فرنسا: انطلاق التصويت في الانتخابات الرئاسية وسط قلق أوروبي
٢٣ أبريل ٢٠١٧
يدلي الفرنسيون بأصواتهم الأحد في الدورة الأولى من انتخابات رئاسية حاسمة لمستقبل الاتحاد الأوروبي، وسط تدابير أمنية مشددة بعد اعتداء جديد وقع في باريس، ووسط ترقب شديد حيال الغموض الذي يلف نتائجها.
إعلان
يتوجه صباح اليوم الأحد (23 نيسان/أبريل 2017) ووفقا لبيانات وزارة الداخلية، نحو 45.7 مليون ناخب يحق له التصويت داخل فرنسا إلى صناديق الاقتراع، بينما سجل نحو 1.3 مليون فرنسي يعيشون في الخارج للتصويت في السفارات الفرنسية.
وبعد ثلاثة أيام على الاعتداء على شارع الشانزليزيه في قلب باريس والذي أدى إلى مقتل شرطي، ينتشر خمسون ألف شرطي وسبعة آلاف عسكري لضمان حسن سير عمليات التصويت. وأيقظ هذا الهجوم الذي تبناه تنظيم "الدولة الإسلامية" الخوف من الإرهاب في بلد عانى سلسلة من الاعتداءات الجهادية أوقعت 239 قتيلا منذ مطلع 2015.
وفي نيويورك، تم إخلاء القنصلية الفرنسية حيث كان مئات الفرنسيين يصوتون السبت، لفترة وجيزة إثر إنذار بوجود قنبلة، قبل أن يعود الوضع إلى طبيعته.
ومن أصل 11 مرشح يتواجهون في هذه الدورة الأولى، تشتد المنافسة بين أربعة منهم يتصدرون نوايا الأصوات، وفي طليعتهم الوسطي الشاب إيمانويل ماكرون ومرشحة اليمين المتطرف مارين لوبن، يتبعهما بفارق طفيف المحافظ فرنسوا فيون وزعيم اليسار الراديكالي جان لوك ميلانشون. وسيتواجه المرشحان اللذان يحلان في طليعة نتائج الدورة الأولى مساء الأحد في الدورة الثانية في 7 أيار/مايو.
وكانت الحملة الانتخابية حافلة بالمفاجآت والتقلبات في المواقف، فشهدت سقوط المرشحين الرئيسيين الذين كانوا يشغلون الساحة السياسية منذ عقد الواحد تلو الآخر، ومن أبرزهم الرئيس السابق نيكولا ساركوزي الذي خرج من السباق منذ الانتخابات التمهيدية لليمين.
فرنسا بعد اغتيال كاهن - صدمة وحداد وعزيمة للوقوف صفا واحدا
لم تكد فرنسا الجريحة تستفيق من حدة وقع الصدمة التي خلفها هجوم نيس قبل نحو أسوعين، فهاهي تشهد وقع صدمة جديدة خلفها اغتيال كاهن عجوز على يد إرهابيين من "داعش" وهو بصدد القيام بقداس في إحدى الكنائس في النورمندي.
صورة من: picture-alliance/dpa/Vincent Isore
ستبقى كنيسة سانت إيتيين دو روفريه حاضرة في كل أذهان الفرنسيين، لا بل في أذهان الإنسانية بأسرها، بعد أن تعرض فيها قس في 86 من عمره لعملية اغتيال وحشية على يد إرهابيين اثنين قاما بتركيعه وذبحه أمام مذبح الكنيسة وهو يؤدي القداس. العملية التي تبناها "داعش" إنما توثق فصلا جديدا من فصول وحشية هذا التنظيم الإرهابي الذي لا يتوانى حتى على انتهاك حرمة وقداسة دور العبادة.
صورة من: picture-alliance/dpa
الهجوم البشع على الكنيسة في مدينة روان في مقاطعة نورماندي، شمالي فرنسا، جاءت فقط بعد 12 يوما من عملية نيس الدامية والتي أودت بحياة 84 شخصا. العملية الجديدة - التي تزيد من جراح فرنسا التي طالتها يد الإرهاب أكثر من أي بلد آخر في غرب أوروبا في السنوات الأخيرة - أثارت استنكار وتنديدا دوليا واسعا.
صورة من: picture-alliance/dpa/A. Journois
الرئيس الفرنسي فرانسوا أولوند الذي لم يشهد أحد من سابقيه فترة حالكة تعددت فيها العمليات الإرهابية كالتي تشهدها فرنسا الآن، أكد مواصلة الحرب ضد الإرهاب. وقال "نحن نواجه تنظيم الدولة الإسلامية، الذي أعلن الحرب علينا.. يجب أن نشن هذه الحرب بكل الوسائل، مع احترام الحقوق التي تجعلنا ديمقراطية." وأكد على ضرورة توحيد صفوف كل الفرنسيين بمختلف انتماءاتهم الدينية، قائلا: "ما يريده الإرهابيون هو تقسيمنا"
صورة من: Reuters/P. Rossignol
المستشارة الألمانية أنغيلا ميركل أعربت في رسالة إلى الرئيس الفرنسي عن صدمتها لعملية القتل البشعة التي تعرض لها الكاهن المسن خلال إقامته قداسا. وعبرت عن بالغ حزنها وأسفها أن يضرب الإرهاب فرنسا مرة أخرى، مشددة على ضرورة مجابته بتوحيد الصفوف والوقوف جنبا إلى جنب.
صورة من: picture-alliance/dpa/M. Kappeler
رغم صدمته الشديدة، إلا أن دومينيك ليبرون، رئيس أساقفة مدينة روان التي تتبعها كنيسة سانت إيتيين دو روفريه، مسرح العملية الإرهابية التي راح ضحيتها القس جاك هامل، إلا أنه أكد على أن المسيحية دين تسامح ولا تردعلى المثل بالمثل، بحيث قال: "الكنيسة الكاثوليكية لا تعرف سلاحا آخر غير الصلاة والأخوة بين الناس". وبالفعل فقد قررت كنائس فرنسا الكاثوليكية الرد على الإرهاب بالصيام والصلاة.
صورة من: Reuters/B. Tessier
لايزال بابا الفاتيكان فرانسيس تحت وقع الصدمة بعد تلقيه نبأ اغتيال أحد قساوسته بشكل بشع. ففي سياق متصل، قال المتحدث باسم الفاتيكان، الأب فيدريكو لومباردي، إن البابا وهو يشعر بالألم بسبب هذا العنف العبثي ، ويدين جميع أشكال الكراهية ويصلي من أجل المصابين. وأضاف لومباردي :"لقد صدمنا بشكل خاص بسبب العنف المروع الذي حدث في كنيسة، في مكان مقدس حيث تعلن فيه محبة الرب، مع قتل قس بشكل وحشي".
صورة من: Getty Images/AFP/T. Fabi
رئيس مؤتمر الأساقفة الكاثوليك الألمان الكاردينال راينهارد ماركس اعتبر أن عملية اغتيال القس جاك هامل في كنيسة سانت إيتيين دو روفريه إنما تسعى إلى زرع الكراهية، "وهذا ما سنحول دونه"، على حد تعبيره. كما أكد على ضرورة فعل كل ما في الوسع حتى لا تولّد العملية الإرهابية دوامة جديدة من العنف.
صورة من: picture alliance/Sven Simon/F. Hoemann
مؤتمر الأساقفة الكاثوليك الألمان أكد أن إغلاق الكنائس ليس حلا للحيلولة دون حدوث عمليات إرهابية كتلك التي طالت كنيسة سانت إيتيين دو روفريه، مشددا على ضرورة إبقاء الأبواب مفتوحة في وجوه المؤمنين والزوار وكل من يقصد بيوت الله. وأكد المؤتمر على ضرورة الحيلولة دون أن يأخذ الخوف اليد العليا.
صورة من: picture-alliance/dpa/Uwe Zucchi
رئيس الوزراء الفرنسي إيمانويل فالس الذي وصف العملية الإرهابية التي تعرض لها القس جاك هامل في كنيسة سانت إيتيين روفريه بأنه عمل "وحشي"، معبرا أنه ضربة لكل الكاثوليك ولكل فرنسا. ولكنه شدد على ضرورة عدم التفرقة بين مختلف شرائح المجتمع الفرنسي بمختلف انتماءاتهم العرقية والدينية، حيث قال عبر تويتر "سنقف معا".
صورة من: Getty Images/AFP/P. Kovarik
العملية الإرهابية التي تبناها تنظيم "الدولة الإسلامية" ردا على مشاركة فرنسا في التحالف العسكري الدولي ضده، نفذها شخصان اعتبرهما من جنوده. ويبدو أنهما كانا يعتقدان أنهما نفذا ذلك باسم االإسلام. لكنهما كغيرهم ممن سبقهم إنما يسيؤون له يوما بعد يوم، حسب تأكيد دليل بو بكر إمام مسحد باريس الكبير. "هذا العمل ليس من الإسلام من شيء"، على حد تعبيره، مضيفا بأنه "عمل يدينه كل مسلمي فرنسا ويرفضونه."
صورة من: picture-alliance/dpa/Vincent Isore
10 صورة1 | 10
كما أرغم الرئيس المنتهية ولايته الاشتراكي فرنسوا أولاند على التخلي عن الترشح لولاية ثانية في ظل شعبية متدنية أضعفت موقعه، في سابقة في فرنسا منذ أكثر من ستين عاما. كما فشل رئيس وزرائه مانويل فالس في الفوز بالترشيح الاشتراكي، وقد هزم في الانتخابات التمهيدية أمام مرشح أكثر اتجاها إلى اليسار هو بونوا آمون.
وفي مفاجأة أخرى من جانب اليمين، تراجع المحافظ فرنسوا فيون الذي كان الأوفر حظا بعد فوزه الكبير في الانتخابات التمهيدية لحزبه، في استطلاعات الرأي بعد الكشف في نهاية كانون الثاني/يناير عن فضيحة وظائف وهمية في البرلمان استفادت منها زوجته واثنان من أولاده.
وشهد الشوط الأخير من السباق مفاجأة أخيرة كانت تقدم مرشح آخر "من خارج الأحزاب" هو جان لوك ميلانشون، الاشتراكي السابق الذي أصبح ممثلا لـ"فرنسا المتمردة"، والذي نجح في تخطي الفارق مع فيون في استطلاعات الرأي.
وفي مؤشر إلى الأهمية المتزايدة التي تثيرها الانتخابات الفرنسية في الخارج، تطرق الرئيس الأميركي دونالد ترامب إلى الموضوع قائلا إن الهجوم سيكون له "تأثير كبير" على الانتخابات وأنه "سيساعد على الأرجح" لوبن التي لا تخفي إعجابها به.
أما سلفه باراك أوباما، ففضل إجراء اتصال مع إيمانويل ماكرون. وإن كان امتنع عن تقديم دعمه رسميا للمرشح الطامح لأن يصبح أصغر رئيس فرنسي سنا، إلا أنه أعطاه دفعا أكيدا، لم يتوانى المرشح في استثماره في حملته من خلال بث مقطع فيديو من الاتصال على تويتر.
وتجري الانتخابات الفرنسية في جولتها الأولى اليوم الأحد وسط قلق أوروبي من تنامي قوة اليمين الشعبوي المتطرف المعادي للاتحاد الأوروبي ولسياسة الهجرة في عدد غير قليل من دول الاتحاد.