غزة: "السمك الطبيب"
٨ يونيو ٢٠١٣سمكٌ صغير في أحواضٍ زجاجية متوسطة الحجم، غَمرنا قدمينا داخلها، سرعان ما تجمعت على أطرافها الأسماك ، فبدأنا نشعر لعاقها وبدغدغة ووخزِ أسنانها وكأنها تلاعب شيئا جديدا دخل إلى عالمها المائي. فِكرةُ علاجٍ آثرت DWعربية أن تُجربها على نفسها لتنقل الشعور والإحساس. المدهش أن هذه الدغدغة الناعمة سرعان ما تلاشت وبدأنا الإحساس بالاسترخاء والهدوء النفسي. طريقهٌ علاجية ربما تثير الدهشة عند البعض والاستخفاف عند الآخرين. ووفق شرح مفصل لـ DWعربية من د.علاء أبو غالي أخصائي العلاج الطبيعي، الباحث في مجال الطب المُكمل الذي افتتح مركزه العلاجي في مدينه رفح جنوب قطاع غزة ، فإن "المختصين بهذا العلاج حصلوا على نتائج ملموسة بشكل كبير بعد أن يأس المرضي من الطب التقليدي واستخدام العقاقير والأدوية الطبية".
"السمك الطبيب"
يُسمى علميا (Garra Rufa) اشتهر باسمه العلمي (Doctor Fish ) بمعنى (السمك الطبيب). استجلبه بصعوبة شديدة إلى غزة د. أبو غالي من جنوب شرق آسيا، الذي يشير لـDWعربية أن هذا النوع من السمك مُسالم ليس بالعدواني، من فصيلة نادرة جدا يتراوح طوله مابين "3-6سنتيمترات" يعيش في المياه العذبة بدرجه حرارة "35-40"درجة مئوية. ويضيف أبو غالى أن سعر السمكة الواحدة يصل إلى سبع دولارات، وتمتلك مناعة كبيرة عن اسماك الزينة التي تشبها بشكل كبير، وان الفترة الزمنية التي تعيشها تصل إلى ما يقارب السنة، مؤكدا " أنها تتغذى على نوع خاص من الطعام فضلا على التهام الجلد الميت والفطريات الموجودة على جلد المرضي". ومن خلال البحث تبين أن هذا السمك اكتشفت طريقه العلاج به بالصدفة البحتة في احد أنهار تركيا وهى موطنه الأصلي. ويكمن سر العلاج وفق د. علاء على لسان تلك الأسماك " فهي تمتص وتنظف المناطق المتضررة من الجلد بلطف ثم تفرز مادة الديترانول المطهرة من شفتيها على الجلد مما يساهم بجعل الجلد أملس وأنعم بعد العلاج ".
طُريقة مُكملة للطب التقليدي
يقول د. أبو غالى أن فكرة إنشاء مركزه الذي يُعالِج بالأسماك هو الأول من نوعه في فلسطين. ويضيف لـDWعربية " مراكز العلاج بالأسماك توجد فقط في احد عشر دولة ونحن في غزة نعتبر الثاني عشر ". راودته الفكرة منذ سنوات بفعل خبرته الطويلة في مجال العلاج الطبيعي و الطب البديل أو" المُكمل" وفق ما يَحلُو تسميته. ويضيف قائلا " من خلال خبرتي لسنوات و نجاحي في علاج المرضي بالوخز بالنحل والتي عجز الطب التقليدي في علاجها وبعد أن ييأس المرضي من الأدوية ، اجتَهد دائما بالبحث والمتابعة في الطب المُكمل". فزاد فضول أبو غالى للتعرف على طبيعة العلاج بالأسماك حين سمع عنها منذ عامين ونصف، فسافر منذ عام مضى لإحدى دول شرق آسيا وهى موطنٌ آخر لهذا النوع من الأسماك، واجتاز دورات خاصة في كيفية التعامل مع هذا النوع من السمك. ويرى أن البحث عن البدائل الطبيعية في الطب المكمل أو البديل "هو الطريق الأصح بعد عجز الطب التقليدي عن علاج مرضاهم".
جلسات العلاج
تنقسم الجلسات إلى نوعين: "للعلاج والاستجمام". الجلسة تتراوح مابين 20-30 دقيقة. وتختلف الجلسات العلاجية في عددها وفترتها الزمنية. أما جلسات الاستجمام فهي "حسب الرغبة لا تتقيد بعدد جلسات أو بفترة زمنية محددة". وتبدأ عملية العلاج بوضع قدمي أو يدي المريض في حوض زجاجي مائي يحتوي على سمك " جارا رافا" و أنواع خاصة من الحصى اُستجلبت من موطن الأسماك لحجز فضلاتها وللحفاظ على سلامه السمك من حمض الامونيا الموجود في الفضلات، والحديث لابو غالى الذي يشير أن نتائج العلاج "تأتى بنتائج ايجابية بشكل مذهل خاصة لمرضي الصدفية والاكزيما والبهاق وآلام المفاصل والصدمات العصبية والنفسية".
ويصاحب الجلسة الاستماع للموسيقي الهادئة التي تساعد المريض على الاسترخاء، فتبدأ الأسماك بالتهام بقايا الجلد الميت أسفل القدمين أو اليدين، وتعمل على تنظيف البشرة من الفطريات والبكتيريا غير المرئية بالعين المجردة المتواجدة ما بين أصابع اليد أو القدمين. وعملية التهام الجلد الميت تعمل على تفتيح مسمات الجلد، وهي نوع من أنواع المساج الطبيعي " الميكروماساج", وبالتالي تعمل على تنشيط الدورة الدموية. والطريقة الأخيرة وصفها د.علاء "بجلسات الاستجمام والترفيه حسب الرغبة". وأثناء الحديث أطلق اثنين من المرضي ضحكات خفيفة عندما غمرا قدميهما في الأحواض، فسألناهم عن السبب؟ فقالا "نشعر بزغزغة خفيفة لكنها تلاشت". وكان احدهما جاء للترفية والآخر طفل يعانى من أكزيما موسمية. وتابعا حديثهما مع DW عربية بعد انتهاء الجلسة " نشعر بانتعاش وتحسن نفسي وجسدي".
دواعي السلامة
يسبق جلسة العلاج خطوات لدواعي السلامة، تبدأ بتعقيم وتطهير الأقدام للحفاظ علي سلامة المرضي والأسماك.
ويشير أبو غالي أن الأسماك حصلت على شهادات صحية خالية من الأمراض. إلى ذلك يتم فحص كل مريض للتأكد من خلوه من الجروح والقروح والالتهابات المزمنة أو الأمراض المعدية " تحسبا لانتقال العدوى". منوها أن مياه الأحواض تُجدد يوميا، وبداخلها جهاز لتوفير الأكسجين وسخان للتعقيم و لتدفئة المياه بالأشعة فوق بنفسجية لقتل اى ميكروبات أو فيروسات داخل الأحواض التي يخصص بعضها للمرضى وأخرى للترفيه. ويختتم د. أبو غالى حديثه مع DWعربية "يخضع استخدام الحوض مابين المريض والآخر فترة زمنية تمتد لنحو ثلاثين دقيقة لإجراءات التعقيم".