المحتوى
  2. تخطي إلى القائمة الرئيسية
  3. تخطي إلى المزيد من صفحات DW

غاز المتوسط: وقود لتأجيج الصراعات أم محرك للتطبيع؟

ناجح العبيدي ١٤ سبتمبر ٢٠١٤

تبدو إسرائيل في عجلة لاستثمار حقول الغاز المكتشفة في منطقة شرق البحر المتوسط التي تعج بنزاعات قديمة وجديدة، فهي لا تريد من خلال ذلك تحقيق الاكتفاء الذاتي فحسب، بل أيضا المضي قدما في تطبيع علاقاتها بالدول المجاورة.

Israel beginnt mit Gasförderung aus dem Tamar-Feld vor der Küste
صورة من: Getty Images

لم يخف وزير الطاقة الإسرائيلي سيلفان شالوم سعادته بالاتفاق مع الأردن، بل ووصفه بالتاريخي رغم أن الأمر لا يتعدي توقيع مذكرة تفاهم . أما نظيره الأردني محمد حامد فلم يبد مثل هذه الحماسة واكتفى بتوضيح الظروف الاقتصادية التي دفعت الأردن لإبرام مذكرة التفاهم مع شركة نوبل انرجي الأمريكية صاحبة أكبر حصة في حقل الغاز ليفياثان الإسرائيلي العملاق . وبموجب هذه المذكرة الموقعة في 3 أيلول/سبتمبر 2014 ستقوم إسرائيل ابتداءا من عام 2017 بتصدير الغاز الطبيعي إلى الأردن لمدة 15 عاما في اطار صفقة تزيد قيمتها على 15 مليار دورلار. وأعادت هذه الصفقة الاهتمام مجددا باحتيطايات الغاز الضخمة التي أُكتشفت في السنوات الأخيرة قبالة السواحل الشرقية للبحر المتوسط والدور الذي يمكن أن تلعبه في العلاقات الدولية بمنطقة معروفة بصراعاتها المزمنة.

الغاز بين السياسة والاقتصاد

بعد 4 سنوات فقط من اكتشافه بدأت إسرائيل في الثلاثين من شهر آذار/ مارس 2014 باستخراج الغاز من حقل تامار الذي يحتوي حسب شركة نوبل انرجي الأمركية المشغلة للحقل قرابة 250 مليار متر مكعب من الغاز. أما الإنتاج في حقل ليفياثان العملاق باحتياطياته البالغة 450 مليار متر مكعب فمن المتوقع أن يبدأ عام 2018. وحينها لن تحقق إسرائيل الاكتفاء الذاتي فحسب وإنما سيكون هناك فائض يمكن تصديره. ولكن خبير الطاقة العراقي وليد خدوري أكد في مقابلة مع الدويتشه فيله بأن إسرائيل لا يمكن أن تصبح مصدرا هاما لامدادات الغاز مشيرا إلى أن اجمالي كميات الغاز المكتشفة في شرقي البحر المتوسط تبلغ 1 بالمائة فقط من إجمالي الاحتياطيات العالمية. ومع ذلك سارعت الحكومة الإسرائيلية إلى إصدار قانون يسمح للشركات المنتجة بتصدير 40 بالمائة من الغاز المنتج إلى الخارج.

الخبير الإسرائيلي أوديد أيران، باحث بمعهد دراسات الأمن القومي في تل أبيبصورة من: picture-alliance/dpa

ويبدو أن دوافع هذا القرار لا تكمن فقط في الحصول على عوائد مالية تقدر بعشرات المليارات من الدولارات أيضا في السعي لتحقيق أهداف سياسية. فمن الواضح أن إسرائيل تأمل بأن يساهم الغاز في إعطاء دفعة قوية لتطبيع العلاقات مع الدول العربية المجاورة. ولهذا الغرض بدأ اتحاد الشركات الأمريكية والإسرائيلية المشغّلة لحقول الغاز الإسرائيلية مفاوضات مبكرة مع الأردن ومصر والسلطة الفلسطينية وتركيا بهدف ايجاد منافذ لتصدير الغاز الإسرائيلي. ولكن هذه الجهود تصطدم بعقبات كثيرة وفي مقدمتها الصراعات الدائرة في المنطقة والخلافات على حدود المناطق الاقتصادية البحرية.

استخراج الغاز قرب برميل بارود

أثار اكتشاف مكامن الغاز الطبيعي في شرق البحر المتوسط المخاوف من بروز بؤرة جديدة للصراع في منطقة تعج أصلا بنزاعات قديمة وجديدة. وتعززت هذه المخاوف نتيجة عدم وجود اتفاق واضح على ترسيم الحدود البحرية بين الدول المعنية بثروة الغاز المكتشفة، وفي مقدمتها إسرائيل والسلطة الفلسطينية ولبنان وسوريا ومصر وتركيا وقبرص. ونظرا لوجود بعض حقول الغاز في مناطق بحرية متنازع عليها يقترح الخبير الإسرائيلي "أوديد أيران" في مقابلة من DW بدء الإنتاج فيها فتح حساب خاص يخضع لوصاية طرف ثالث حيادي وذلك بهدف إيداع العوائد المالية من انتاج هذه الحقول حتى يتم التوصل لاتفاق بين الأطراف المتنازعة.

وكما يبدو فإن إسرائيل لم تأبه كثيرا للاعتراضات الصادرة من بعض هذه الدول وبدأت بخطوات عملية للاستثمار في الحقول الواقعة ضمن منطقتها الاقتصادية البحرية، في حين لا تزال معظم الدول الأخرى تكتفي بالجدل حول حقوق التنقيب. وفيما يرى الخبير العراقي وليد خدوري أن هناك تقصيرا واضحا من لبنان وسوريا في هذا المجال، قال الخبير أوديد أيران إن الأسباب التي تعرقل استثمار هذه الثورة الطبيعية من قبل لبنان والسلطة الفلسطينية تعود أساسا إلى مشاكل سياسية داخلية وليس إلى الخلاف مع إسرائيل. ويرى الخبير أوديد أيران أن التعاون في هذا المجال يمكن أن يساهم في استقرار المنطقة، ولكنه يقر أيضا بأن ذلك لا يوفر بديلا للاطار السياسي اللازم لحل الصراع الإسرائيلي – الفلسطييني.

صورة من: privat

الضرورات تبيح المحظورات

وبالفعل فإن التوتر والخلافات وحتى الحروب وآخرها الحرب على قطاع غزة لم تحل دون حدوث تقدم في المفاوضات المستمرة حول تصدير الغاز الإسرائيلي. ولا يقتصر الأمر على مذكرة التفاهم مع الأردن. فقد وقعت قبلها صفقة ضخمة مع السلطة الفلسطينية لتزويد محطة كهرباء جديدة في جنين بالغاز الإسرائيلي لمدة عشرين عاما. وفي الوقت الذي كانت فيه إسرائيل حتى قبل عامين تعتمد على الغاز المصري في تغطية احتياجتها تتفاوض الشركات المستثمرة للحقول الإسرائيلية منذ فترة مع مصر لمد أنبوب لنقل الغاز الإسرائيلي إلى محطة للغاز المسال في دمياط المصرية تمهيدا لتصديره إلى أوروبا.

ومن الملفت للنظر أن الأصوات المعارضة لهذا التعاون الجديد بقيت خافتة إلى حد بعيد. ويعزو وليد خدوري ذلك إلى الضرورات والمصالح الاقتصادية. فالأردن يجد صعوبة في الحصول على بديل للغاز الإسرائيلي بعد توقف أنبوب الغاز المصري بسبب تفجيرات متكررة. ويبدو الوضع أكثر تعقيدا بالنسبة للسطلة الفلسطينية التي لا تجد مناصا من اللجوء للغاز الإسرائيلي. كما تواجه مصر مشاكل كبيرة في مجال الطاقة الأمر الذي دفع الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي مؤخرا لإلقاء خطاب خصصه بالكامل لأزمة الكهرباء المزمنة. وحتى تركيا ليست بعيدة عن الخطط الإسرائيلية. فرغم استبعاد وزير الطاقة التركي تانز يلدز قبل أيام قليلة للاتفاق على مشروع إنشاء خط انابيب غاز يمتد إلى تركيا، إلا أن اللهجة بين رجال الأعمال الإسرائيليين والأتراك توحي بالتفاؤل على عكس حالة الفتور السياسي الراهنة بين البلدين. فهل سيصلح الاقتصاد ما تفسده السياسة؟

تخطي إلى الجزء التالي اكتشاف المزيد
تخطي إلى الجزء التالي موضوع DW الرئيسي

موضوع DW الرئيسي

تخطي إلى الجزء التالي المزيد من الموضوعات من DW