أشعل وزير الخارجية الألماني يوهان فاديفول مجددا جدلا واسعا داخل التحالف المسيحي بعد تصريحاته حول الوضع في سوريا بانها "تبدو أسوأ مما كانت عليه ألمانيا عام 1945". وأثارت التصريحات تساؤلات عن مستقبل سياسة الترحيل والعودة.
قال وزير الخارجية الألماني يوهان فاديفول إن سوريا بانها "تبدو أسوأ مما كانت عليه ألمانيا عام 1945".صورة من: Felix Zahn/AA/IMAGO
إعلان
أثار وزير الخارجية الألماني يوهان فاديفول ضجة مجددا داخل التحالف المسيحي المحافظ بسبب تصريحاته حول الوضع في سوريا حيث قال إن "سوريا تبدو أسوأ مما كانت عليه ألمانيا عام 1945"، بحسب مصادر.
ونقلت وكالة الأنباء الألمانية عن مشاركين في اجتماع لكتلة التحالف المسيحي في البرلمان (البوندستاغ) أمس الثلاثاء قولهم إن أحد النواب وصف ظهور فاديفول في الاجتماع بأنه "سيئ" و"كارثي"، مشيرا إلى تراجع الدعم له داخل الكتلة البرلمانية.
وكان فاديفول أثار استياء داخل صفوف التحالف المسيحي، المنتمي إليه المستشار فريدريش ميرتس، الأسبوع الماضي أيضا، عندما شكك خلال زيارته لمنطقة مدمرة بشدة في ضواحي دمشق في إمكانية عودة عدد كبير من اللاجئين السوريين طوعا إلى هناك في ظل حجم الدمار الكبير. وقال حينها: "هنا لا يكاد يستطيع أحد حقا أن يعيش حياة كريمة".
"توضيح الأمور بسرعة"
وقد فسر بعض أعضاء الكتلة البرلمانية للتحالف المسيحي تصريحات فاديفول على أنها نأي عن نهج التحالف الذي يدعم ترحيل الجناة السوريين إلى موطنهم بأسرع وقت ممكن، وتشجيع العودة الطوعية للاجئين السوريين إلى سوريا.
إعلان
وعلى وقع ذلك، خرج المستشار ميرتس ليؤكد أن "الحرب الأهلية في سوريا انتهت. لم تعد هناك أي أسباب الآن للجوء في ألمانيا، ولذلك يمكننا البدء في عمليات الترحيل". لكن الغضب داخل التحالف المسيحي استمر بسبب تأخر فاديفول في توضيح موقفه.
وقال رئيس الكتلة البرلمانية ينس شبان موجها حديثه إلى وزير الخارجية: "في بعض الأحيان، من المفيد أن يتم توضيح الأمور بسرعة ووضعها في سياقها في حالات الشك". وسعى فاديفول إلى توضيح موقفه قبل اجتماع الكتلة البرلمانية، حيث أكد أن وزارة الخارجية وهو شخصيا يدعمان بشكل نشط وبناء هدف ترحيل الجناة والخطرين أمنيا إلى سوريا و أفغانستان.
وقال: "لا يوجد أي خلاف في هذا الشأن"، مضيفا أن العمل جار على قدم وساق من أجل عودة عدد أكبر من السوريين طوعا لبناء وطنهم من جديد.
وكانت ألمانيا هي الدولة الأوروبية التي استقبلت أكبر عدد من اللاجئين من الحرب السورية التي استمرت 14 عاما بسبب سياسة الباب المفتوح التي اتبعتها المستشارة السابقة أنغيلا ميركل. ويعيش اليوم نحو مليون سوري في البلاد.
الرئيس الألماني فرانك-فالتر شتاينماير يعارض فكرة إعادة اللاجئين السوريين إلى بلادهم لعدم توفر البنية التحتية لاستقبالهم.صورة من: Matthias Gränzdörfer/pictureteam/IMAGO
"منيقفأمامأنقاضحرب"
لكن ميرتس والعديد من زملائه المحافظين في حكومته الائتلافية يقولون إن الوضع تغير بعد سقوط حكومة بشار الأسد في ديسمبر/ كانون الأول الماضي وانتهاء الحرب، على الرغم من أن سوريا لا تزال تعاني من أزمة إنسانية كبيرة وأن الترحيل القسري سيواجه تحديات قانونية كبيرة.
وقال ميرتس مساء الاثنين "لم يعد هناك حاليا أي أسباب للجوء في ألمانيا، وبالتالي يمكننا أن نبدأ أيضا في عمليات الإعادة إلى الوطن"، مضيفا أنه يتوقع عودة عدد من السوريين من تلقاء أنفسهم لإعادة إعمار البلاد. وأضاف: "بدون هؤلاء الأشخاص، لن تكون إعادة الإعمار ممكنة. أولئك الموجودون في ألمانيا الذين يرفضون العودة إلى البلاد يمكن بالطبع ترحيلهم أيضا في المستقبل القريب".
تدرس ألمانيا منذ عدة أشهر إمكانية ترحيل السوريين ذوي السوابق الجنائية، وقال ميرتس إنه دعا الرئيس السوري أحمد الشرع إلى زيارة ألمانيا لمناقشة هذه المسألة.
لكن في المقابل، أعرب الرئيس الألماني فرانك-فالتر شتاينماير عن رفضه للتصريحات المتعلقة بإعادة اللاجئين السوريين في ألمانيا على الفور إلى وطنهم المدمر. وقال شتاينماير: "من يقف أمام أنقاض حرب، ويبدي خوفه، ويسأل نفسه بصوت عال: أيمكن السكن وسط هذا الدمار؟ - فإن من حق هذا الخوف أن يمنح فسحة من الوقت".
تحرير: عماد غانم
ألمانيا واللاجئون.. كيف تغير الحال منذ الترحيب الكبير في 2015؟
أغلبية الألمان كانت في عام 2015 مع استقبال اللاجئين ومنحهم الحماية. ولكن الأمور لم تستمر كذلك، حيث تراجعت نسبة التأييد للاجئين بشكل متسارع اعتباراً من مطلع عام 2016. نستعرض ذلك في هذه الصور.
صورة من: Odd Andersen/AFP/Getty Images
ميركل وعبارتها الشهيرة
"نحن قادرون على إنجاز ذلك". عبارة قالتها المستشارة الألمانية أنغيلا ميركل في هذا المؤتمر الصحفي للحكومة، الذي عقد بتاريخ 31 أغسطس/آب 2015. لم تكن تعرف حينها أن الجملة ستدخل التاريخ الألماني الحديث، وتسبب استقطاباً في البلاد، ويتحول الرأي العام الألماني من مرحب بنسبة كبيرة باللاجئين، إلى تناقص هذه النسبة بمرور السنوات.
صورة من: Imago/photothek/T. Imo
تأييد كبير لاستقبال اللاجئين
حتى مع ارتفاع أعداد طالبي اللجوء إلى ألمانيا من حوالي 41 ألف طلب لجوء في عام 2010 إلى 173 ألف طلب لجوء في 2014، كانت الأغلبية الساحقة من الألمان، في مطلع عام 2015، مع استقبال اللاجئين وتقديم الحماية لهم.
صورة من: Martin Meissner/AP Photo/picture alliance
أول محطة ترحيب
صيف وخريف 2015 شهد ذروة موجة اللجوء الكبيرة. فبعد أخذ ورد على المستوى السياسي الألماني، ومع الدول الأوروبية المجاورة، سمحت ألمانيا ودول أوروبية أخرى بدخول طالبي اللجوء إليها. مئات الآلاف دخلوا البلاد خلال أسابيع قليل. وظهرت صور التعاطف معهم من جانب السكان الألمان. وكان ذلك واضحاً للعيان في محطات القطارات وفي مآوي اللاجئين.
صورة من: Sven Hoppe/dpa/picture alliance
التأييد حتى على مدرجات الملاعب
وحتى على مدرجات ملاعب كرة القدم، في مباريات الدوري الألماني (بوندسليغا)، شاهد العالم عبارات الترحيب باللاجئين، كما هنا حيث رفعت جماهير بوروسيا دورتموند هذه اللافتة العملاقة بتاريخ 25 أكتوبر/تشرين أول 2015.
وبالمجمل وصل إلى ألمانيا خلال عام 2015 وحده حوالي 890 ألف طالب لجوء.
صورة من: picture-alliance/G. Chai von der Laage
الرافضون لاستبقال اللاجئين أقلية في 2015
بنفس الوقت كان هناك رافضون لسياسة الهجرة والانفتاح على إيواء اللاجئين، وخاصة من أنصار حركة "بيغيدا" (أوروبيون وطنيون ضد أسلمة الغرب)، الذين كانوا يخرجون في مسيرات، خصوصاً في شرق البلاد، للتعبير عن رفضهم لاستقبال اللاجئين. كما كانت تخرج مظاهرات مضادة لحركة "بيغيدا" وداعمة لاستقبال اللاجئين.
صورة من: Reuters/F. Bensch
ليلة الانعطاف الكبير
وبقي الرأي العام منفتحاً على استقبال اللاجئين حتى ليلة حاسمة، مثلت علامة فارقة في قضية الهجرة واللجوء في ألمانيا. فبينما كان العالم يودع عام 2015 ويستقبل 2016، والاحتفالات السنوية تقام أيضا في المدن الألمانية، وردت أنباء متتالية عن عمليات تحرش بالكثير من الفتيات في موقع احتفال برأس السنة في مدينة كولن (كولونيا). أكثر من 600 فتاة تعرضن للتحرش والمضايقات.
صورة من: DW/D. Regev
تعليق لم الشمل لحملة الحماية المؤقتة
من تلك اللحظة بدأ المزاج العام في التغير وأخذ حجم التأييد لاستقبال اللاجئين يتراجع في الرأي العام الألماني. وبدأ التشديد في قوانين الهجرة واللجوء، كتعليق لم الشمل لمدة عامين للاجئي الحماية الثانوية (المؤقتة)، بموجب القانون الذي صدر في ربيع عام 2016، والذي صدر في عهد وزير الداخلية آنذاك توماس دي ميزير.
صورة من: Getty Images/AFP/J. McDougall
الهجوم على سوق عيد الميلاد في برلين 2016
وقبل أن يودع الألمان عام 2016 بأيام قليلة، أتت كارثة جديدة صدمت الرأي العام: هجوم بشاحنة على سوق لعيد الميلاد في العاصمة برلين، نفذه اللاجئ التونسي سميح عمري. 13 إنسان فقدوا حياتهم في الهجوم، وأصيب 63 آخرون. حصيلة مؤلمة ستترك ندوباً في المجتمع.
صورة من: Reuters/H. Hanschke
حزب البديل يدخل البرلمان للمرة الأولى
استفاد من هذه الأحداث حزب البديل لأجل ألمانيا اليميني المناهض لسياسة الهجرة واللجوء الحالية والرافض لاستقبال اللاجئين كلياً. ليدخل الحزب البرلمان الألماني لأول مرة في تاريخه، محققاً المركز الثالث في الانتخابات البرلمانية الاتحادية التي أقيمت في سبتمبر/أيلول 2017، بنسبة 12.6 بالمئة.
صورة من: Reuters/W. Rattay
استمرار الاستقطاب
شهدت السنوات اللاحقة استمرار الاستقطاب في المجتمع، خصوصاً مع بعض الهجمات التي نفذها لاجئون، بدوافع إرهابية. أمر قلص الدعم الشعبي للهجرة. إلى أن تراجعت الشعبية، وبات قرابة ثلثي الألمان في استطلاعات الرأي يريدون استقبال أعداداً أقل من اللاجئين أو وقف استقبالهم كلياً.