فرنسا ترّحب باقتراح سعد الحريري حول وزير المالية المقبل
٢٣ سبتمبر ٢٠٢٠
رحبت فرنسا باقتراح قدمه سعد الحريري بتولي شيعي وزارة المالية، لكن تركيزه على أن يكون "مستقلاً" قد لا يعجب الحزبين الشيعيين الرئيسين في البلاد، في وقت يزداد الضغط فيه على بيروت لتشكيل حكومة في أقرب وقت.
إعلان
أيدت فرنسا اليوم الأربعاء (23 سبتمبر/ أيلول 2020) اقتراحاً قدمه رئيس الوزراء اللبناني الأسبق سعد الحريري لإنهاء أزمة تحول دون تشكيل حكومة تخرج البلاد من أسوأ أزمة تمر بها منذ الحرب الأهلية التي دارت بين عامي 1975 و1990.
وتضغط باريس على الساسة اللبنانيين لتشكيل الحكومة بسرعة، لكن العملية واجهت عقبة بسبب طلب فصيلين شيعيين رئيسيين تسمية عدة وزراء بينهم وزير المالية.
واقترح الحريري في بيان أمس الثلاثاء أن يسمي رئيس الوزراء المكلف مصطفى أديب، وهو سني وفقاً لنظام تقاسم السلطة الطائفي في لبنان، مرشحاً شيعياً "مستقلاً" لتولي حقيبة المالية.
ولم يتضح بعد ما إذا كانت الجماعتان الشيعيتان، وهما حزب الله المدعوم من إيران وحليفته حركة أمل، ستؤيدان الفكرة. وانتقدت صحيفة الأخبار الموالية لحزب الله الاقتراح.
على مدى سنوات كان يتولى وزارة المالية شيعي يختاره زعيم حركة أمل. ويسعى أديب إلى إجراء تغييرات في سيطرة الطوائف على المناصب الوزارية.
ورحبت وزارة الخارجية الفرنسية "بالإعلان الشجاع" للحريري. وقالت إن "هذا الإعلان يمثل فرصة وينبغي أن تدرك كل الأحزاب أهميته حتى يتسنى تشكيل حكومة مهام الآن".
وقال الرئيس ميشال عون يوم الاثنين إن لبنان ذاهب إلى "جهنم" إذا لم يتمكن من تشكيل حكومة لمواجهة أزمة أصابت البنوك بالشلل وأدت إلى انهيار قيمة الليرة ودفعت الكثيرين إلى براثن الفقر. وعون المسيحي حليف لحزب الله.
وتفاقمت المشكلات التي يواجهها لبنان بانفجار مدمر وقع في الرابع من أغسطس/ آب الماضي في مرفأ بيروت. واهتزت البلاد من جديد نتيجة لحرائق تالية اندلعت في المنطقة وحولها وأيضا الانفجار الذي وقع أمس الثلاثاء في جنوب لبنان.
وقال الحريري، وهو حليف تقليدي لدول الخليج السنية، إن فكرته هي تسمية "وزير مالية مستقل من الطائفة الشيعية"، لكنه قال إن هذا لا يعني موافقته على ضرورة أن يتولى شيعي المنصب دائماً.
وقالت فرنسا أمس الثلاثاء إن لبنان يواجه خطر الانهيار إذا لم يشكل السياسيون حكومة بسرعة بعدما تخلفوا عن موعد نهائي متفق عليه مع باريس انقضى في منتصف سبتمبر/ أيلول الجاري.
إ.ع/ ع.غ (رويترز)
لبنان 100 عام.. من طوائف الجبل إلى دولة على شفا الانهيار
لبنان.. بلد صغير المساحة، لكنه يختزل على مدار قرن من إعلان قيامه أحداثاً كبيرة جعلته صورة مصغرة عما جرى في العالم العربي من خيبات متواصلة. يحتضن تاريخه كل شيء: العنف والصلح، الحرب والسلم، الرخاء والشدة، الوطنية والتبعية.
صورة من: Getty Images/AFP/J. Eid
فتنة جبل لبنان
سكنت عدة طوائف في المناطق المعروفة حالياً بلبنان، خاصة منطقة جبل لبنان. لكن الطوائف الأبرز كانت ستة: الموارنة والأرثودوكس والكاثوليك، وفي الجانب الآخر الدروز والسنة والشيعة. بقي الجبل تحت سيطرة العثمانيين، لكنه شهد توترات طائفية خطيرة خاصة المجازر بين الدروز والموارنة عام 1860. تدخلت قوى أوروبية في المنطقة خاصة منها فرنسا، وشهد جبل لبنان بضغط أوروبي قيام نظام "المتصرفية" الذي عزّز الوجود الماروني.
صورة من: picture-alliance/Design Pics
قيام لبنان الكبير
بعد هزيمة العثمانيين في الحرب العالمية الأولى، استطاعت فرنسا فرض انتدابها على لبنان بعد توسيعه ليضم البقاع وولاية بيروت فضلاً عن ترسيم الحدود مع سوريا. ويقول جوزيف باحوط في مقال على كارنيغي إن فرنسا هدفت إلى خلق وطن شبه قومي للمسيحيين في الشرق الأوسط، لكن الطوائف المسلمة رفضت بشدة الوضع الجديد. أعلن لبنان استقلاله عام 1943 على يد الرئيس بشارة الخوري، لكن جلاء القوات الفرنسية لم يتم إلّا عام 1946.
صورة من: picture-alliance/United Archives/TopFoto
الميثاق الوطني
شهد إعلان استقلال لبنان ما عُرف بالميثاق الوطني الذي منح رئاسة الدولة للموارنة ورئاسة الوزراء للسنة ورئاسة مجلس النواب للشيعة. وكان هدف الميثاق تسهيل الاستقلال حتى لا يطلب المسيحيون حماية فرنسا ولا يطالب المسلمون بالوحدة مع سوريا. لم يُكتب الميثاق لكنه بقي مطبقاً في البلاد منذ ذلك الحين، ويرى متتبعون أنه سبب المشاكل الطائفية في البلاد بما أنه هو من أسس لنظام المحاصصة.
صورة من: picture-alliance/dpa/W. Hamzeh
إنهاء حكم شمعون
تحوّلت بيروت إلى مدينة تجمع الكل منذ سنوات الاستقلال، لكن اندلاع النزاع العربي-الإسرائيلى ألقى بظلاله على بلد يصارع لخلق هويته. استقبلت بيروت آلاف اللاجئين الفلسطينيين كما استقبلت مهاجرين عرب وشهدت نمواً اقتصادياً لكن في الآن ذاته ركزت قوى عربية متصارعة نفوذها داخل المدينة منذ ذلك الحين. غير أن أبرز حدث شهدته بيروت في الخمسينيات كان الانتفاضة ضد الرئيس كميل شمعون الذي كان له علاقات قوية مع الغرب.
صورة من: Imago Images/United Archives International
العصر الشهابي
من بين أكثر رؤساء لبنان احتراما هو فؤاد شهاب الذي حكم البلاد منذ 1958 إلى 1964 ورفض التمديد له رغم شعبيته الطاغية. تحقق في عهد شهاب الكثير من الاستقرار في البلد رغم الانتقادات الموجهة له بتقوية دور المخابرات بعد محاولة الانقلاب. جاء بعده شارل حلو الذي حاول اتباع النهج الشهابي بعدم تفضيل أيّ طرف سياسي على آخر، لكن البلد شهد في عهده عدة مشاكل اقتصادية، ما مهد الباب لسليمان إفرنجية ليخلفه.
صورة من: picture-alliance/dpa/M. Tödt
الحرب الأهلية تندلع
شهد لبنان توقيع اتفاق القاهرة عام 1969 بين الفصائل الفلسطينية في مخيمات اللاجئين وبين الدولة اللبنانية حتى لا تتكرر مناوشات بين الطرفين، وبموجبه تم الاعتراف بالوجود الفلسطيني المسلح في لبنان. وقف اليسار اللبناني مع الفلسطينيين، في حين رفضهم اليمين المشكل أساساً من منظمات مارونية. ومع تعاظم النفوذ الفلسطيني تعددت الاحتكاكات مع القوى اليمينية، لتندلع رسمياً الحرب الأهلية في أبريل/ نيسان 1975.
صورة من: picture-alliance/AP Photo/M. Raouf
بيروت تشتعل
قُسمت بيروت إلى شرقية تحت سيطرة القوات اليمينية وغربية للفلسطينيين والقوات اليسارية. زاد التناحر الطائفي بين المسلمين والمسيحيين من الحرب خاصة مع وجود اختلالات اجتماعية بينهم. زاد التدخل السوري من سعير الحرب، وكذلك فعلت إسرائيل عندما اجتاحت لبنان عام 1982 وحاصرت بيروت الغربية ما أدى إلى جلاء المسلحين الفلسطينيين، لكن الحرب لم تنته، ووقعت بعد ذلك مواجهات حتى داخل الأطراف التي كانت متحالفة.
صورة من: Ziad Saab
حزب الله يخرج منتصرًا
انتهت الحرب رسميا عام 1991 سنتين بعد توقيع اتفاق الطائف. شهدت الحرب مجازر مروعة كالكرنتينا والدامور وصبرا وشاتيلا، ووثقت الكاميرات مشاهد مرعبة كما جرى في حصار بيروت وحرب المخيمات. تقوّت لاحقا التنظيمات الشيعية، وخصوصا حزب الله المرتبط بإيران، وبقي التنظيم محافظًا على سلاحه بعد حلّ كل الميلشيات، فتراجع نفوذ التنظيمات المسلحة اليمينية واليسارية والفلسطينية، كما ضمنت سوريا استمرار حضورها في البلد.
صورة من: Getty Images/AFP/A. Amro
الاغتيالات تستمر
استقر لبنان نسبيا في التسعينيات، لكن سنوات الألفية شهدت مواجهات مسلحة بين حزب الله وإسرائيل في صيف 2006، لكن الهزة الأعنف كانت اغتيال رفيق الحريري، رئيس الوزراء السابق الذي ساهم في إعمار لبنان. كانت من نتائج الاغتيال خروج القوات السورية نتيجة ما عُرف بـ "ثورة الأرز". شهد البلد في تلك السنوات استمرار الاغتيالات السياسية التي وجهت فيها الاتهامات لدمشق كاغتيال الشيوعي جورج حاوي والصحفي سمير قصير.
صورة من: picture-alliance/dpa/N. Mounzer
حراك لبنان
لأول مرة في تاريخ البلاد، يخرج مئات الآلاف من اللبنانيين عام 2019 رفضاً لنظام المحاصصة الطائفية، مطالبين برحيل الطبقة السياسية ككل. جاءت الاحتجاجات في ظل استمرار ترّدي الوضع الاقتصادي وارتفاع نسب الفساد، ما أدى إلى استقالة حكومة سعد الحريري، وتشكيل حكومة حسان دياب التي استقالت بدورها بعد انفجار مرفأ بيروت الذي أودى بحياة ما يناهز مئتي قتيل. تقرير: إسماعيل عزام