1. تخطي إلى المحتوى
  2. تخطي إلى القائمة الرئيسية
  3. تخطي إلى المزيد من صفحات DW

فرانز فانون ـ مناضل من أجل استقلال الجزائر

٢٠ يوليو ٢٠٢٥

فرانز فانون سياسي وطبيب نفسي ومفكر مناهض للاستعمار وبطل من أبطال حركة التحرير الجزائرية، وكان"جزءا من التاريخ الجزائري". تصادف يوم 20 تموز/يوليو 2025 ذكرى ميلاده المائة. فمن يكون هذا "البطل" في عيون الكثير من الجزائرين؟

فرنسا في خمسينيات القرن العشرين - صورة الطبيب النفسي والكاتب فرانز فانون
فرانز فانون طبيب نفسي يعتبر بطلًا من أبطال حركة التحرير الجزائرية، تصادف في 20 تموز/يوليو 2025 ذكرى ميلاده المائةصورة من: KHARBINE-TAPABOR/IMAGO

في 20 يوليو/ تموز 2025 كان سيبلغ عمره مائة عام - رجل دافع في وقت مبكر عن استقلال الجزائر: الطبيب النفسي فرانز فانون، الذي يُعدّ شخصًا مهمًا في نضالات تحرير الجزائر واستقلالها، ومنظرًا لإنهاء الاستعمار، ومناضلًا نشطًا في صفوف جبهة التحرير الوطني الجزائرية.

ويُعدّ فرانز فانون بالنسبة للجزائريين بطلًا من أبطال الاستقلال، ولكن دوره خلال حرب التحرير وأعماله تبقى مجهولة إلى حد كبير لدى عامة الناس.

مناضل من أجل الوحدة الأفريقية

وابنته الكبرى هي ميراي فانون منديس فرانس. وفي حوار مع DW قالت: "الكثيرون ممن كانوا يعرفون أنَّني ابنة فرانز فانون، كانوا ينظرون إليّ، كنت طفلة". وهي رئيسة مشاركة لمؤسسة فرانز فانون الدولية، لكنها بالكاد كانت تعرف والدها، ولم تحتفظ إلا بذكريات قليلة من طفولتها عنه.

لقد انغمرت خلال فنرة صباها في أعمال والدها الأدبية وشاركت في نضالاته. "هذا تأمل في فهم مفهوم التضامن وما يعنيه في زمن الحرب والمقاومة"، كما قالت الابنة. وأضافت أنَّ والدها قد أوضح أنَّ الكفاح من أجل استقلال الجزائر لا يفيد الجزائر وحدها، بل يتعلق أيضًا بالوحدة الأفريقية: "وهذه الوحدة الأفريقية ما تزال غائبة".

أليس شرقي امرأة في التاسعة والثمانين من عمرها، كانت تعرف فرانز فانون جيدًا. تنظر في شقتها الباريسية إلى وثائق قديمة من فترة شبابها خلال حرب الجزائر وتقول متذكرة: "عرفت حينها أنَّ هذا كان استعمارًا". لقد عملت معه في خمسينيات القرن العشرين كطبيبة معاونة في مستشفى الأمراض النفسية في مدينة البليدة الجزائرية.

وفي هذا المستشفى لم يكن الطبيب النفسي فرانز فانون يهتم بصفته رئيس قسم برعاية المرضى فقط، بل كان يساعد أيضًا الوطنيين الجزائريين.

أليس شرقي في شقتها الباريسية: عملت مع فرانز فانون في خمسينيات القرن العشرين كطبيبة معاونة في مستشفى الأمراض النفسية في مدينة البليدة الجزائريةصورة من: Nadir Djennad/DW

وحول ذلك قالت أليس شرقي: "كنا نستقبل الجرحى، المقاتلين الذين كانوا يأتون إلى هنا". وأضافت أنَّ فرانز فانون قد أنشأ داخل المستشفى عيادة نهارية كمظهر فقط. ولكنه في الواقع كان يستقبل في السر الجرحى والأشخاص كانوا بحاجة إلى الشفاء.

التزام بـ"القضية الجزائرية"

ومنذ بداية حرب التحرير الجزائرية في عام1954، انخرط فرانز فانون في العمل مع الوطنيين الجزائريين، بينما استمر في عمله كطبيب نفسي. وأقام علاقات مع بعض ضباط جيش التحرير الوطني والقيادة السياسية لجبهة التحرير الوطني، وخاصة مع عبان رمضان وبن يوسف بن خدة. وابتداءً منذ عام 1956 التزم التزامًا تامًا بالقضية الجزائرية.

وفي هذا الصدد يؤكد المؤرخ أمزات بوكاري يابارا، المختص في الوحدة الأفريقية ومؤلف كتاب "أفريقيا موحدة" الصادر عن دار "لا ديكوفيرتي" الفرنسية، على أهمية الإشارة إلى أنَّ فرانز فانون استقال من عمله كطبيب في خريف عام 1956.

"وفي هذا الوقت كان قد أقام اتصالات مع عدد من أعضاء جبهة التحرير الوطني، وذهب لاحقًا إلى تونس، حيث تم تأسيس فرع للجبهة التحرير"، كما يقول يابارا. ويضيف أنَّ فرانز فانون "شارك من تونس في النضال من خلال كتابته لصحيفة جبهة التحرير الوطني 'المجاهد‘، وقد رافق الثورة تحت اسم مستعار. وفي أواخر الخمسينيات ومطلع الستينيات، أصبح سفيرًا للحكومة المؤقتة للجمهورية الجزائرية في أكرا، وكان سفيرًا متجولًا لأفريقيا جنوب الصحراء".

الجزائر 1956: وحدة من الحركيين، وهم مقاتلون مسلمون حاربوا من أجل فرنسا ضد حركة التحرير الجزائريةصورة من: AFP/dpa/picture-alliance

العيش في مجتمع عنصري

لقد كتب فرانز فانون، الذي بات يصف نفسه الآن بأنَّه "جزائري"، بعضًا من أكثر النصوص تأثيرًا في الحركة المناهضة للاستعمار، مثل كتابه "معذبو الأرض" الصادر في عام 1961 بمقدمة من جان بول سارتر.

وهذا الرجل وُلِد في مستعمرة مارتينيك الفرنسية ونشأ في مجتمع استعماري فرنسي وتأثر تأثيرًا عميقًا بتجاربه: إذ تطوّع في سن السابعة عشرة للحرب من أجل فرنسا. وبصفته رجلًا أسود فقد كان يتعرض يوميًا للعنصرية في الجيش الفرنسي.

وبعد الحرب درس الطب والفلسفة في مدينة ليون الفرنسية وأصبح طبيبًا نفسيًا. وبدأ العمل ككبير أطباء في عيادة الطب النفسي في البليدة، في الجزائر الفرنسية، واستقر هناك مع زوجته الفرنسية ماري جوزيف دوبل وابنهما.

وهناك ثارت في خمسينيات القرن العشرين انتفاضات بقيادة جبهة التحرير الوطني ضد الاستعمار الفرنسي، الذي استخدم القوة العسكرية.

وتوفي فرانز فانون بسرطان الدم في واشنطن في 6 أيلول/ديسمبر 1961، عن عمر لم يتجاوز 36 عامًا، ومن دون أن يشهد استقلال الجزائر، الذي ضحى من أجله بكل شيء في سنواته الأخيرة. وهو بالنسبة لكثير من الجزائريين بطلًا من أبطال الاستقلال.

وفي حوار مع DW قالت الكاتبة والمحامية أنيسة بومدين، التي كانت سيدة الجزائر الأولى وزوجة الرئيس هواري بومدين، الذي حكم الجزائر من عام 1965 حتى عام 1978، إنَّ: "فرانز فانون هو أيضًا جزء من التاريخ الجزائري. لقد دافع عن الاستقلال. وكان حقًا شخصًا محترمًا للغاية".

وقبل 63 عامًا، في 5 تموز/يوليو 1962، حصلت الجزائر على استقلالها بعد كفاح مسلح استمر ثمانية أعوام ضد فرنسا، الدولة الاستعمارية آنذاك. ويُقدّر المؤرخون عدد القتلى الجزائريين بـ 500 ألف، وبحسب وزارة القوات المسلحة الفرنسية فقد قتل نحو 25 ألف جندي فرنسي.

نهاية الحرب الجزائرية: في 18 آذار/مارس 1962 وقّع وفد جزائري وممثلون فرنسيون اتفاقية سلام في مدينة إيفيان لي بان الفرنسيةصورة من: London Express/dpa/picture-alliance

الحفاظ على مكانة فانون

وتقديرًا لدعمه في الحرب من أجل استقلال الجزائر وعمله في مجال الطب النفسي، فقد تم إطلاق اسمه على ثلاثة مستشفيات في الجزائر، من بينها مستشفى الطب النفسي في البليدة، الذي كان يعمل فيه.

ولكن هذا قليل نظرًا لمكانته، كما يقول أرزقي آيت وازو، وهو ناشط جزائري سابق في حرب الاستقلال، وكان أحد مسؤولي فيدرالية جبهة التحرير الوطني في فرنسا:

"في الجزائر، في الجزائر العاصمة، توجد شوارع ومكتبة تحمل اسمه تقديرًا له ولما فعله، وما يُمثّله، لأنَّه رمز لكفاح الشعوب من أجل الحرية والاستقلال. وبالنسبة لنا هو بطل من أبطال حرب التحرير، بطل من أبطال الثورة الجزائرية".

وتخليدًا لذكرى فرانز فانون فقد قام الصحفي والكاتب والناشر الجزائري لزهاري لبتر بنشر كتب الناشط المناهض للاستعمار فرانز فانون وترجمها إلى العربية. ولكنه يعتقد أنَّ الشباب لا يعرفون الكثير عن فرانز فانون ودوره خلال الحرب الجزائرية.

ويقول إنَّ "الأجيال المعاصرة لم تعد تعرف شيئًا عن تاريخ بلادهم، وخاصة عن هذا الموضوع. واسم فانون بطبيعة الحال لا يعني الكثير للأجيال الشابة، بصرف النظر عن الدوائر الضيقة جدًا والجامعات والمثقفين. وقد يعود ذلك إلى عدم تدريس أعماله في المدارس والجامعات".

وبعد مائة عام من ولادته، يبقى فرانز فانون صوتًا مهمًا في النضال من أجل إنهاء الاستعمار. ومؤخرًا أعاد إحياء ذكراه وفكره المناهض للاستعمار فيلمُ "فانون" للمخرج جان كلود بارني في شهر نيسان/أبريل من هذا العام وفيلمُ "فرانز فانون" للمخرج الجزائري عبد النور زحزاح من عام 2024.

أعده للعربية: رائد الباش (ع.ج.م)

 

 

تخطي إلى الجزء التالي موضوع DW الرئيسي

موضوع DW الرئيسي

تخطي إلى الجزء التالي المزيد من الموضوعات من DW

المزيد من الموضوعات من DW