رغم أن الميثان أقصر عمراً في الغلاف الجوي، إلا أنه يؤدي إلى ارتفاع حرارة كوكبنا أكثر من ثاني أوكسيد الكربون. تُظهر دراسة جديدة أن انبعاثات الميثان ينبغي أن تنخفض بوتيرة أسرع. فما هو هذا الغاز؟ وكيف يمكن الحد منه؟
غاز الميثان أكثر ضرراً بالمناخ من ثاني أوكسيد الكربونصورة من: Matthew Brown/AP/picture alliance
إعلان
إنه عديم اللون والرائحة، ويخزن كميات هائلة من الحرارة في الغلاف الجوي للأرض: الميثان، وصيغته الكيميائية. ينتج من مصادر طبيعية أو اصطناعية، وهو المكون الرئيسي للغاز الطبيعي الذي يستخدم الطهو وتوليد الطاقة. في حين أن ثاني أكسيد الكربون، الذي يتم إطلاقه عند حرق الفحم والنفط، هو السبب الرئيسي لتغير المناخ والمصنف ضمن الغازات الدفيئة، فإن الميثان كان مسؤولاً عن حوالي ثلث الزيادة في درجة الحرارة العالمية منذ بداية التصنيع في عام 1850.
بينما يختفي غاز الميثان من الغلاف الجوي بعد حوالي 12 عاماً، قد يستغرق الأمر مئات السنين بالنسبة لثاني أكسيد الكربون. ومع ذلك، على مدى 100 عام، يظل الميثان أكثر ضرراً بالمناخ بثلاثين مرة من ثاني أكسيد الكربون.
مصادر تطلق غاز الميثان
يُنتَج الميثان طبيعياً، على سبيل المثال عند تحلل النباتات في الأراضي الرطبة مثل المستنقعات. كما يُطلَق عند ذوبان التربة الصقيعية المتجمدة لفترة زمنية طويلة، نتيجةً لتغير المناخ. فيما تُعزى حوالي 60 في المائة من انبعاثات الميثان العالمية إلى الأنشطة البشرية. وتُعدّ الزراعة المساهم الأكبر في هذه الانبعاثات، حيث تُمثل حوالي 40 في المائة منها. ويُنتج الميثان بشكل رئيسي في تربية الماشية، وخاصةً في السماد الطبيعي. كما يُسبب استخراج ونقل الوقود الأحفوري، وتحديدًا الغاز الطبيعي والنفط والفحم، حوالي 35 في المائة من انبعاثات غاز الميثان الناتجة عن أنشطة الإنسان. كما يتسرب حوالي 20 في المائة منه عبر تحلل النفايات في مكبات النفايات ومياه الصرف الصحي.
انبعاثات الميثان من قطاع الطاقة
يُطلق غاز الميثان أثناء تعدين الفحم، وخاصةً أثناء استخراج النفط والغاز. يتسرب جزء منه مباشرةً إلى الغلاف الجوي. أثناء إنتاج النفط، يُحرق جزء آخر، محولاً إياه إلى ثاني أكسيد الكربون، الذي يُطلق بدوره في الغلاف الجوي. ويتسرب الميثان أيضًا أثناء نقل الغاز الطبيعي عبر الأنابيب، من خلال التسريبات، وكذلك أثناء تحويل الغاز الطبيعي إلى غاز طبيعي مسال (LNG)، وأثناء احتراقه في المحركات وأنظمة التدفئة. في حال وجود صدأ أو تلف أو براغي مفكوكة في المعدات، غالباً ما يتسرب المزيد من غاز الميثان، ويمكن منع ذلك من خلال الحرص على وجود صيانة أفضل.
كيف يمكن منع انبعاثات غاز الميثان؟
وفق وكالة الطاقة الدولية (IEA)، يمكن لشركات النفط والغاز خفض انبعاثات غاز الميثان بنسبة هائلة تصل إلى 75 في المائة، إذا اكتشفت التسريبات وأصلحتها. الأمر يتطلب ببساطة إصلاحات السباكة وتحديث المنشآت المعيبة. لهذا السبب، اعتمد الاتحاد الأوروبي لائحةً جديدةً العام الماضي تُلزم الشركات العاملة في قطاع الوقود الأحفوري بقياس انبعاثات الميثان والإبلاغ عنها وخفضها بشكل دوري. وفي حال اكتشاف أي تسرب، يجب إغلاقه خلال 15 يوم عمل. بالإضافة إلى ذلك يحظر النظام الجديد أيضًا إطلاق غاز الميثان أثناء إنتاج النفط والغاز، وفي معظم الحالات، إشعاله أيضاً.
في عام 2022، أنشأ برنامج الأمم المتحدة للبيئة (UNEP) أيضًا نظامًا عالميًا للكشف عن غاز الميثان عبر الأقمار الصناعية لتنبيه الشركات والحكومات إلى أي تسريبات. ومنذ ذلك الحين، أرسل البرنامج أكثر من 3500 تحذير بشأن غاز الميثان إلى 33 دولة. وبحسب أحدث تقرير للأمم المتحدة حول غاز الميثان، أثارت هذه التحذيرات استجابات أكبر بكثير من جانب الحكومات والصناعة في العام الماضي، بنسبة 12 في المائة مقارنة بنحو 1 في المائة فقط في العام السابق.
ألبوم صور...ارتفاع حرارة الأرض يهدد بانقراض الحياة البحرية
تتزايد مخاوف العلماء من تاثيرات ارتفاع حرارة كوكب الأرض والتغير المناخي. واليوم يحذر علماء من احتمال تعرض الأرض لكارثة انقراض هائلة على مستوى الحياة البحرية. فكيف يمكن أن يحدث ذلك؟
صورة من: XL Catlin Seaview Survey
تأثيرات كارثية
يوماً بعد يوم، تتزايد مخاوف العلماء من التأثيرات الكارثية لارتفاع حرارة كوكب الأرض والتغير المناخي. ومؤخراً، حذرت دراسة جديدة نشرت بعض خلاصتها صحيفة الغارديان البريطانية من أن الاحتباس الحراري قد يتسبب في حدوث تغيير جذري في محيطات العالم لدرجة قد تهدد بانقراض جماعي للأنواع البحرية ليصبح الانقراض الأكبر من نوعه في تاريخ كوكب الأرض. الصورة يظهر الحاجز المرجاني العظيم في استراليا.
صورة من: picture alliance / Stringer/dpa
انخفاض الثراء البيولوجي.. البداية!
يتسبب تسارع تغير المناخ في إحداث تأثير "عميق" على النظم البيئية للمحيطات " قد يؤدي إلى تزايد مخاطر الانقراض. يقول العلماء إن الأمر قد يبدأ في الحدوث مع انخفاض الثراء البيولوجي والتنوع البحري وهو ما لم يحدث في تاريخ الأرض منذ عشرات الملايين من السنين.
صورة من: Gabriel Guzman/Calypso Productions/picture alliance
الوقود الأحفوري.. القاتل الصامت
ترتفع درجة حرارة مياه البحر في العالم بشكل مطرد بسبب حرق الوقود الأحفوري، وانبعاثات النشاطات الصناعية بينما تنخفض مستويات الأكسجين في المحيط وتتزايد حموضة المياه بسبب امتصاص كميات هائلة من ثاني أكسيد الكربون من الغلاف الجوي.
صورة من: picture-alliance/dpa/G. Esiri
استنفاد الأكسجين من المسطحات المائية
مع ارتفاع حرارة المحيطات تنخفض نسب الأكسجين بشكل يؤثر على قدرة الكائنات البحرية على التنفس. تضاعف حجم مياه المسطحات المائية المستنفدة من الأكسجين بقدر يصل إلى 4 مرات منذ ستينات القرن العشرين. لم تعد كائنات كالمحار وبلح البحر والجمبري قادرة على تكوين أصداف بشكل صحيح بسبب ارتفاع حموضة المياه، كما اختنقت الأسماك في عشرات الأماكن. هذا يعني أن الكوكب يمكن أن يصل لمرحلة "انقراض جماعي" للكائنات البحرية.
صورة من: Billy H.C. Kwok/Getty Images
انقراض جماعي كارثي.. قد يتكرر!
تقول الدراسة المنشورة في مجلة ساينس Science إن ضغوط ارتفاع حرارة البحار والمحيطات وفقدان الأكسجين تذكر بحدث الانقراض الجماعي الذي حدث منذ حوالي 250 مليون عام. أدت هذه الكارثة، المعروفة باسم "الموت الكبير"، إلى زوال ما يصل إلى 96٪ من الحيوانات البحرية من على كوكب الأرض.
صورة من: Stephanie Abramowicz, courtesy of the Natural History Museum of Los Angeles County
مستويات انقراض كارثية متوقعة
يشير البحث الجديد إلى أنه قد يتم الوصول إلى مستويات انقراض كارثية إذا أطلق العالم غازات الدفيئة بشكل غير مقيد، مما يؤدي إلى ارتفاع درجة حرارة الكوكب بأكثر من 4 درجات مئوية من متوسط درجة الحرارة التي كانت عليها الأرض في أوقات ما قبل الصناعة وذلك بحلول نهاية القرن الحالي. من شأن ذلك أن يؤدي إلى انقراض أنواع حية قد تعيد تشكيل الحياة في المحيط لعدة قرون أخرى.
صورة من: Tomasz Mikielewicz/Panther Media/picture alliance
الخطر يقترب بسرعة
لكن حتى في أفضل السيناريوهات، لا يزال العالم على وشك فقدان جزء كبير من الحياة البحرية. فعندما ترتفع درجة الحرارة بمقدار درجتين مئويتين بأعلى مما كانت عليه قبل عصر الصناعة، وهو ما يُتوقع أن يحدث حتى في ظل التعهدات المناخية الحالية من قبل حكومات العالم، سيتم القضاء على حوالي 4 ٪ من إجمالي نحو مليوني نوع من الكائنات البحرية في البحار والمحيطات.
صورة من: W.Poelzer/WILDLIFE/picture alliance
الكائنات القطبية أكثر عرضة للخطر
وفقًا للدراسة، تعتبر الأسماك والثدييات البحرية التي تعيش في المناطق القطبية أكثر عرضة للخطر، لأنها لن تكون قادرة على الهجرة إلى المناخات الأكثر برودة، على عكس الأنواع الاستوائية، ولن تجد تلك الكائنات مكان تذهب إليه.
صورة من: AP
أخطار أخرى
يؤدي خطر تغير المناخ إلى تعاظم الأخطار الرئيسية الأخرى التي تواجهها الحياة المائية، مثل الصيد الجائر والتلوث. وجدت الدراسة أن ما بين 10٪ و 15٪ من الأنواع البحرية معرضة بالفعل لخطر الانقراض بسبب هذه التهديدات المختلفة بحسب بيانات الاتحاد الدولي لحفظ الطبيعة.
صورة من: NAVESH CHITRAKAR/REUTERS
ما نفعله اليوم.. يحدد شكل مستقبلنا
يقول العلماء إن مستقبل الحياة في المحيطات يعتمد بقوة على ما نقرر فعله مع غازات الدفيئة اليوم. وبناء على ذلك سيتحدد شكل المحيطات في المستقبل: إما مساحات مائية شاسعة شبه خالية من أي حياة أو محيطات تحتفظ بما بها من كائنات بحرية. يعتمد ذلك على نجاحنا في خفض انبعاثات ثاني أكسيد الكربون.
إعداد: عماد حسن