فرنسا - انطلاق محاكمة متورطين في جريمة ذبح كاهن كاثوليكي
١٤ فبراير ٢٠٢٢
بعد مرور أكثر من خمس سنوات على وقوع الجريمة، بدأت فرنسا جلسات محاكمة بجريمة قتل الكاهن الكاثوليكي، التي أعلن تنظيم "داعش" مسؤوليته عنها. وبينما قتل منفذي الجرمية تنتظر المتورطين عقوبات صارمة، كما توجه انتقادات للشرطة.
وقع الهجوم أثناء مراسم القداس الصباحي، حيث قام مهاجمان باحتجاز ستة أشخاص كرهائن داخل الكنيسة ثم قتلا بعد ذلك القس جاك هامل البالغ من العمر 85 عاما. صورة من: Michael Bunel/Le Pictorium/MAXPPP/dpa/picture alliance
إعلان
انطلقت في العاصمة الفرنسية باريس اليوم الإثنين (14 فبراير/ شباط 2022) محاكمة أربعة رجال يشتبه بتورطهم في هجوم على كنيسة كاثوليكية في تموز/ يوليو عام 2016، وقعت خلاله جريمة ذبح كاهن خلال قداس.
واستمعت هيئة المحلفين اليوم للاتهامات ضد المدعي عليهم بالانتماء إلى تنظيم إرهابي. والمحرض المفترض للهجوم رشيد قاسم لم يكن في قفص المتهمين في محكمة الجنايات الخاصة في باريس ويحاكم غيابيا، إذ يعتقد أن هذا الفرنسي المنتمي الى "تنظيم الدولة الإسلامية" (داعش) قتل في قصف في العراق في شباط/فبراير 2017.
وقائع الجريمة الشنيعة
ووقع الهجوم أثناء مراسم القداس الصباحي، حيث قام مهاجمان باحتجاز ستة أشخاص كرهائن داخل الكنيسة الكاثوليكية الواقعة في بلدة سان إتيان دو روفراي بالقرب من مدينة روان الفرنسية، ثم قتلا بعد ذلك القس جاك هامل البالغ من العمر 85 عاما. وقد تمكنت راهبة من الهرب والإبلاغ عن الواقعة. وأصيب أحد أفراد الأبرشية بجروح خطيرة. وقد أعلن تنظيم "داعش" مسؤوليته عن ذلك الهجوم الذي أثار الرعب خارج الحدود الفرنسية.
والمهاجمان القاتلان البالغ عمرهما 19 عاما، عادل كرميش وعبدالملك بيتيجان واللذان يتبعان تنظيم "الدولة الإسلامية" قتلا أيضا برصاص الشرطة عند مغادرتهما الكنيسة الصغيرة في 26 تموز/يوليو 2016.
من هم الثلاثة الخاضعين للمحاكمة؟
وبحسب الادعاء، يمثل فقط ثلاثة أشخاص من "عائلاتهم، أو أصدقائهم". ويحاكم جان فيليب جان لوي وفريد خليل وياسين صبيحية بتهمة "تشكيل عصابة إرهابية". ويواجه المتهمون أحكاما بالسجن لفترات تصل إلى ثلاثين عاما.
ويرى بيرانجيه تورنيه محامي جان فيليب جان لوي أن الردّ واضح: "هم ليسوا سوى ثلاثة اشخاص نسبت اليهم مسؤولية الأفعال".ويصف الادعاء المتهم البالغ من العمر 25 عاما، بأنه "نشط جدًا في الحركة الجهادية" عبر إدارة قناة على شبكة تلغرام مؤيدة لتنظيم الدولة الاسلامية وجمع تبرعات عبر الإنترنت لدعم أفراد "التيار الإسلامي المتشدد". وقبل أسابيع على الاعتداء، توجه إلى تركيا برفقة عبد المالك بيتيجان بهدف الوصول إلى سوريا، بحسب الادعاء.
وفريد خليل الذي كان أيضا على اتصال مع رشيد قاسم قد يكون ساند نوايا العمل العنيف لدى عبد المالك بيتيجان، ابن عمه. وخليل البالغ من العمر 36 عاما، "ليس على علم على الإطلاق بالخطة الإجرامية لابن عمه" و"ينكر أن يكون يشاطره عقيدته" كما قال محاميه سيمون كليمنصو.
أما ياسين صبيحية (27 عاما) فقد انضم لفترة قصيرة إلى الارهابيين الاثنين في سان تتيان دو روفراي في 24 تموز/يوليو قبل مغادرته و"لم يكن يعرف ما الذي يتم التحضير له"، كما تقول محاميته كاتي ميرا.
فرنسا: بعد النجاة من هجمات إرهابية
02:33
This browser does not support the video element.
هل كان يمكن للشرطة منع وقوع الجريمة؟
ومن بين المسائل المثيرة للجدل في بداية المحاكمة هو ما إذا كان يجب إجبار المسؤولين عن تحقيق مكافحة الإرهاب الإدلاء بشهادتهم في المحاكمة. وتنص لائحة الاتهام أنه كان من الممكن أن تمنع الشرطة وقوع الهجوم إذا ما كانت تعاملت مع معلومات تواترت في غرفة دردشة بشكل أسرع.
وهذا الاعتداء الذي استهدف لأول مرة في أوروبا كاهناً في كنيسته أثار غضبا تخطى الحدود الفرنسية.
ص.ش/خ.س (د ب أ، أ ف ب)
فرنسا بعد اغتيال كاهن - صدمة وحداد وعزيمة للوقوف صفا واحدا
لم تكد فرنسا الجريحة تستفيق من حدة وقع الصدمة التي خلفها هجوم نيس قبل نحو أسوعين، فهاهي تشهد وقع صدمة جديدة خلفها اغتيال كاهن عجوز على يد إرهابيين من "داعش" وهو بصدد القيام بقداس في إحدى الكنائس في النورمندي.
صورة من: picture-alliance/dpa/Vincent Isore
ستبقى كنيسة سانت إيتيين دو روفريه حاضرة في كل أذهان الفرنسيين، لا بل في أذهان الإنسانية بأسرها، بعد أن تعرض فيها قس في 86 من عمره لعملية اغتيال وحشية على يد إرهابيين اثنين قاما بتركيعه وذبحه أمام مذبح الكنيسة وهو يؤدي القداس. العملية التي تبناها "داعش" إنما توثق فصلا جديدا من فصول وحشية هذا التنظيم الإرهابي الذي لا يتوانى حتى على انتهاك حرمة وقداسة دور العبادة.
صورة من: picture-alliance/dpa
الهجوم البشع على الكنيسة في مدينة روان في مقاطعة نورماندي، شمالي فرنسا، جاءت فقط بعد 12 يوما من عملية نيس الدامية والتي أودت بحياة 84 شخصا. العملية الجديدة - التي تزيد من جراح فرنسا التي طالتها يد الإرهاب أكثر من أي بلد آخر في غرب أوروبا في السنوات الأخيرة - أثارت استنكار وتنديدا دوليا واسعا.
صورة من: picture-alliance/dpa/A. Journois
الرئيس الفرنسي فرانسوا أولوند الذي لم يشهد أحد من سابقيه فترة حالكة تعددت فيها العمليات الإرهابية كالتي تشهدها فرنسا الآن، أكد مواصلة الحرب ضد الإرهاب. وقال "نحن نواجه تنظيم الدولة الإسلامية، الذي أعلن الحرب علينا.. يجب أن نشن هذه الحرب بكل الوسائل، مع احترام الحقوق التي تجعلنا ديمقراطية." وأكد على ضرورة توحيد صفوف كل الفرنسيين بمختلف انتماءاتهم الدينية، قائلا: "ما يريده الإرهابيون هو تقسيمنا"
صورة من: Reuters/P. Rossignol
المستشارة الألمانية أنغيلا ميركل أعربت في رسالة إلى الرئيس الفرنسي عن صدمتها لعملية القتل البشعة التي تعرض لها الكاهن المسن خلال إقامته قداسا. وعبرت عن بالغ حزنها وأسفها أن يضرب الإرهاب فرنسا مرة أخرى، مشددة على ضرورة مجابته بتوحيد الصفوف والوقوف جنبا إلى جنب.
صورة من: picture-alliance/dpa/M. Kappeler
رغم صدمته الشديدة، إلا أن دومينيك ليبرون، رئيس أساقفة مدينة روان التي تتبعها كنيسة سانت إيتيين دو روفريه، مسرح العملية الإرهابية التي راح ضحيتها القس جاك هامل، إلا أنه أكد على أن المسيحية دين تسامح ولا تردعلى المثل بالمثل، بحيث قال: "الكنيسة الكاثوليكية لا تعرف سلاحا آخر غير الصلاة والأخوة بين الناس". وبالفعل فقد قررت كنائس فرنسا الكاثوليكية الرد على الإرهاب بالصيام والصلاة.
صورة من: Reuters/B. Tessier
لايزال بابا الفاتيكان فرانسيس تحت وقع الصدمة بعد تلقيه نبأ اغتيال أحد قساوسته بشكل بشع. ففي سياق متصل، قال المتحدث باسم الفاتيكان، الأب فيدريكو لومباردي، إن البابا وهو يشعر بالألم بسبب هذا العنف العبثي ، ويدين جميع أشكال الكراهية ويصلي من أجل المصابين. وأضاف لومباردي :"لقد صدمنا بشكل خاص بسبب العنف المروع الذي حدث في كنيسة، في مكان مقدس حيث تعلن فيه محبة الرب، مع قتل قس بشكل وحشي".
صورة من: Getty Images/AFP/T. Fabi
رئيس مؤتمر الأساقفة الكاثوليك الألمان الكاردينال راينهارد ماركس اعتبر أن عملية اغتيال القس جاك هامل في كنيسة سانت إيتيين دو روفريه إنما تسعى إلى زرع الكراهية، "وهذا ما سنحول دونه"، على حد تعبيره. كما أكد على ضرورة فعل كل ما في الوسع حتى لا تولّد العملية الإرهابية دوامة جديدة من العنف.
صورة من: picture alliance/Sven Simon/F. Hoemann
مؤتمر الأساقفة الكاثوليك الألمان أكد أن إغلاق الكنائس ليس حلا للحيلولة دون حدوث عمليات إرهابية كتلك التي طالت كنيسة سانت إيتيين دو روفريه، مشددا على ضرورة إبقاء الأبواب مفتوحة في وجوه المؤمنين والزوار وكل من يقصد بيوت الله. وأكد المؤتمر على ضرورة الحيلولة دون أن يأخذ الخوف اليد العليا.
صورة من: picture-alliance/dpa/Uwe Zucchi
رئيس الوزراء الفرنسي إيمانويل فالس الذي وصف العملية الإرهابية التي تعرض لها القس جاك هامل في كنيسة سانت إيتيين روفريه بأنه عمل "وحشي"، معبرا أنه ضربة لكل الكاثوليك ولكل فرنسا. ولكنه شدد على ضرورة عدم التفرقة بين مختلف شرائح المجتمع الفرنسي بمختلف انتماءاتهم العرقية والدينية، حيث قال عبر تويتر "سنقف معا".
صورة من: Getty Images/AFP/P. Kovarik
العملية الإرهابية التي تبناها تنظيم "الدولة الإسلامية" ردا على مشاركة فرنسا في التحالف العسكري الدولي ضده، نفذها شخصان اعتبرهما من جنوده. ويبدو أنهما كانا يعتقدان أنهما نفذا ذلك باسم االإسلام. لكنهما كغيرهم ممن سبقهم إنما يسيؤون له يوما بعد يوم، حسب تأكيد دليل بو بكر إمام مسحد باريس الكبير. "هذا العمل ليس من الإسلام من شيء"، على حد تعبيره، مضيفا بأنه "عمل يدينه كل مسلمي فرنسا ويرفضونه."