غرق وفقدان العشرات من المهاجرين قبالة سواحل تونس وجيبوتي
٢٣ أبريل ٢٠٢٤
انتشلت السلطات التونسية جثث 22 مهاجرا غير نظامي قبالة سواحل صفاقس. وفي حادثة أخرى قالت منظمة أممية إن 16 شخصا لقوا حتفهم وفُقد 28 آخرون بانقلاب قارب يحمل 77 مهاجرا قبالة ساحل جيبوتي، في ثاني حادث من نوعه خلال أسبوعين.
إعلان
انتشلت السلطات التونسية اثنتين وعشرين جثة تعود لمهاجرين غير نظاميين قبالة سواحل محافظة صفاقس -وسط شرق تونس- وفق ما أفاد متحدث قضائي الثلاثاء (23 أبريل / نيسان 2024) مرجحا أن تعود جنسياتهم الى دول أفريقيا جنوب الصحراء. وقال المتحدث الرسمي باسم محكمة صفاقس هشام بن عيّاد لوكالة فرانس برس: "22 جثة وقع اكتشافها على مراحل بميناء سيدي يوسف (قبالة سواحل صفاقس) منذ يوم السبت وتبدو الجثث لأفارقة وأُودِعَتْ في غرفة الأموات". وأضاف المتحدث أن "لا معلومات إضافية في الموضوع"، موضحا أنه "غير معلوم حتى الآن" إنْ كان ظهور الجثث ناجما عن حادث غرق مركب واحد أو أكثر.
وتمثل سواحل محافظة صفاقس أبرز نقطة انطلاق للمهاجرين من دول جنوب الصحراء ومن التونسيين الذين يحاولون الوصول إلى سواحل إيطاليا. وأعلن خفر السواحل في بيان الثلاثاء القبض على "5 أنفار مُفتَّش عنهم من منظمين ووسطاء" في صفاقس. ومع تحسن الأحوال الجوية تتزايد محاولات الهجرة غير القانونية بحرا وتنتهي عادة بحوادث غرق وتتسب في مآسٍ.
وبحسب المنظمة الدولية للهجرة لقي أكثر من 2498 شخصا مصرعهم -عام 2023- في البحر الأبيض المتوسط أثناء محاولتهم الوصول إلى السواحل الأوروبية بطريقة غير قانونية، أي بزيادة بنسبة 75% عن العام 2022.
وفاة أكثر من 63 ألف مهاجر خلال عقد
02:32
وتؤرق ظاهرة الهجرة غالبية دول المنطقة المغاربية. وأمس الإثنين أعلن قادة تونس والجزائر وليبيافي ختام اجتماع تشاوري -استضافته العاصمة التونسية- أنهم اتفقوا على العمل سوية من أجل مكافحة مخاطر الهجرة غير القانونية وتوحيد مواقفهم بشأن هذه الظاهرة.
16 قتيلا على الأقل و28 مفقودا قبالة جيبوتي
وفي حادثة أخرى لقي 16 شخصا على الأقل حتفهم وفُقد 28 إثر انقلاب قارب يقل مهاجرين قبالة سواحل جيبوتي، بحسب ما أعلنت يوم الثلاثاء المنظمة الدولية للهجرة وهي منظمة تابعة للأمم المتحدة.
وقالت المنظمة في منشور على موقع "إكس": "مأساة جراء انقلاب قارب قبالة ساحل جيبوتي يحمل على متنه 77 مهاجرا بينهم أطفال. هناك 28 مفقودا على الأقل و16 قتيلا"، من دون أن تذكر تاريخ وقوع الحادثة. وأضافت أن الفرع المحلي للمنظمة الدولية للهجرة "يدعم السلطات المحلية عبر جهود البحث والإنقاذ".
من جانبه أفاد السفير الإثيوبي لدى جيبوتي -برهان تسيغايه- على منصة "إكس" أن القارب كان يقل مهاجرين إثيوبيين كانو يحاولون الوصول إلى اليمن وأن الحادث وقع ليل الإثنين قبالة جودوريا في شمال شرق جيبوتي. وأكد أن عدد الناجين 33 شخصا بينهم امرأة واحدة.
ويُعَد الحادث الأخير ضمن سلسلة الحوادث المميتة في ما يعرف بـ"طريق الهجرة الشرقي". وكان قارب آخر غرق -في 8 / 04 / 2024- كان يُقِلّ أكثر من 60 شخصا قبالة ساحل جودوريا، بحسب المنظمة الدولية للهجرة والسفارة الإثيوبية في جيبوتي. وقالت منظمة الهجرة الدولية حينها إنه تم العثور على جثث 38 مهاجرا -بينهم أطفال- بينما اُعتبر ستة أشخاص في عداد المفقودين. وقالت السفارة في جيبوتي إن القارب كان يقل مهاجرين إثيوبيين من جيبوتي إلى اليمن.
وكل عام يخوض عشرات آلاف المهاجرين الأفارقة رحلة محفوفة بالمخاطر عبر "الطريق الشرقي" عبر البحر الأحمر واليمن للوصول إلى السعودية، هربا من النزاعات أو الكوارث الطبيعية أو سعيا لفرص اقتصادية أفضل.
ع.م/ (أ ف ب ، رويترز)
أوروبا وبلدان شمال إفريقيا.. لعبة المصالح ومقايضة الهجرة بالمال
تحتاج دول الاتحاد الأوروبي لموافقة دول جنوب المتوسط من أجل وقف الأعداد القياسية للمهاجرين غير النظاميين. ولذلك سعت بروكسل لصفقات تبادل مصالح مع دول كمصر وتونس وموريتانيا، وتفاوض أخرى كالمغرب. اتفاقيات تعرضت لنقد شديد.
صورة من: Hasan Mrad/ZUMA Wire/IMAGO
رئيسة الحكومة الإيطالية تزور تونس للمرة الرابعة
تزور رئيسة الوزراء الإيطالية جورجيا ميلوني تونس، للمرة الرابعة خلال عام. وتركز مرة أخرى على مكافحة الهجرة غير القانونية. وأكدت مصادر إيطالية قبل هذه الزيارة أن "التعاون في مجال الهجرة يظل جانبا أساسيا في العلاقة بين إيطاليا وتونس". وتأتي الزيارة قبل شهرين من الانتخابات الأوروبية التي تخاض في إطارها نقاشات ساخنة حول الهجرة.
صورة من: Slim Abid/AP/picture alliance
اتفاقية مع تونس
وكانت تونس وقعت في تموز/يوليو 2023 مذكرة تفاهم مع المفوضية الأوروبية لكبح موجات الهجرة المنطلقة من سواحلها وجرى تعميم الخطوة مع موريتانيا ومصر لاحقا. وأشارت رئيسة المفوضية الأوروبية، التي زارت تونس مع رئيسي وزراء إيطاليا وهولندا، إلى أهمية التعاون في مجال مكافحة عصابات تهريب البشر وإدارة الحدود والبحث والإنقاذ عبر تمويل بقيمة 100 مليون يورو هذا العام.
صورة من: Freek van den Bergh/ANP/picture alliance
ثلثا المهاجرين يصلون إيطاليا عبر تونس
ومن بين أكثر من 150 ألف مهاجر وصلوا إلى السواحل الإيطالية القريبة في 2023، انطلق قرابة ثلثي العدد من سواحل تونس وأغلبهم من سواحل صفاقس التي تضم الآلاف من مهاجري دول إفريقيا جنوب الصحراء، والحالمين بالوصول إلى دول التكتل الأوروبي الغني. وتوفي أكثر من 1300 مهاجر قبالة سواحل تونس عام 2023، أي ما يفوق نصف عدد الوفيات في البحر المتوسط، المصنف كأخطر الطرق البحرية للهجرة غير النظامية.
صورة من: Ferhi Belaid/AFP/Getty Images
اتفاقية مع مصر
رئيسة المفوضية الأوروبية زارت القاهرة أيضا، برفقة رؤساء حكومات بلجيكا وإيطاليا واليونان. ووقعت اتفاقية مع الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي بهدف إقامة شراكة مع السلطات المصرية لمساعدة هذا البلد الغارق في أزمة اقتصادية خطيرة، والذي يقع على حدود حربين في قطاع غزة والسودان، وحيث يوجد نحو 9 ملايين مهاجر ولاجئ - بما في ذلك أربعة ملايين سوداني و 1,5 مليون سوري - بحسب المنظمة الدولية للهجرة.
صورة من: Dati Bendo/dpa/EU Commission/picture alliance
مساعدات لموريتانيا مقابل التعاون في مجال الهجرة
كما وقعت موريتانيا مع بروكسل إعلانا للتعاون المشترك بينهما في مجال محاربة الهجرة غير النظامية يشتمل على نقاط متفرقة منها منع المهاجرين من التدفق نحو السواحل الأوروبية، وخاصة إسبانيا، وإعادة المهاجرين الموريتانيين غير النظاميين. والتعاون في مجال اللجوء، ومساعدة موريتانيا على إيواء طالبي اللجوء الأجانب على أراضيها مع احترام حقوقهم الأساسية. ولقي الاتفاق انتقادات واسعة في موريتانيا.
صورة من: BORJA PUIG DE LA BELLACASA/AFP
العبور من المغرب
يعتبر المغرب أحد أهم الوجهات للعبور إلى الاتحاد الأوروبي. إلا أن الرباط تشدد رقابتها على المنفذين البريين في سبتة ومليلة، إضافة للعبور بحرا. واعترضت السلطات المغربية 87 ألف مهاجر حاولوا الانطلاق من المغرب إلى أوروبا في 2023، وأنقذت 22 ألف مهاجر تقطعت بهم السبل في البحر أثناء محاولة العبور.
صورة من: Bernat Armangue/AP Photo/picture alliance
تقارب إسباني مغربي
التقارب الأوروبي مع المغرب تدفع به خصوصا إسبانيا، التي أعلنت في مارس/آذار 2022 تأييد موقف المغرب فيما يتعلق بالصحراء الغربية. وزار رئيس الوزراء الإسباني سانشيز المغرب أكثر من مرة. وعملت الرباط ومدريد على توثيق التعاون في المجالات الاقتصادية والسياسية. واحتلت قضية الهجرة موقعا مهما في المحادثات.
صورة من: /AP Photo/picture alliance
سعي أوروبي لاتفاق قريب مع المغرب
هناك اتفاقيات ثنائية بين دول أوروبية والمغرب بخصوص الهجرة. ولكن هناك مفاوضات تجريها المفوضية الأوروبية مع الرباط، منذ سبع سنوات، ومن المقرر أن يتم التوقيع على الاتفاق نهاية 2024. التعاون مع المغرب ثمنه ليس ماليا، وإنما سياسي، بحسب مصادر أوروبية مطلعة، كما نقلت صحيفة "كرونه" النمساوية، حيث تشترط الرباط دعم بروكسل بخصوص الصحراء الغربية. وفي المقابل، يدعم المغرب السياسة الأوروبية المتعلقة باللاجئين.
صورة من: Abdelhak Senna/AFP/GettyImages
انتقادات حقوقية لهذه الاتفاقيات
انتقد نواب في البرلمان الأوروبي "الوضع الكارثي للديموقراطية وحقوق الإنسان في مصر". كما تعرضت مذكرة التفاهم مع تونس لانتقادات من قبل اليسار الذي يدين "استبداد" الرئيس التونسي سعيد، والانتهاكات التي يتعرض لها المهاجرون من جنوب الصحراء في بلده.
ودان المجلس الأوروبي للاجئين "الاتفاقات المبرمة مع الحكومات القمعية".
صورة من: Mahmud Turkia/AFP
تبقى ليبيا
ومع هذه الاتفاقيات المتتالية مع دول شمال إفريقيا للحد من الهجرة غير النظامية، تبقى دولة واحدة بمثابة العقدة أمام المنشار. حيث تستغل ميليشيات مسلحة في ليبيا الانقسام في البلد، لتحقق ثروات طائلة من خلال تهريب المهاجرين على قوارب مكتظة باتجاه اليونان وإيطاليا. وعجزت الجهود الأوروبية حتى الآن عن إيجاد حل للمعضلة، التي تفاقمت في يونيو/حزيران 2023 مع تسجيل واحد من أكبر حوادث غرق المهاجرين على الإطلاق.