بعد الفيتو الأمريكي ضد قرار أممي لوقف إطلاق النار في غزة، تتواصل العمليات الحربية في غزة وسط وضع إنساني "مروع". وأكد أقارب رهينة إسرائيلي مقتله بعد فشل إنقاذه. كما تفترض برلين وفاة عائلة ألمانية في القطاع.
إعلان
يتواصل القتال بين إسرائيل و حركة حماس في قطاع غزة السبت (التاسع من كانون الأول/ديسمبر 2023)، غداة استخدام الولايات المتحدة حق النقض (الفيتو) ضدّ قرار في مجلس الأمن الدولي يدعو إلى "وقف فوري لإطلاق النار لأسباب إنسانية"، في ظلّ وضع إنساني مروّع، وفقًا لمنظمات غير حكومية.
وأفادت السلطات الصحية التابعة لحركة حماس بأنّ 71 قتيلًا و160 جريحًا وصلوا خلال 24 ساعة إلى مستشفى الأقصى في دير البلح، عقب عمليات القصف التي استهدفت وسط قطاع غزة. وفي آخر حصيلة نشرتها الوزارة، أفادت عن مقتل 17490 شخصًا في القطاع، معظمهم من النساء والأطفال.
وبعدما ركز الجيش الإسرائيلي هجومه البري في مرحلة أولى في شمال غزة، وسع عملياته هذا الأسبوع إلى الجنوب حيث يحتشد زهاء مليوني شخص باتوا محاصرين في بقعة تضيق مساحتها تدريجيًا. وقال الجيش السبت، إنّ "العمليات في قطاع غزة مستمرّة"، مضيفًا أنّ "القوات البرية واصلت القتال في مواقع مختلفة".
من جهتها، أعلنت كتائب عز الدين القسام الجناح العسكري لحركة حماس، أنها أطلقت السبت دفعات جديدة من الصواريخ على مناطق في جنوب إسرائيل. ووفق الأمم المتحدة، دُمّر أكثر من نصف المنازل أو تضرّر في الحرب على القطاع، حيث فرّ 1,9 مليون شخص من منازلهم، أو ما يشكّل 85 في المئة من السكان.
وبموازاة ذلك، تزايدت بشكل ملحوظ بعض الأمراض المعدية مثل الإسهال والتهابات الجهاز التنفسي الحادّة والالتهابات الجلدية، وسط الاكتظاظ وسوء الظروف الصحية في الملاجئ التابعة لوكالة الأمم المتحدة المخصّصة للاجئين الفلسطينيين (الأونروا) في جنوب القطاع. ووفقًا لمكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا)، فإنّ 14 مستشفى فقط من أصل 36 مستشفى في قطاع غزة، كانت لا تزال تعمل بالإمكانات المتوفّرة لديها الخميس.
واتجه جزء كبير من السكان الذين شرّدتهم الحرب، والبالغ عددهم 1,9 مليون نسمة، إلى جنوب القطاع، لتتحوّل رفح الحدودية مع مصر إلى مخيّم ضخم للاجئين. ولا تزال محافظة رفح المنطقة الوحيدة في غزة التي يتم فيها توزيع مساعدات محدودة. وفي محافظة خان يونس، توقف توزيع المساعدات في الأيام الأخيرة في ظلّ اشتداد الأعمال الحربية والقيود المفروضة على التنقل على طول الطرق الرئيسية، باستثناء عمليات توصيل الوقود المحدودة لمقدّمي الخدمات الرئيسيين.
وفي شمال قطاع غزة، بات السكان يضطرون لدفن الضحايا في سوق مخيّم جباليا حيث يتمّ حفر القبور على عجل. وارتفع عدد القتلى في الضفة الغربية المحتلّة أيضًا، حيث قتلت القوات الإسرائيلية ستة فلسطينيين الجمعة، وفقًا لوزارة الصحة في رام الله. وأعلنت إسرائيل مقتل 93 جندياً في غزة منذ بداية الحرب. مقتل رهينة إسرائيلي في غزة
وأُعلن عن مقتل إسرائيلي احتجز خلال هجوم 7 تشرين الأول/أكتوبر في غزة بأيدي خاطفيه، بحسب ما قال كيبوتس ورابطة عائلية السبت، بعد أن أبلغت حركة حماس عن مقتله خلال محاولة الجيش الإسرائيلي إنقاذه. وأعلن منتدى عائلات الرهائن وكيبوتس بئيري في بيان "بحزن شديد وقلب منفطر نعلن مقتل ساهار باروخ". وبحسب البيان، فإن باروخ (25 عامًا) "خطف من منزله على يد إرهابيي حماس إلى غزة (...) وقتل هناك". وأشار البيان أن شقيقه ايدان قتل أيضًا في السابع من تشرين الأول/أكتوبر. وأضاف: "سنطالب بإعادة جثته في إطار أي صفقة لإعادة المختطفين".
وكان الجيش الإسرائيلي اعلن الجمعة في بيان عن إصابة جنديين "بجروح خطرة خلال عملية لإنقاذ رهائن تحتجزهم حماس". وأضاف "خلال العملية، قُتل كثير من الإرهابيين الذين شاركوا في خطف الرهائن واحتجازهم"، مؤكدًا "عدم إنقاذ أي رهائن". وتقول إسرائيل إن نحو 138 رهينة ما زالوا محتجزين في غزة.
من جهتها أفادت الحكومة الألمانية باحتمال وفاة مواطنين ألمان في الحرب الحالية على قطاع غزة. وقالت الخارجية الألمانية في رد على استفسار اليوم السبت: "للأسف مضطرون في الوقت الحالي أن نفترض وجود عائلة ألمانية بين ضحايا المعارك في غزة"، لكن الوزارة لم تذكر تفاصيل أخرى. وكانت صحيفة "زود دويتشه تسايتونغ" الألمانية ذكرت أن عائلة ألمانية تتكون من ستة أفراد لقيت حتفها في الخامس والعشرين من تشرين الأول/أكتوبر الماضي خلال هجوم بالقنابل على مسكن العائلة في غزة؛ واستندت الصحيفة في ذلك إلى معلومات أدلى بها أقارب لهذه العائلة.
يذكر أن حركة حماس هي مجموعة مسلحة فلسطينية إسلاموية، تصنفها ألمانيا والاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة ودول أخرى على أنها منظمة إرهابية.
م.ع.ح/خ.س/ز.أ.ب (د ب أ، أ ف ب)
معبر رفح.. "شريان الحياة" لسكان غزة ونافذتهم الضيقة نحو العالم
يمثل معبر رفح بين مصر وقطاع غزة المنفذ الوحيد لنحو مليوني فلسطيني على العالم الخارجي. نشأ المعبر في ظروف خاصة وتعرض للإغلاق كثيراً بسبب حروب وخلافات سياسية.. فما هي قصته؟
صورة من: Hatem Ali/AP/picture alliance
معبر رفح .. شريان حياة
لا يختفي اسم "معبر رفح" من وسائل الإعلام منذ بدء الاشتباكات بين حماس والجيش الإسرائيلي، إذ يُعد المنفذ الرئيسي الذي تدخل منه المساعدات المختلفة من غذاء ودواء ووقود وغيرها إلى قطاع غزة. كان المعبر حجر أساس في اتفاق الهدنة الأخير بين الطرفين حيث تم الاتفاق على عبور المئات من شاحنات المساعدات المختلفة يومياً إلى جانب خروج حملة الجنسيات الأجنبية والمرضى والمصابين الفلسطينيين من خلاله.
صورة من: Fatima Shbair/AP/picture alliance
نقطة الاتصال بالعالم الخارجي
في أقصى جنوب قطاع غزة، وعند صحراء سيناء في الجانب المصري، يُشكل معبر "رفح" البري المنفذ الرئيسي للقطاع إلى العالم. يوجد في غزة ستة معابر أخرى منها ايريز (حاجز بيت حانون) في الشمال وكرم أبو سالم جنوب شرق القطاع لكنها تقع جميعاً تحت السيطرة الإسرائيلية بالكامل. يبقى معبر رفح هو نقطة الاتصال الوحيدة بين قطاع غزة والعالم الخارجي.
صورة من: Mustafa Hassona/Anadolu/picture alliance
كيف نشأ المعبر؟
نشأ المعبر عقب توقيع مصر وإسرائيل اتفاقية السلام عام 1979 وانسحاب إسرائيل من سيناء عام 1982. قبل عام 1967 لم تكن هناك حدود بين رفح المصرية والفلسطينية لكنهما فصلتا بعد تنفيذ الشق الخاص من ااتفاقية ترسيم الحدود. خُصص المعبر لعبور الأفراد فيما خصص معبر كرم أبو سالم الذي تسيطر عليه إسرائيل لعبور البضائع.
صورة من: BOB DAUGHERTY/AP/picture alliance
إدراة مشتركة وفق اتفاقية أوسلو
سمحت اتفاقية أوسلو لممثلي السلطة الفلسطينية بالتواجد في المعبر. لكن منذ الانسحاب الإسرائيلي من قطاع غزة عام 2005 وإلى اليوم تغيرت ظروف المعبر عدة مرات وفقاً للتطورات الأمنية والعسكرية في القطاع. تم إغلاق المعبر مع انتفاضة عام 2000 وبعدها ظل ما بين الإغلاق والفتح، فيما شددت مصر إجراءات العبور من وقتها وحتى اليوم.
صورة من: Terje Bendiksby/NTB/picture alliance
من يتحكم في المعبر؟
سيطرت إسرائيل على المعبر خلال احتلالها للقطاع وحتى عام 2005 الذي انسحبت فيه من غزة. تم توقيع "اتفاقية الحركة والوصول" عام 2005 والتي جمعت بين إسرائيل والسلطة الفلسطينية وبرعاية أمريكية، وهي الاتفاقية التي أقرت بأن يخضع المعبر للسيطرة الفلسطينية - الإسرائيلية برعاية أوروبية تراقب حق الجانب الفلسطيني في العبور والتبادل التجاري بما لا يمس الأمن الإسرائيلي.
صورة من: picture alliance / ASSOCIATED PRESS
ضرورات أمنية
عملت مصر وإسرائيل على تقييد الحركة من غزة وإليها منذ أن فرضت حركة حماس سيطرتها على القطاع في 2007 حين وصل الصراع بين حماس وحركة فتح إلى ذروته. تقول الدولتان إن ذلك ضروريا لأسباب أمنية. ورهنت مصر التعامل مع المعبر بموافقة كل من إسرائيل والسلطة الفلسطينية بالضفة الغربية. وخلال الحرب الأخيرة فرضت إسرائيل حصاراً شاملاً على قطاع غزة في 9 أكتوبر/تشرين الأول.
صورة من: Hatem Ali/AP/picture alliance
بين إغلاق وفتح المعبر
في عام 2010 قررت مصر فتح المعبر بشكل أكبر عقب ما عرف بواقعة "أسطول الحرية". ومع أحداث ثورة يناير/ كانون الثاني 2011، أمر المجلس الأعلى للقوات المسلحة في مصر باقتصار فتح المعبر على الحالات الطارئة. لم يفتح المعبر بشكل كامل إلا مع ثورة 25 يناير لكن منذ عام 2013 عاد الوضع إلى ما كان عليه سابقاً. في عام 2017، فُتح المعبر أمام حركة الأفراد الحاصلين على تصريح أمني مع الخضوع لعمليات تفتيش صارمة.
صورة من: Hatem Ali/AP/picture alliance
مخاوف مصرية
تكمن أكبر مخاوف مصر في أمرين؛ الأول هو حدوث تدفق هائل للاجئين الفلسطينيين الفارين من الحرب عبر معبر رفح. والثاني وهو الأخطر ويتمثل في احتمال دخول مسلحين إسلاميين إلى البلاد، خصوصاً وأن مصر تواجه جماعات إسلامية متشددة في سيناء وذلك على مدار أكثر من 10 سنوات. لذلك تولي مصر أهمية مشددة لتأمين معبر رفح.
صورة من: Hatem Ali/AP/picture alliance
تطبيق إجراءات مشددة
لا تسمح السلطات المصرية للفلسطينيين بمغادرة غزة بسهولة، إذ يجب على الفلسطينيين الراغبين باستخدام معبر رفح التسجيل لدى السلطات الفلسطينية المحلية قبل سفرهم بنحو شهر وقد يتم رفض طلبهم إما من قبل السلطات الفلسطينية أو المصرية دون إبداء الأسباب. وفيما يشكو فلسطينيون من سوء معاملة على المعبر، تُبقي إسرائيل سيطرتها كاملة على ما يمر عبر القطاع خوفاً من وصول أي مساعدات خاصة لحركة حماس.
صورة من: Mohammed Talatene/dpa/picture alliance
الأولوية للحالات الإنسانية
أعطيت الأولوية في الاتفاق الأخير بين حماس وإسرائيل لعبور المساعدات الإنسانية والحالات المرضية وخصوصاً الأطفال الخُدج (غير مكتملي النمو) حيث أصدر الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي قراراً باستقبالهم في المستشفيات المصرية.
صورة من: Egypt's State Information Center/Xinhua/picture alliance
مخاوف من كارثة إنسانية
في مؤتمر صحفي كبير عقد في أكتوبر/تشرين الأول 2023، حذر الأمين العام للأمم المتحدة انطونيو غوتيرش من أمام بوابات المعبر في الجانب المصري من استمرار إغلاقه، منذراً بحدوث كارثة إنسانية إن لم تدخل المساعدات الإنسانية إلى غزة، وشدد على ضرورة ضمان عبور قوافل المساعدات بعدد كبير من الشاحنات كل يوم إلى قطاع غزة لتوفير الدعم الكافي لسكانه.
صورة من: picture alliance/dpa
القصف يعرقل انتظام عمل المعبر
خلال الحرب الأخيرة، أكدت مصر عدة مرات أن المعبر مفتوح من جانبها وأنه لم يتم إغلاقه منذ بدء الأزمة الراهنة، لكن تعرض مرافقه في الجانب الفلسطيني للدمار بسبب الغارات الإسرائيلية يحول دون انتظام عمله بشكل طبيعي، وفق ما ذكرت الخارجية المصرية. إعداد: عماد حسن.
صورة من: Russia Emergencies Ministry/dpa/picture alliance