أحيت فرنسا اليوم ذكرى أسوأ هجمات شهدتها البلاد منذ الحرب العالمية الثانية بالتزامن مع محاكمة متّهمين بالضلوع في المأساة التي أمر بها تنظيم الدولة الإسلامية ونفّذتها خلية من 10 أشخاص عام 2015 وأسفرت عن مصرع نحو 130 شخصاً.
إعلان
بعد ستة أعوام على اعتداءات 13 تشرين الثاني/نوفمبر، أحيت سلطات باريس وسان دوني في ضاحية العاصمة الفرنسية، السبت 13 نوفمبر/تشرين الثاني هذه الذكرى، في وقت تثير المحاكمة التاريخية الجارية حالياً مشاعر الضحايا وترسم ذاكرة جماعية لهذه الاعتداءات.
وبدأ رئيس الوزراء الفرنسي جان كاستيكس برفقة رئيسة بلدية باريس آن إيدالغو، جولته لإحياء الذكرى بوضع إكليل من الزهور ثمّ الوقوف دقيقة صمت أمام ستاد دو فرانس، قبل التوجه إلى الباحات الخارجية للمقاهي وقاعة باتاكلان للعروض الموسيقية في باريس حيثقتلت مجموعة بقيادة تنظيم الدولة الإسلامية 130 شخصًا وأصابت أكثر من 350 آخرين بجروح عام 2015، مثيرةً الرعب في البلاد.
من جانبها، وضعت كامالا هاريس نائبة الرئيس الأمريكي - التي تختتم السبت زيارة لفرنسا استمرّت أربعة أيام - بعد الظهر باقة ورود بيضاء قبالة الباحة الخارجية لحانة "لو كاريون"، ودخلت بعدها الحانة لوقت قصير.
وتنتهي مراسم التكريم مساءً بالوقوف دقيقة صمت قبيل بدء مباراة فرنسا - كازاخستان لكرة القدم في ستاد دو فرانس.
يأتي إحياء ذكرى أسوأ هجمات شهدتها فرنسا منذ الحرب العالمية الثانية هذا العام بالتزامن مع محاكمة متّهمين بالضلوع في المأساة التي أمر بها تنظيم الدولة الإسلامية ونفّذتها خلية مؤلفة من عشرة أشخاص.
وكانت المحاكمة التي تعد الأكبر في تاريخ القضاء الفرنسي المعاصر، قد بدأت في أيلول/سبتمبر ومن المتوقع أن تستمر حتى أيار/مايو 2022.
عامان على اعتداءات باريس الإرهابية
02:39
ويواجه 20 متّهما أحكاماً تصل إلى الحبس مدى الحياة في حال الإدانة، وبينهم المهاجم الوحيد الذي لا يزال على قيد الحياة صلاح عبد السلام وهو فرنسي-مغربي قبض عليه في بروكسل. ومن أصل المتّهمين العشرين يحاكم ستة أشخاص غيابياً.
وأمام الباتاكلان، استمع الناجون وأقرباء الضحايا بتأثّر شديد لتلاوة أسماء 90 شخصًا قُتلوا في القاعة. وبعد إحياء الذكرى دون حضور شعبي عام 2020 بسبب وباء كوفيد-19، تبدو المراسم هذا العام مهمّة أكثر من أي وقت مضى، لأنها تجري بالتزامن مع محاكمة تاريخية تعيد منذ أيلول/سبتمبر إحياء تفاصيل الاعتداء الإرهابي الأكثر دموية الذي شهدته فرنسا على الإطلاق.
وعلى مدى شهر، كشفت شهادات الضحايا وأقربائهم الندوب التي لا تُمحى وحجم الأضرار النفسية التي تسببت بها هذه الاعتداءات بالنسبة للكثير من الضحايا.
وبعد ستة أعوام من الاعتداءات، لا يزال التهديد الإرهابي مرتفعاً للغاية في فرنسا، لكنّه يتخذ حالياً أشكالًا أخرى. وهذا ما أظهره مقتل الموظفة في الشرطة ستيفاني مونفيرميه في نيسان/أبريل في رامبوييه قرب باريس أو قطع رأس المدرّس سامويل باتي في تشرين الأول/أكتوبر 2020.
وبات التهديد الإرهابي يأتي من جانب مهاجمين أكثر "استقلالية" ليسوا مرتبطين بشكل وثيق بجماعات جهادية. كذلك لم تعد الأخيرة تعلن بشكل تلقائي مسؤوليتها عن أفعالهم.
ع.ح./هـ.د. (ا ف ب)
محطات دموية .. أبرز الاعتداءات التي ضربت فرنسا
ارتفعت مؤخرا حدة الاعتداءات الدامية في فرنسا، لكن هذه الدولة عانت منذ عقود من ضربات ضد المدنيين ورجال الأمن فوق ترابها. نعرض هنا جانبا من أبرز ما عانته فرنسا في مواجهة الاعتداءات الإرهابية خلال العقود الأخيرة.
صورة من: Reuters/V. Kessler
مساء دام في ستراسبورغ
مساء دام عاشته مدينة ستراسبورغ الألمانية. الثلاثاء (12 ديسمبر/ كانون الأول 2018) مٌسلح، موضوع على قائمة المراقبة الأمنية، يطلق النار على مارة بوسط المدينة موقعاً ثلاثة قتلى و 13 جريحا.
صورة من: Reuters/C. Hartmann
إجراءات أمنية استثنائية
بعد اعتداء ستراسبورغ قررت الحكومة الفرنسية رفع حالة التأهب لأعلى مستوياتها وإطلاق عمليات تفتيش مكثفة على الحدود.
وزير الداخلية الفرنسي أعلن أن السلطات المحلية في ستراسبورغ ستمنع المظاهرات من أجل إتاحة المجال لقوات الأمن لمطاردة المشتبه به في عملية إطلاق النار. إعتداء ستراسبورغ يأتي بعد سلسلة إعتداءات دامية شهدتها فرنسا خلال العقود الماضية...
صورة من: picture-alliance/AA/E. Cegarra
هجوم دموي.. والفاعل غير معروف
انفجرت قنبلة شهر تشرين الأول/ أكتوبر1980 في معبد يهودي بباريس مّا أدى إلى مصرع 4 أشخاص وجرح 46. المُثير في القضية أنه لحد الآن، لم تحدّد العدالة الفرنسية منفذي الهجوم. حامت الشكوك حول حسان دياب، الذي يعمل حاليا أستاذا جامعيا في كندا، حيث جرى توقيفه عام 2008، ثم نقله إلى فرنسا. وبعد مسار مطول من التحقيق، أعلنت العدالة الفرنسية بداية 2018 أن الأدلة بحق دياب غير دامغة، وبالتالي أطلق سراحه.
صورة من: AFP/Getty Images
كارلوس.. الثعلب الإرهابي
شكّل الفنزويلي كارلوس، الملقب بالثعلب، كابوسا لفرنسا قبل اعتقاله عام 1994. وجهت له اتهامات بالضلوع في مقتل شرطيين عام 1975 بباريس، ثم هجوم آخر عام 1982 عبر تفجير قنبلة في قطار، ممّا أدى إلى مقتل 5 أشخاص وجرح 27. نهاية العام ذاته اتُهم بقيادة هجومين في محطة قطار مرسيليا وقطار TGV، انتهيا بمصرع 5 أشخاص وجرح 45. من دوافع هجماته رغبته بإطلاق سراح رفيقيه الألمانية ماغدالينا كوب والسويسري برونو بيرغيت.
صورة من: picture-alliance/dpa
GIA تصل إلى فرنسا
خرجت عمليات الجماعة الإسلامية المسلحة GIA من الجزائر إلى فرنسا عام 1995، عندما تعرّضت هذه الأخيرة لثمانية هجمات، استخدمت فيها قنابل وأسلحة تقليدية أدت إلى مصرع 8 أشخاص وجرح 200 آخرين. الهجوم الأسوأ وقع في محطة سان ميشيل نوتردام بباريس، كما اغتيل إمام جزائري ومرافقه بباريس. أدت الهجمات إلى توتر في علاقات فرنسا بالجزائر، خاصة مع اتهامات بتورط أجهزة أمنية جزائرية في عمليات GIA.
صورة من: Getty Images/AFP/J. Guez
حتى الأطفال لم يسلموا من الإرهاب
أجهز محمد مراح على سبعة أشخاص، وثلاثة أطفال، فضلاً عن جرحه ستة آخرين، في ثلاث هجمات مختلفة، بمدينتي تولوز ومونتوبان شهر مارس 2012، أخطرها في مدخل مدرسة يهودية. أعلن "جند الخلافة" المرتبط بالقاعدة مسؤوليته عن الواقعة، غير أن الشرطة الفرنسية نفت أن تكون لمراح علاقة بأيّ تنظيم.
صورة من: Reuters
مجزرة شارلي إيبدو
مثلت بداية عام 2015 صدمة كبيرة للفرنسيين، إثر قيام ثلاثة مسلحين، هما الأخوين كواشي وأميدي كوليبالي، المرتبطين بتنظيم "داعش"، بقتل 27 شخصا. أول الهجمات كانت على مجلة شارلي إيبدو، حيث قتل 12 شخصاً، بينهم ثمانية من طاقم المجلة الساخرة. وبعدها قُتل أربعة في متجر يهودي من لدن كوليبالي، الذي كان يحتجز رهائن قبل تصفيته. قُتلت شرطية في مكان آخر، قبل محاصرة الأخوين كواشي في مطبعة.
صورة من: Reuters/Noble
حمام دم في باريس وسان دوني
نفذ "داعش" أسوأ هجوم إرهابي بفرنسا شهر نوفمبر 2015. مجموعة هجمات نفذها جهاديون في باريس وسان دوني. بدأت في ملعب فرنسا عبر تفجير 3 إرهابيين لأجسادهم، ثم جرى إطلاق النار على زبائن مقاهٍ ومطاعم، وكان الهجوم المروّع في مسرح باتكلان بإطلاق الرصاص على جمع من الناس. وصل عدد القتلى إلى 130 والجرحى إلى 413. تزعم المجموعة المنفذة عبد الحميد أبا عوض، مغربي- بلجيكي، وقد قُتل لاحقاً برفقة شركاء آخرين.
صورة من: picture-alliance/dpa
نيس تنزف دما
يوم صيفي هادئ في نيس عام 2016 ينتهي بمجزرة. محمد لحويج بوهلال يقود شاحنة ثم يدهس جمعا من المدنيين، متسبباً في مقتل 86 شخصا وجرح 458، قبل الإجهاز عليه. تبنى "داعش" العملية، لكن الادعاء العام الفرنسي قال إن الهجوم منفرد. لم يعرف عن بوهلال، التونسي الجنسية، تدينه أو ارتباطه بالإسلام الراديكالي، ولم تعرف دوافعه وراء الهجوم الذي تسبّب باستمرار حالة الطوارئ بفرنسا بعدما كان من المقرر نهايتها.
صورة من: Reuters/E. Gaillard
هجوم إرهابي في تريب
الجمعة 23 آذار/ مارس 2018 أدى حادث إرهابي آخر إلى مقتل ثلاثة أشخاص على الأقل وأصابة أربعة آخرين بجروح في هجمات نفذها مسلح قال إنه من تنظيم "داعش". المسلح احتجز رهائن في بلدة تريب بجنوبي غرب البلاد، قبل أن ترديه قوات الأمن قتيلا. فيما أدعى التنظيم أن الفاعل أحد جنوده. والرئيس الفرنسي ماكرون يصف الهجوم بالـ"إرهابي" نفذه إسلامي متشدد.