„Unterwegs von Deutschland naces Buch vor
١٠ فبراير ٢٠٠٩إن تقديم قراءة أدبية في قاعة محاضرات إحدى الجامعات، حيث معظم الجمهور من الطلاب، يشكل فرصة مناسبة لاحتدام النقاش، لاسيما عندما يكون القارئ شخصاً من أمثال الكاتب غونتر غراس، المعروف بحبه للنظريات التي تستثير شتى الآراء. نعم، فالجو المثالي للقراءة والنقاش كان متوفراً، ومع ذلك لم تتكلل البداية بالحظ. فقبل أن يباشر غراس بالقراءة انقلب كأس النبيذ وسال ما فيه فوق المنبر والمخطوطة، فحاول تدارك الأمر قائلاَ: "بهذه السرعة أنعطب النص، إنها لبداية رطبة بعض الشيء".
محاضرة لإعطاء الدروس
لكن الذي تلا كان أكثر جفافاً، فعلى الرغم من تجفيف المنصة بسرعة، تحولت محاضرة غراس إلى ما يشبه إعطاء الدروس من دون أخذ ورد. فقد وقف وحده خلف منصة الخطابة ساعة ونصف متواصلة من دون استراحة، ومن دون السماح بمقاطعته بأي أسئلة. ونقل من على المنصة رؤيته للعالم في عام 1990، خاصة لتاريخ إعادة توحيد شطري ألمانيا، والذي كان قد اتخذ منه موقفاً سلبياً جداً . ففي أحد نصوص مذكراته يقول: "إن المستثمرين الألمان الغربيين ليسوا مهتمين لدى تفقد مصانع ألمانيا الشرقية إلا بالبيع والشراء، ومن المتوقع لدى تنظيم الولايات الشرقية أن يتوجه إلى هناك جيش من رجال القانون الإداريين الألمان الغربيين، وهكذا يُخدع الناس في ألمانيا الشرقية مرة أخرى".
أحداث سياسية مغمورة بالطرائف الشخصية
والكتاب الجديد ليس تحليلاً تاريخيا إنما عبارة عن مذكرات، لهذا فإن الأحداث السياسية تأتي ممتزجة بعدد كبير من الطرائف الشخصية والرموز الخاصة، ما جعل الإصغاء بتركيز لفترة طويلة أمراً صعباً على غالبية الجمهور. عن هذا قالت إحدى المستمعات: "إن الاستماع إلى مذكرات ليس استماعاً إلى قصة لها بداية ونهاية، وهذا لا يشد الأعصاب ولا يثير الفضول للاستماع إلى المزيد". وقالت مستمعة أخرى: "إنه خطيب قدير لكن كان من الأفضل لو اختصر الحديث، لهذا اضطررت إلى مغادرة القاعة بشكل مبكر، فقد خرج الأمر عن طاقة التحمل".
وعلى الرغم من الحضور الكبير إلا أن النقاش لم يحتدم إلا ببطء. وغراس كان راغباً في الدخول في مناقشة سياسية مع الطلاب، وليس من قبيل الصدفة أن تصدر مذكراته في الذكرى السنوية العشرين لسقوط الجدار. وحتى اليوم لم تتغير مواقفه من الطريقة التي تمت بها إعادة توحيد شطري ألمانيا. عن هذا يقول غراس في مذكراته:"إن ما عشناه في عام 1990، كان هذه الوحدة الألمانية التي تمت بالدين، والتي شكلت بداية لتراكم ديون ما تزال مستمرة حتى اليوم، ثم الأسلوب الذي تعاملت به الرأسمالية بعد انهيار الاتحاد السوفيتي، كانت هذه كلها بشائر ملموسة لتطور نعاني من وطأته حتى اليوم". خلال أمسية القراءة الأدبية قوبلت نظريات الأديب غونتر غراس بصدىً إيجابي واسع النطاق. أما بالنسبة إلى غراس فقد بقيت مسألة تقديم كتاب جديد ليس أكثر من أمر ثانوي.