واجه رئيس الوزراء الفرنسي المعيّن حديثا سيباستيان لوكورنو تهديدا بالتصويت على حجب الثقة في أول يوم يتولى فيه منصبه وسط احتجاجات واسعة النطاق في جميع أنحاء البلاد.
عقب توليه منصبه، أصبح سيباستيان لوكورنو سابع رئيس وزراء في عهد ماكرون، والخامس منذ بداية ولايته الثانية في عام 2022.صورة من: Ludovic Marin/AFP/Getty Images
إعلان
تعهد رئيس الوزراء الفرنسي المعيّن حديثا سيباستيان لوكورنو بالتشاور مع جميع القوى السياسية والنقابات العمالية قبل تشكيل حكومته.
وكان الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون قد كلّف لوكورنو الثلاثاء، غداة حجب الجمعية الوطنية الثقة عن حكومة بايرو، ليصبح سابع رئيس وزراء في عهد ماكرون، والخامس منذ بداية ولايته الثانية في عام 2022.
ويُعد هذا الأمر غير مسبوق في ظل الجمهورية الخامسة التي أُقرت عام 1958، والتي عُرفت لفترة طويلة بالاستقرار السياسي.
لكن تعيينه قوبل بالشك من قبل خصوم الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، كما تزامن مع خروج آلاف المتظاهرين في مختلف أنحاء البلاد في يوم من التحرك الوطني ضد سياسات ماكرون، تحت شعار "لنعطل كل شيء".
وأعلن حزب "فرنسا الأبية" اليساري الراديكالي أنه سيقدم مذكرة لحجب الثقة عند عرض الحكومة أمام الجمعية الوطنية.
من جانبه، اعتبر الحزب الاشتراكي أن تعيين شخصية من اليمين في هذا المنصب يعرّض الرئيس ماكرون لـ"غضب اجتماعي" و"عرقلة مؤسساتية".
شهدت فرنسا مئات التحركات من دون اضطرابات تذكر في اطار يوم احتجاجي بعنوان "لنعطل كل شيء".صورة من: Benoit Tessier/REUTERS
"لقد سئمنا"
وقبل أن يبدأ مهمة تشكيل ائتلاف حكومي، تعهد لوكورنو باتباع "نهج جديد". وفي خطاب مقتضب، أكد عزمه على إجراء "تغييرات جذرية في النهج والمضمون"، مشددا على أنه "لا طريق مستحيلا" للخروج من الأزمة السياسية. وأضاف "سنتوصل إلى ذلك"، متعهدا بلقاء مختلف الأحزاب السياسية "خلال الأيام المقبلة".
وقال باستيان، وهو طالب يبلغ من العمر 23 عاما شارك في تظاهرة في مدينة رين مع أكثر من عشرة آلاف شخص، لوكالة فرانس برس: "لقد سئمنا مما يحدث في فرنسا، خصوصا أن السياسيين لا يكترثون لنتائج صناديق الاقتراع".
وتجمّع متظاهرون في مختلف أنحاء البلاد منذ الصباح، وسط انتشار 80 ألف شرطي للحفاظ على النظام.
الدين العام.. التحدي الأكبر
وسلطت ردود الفعل على تعيين لوكورنو الضوء على التحدي الكبير الذي يواجهه. فقد أعلن اليسار المتطرف نيته الإطاحة به من خلال تصويت فوري على الثقة، بينما أبدى حزب "التجمع الوطني" اليميني المتطرف استعداده المبدئي للتعاون معه بشأن الميزانية، بشرط تلبية مطالبه.
وردا على خطاب لوكورنو، قال جوردان بارديلا، زعيم حزب التجمع الوطني، إن رئيس الوزراء الجديد "في وضع حرج للغاية"، مضيفا: "إما أن يكون هناك قطيعة، أو يكون هناك اقتراح بحجب الثقة".
ويتمثل التحدي المباشر أمام لوكورنو في كيفية تمرير ميزانية العام المقبل داخل برلمان منقسم إلى ثلاث كتل أيديولوجية مختلفة.
ورغم اتفاق الأحزاب على ضرورة خفض عجز الميزانية، الذي بلغ 5.8 بالمئة من الناتج المحلي الإجمالي في عام 2024، إلا أنها تختلف حول كيفية تحقيق ذلك.
وكان سقوط حكومة فرنسوا بايرو قد جاء بعد طرحها مشروع ميزانية تقشفية تهدف إلى توفير 44 مليار يورو لخفض الدين العام، الذي وصل إلى 114 بالمئة من الناتج المحلي الإجمالي.
تحرير: خالد سلامة
فرنسا .. دين عام متصاعد وأزمة حكومية
فرنسا على شفا أزمة سياسية جديدة مع توقع انهيار حكومة فرنسوا بايرو، مما يثير مخاوف جدية بشأن الاستقرار السياسي والاقتصادي، فأي تغيير في الحكومة يعطل الإصلاحات اللازمة لمعالجة الأزمة الاقتصادية.
صورة من: Blondet Eliot/ABACA/picture alliance
فرنسا رجل أوروبا المريض
يُطلق على فرنسا الآن لقب "رجل أوروبا المريض" بسبب ديونها العامة الضخمة وعجزها المالي المتزايد، وهو ما يعكس ضعفاً اقتصادياً وهيكلياً كبيرين، ويذكر بوضع ألمانيا في بداية الألفية الثالثة.
صورة من: Silas Stein/dpa/picture alliance
خطة بايرو التقشفية تُشعل الغضب في فرنسا
في محاولة لخفض الإنفاق، أعلن رئيس الحكومة فرانسوا بايرو عن خطة تقشفية تتضمن تقليص المساعدات الاجتماعية، وتجميد زيادات المعاشات، وخفض عدد الموظفين الحكوميين، إلى جانب اقتراح إلغاء عطلتين رسميتين لزيادة الإنتاج، لكنها قوبلت برفض شعبي واسع، ما دفع بايرو لربط مصير حكومته بتصويت الثقة لتمرير خطته.
صورة من: Jeanne Accorsini/SIPA/picture alliance
تصاعد العجز والدين العام
تشهد فرنسا عجزاً في ميزانيتها يفوق المستهدف لعام 2024 بشكل كبير، كما ارتفع الدين العام الفرنسي إلى حوالي 114 بالمئة من الناتج المحلي الإجمالي، أي ما يعادل نحو 3,3 مليار يورو، لتصبح صاحبة ثالث أعلى دين في منطقة اليورو بعد اليونان وإيطاليا.
صورة من: Isai Hernandez/imageBROKER/picture alliance
إنفاق حكومي مفرط
يُعزى جزء كبير من هذه الأزمة إلى أن الإنفاق الحكومي في فرنسا هو الأعلى في أوروبا، ما يُبقي العجز مرتفعاً بشكل مزمن. هذا العجز المستمر يهدد الاستقرار المالي على المدى الطويل، ويزيد من الضغط على الدولة للاقتراض المستمر لتغطية نفقاتها.
صورة من: Hendrik Schmidt/dpa/picture alliance
تكلفة الاقتراض ترتفع بسبب فقدان الثقة
أصبح الاستثمار في فرنسا اليوم أكثر مخاطرة بنظر المستثمرين الدوليين. ونتيجة لذلك، تُجبر فرنسا على دفع فوائد أعلى على السندات الحكومية الجديدة مقارنة بدول مثل اليونان، وتقترب من معدلات الفائدة التي تدفعها إيطاليا.
صورة من: Jeanne Accorsini/SIPA/picture alliance
تصنيف ائتماني متدن يهدد الثقة في الاقتصاد الفرنسي
خفّضت وكالة "ستاندرد آند بورز" التصنيف الائتماني لفرنسا، ليترجم ذلك إلى ضعف ثقة المستثمرين بقدرة الحكومة الفرنسية على إدارة ديونها المتصاعدة، الأمر الذي يعدّ إشارة تحذيرية تؤثر على مناخ الاستثمار وتزيد من مخاوف تباطؤ النمو الاقتصادي.
صورة من: Andrii Yalanskyi/Zoonar/picture alliance
مخاطر الاستثمار تزيد الأعباء
لأن الاستثمار في فرنسا اليوم أصبح أكثر مخاطرة بنظر المستثمرين الدوليين، تُجبر فرنسا على دفع فوائد أعلى على السندات الحكومية الجديدة مقارنة بدول مثل اليونان، وتقترب من معدلات الفائدة التي تدفعها إيطاليا، مما يزيد العبء المالي على الموازنة.
صورة من: Aurelien Morissard/Xinhua/dpa/picture alliance
توترات داخلية تعيق الإصلاح الاقتصادي
التوترات السياسية بين الرئيس إيمانويل ماكرون والأحزاب المعارضة، مثل التجمع الوطني والتحالف اليساري تغذي حالة عدم الاستقرار الحالي الذي تعيشه فرنسا، وتعيق أي محاولة لتحقيق إجماع حول الإصلاحات الاقتصادية.
صورة من: Jonas Roosens/ANP/picture alliance
أزمة إضافية لفرنسا
تستعد فرنسا لاضطرابات اجتماعية أيضا، إذ دعت حركة "مدنية"، المدعومة من نقابات ويسار راديكالي إلى إضراب يوم الأربعاء (10 سبتمبر 2025) تحت شعار "لنعرقل كل شيء"، ودعت النقابات إلى إضراب وتظاهرات في 18 سبتمبر/ أيلول احتجاجاً على سياسة الحكومة ومشروع ميزانيتها، مع توقعات بخفض وكالة فيتش تصنيفها الائتماني للدين الفرنسي.
صورة من: PantherMedia/picture alliance
الأزمة الفرنسية تهدد الاقتصاد الألماني
تعتبر فرنسا ثاني أكبر سوق تصدير لألمانيا، وكانت ألمانيا عام 2024 أكبر مستثمر أجنبي مباشر في فرنسا، لذلك فإن أي اضطراب اقتصادي أو سياسي في فرنسا يهدد المصالح الاقتصادية الألمانية بشكل مباشر، وأكدت السلطات الألمانية أن التعاون بين البلدين عامل حاسم في مواجهة هذه الأزمة.
صورة من: Laurent Grandguillot- Poo/SIPA/picture alliance