غرق العشرات قبالة سواحل تونس وسط أزمة مهاجرين عالقين بالبلاد
علي المخلافي د ب أ
٦ مايو ٢٠٢٥
رجحت منظمة وفاة نحو 50 مهاجرا إثر غرق مركبهم بعد اندلاع حريق فيه قرب سواحل تونس، وكان انطلق من سواحل ليبيا وأكدت نجاة اثنين منهم. فيما تبحث المنظمة الدولية للهجرة في تونس مساعدة المهاجرين الذين يختارون العودة إلى ديارهم.
أرشيف (صورة رمزية) - مهاجرون على متن مركب في البحر الأبيض المتوسط صورة من: picture-alliance/AP Photo/O. Calvo
إعلان
رجحت منصة "هاتف الإنذار" للإبلاغ عن المهاجرين في البحر، اليوم الثلاثاء (السادس من مايو/أيار 2025)، وفاة قرابة 50 مهاجرا قرب سواحل تونس بعد نجاة اثنين فقط من قارب منكوب. وقالت المنصة التي تتبع منظمة "واتش ذو ماد" غير الحكومية، على موقع "إكس"، إنها كانت أبلغت أمس الإثنين عن حادثة غرق سفينة في البحر الأبيض المتوسط، وهي واحدة من بين العديد من الحوادث التي وقعت خلال الأسابيع والأشهر الماضية. وأوضحت "نخشى أن يصل عدد الوفيات إلى حوالي 50 شخصا". وبحسب معلومات جمعتها المنصة، اندلع حريق في المركب الذي كان انطلق من سواحل ليبيا قبل أيام، ما دفع جميع المهاجرين إلى القفز في البحر.
وأضافت: "أنقذ صيادون تونسيون اثنين من المهاجرين وعادوا بهما إلى تونس. وقال المهاجران إنهما الوحيدان اللذان نجيا من حادثة الغرق". ولم تتوفر حتى اليوم أي معلومات عن مصير البقية. وذكرت المنصة "نحن بحاجة إلى كسر هذا التطبيع مع عنف الحدود المميت". وبحسب آخر تحديث لبيانات المنظمة الدولية للهجرة يعد 316 شخص في عداد الضحايا والمفقودين في طريق وسط البحر الأبيض المتوسط هذا العام مقابل 1719 في كامل عام 2024.
إعلان
أزمة مهاجرين عالقين في تونس
من جانب آخر وصلت مديرة المنظمة الدولية للهجرة إيمي بوب إلى تونس، أمس الإثنين، في زيارة تستغرق يومين، في وقت تواجه فيه السلطات تحديا لتسوية أزمة الآلاف من مهاجري دول أفريقيا جنوب الصحراء العالقين في المدن التونسية. وتقول المنظمة إنها تعمل مع الحكومة التونسية وشركائها الرئيسيين، بما في ذلك الاتحاد الأوروبي والدول الأفريقية، من أجل تطوير حلول متكاملة، تشمل مساعدة من يختارون العودة إلى ديارهم، ومساعدتهم على إعادة الإدماج وبناء حياتهم.
وتتضمن زيارة بوب اجتماعات رفيعة المستوى مع مسؤولين حكوميين والشركاء الرئيسيين بهدف تعزيز التعاون في ملف الهجرة. ولدى استقباله رئيسة المنظمة، قال الرئيس التونسي قيس سعيد إن تونس "ترفض أن تكون معبرا أو مقرا للمهاجرين غير النظاميين"، مشددا على أن الأمر لا يتعلق بـ "ظاهرة بريئة".
غرق مهاجرين قبالة سواحل تونس
03:14
This browser does not support the video element.
ويتهم سعيد شبكات إجرامية للاتجار بالبشر وبأعضاء البشر، بتحريض المهاجرين على قطع الآلاف من الكيلومترات للوصول إلى المناطق المحيطة بصفاقس على الساحل الشرقي بنية عبور البحر المتوسط. وتقول المنظمة إنه "من الضروري أن تعمل الجهات المانحة وصناع السياسات بشكل وثيق مع الحكومة التونسية لدعم المهاجرين والمجتمعات المضيفة، بالإضافة إلى العودة الطوعية للمهاجرين".
وفي وقت سابق أفاد مسؤول أمني، لوكالة الأنباء الألمانية (د ب أ)، بأن عدد الذين غادروا تونس في رحلات العودة الطوعية حتى الآن هذا العام، ناهز الألفين، بينما شهد عام 2024 مغادرة أكثر من سبعة آلاف مهاجر. وأضاف أنه سيجري برمجة رحلة عودة كل أسبوع بدءا من شهر مايو/أيار 2025 وبدأت السلطات الأمنية في تونس منذ أسابيع بتفكيك خيام عشوائية تأوي قرابة 10 آلاف مهاجر في المناطق الريفية في جبنيانة والعامرة، وسط انتقادات من منظمات حقوقية.
تحرير: عادل الشروعات
أوروبا وبلدان شمال إفريقيا.. لعبة المصالح ومقايضة الهجرة بالمال
تحتاج دول الاتحاد الأوروبي لموافقة دول جنوب المتوسط من أجل وقف الأعداد القياسية للمهاجرين غير النظاميين. ولذلك سعت بروكسل لصفقات تبادل مصالح مع دول كمصر وتونس وموريتانيا، وتفاوض أخرى كالمغرب. اتفاقيات تعرضت لنقد شديد.
صورة من: Hasan Mrad/ZUMA Wire/IMAGO
رئيسة الحكومة الإيطالية تزور تونس للمرة الرابعة
تزور رئيسة الوزراء الإيطالية جورجيا ميلوني تونس، للمرة الرابعة خلال عام. وتركز مرة أخرى على مكافحة الهجرة غير القانونية. وأكدت مصادر إيطالية قبل هذه الزيارة أن "التعاون في مجال الهجرة يظل جانبا أساسيا في العلاقة بين إيطاليا وتونس". وتأتي الزيارة قبل شهرين من الانتخابات الأوروبية التي تخاض في إطارها نقاشات ساخنة حول الهجرة.
صورة من: Slim Abid/AP/picture alliance
اتفاقية مع تونس
وكانت تونس وقعت في تموز/يوليو 2023 مذكرة تفاهم مع المفوضية الأوروبية لكبح موجات الهجرة المنطلقة من سواحلها وجرى تعميم الخطوة مع موريتانيا ومصر لاحقا. وأشارت رئيسة المفوضية الأوروبية، التي زارت تونس مع رئيسي وزراء إيطاليا وهولندا، إلى أهمية التعاون في مجال مكافحة عصابات تهريب البشر وإدارة الحدود والبحث والإنقاذ عبر تمويل بقيمة 100 مليون يورو هذا العام.
صورة من: Freek van den Bergh/ANP/picture alliance
ثلثا المهاجرين يصلون إيطاليا عبر تونس
ومن بين أكثر من 150 ألف مهاجر وصلوا إلى السواحل الإيطالية القريبة في 2023، انطلق قرابة ثلثي العدد من سواحل تونس وأغلبهم من سواحل صفاقس التي تضم الآلاف من مهاجري دول إفريقيا جنوب الصحراء، والحالمين بالوصول إلى دول التكتل الأوروبي الغني. وتوفي أكثر من 1300 مهاجر قبالة سواحل تونس عام 2023، أي ما يفوق نصف عدد الوفيات في البحر المتوسط، المصنف كأخطر الطرق البحرية للهجرة غير النظامية.
صورة من: Ferhi Belaid/AFP/Getty Images
اتفاقية مع مصر
رئيسة المفوضية الأوروبية زارت القاهرة أيضا، برفقة رؤساء حكومات بلجيكا وإيطاليا واليونان. ووقعت اتفاقية مع الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي بهدف إقامة شراكة مع السلطات المصرية لمساعدة هذا البلد الغارق في أزمة اقتصادية خطيرة، والذي يقع على حدود حربين في قطاع غزة والسودان، وحيث يوجد نحو 9 ملايين مهاجر ولاجئ - بما في ذلك أربعة ملايين سوداني و 1,5 مليون سوري - بحسب المنظمة الدولية للهجرة.
صورة من: Dati Bendo/dpa/EU Commission/picture alliance
مساعدات لموريتانيا مقابل التعاون في مجال الهجرة
كما وقعت موريتانيا مع بروكسل إعلانا للتعاون المشترك بينهما في مجال محاربة الهجرة غير النظامية يشتمل على نقاط متفرقة منها منع المهاجرين من التدفق نحو السواحل الأوروبية، وخاصة إسبانيا، وإعادة المهاجرين الموريتانيين غير النظاميين. والتعاون في مجال اللجوء، ومساعدة موريتانيا على إيواء طالبي اللجوء الأجانب على أراضيها مع احترام حقوقهم الأساسية. ولقي الاتفاق انتقادات واسعة في موريتانيا.
صورة من: BORJA PUIG DE LA BELLACASA/AFP
العبور من المغرب
يعتبر المغرب أحد أهم الوجهات للعبور إلى الاتحاد الأوروبي. إلا أن الرباط تشدد رقابتها على المنفذين البريين في سبتة ومليلة، إضافة للعبور بحرا. واعترضت السلطات المغربية 87 ألف مهاجر حاولوا الانطلاق من المغرب إلى أوروبا في 2023، وأنقذت 22 ألف مهاجر تقطعت بهم السبل في البحر أثناء محاولة العبور.
صورة من: Bernat Armangue/AP Photo/picture alliance
تقارب إسباني مغربي
التقارب الأوروبي مع المغرب تدفع به خصوصا إسبانيا، التي أعلنت في مارس/آذار 2022 تأييد موقف المغرب فيما يتعلق بالصحراء الغربية. وزار رئيس الوزراء الإسباني سانشيز المغرب أكثر من مرة. وعملت الرباط ومدريد على توثيق التعاون في المجالات الاقتصادية والسياسية. واحتلت قضية الهجرة موقعا مهما في المحادثات.
صورة من: /AP Photo/picture alliance
سعي أوروبي لاتفاق قريب مع المغرب
هناك اتفاقيات ثنائية بين دول أوروبية والمغرب بخصوص الهجرة. ولكن هناك مفاوضات تجريها المفوضية الأوروبية مع الرباط، منذ سبع سنوات، ومن المقرر أن يتم التوقيع على الاتفاق نهاية 2024. التعاون مع المغرب ثمنه ليس ماليا، وإنما سياسي، بحسب مصادر أوروبية مطلعة، كما نقلت صحيفة "كرونه" النمساوية، حيث تشترط الرباط دعم بروكسل بخصوص الصحراء الغربية. وفي المقابل، يدعم المغرب السياسة الأوروبية المتعلقة باللاجئين.
صورة من: Abdelhak Senna/AFP/GettyImages
انتقادات حقوقية لهذه الاتفاقيات
انتقد نواب في البرلمان الأوروبي "الوضع الكارثي للديموقراطية وحقوق الإنسان في مصر". كما تعرضت مذكرة التفاهم مع تونس لانتقادات من قبل اليسار الذي يدين "استبداد" الرئيس التونسي سعيد، والانتهاكات التي يتعرض لها المهاجرون من جنوب الصحراء في بلده.
ودان المجلس الأوروبي للاجئين "الاتفاقات المبرمة مع الحكومات القمعية".
صورة من: Mahmud Turkia/AFP
تبقى ليبيا
ومع هذه الاتفاقيات المتتالية مع دول شمال إفريقيا للحد من الهجرة غير النظامية، تبقى دولة واحدة بمثابة العقدة أمام المنشار. حيث تستغل ميليشيات مسلحة في ليبيا الانقسام في البلد، لتحقق ثروات طائلة من خلال تهريب المهاجرين على قوارب مكتظة باتجاه اليونان وإيطاليا. وعجزت الجهود الأوروبية حتى الآن عن إيجاد حل للمعضلة، التي تفاقمت في يونيو/حزيران 2023 مع تسجيل واحد من أكبر حوادث غرق المهاجرين على الإطلاق.