في غياب أي إشارة لوقف التصعيد، دعا الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش لوقف إنساني فوري لإطلاق النار في غزة لضمان وصول المساعدات وتسهيل الإفراج عن الرهائن وتجنب اتساع نطاق الحرب.
إعلان
دعا الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش لوقف إطلاق نار "فوري" في غزة، فيما تحدثت إسرائيل عن قرب انتهاء العمليات المكثفة بجنوب القطاع في الحرب مع حماس. إلى ذلك، أعلنت حماس أن القصف الإسرائيلي العنيف المتواصل على القطاع منذ أكثر من مئة يوم، أدى إلى مقتل اثنين من الرهائن المحتجزين لديها. واعتبرت إسرائيل أن نشر حماس شريط فيديو جديداً للرهائن هو "استغلال وحشي" لهم. وتبقى المخاوف قائمة من اتساع رقعة النزاع مع استمرار أعمال العنف داخل إسرائيل والأراضي الفلسطينية، وفي الممرات البحرية قرب باب المندب والبحر الأحمر حيث تبنى الحوثيون هجوما جديدا على سفينة قبالة سواحل اليمن، وعلى الحدود الإسرائيلية اللبنانية حيث يتواصل التبادل اليومي للقصف بين إسرائيل وحزب الله.
وفي غياب أيّ إشارة إلى وقف التصعيد، أطلق غوتيريش دعوة جديدة من أجل "وقف إنساني فوري" لإطلاق النار. وقال للصحفيين في نيويورك "نحتاج إلى وقف إنساني فوري لإطلاق النار لضمان وصول المساعدات إلى المحتاجين إليها وتيسير الإفراج عن الرهائن ولإخماد لهيب حرب أوسع نطاقًا". وأضاف "طول أمد الصراع في غزة سيزيد مخاطر التصعيد وإساءة الحسابات"، مشددا على أنه "لا يمكن لأي شيء أن يبرّر العقاب الجماعي للشعب الفلسطيني".
واندلعت الحرب بعد هجوم غير مسبوق شنته حماس في السابع من تشرين الأول/أكتوبر على إسرائيل أدّى الى مقتل نحو 1140 شخصا، غالبيتهم من المدنيين، بحسب تعداد لفرانس برس استنادا إلى مصادر إسرائيلية رسمية. وخطف نحو 250 شخصًا كرهائن، لا يزال 132 منهم محتجزين، وفقًا للسلطات الإسرائيلية. وأُطلق سراح أكثر من مئة بموجب هدنة في أواخر تشرين الثاني/ نوفمبر، لقاء الإفراج عن 240 معتقلا فلسطينيا من سجون إسرائيلية.
وردّا على الهجوم، تعهدت إسرائيل بـ"القضاء" على حماس وتشن منذ ذلك الحين حملة كثيفة من القصف والغارات المدمرة اتبعتها بهجوم بري منذ 27 تشرين الأول/أكتوبر. وقالت السلطات الصحية التابعة لحماس أمس الإثنين: إن حصيلة العمليات العسكرية الإسرائيلية ارتفعت إلى 24100 قتيل و60834 جريحًا غالبيتهم من النساء والفتية والأطفال. وأضافت أن 132 منهم قتلوا في الساعات الأربع والعشرين الأخيرة، مشيرة الى أن عددا من الضحايا لا يزالون تحت الركام وفي الطرق ولا يمكن الوصول إليهم.
ويركّز الجيش الإسرائيلي ضرباته على جنوب القطاع حيث توجّه مئات الآلاف من السكان هرباً من القتال شمالاً. وكثّف الجيش في الأسابيع الأخيرة عملياته وقصفه لخان يونس ورفح بعدما اعتبر أن البنية العسكرية لحماس شمالا تمّ "تفكيكها". ويشار إلى أن حركة حماس جماعة إسلاموية فلسطينية مسلحة، تصنف في ألمانيا والاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة ودول أخرى كمنظمة إرهابية.
وشدد وزير الدفاع الإسرائيلي يوآف غالانت على أن قطاع غزة سيحكمه "الفلسطينيون في المستقبل. يجب أن تنبثق حكومة غزة المستقبلية من قطاع غزة". وأضاف "في نهاية الحرب، لن يكون هناك تهديد عسكري من غزة. لن تكون حماس قادرة على الحكم والعمل كقوة عسكرية في قطاع غزة". وأعلن غالانت أن المرحلة المكثّفة من الحرب في الجنوب "ستنتهي قريبا".
وقال في مؤتمر صحفي "أوضحنا أن مرحلة العمليات المكثّفة ستستمر لنحو ثلاثة أشهر"، مشيرا إلى أن هذه المرحلة تم بلوغها في شمال قطاع غزة. وأضاف "في جنوب غزة سنتوصل إلى هذا الإنجاز وسينتهي الأمر قريبا... سيحين الوقت الذي ننتقل فيه إلى المرحلة التالية"، دون تحديد إطار زمني.
مقتل اثنين من الرهائن
الى ذلك، أعلنت كتائب القسام، الجناح العسكري لحركة حماس، مقتل اثنين من الرهائن الإسرائيليين الذين تحتجزهم. ونشرت الكتائب شريط فيديو تظهر فيه امرأة هي رهينة بدورها، تقول إن رجلين كانا محتجزين معها، قد قتلا. وأكدت القسام في بيان مقتل الرهينتين نتيجة قصف للجيش الإسرائيلي على غزة.
ووفق وسائل إعلام إسرائيلية، فإنّ الشابة هي نوا أرغاماني (26 عاماً) التي خطفت خلال مهرجان موسيقي في جنوب إسرائيل في السابع من تشرين الأول/أكتوبر، والرجلان هما يوسي شرعابي (53 عاماً) وإيتاي سفيرسكي (38 عاماً) اللذين خطفا من كيبوتس بئيري. وندّد الجيش الإسرائيلي بـ"الاستغلال الوحشي للرهائن الأبرياء". ورفض المتحدث باسمه دانيال هغاري تحميل الحركة للجيش مسؤولية قتل الرهينتين، مشددا على أن "هذه كذبة من حماس".
في غضون ذلك، تتواصل المعاناة الانسانية في قطاع غزة الذي يفتقر سكانه وعددهم 2,4 مليون نسمة إلى كل شيء، لا سيما الغذاء والدواء والوقود. كما يزيد البرد التعقيدات التي يواجهونها في حياتهم اليومية. وتشير تقديرات الأمم المتحدة إلى أن 1,9 مليون شخص اضطروا إلى النزوح داخل القطاع بسبب القصف والغارات.
في الوقت نفسه تتواصل الجهود الدولية لتجنّب اتساع رقعة النزاع إقليميا وأعلنت وزيرة الخارجية الأسترالية بيني وونغ عن قيامها بزيارة هذا الأسبوع إلى الأردن وإسرائيل والأراضي الفلسطينية والإمارات، فيما حذّر وزير الخارجية الأردني أيمن الصفدي من أن الحرب بين إسرائيل وحماس "تهدّد أمن المنطقة برمّتها" ولن توفر الأمن لإسرائيل.
ا.ف/ ح.ز (أ.ف.ب)
معبر رفح.. "شريان الحياة" لسكان غزة ونافذتهم الضيقة نحو العالم
يمثل معبر رفح بين مصر وقطاع غزة المنفذ الوحيد لنحو مليوني فلسطيني على العالم الخارجي. نشأ المعبر في ظروف خاصة وتعرض للإغلاق كثيراً بسبب حروب وخلافات سياسية.. فما هي قصته؟
صورة من: Hatem Ali/AP/picture alliance
معبر رفح .. شريان حياة
لا يختفي اسم "معبر رفح" من وسائل الإعلام منذ بدء الاشتباكات بين حماس والجيش الإسرائيلي، إذ يُعد المنفذ الرئيسي الذي تدخل منه المساعدات المختلفة من غذاء ودواء ووقود وغيرها إلى قطاع غزة. كان المعبر حجر أساس في اتفاق الهدنة الأخير بين الطرفين حيث تم الاتفاق على عبور المئات من شاحنات المساعدات المختلفة يومياً إلى جانب خروج حملة الجنسيات الأجنبية والمرضى والمصابين الفلسطينيين من خلاله.
صورة من: Fatima Shbair/AP/picture alliance
نقطة الاتصال بالعالم الخارجي
في أقصى جنوب قطاع غزة، وعند صحراء سيناء في الجانب المصري، يُشكل معبر "رفح" البري المنفذ الرئيسي للقطاع إلى العالم. يوجد في غزة ستة معابر أخرى منها ايريز (حاجز بيت حانون) في الشمال وكرم أبو سالم جنوب شرق القطاع لكنها تقع جميعاً تحت السيطرة الإسرائيلية بالكامل. يبقى معبر رفح هو نقطة الاتصال الوحيدة بين قطاع غزة والعالم الخارجي.
صورة من: Mustafa Hassona/Anadolu/picture alliance
كيف نشأ المعبر؟
نشأ المعبر عقب توقيع مصر وإسرائيل اتفاقية السلام عام 1979 وانسحاب إسرائيل من سيناء عام 1982. قبل عام 1967 لم تكن هناك حدود بين رفح المصرية والفلسطينية لكنهما فصلتا بعد تنفيذ الشق الخاص من ااتفاقية ترسيم الحدود. خُصص المعبر لعبور الأفراد فيما خصص معبر كرم أبو سالم الذي تسيطر عليه إسرائيل لعبور البضائع.
صورة من: BOB DAUGHERTY/AP/picture alliance
إدراة مشتركة وفق اتفاقية أوسلو
سمحت اتفاقية أوسلو لممثلي السلطة الفلسطينية بالتواجد في المعبر. لكن منذ الانسحاب الإسرائيلي من قطاع غزة عام 2005 وإلى اليوم تغيرت ظروف المعبر عدة مرات وفقاً للتطورات الأمنية والعسكرية في القطاع. تم إغلاق المعبر مع انتفاضة عام 2000 وبعدها ظل ما بين الإغلاق والفتح، فيما شددت مصر إجراءات العبور من وقتها وحتى اليوم.
صورة من: Terje Bendiksby/NTB/picture alliance
من يتحكم في المعبر؟
سيطرت إسرائيل على المعبر خلال احتلالها للقطاع وحتى عام 2005 الذي انسحبت فيه من غزة. تم توقيع "اتفاقية الحركة والوصول" عام 2005 والتي جمعت بين إسرائيل والسلطة الفلسطينية وبرعاية أمريكية، وهي الاتفاقية التي أقرت بأن يخضع المعبر للسيطرة الفلسطينية - الإسرائيلية برعاية أوروبية تراقب حق الجانب الفلسطيني في العبور والتبادل التجاري بما لا يمس الأمن الإسرائيلي.
صورة من: picture alliance / ASSOCIATED PRESS
ضرورات أمنية
عملت مصر وإسرائيل على تقييد الحركة من غزة وإليها منذ أن فرضت حركة حماس سيطرتها على القطاع في 2007 حين وصل الصراع بين حماس وحركة فتح إلى ذروته. تقول الدولتان إن ذلك ضروريا لأسباب أمنية. ورهنت مصر التعامل مع المعبر بموافقة كل من إسرائيل والسلطة الفلسطينية بالضفة الغربية. وخلال الحرب الأخيرة فرضت إسرائيل حصاراً شاملاً على قطاع غزة في 9 أكتوبر/تشرين الأول.
صورة من: Hatem Ali/AP/picture alliance
بين إغلاق وفتح المعبر
في عام 2010 قررت مصر فتح المعبر بشكل أكبر عقب ما عرف بواقعة "أسطول الحرية". ومع أحداث ثورة يناير/ كانون الثاني 2011، أمر المجلس الأعلى للقوات المسلحة في مصر باقتصار فتح المعبر على الحالات الطارئة. لم يفتح المعبر بشكل كامل إلا مع ثورة 25 يناير لكن منذ عام 2013 عاد الوضع إلى ما كان عليه سابقاً. في عام 2017، فُتح المعبر أمام حركة الأفراد الحاصلين على تصريح أمني مع الخضوع لعمليات تفتيش صارمة.
صورة من: Hatem Ali/AP/picture alliance
مخاوف مصرية
تكمن أكبر مخاوف مصر في أمرين؛ الأول هو حدوث تدفق هائل للاجئين الفلسطينيين الفارين من الحرب عبر معبر رفح. والثاني وهو الأخطر ويتمثل في احتمال دخول مسلحين إسلاميين إلى البلاد، خصوصاً وأن مصر تواجه جماعات إسلامية متشددة في سيناء وذلك على مدار أكثر من 10 سنوات. لذلك تولي مصر أهمية مشددة لتأمين معبر رفح.
صورة من: Hatem Ali/AP/picture alliance
تطبيق إجراءات مشددة
لا تسمح السلطات المصرية للفلسطينيين بمغادرة غزة بسهولة، إذ يجب على الفلسطينيين الراغبين باستخدام معبر رفح التسجيل لدى السلطات الفلسطينية المحلية قبل سفرهم بنحو شهر وقد يتم رفض طلبهم إما من قبل السلطات الفلسطينية أو المصرية دون إبداء الأسباب. وفيما يشكو فلسطينيون من سوء معاملة على المعبر، تُبقي إسرائيل سيطرتها كاملة على ما يمر عبر القطاع خوفاً من وصول أي مساعدات خاصة لحركة حماس.
صورة من: Mohammed Talatene/dpa/picture alliance
الأولوية للحالات الإنسانية
أعطيت الأولوية في الاتفاق الأخير بين حماس وإسرائيل لعبور المساعدات الإنسانية والحالات المرضية وخصوصاً الأطفال الخُدج (غير مكتملي النمو) حيث أصدر الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي قراراً باستقبالهم في المستشفيات المصرية.
صورة من: Egypt's State Information Center/Xinhua/picture alliance
مخاوف من كارثة إنسانية
في مؤتمر صحفي كبير عقد في أكتوبر/تشرين الأول 2023، حذر الأمين العام للأمم المتحدة انطونيو غوتيرش من أمام بوابات المعبر في الجانب المصري من استمرار إغلاقه، منذراً بحدوث كارثة إنسانية إن لم تدخل المساعدات الإنسانية إلى غزة، وشدد على ضرورة ضمان عبور قوافل المساعدات بعدد كبير من الشاحنات كل يوم إلى قطاع غزة لتوفير الدعم الكافي لسكانه.
صورة من: picture alliance/dpa
القصف يعرقل انتظام عمل المعبر
خلال الحرب الأخيرة، أكدت مصر عدة مرات أن المعبر مفتوح من جانبها وأنه لم يتم إغلاقه منذ بدء الأزمة الراهنة، لكن تعرض مرافقه في الجانب الفلسطيني للدمار بسبب الغارات الإسرائيلية يحول دون انتظام عمله بشكل طبيعي، وفق ما ذكرت الخارجية المصرية. إعداد: عماد حسن.
صورة من: Russia Emergencies Ministry/dpa/picture alliance