تعيش فرنسا أزمة سياسية منذ انتخابات تشريعية مبكرة في الصيف أفضت لبرلمان منقسم. وبعد انهيار حكومة بارنييه، أعلن الإثنين عن تشكيل حكومة بقيادة فرنسوا بايرو تشمل شخصيات وازنة من اليسار واليمين والوسط. والسؤال: إلى متى تصمد؟
إعلان
أعلن مكتب الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون الإثنين (23 ديسمبر/ كانون الأول 2024) تشكيل الحكومة الفرنسية الجديدة بعد انهيار الحكومة السابقة خلال تصويت تاريخي جراء خلاف بشأن الموازنة.
وتضم الحكومة الجديدة التي شكلها رئيس الوزراء فرانسوا بايرو أعضاء من الفريق السابق الذي يهيمن عليه المحافظون، وشخصيات جديدة من تيار الوسط أو أصحاب توجهات يسارية.
وفرنسوا بايرو (73 عاما) هو سادس رئيس وزراء في عهد ماكرون منذ الولاية الأولى للرئيس في 2017 والرابع في سنة 2024 وحدها، في مؤشّر على عدم استقرار سياسي لم تشهده فرنسا منذ عقود.
وسوف تكون موازنة عام 2025 على رأس أولويات الحكومة الجديدة.
إعلان
توزيع الحقائب الوزراية: قديم وجديد
ويأتي تشكيل الحكومة بعد شهور من الخلافات السياسية والضغوط من الأسواق المالية للحد من الديون الفرنسية الضخمة. وسيشغل المصرفي إيريك لومبارد منصب وزير المالية، وهو منصب ينطوي على أهمية كبيرة في الوقت الذي تعمل فيه فرنسا للوفاء بتعهداتها لشركائها في الاتحاد الأوروبي بشأن خفض عجز الموازنة، الذي تشير التقديرات إلى أنه سوف يصل إلى 6% من الناتج المحلي الإجمالي هذا العام.
وكان لومبارد قد عمل كمستشار لوزير مالية اشتراكي في التسعينيات. واحتفظ برونو ريتايو بمنصبه كوزير للداخلية حيث يتولى مسؤولية الأمن وسياسات الهجرة في فرنسا، كما استمر وزير الدفاع الفرنسي سباستيان لوكورنو، الذي يقود الدعم العسكري الفرنسي لأوكرانيا، بحقيبة الدفاع. واحتفظ وزير الخارجية جان نويل بارو، الذي قام برحلات مكثفة للشرق الأوسط مؤخرا، بمنصبه.
ومن بين الشخصيات الجديدة التي انضمت للحكومة إليزابيث بورن التي سوف تتولى حقيبة التعليم.
وأشار قصر الإليزيه إلى أن أول اجتماع للحكومة سيعقد في 3 يناير/ كانون الثاني.
وكان رئيس الوزراء الفرنسي الجديد الوسطي فرنسوا بايرو كُلّف تشكيل الحكومة في 13 كانون الأول/ديسمبر بعد حجب الثقة عن سلفه ميشال بارنييه بمبادرة من اليسار واليمين المتطرّف بعد ثلاثة أشهر فقط على تكليفه.
وجرت مكالمات هاتفية عدة الأحد بين بايرو وماكرون قبل لقاء في الإليزيه مساء، بحسب ما كشفت أوساط الرئيس الفرنسي.
وكشفت تشكيلة الحكومة في نهاية يوم حداد وطني أعلنه ماكرون على ضحايا إعصار "شيدو" الذي ألحق دمارا واسعا بأرخبيل مايوت الفرنسي في المحيط الهندي.
وشهدت فرنسا دقيقة صمت على ضحايا الإعصار المقدّر عددهم بنحو 35 قتيلا و2500 جريح.
وسيتعين على لومبار ومونشالو البدء في العمل على الفور مع بايرو لإقرار مشروع ميزانية 2025 بعد أن أدى الرفض البرلماني للمشروع المقترح إلى الإطاحة برئيس الوزراء السابق ميشيل بارنييه.
مئات القتلى في إعصار جزيرة مايوت الفرنسية
01:26
انقسامات كبيرة فإلى متى تصمد الحكومة الجديدة؟
وتعيش فرنسا أزمة سياسية منذ أن دعا ماكرون إلى انتخابات تشريعية مبكرة في الصيف أفضت إلى برلمان منقسم بين ثلاث كتل متخاصمة (التحالف اليساري والمعسكر الرئاسي واليمين المتطرّف) لا تملك أيّ منها أغلبية مطلقة.
وسعى بايرو إلى تشكيل حكومة متراصة الصفوف ومنفتحة قدر المستطاع تشمل شخصيات وازنة، من اليسار واليمين والوسط، لمواجهة الأولويات الطارئة في البلد، لا سيما مسألة الميزانية.
ومن المتوقع أن يواجه فريق بايرو ضغوطا لتقليص العجز المتوقع أن يبلغ بنهاية العام مستوى يتجاوز ستة بالمئة من الناتج المحلي الإجمالي.
والبرلمان في عطلة حتى الثالث عشر من يناير كانون الثاني. ولكن بمجرد عودته، من المرجح أن يواجه بايرو وفريقه تهديدا مستمرا بسحب الثقة.
ويأمل الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون أن يتمكن بايرو من تجنب التصويت بسحب الثقة حتى يوليو/ تموز على الأقل، عندما تجري فرنسا انتخابات برلمانية جديدة.
وعلق موقع قناة "إن تي في" الألمانية على إعلان تشكيل الحكومة الجديدة في فرنسا فقال إنها "ليست جديدة إلى هذا الحد، وبالتالي يمكن تجاوزها بسرعة". وتابع الموقع الألماني "مثل سلفه، يعتمد رئيس الوزراء فرانسوا بايرو على معسكر يمين الوسط، وعلى تحالفات قديمة وشخصيات بارزة مثل رئيسي الوزراء السابقين مانويل فالس وإليزابيث بورن.
ويظل الوضع الأولي صعبا: فمن دون أغلبيته في الجمعية الوطنية، يواجه بايرو نفس مصير سلفه ميشيل بارنييه، الذي أطيح بحكومته قبل ثلاثة أسابيع في تصويت بحجب الثقة.
وأكد موقع قناة "إن تي في" أنه من الممكن أن تستمر الأزمة السياسية في ظل بقاء فرنسا منقسمة بشدة". وأوضح أن المواجهة بين المعسكرات اليسارية واليمينية القومية والوسطية تؤدي إلى شل عمل البرلمان.
وأوضح الموقع الألماني أن الأمر الملح بشكل خاص هو أن البلاد لا تزال ليس لديها ميزانية للعام المقبل، في حين أن مفوضية الاتحاد الأوروبي تمارس ضغوطًا عليها بسبب ارتفاع مستوى الديون الجديدة و"سوف يكون بيان حكومة بايرو في الرابع عشر من يناير/كانون الثاني بمثابة اختبار أول مثير للاهتمام".
ص.ش/أ.ح (أ ب، أ ف ب، رويترز)
أبرز الشخصيات في المشهد السياسي الفرنسي بعد الانتخابات
فوز اليسار في الجولة الثانية من الانتخابات الفرنسية المبكرة، شكل مفاجأة كبيرة بعد تصدر اليمين المتطرف في الجولة الأولى. في هذه الجولة المصورة نتعرف على أبرز الشخصيات التي ستلعب دورا في السياسة الفرنسية القادمة.
صورة من: Ludovic Marin/AFP/Getty Images
إيمانويل ماكرون
إيمانويل جان ميشيل فريدريك ماكرون (47 عاما) رئيس فرنسا منذ عام 2017. كان عضوا في الحزب الاشتراكي وتولى حقيبة وزارة الاقتصاد في عهد الرئيس السابق فرانسوا أولاند. في نيسان 2016 ترك الحزب الاشتراكي وأسس حزب الجمهورية إلى الأمام، وهو حزب وسطي ليبرالي، في عام 2022 أصبح اسمه حزب النهضة.
صورة من: Eliot Blondet/abaca/picture alliance
غابريال أتال
تولى غابريال أتال (35 عاما) رئاسة وزراء فرنسا في يناير 2024 ويعتبر أصغر شخص في تاريخ البلاد يتولى هذا المنصب. كان بين عامي 2020 و2022 ناطقا باسم الحكومة، ثم تولى حقيبة وزارة التعليم الوطني والشباب من يوليو/ تموز 2023 حتى تعيينه رئيسا للوزراء. بعد الانتخابات التشريعية المبكرة 2024 التي حل فيها حزبه ثانيا قدم استقالته، لكن ماكرون رفض الاستقالة وطلب منه الاستمرار في منصبه حتى تشكيل حكومة جديدة.
صورة من: Blondet Eliot/Abaca/IMAGO
جان لوك ميلانشون
زعيم حزب فرنسا الأبية اليساري المتطرف، جان لوك ميلانشون (73 عاما) يتمتع بخبرة سياسية طويلة ويعد واحدا من أكثر الساسة الفرنسيين إثارة للجدل. تزعم ميلانشون الجبهة الشعبية الجديدة لقوى اليسار التي احتلت المركز الأول في الانتخابات التشريعية المبكرة 2024. قبل تأسيس حزبه عام 2016 كان عضوا في الحزب الاشتراكي وكان وزيرا للتعليم وترشح للرئاسة في انتخابات 2012 و2017 و2022.
صورة من: Dimitar Dilkoff/AFP/Getty Images
مارين لوبان
مارين لوبان (56 عاما) المحامية السابقة تعتبر زعيمة التيار اليميني المتطرف، تولت رئاسة حزب الجبهة الوطنية من والدها عام 2011 ثم غيرت اسم الحزب إلى التجمع الوطني عام 2018. ترشحت للانتخابات الرئاسية أعوام 2012 و2017 و2022 حيث حلت في المركز الثاني خلف ماكرون. تصدر حزبها الجولة الأولى للانتخابات التشريعية، لكنه أخفق في الجولة الثانية ليحتل المركز الثالث.
صورة من: Yves Herman/REUTERS
جوردان بارديلا
كان اسم الشاب جوردان بارديلا (28 عاما) رئيس حزب التجمع الوطني اليميني المتطرف، الأكثر تداولا لتولي رئاسة وزراء فرنسا بعد الجولة الأولى للانتخابات التشريعية المبكرة 2014، حيث تصدر حزبه نتائجها. لكن بعد هزيمة حزبه في الجولة الثانية لم يعد اسمه يذكر. لكن سيبقى لحزبه دور وتأثير كبير في البرلمان.
صورة من: Julien de Rosa/AFP
فرانسوا أولاند
الرئيس الفرنسي السابق فرانسوا أولاند (70 عاما) الزعيم السابق للحزب الاشتراكي، عاد إلى واجهة المشهد السياسي بعد ترشحه للانتخابات التشريعية 2024 وفوزه ضمن قائمة الجبهة الشعبية الجديدة على مرشحي التجمع الوطني وحزب "الجمهوريون" في دائرته الانتخابية. صحيح أنه ليس مرشحا لرئاسة الحكومة، لكن من المتوقع أن يكون له دور في السياسة الفرنسية وخاصة الخارجية.
صورة من: Reuters/Laurent Dubrule
أوليفييه فور
زعيم الحزب الاشتراكي أوليفييه فور (55 عاما) كان له دور واضح في تأسيس الجبهة الشعبية الجديدة وأول شخص يتحدث باسمها في المناظرات الانتخابية. تولى قيادة الحزب عام 2018 ويتمتع بخبرة سياسية جيدة إذ تولى بعض المناصب السياسية. ويعد هذا المحامي السابق من مرشحي اليسار البارزين لرئاسة الحكومة القادمة.
صورة من: Aurelien Morissard/AP/picture alliance
مارين تونديلير
دعت زعيمة الخضر مارين تونديلير (37 عاما) في وقت مبكر إلى تأسيس جبهة يسارية وطنية ضد اليمين المتطرف. وبرزت كصوت قوي في حملة الجبهة الشعبية الجديدة خلال هذه الانتخابات التشريعية. وهي معروفة بانتقادها الحاد لتحالف ماكرون وتقول إنه شبيه باليمين المتطرف. تولت قيادة حزب الخضر في أواخر عام 2022.
صورة من: Abdul Saboor/REUTERS
فابيان روسيل
تولى فابيان روسيل (55 عاما) قيادة الحزب الشيوعي الفرنسي عام 2018 بعد انتخابه نائب في البرلمان عام 2017. لكنه فقد مقعده في الانتخابات المبكرة 2024 لصالح مرشح من التجمع الوطني اليميني المتطرف. لم يكن حضوره لافتا خلال الحملات الانتخابية للجبهة الشعبية الجديدة، لكن هذا الصحافي السابق سيبقى على رأس الحزب الشيوعي الفرنسي.
صورة من: Andrea Savorani Neri/NurPhoto/picture alliance
إريك سيوتي
تولى إريك سيوتي (59 عاما) زعامة حزب "الجمهوريون" اليميني المحافظ آواخر عام 2022. وقد أثار جدلا في الحزب بدعوته إلى إقامة تحالف مع التجمع الوطني اليميني المتطرف، وهو ما أثار انقساما في الحزب وغضب المكتب السياسي الذي طرده من الحزب، لكن القضاء أبطل قرار الطرد.
صورة من: Eric Gaillard/REUTERS
رافائيل غلوكسمان
يرى بعض المراقبين أن رافائيل غلوكسمان (44 عاما) النائب في البرلمان الأوروبي عن الحزب الاشتراكي، من المرشحين البارزين لرئاسة الحكومة الفرنسية القادمة بعد فوز الجبهة الشعبية الجديدة اليسارية. وصرح قبل الانتخابات أن الشيء المهم هو "التغلب" على التجمع الوطني، وأن السبيل الوحيد إلى ذلك هو "وحدة اليسار". وهو صحافي سابق وكان مستشار للشؤون الخارجية والأوروبية للرئيس الجورجي السابق ميخائيل سكاشفيلي.
صورة من: Coust Laurent/ABACA/IMAGO
لوران بيرغر
الزعيم العمالي المعتدل لوران بيرغر (55 عاما) رئيس نقابة (سي أف تي دي CFDT) يعبر زعيما نقابيا بارزا وكان له دور بارز في توجيه الإضرابات التي شهدتها فرنسا بعد الإصلاحات في قطاع السكك الحديدية، وكان بيرغر من الداعين لإنهاء الإضرابات وقال "العمل النقابي ليس مجرد إضرابات". وهو معروف بمناهضته للتجمع الوطني اليميني المتطرف.