1. تخطي إلى المحتوى
  2. تخطي إلى القائمة الرئيسية
  3. تخطي إلى المزيد من صفحات DW

فرنسيون يريدون استعادة أقاربهم الذين انضموا إلى "داعش"

٢٦ يوليو ٢٠٢٠

تسعى عائلات فرنسية إلى استعادة أفرادها الذين انضموا إلى تنظيم "داعش" الإرهابي، خصوصا وأن بينهم عشرات النساء والأطفال. ومع عدم تجاوب الحكومة مع طلبهم توجهت تلك العائلات إلى القضاء. فرنسيون يروون لـDW معاناتهم بهذا الخصوص.

IS-Geschichte I  Syrien I Camp Al-Hawl
هنا في مخيم الهول تقيم عشرات النساء الفرنسيات اللواتي انضممن إلى "داعش" ومعهن أطفالهن. صورة من: privat

أنطوان* ليس من الأشخاص الذين يفقدون شجاعتهم ويستسلمون بسهولة، فالرجل النقابي قضى عقوداً يدافع عن حقوق العمال. لكن عندما ذهبت ابنته قبل خمس سنوات لتلتحق بتنظيم "داعش" الإرهابي، انهار تماماً.

يقول أنطوان لـDW: "عندما تلقيت الخبر بأنها في الموصل، كان الأمر كما لو أن البيت انهار عليّ"، ويضيف: "لم يخطر ببالنا أبداً أن شيئاً كهذا قد يحدث، فقد كانت جيدة في المدرسة دائماً. قلت لها: هل تدركين حقاً فيمَ ورّطتِ نفسك وهل تعرفين ماذا تعني السلفية؟".

اعتنقت الفتاة، البالغة من العمر 26 عاماً، الإسلام دون أن تخبر والديها "اللاأدريين" بذلك. وعندما رأت أن صديقها الفرنسي التونسي يعاني من التمييز ولا يستطيع العثور على عمل ككهربائيّ، قررت أن تذهب معه إلى العراق "ليمارسا دينهما بحرّيّة".

ووفقاً للتقديرات، فقد انضم نحو 1700 مواطن فرنسي لصفوف تنظيم "داعش" الإرهابي على مدى السنوات الماضية. وهم يشكلون أكبر مجموعة من بين 5000 مواطن من غرب أوروبا انضموا للتنظيم في سوريا والعراق. ويقبع نحو 1000 منهم في السجون والمخيمات التي يديرها الأكراد. وفي تلك السجون والمخيمات أيضاً يشكل الفرنسيون أكبر مجموعة بنحو 300 امرأة وطفل في المخيمات و75 رجلاً في السجون.

عشرات النساء والأطفال مختفون بلا أثر
وفي فرنسا، تحاول عائلات المواطنين الفرنسيين الذين انضموا إلى تنظيم "داعش" دفع الدولة إلى إعادتهم، لكن أصبحوا أكثر يأساً منذ "اختفاء" عشرات من أقاربهم في مخيم الهول في شمال سوريا منذ خمسة أسابيع. وبحسب معلومات العائلات، فقد تم اقتيادهم من خيمهم ليتم تسجيلهم. الفرنسية م. كانت جزءاً من هذه المجموعة مع طفلها البالغ من العمر 18 شهراً، الذي ولد في سوريا. قبل ذلك كانت تتصل بوالدها يومياً.
يقول والدها: "غالباً ما أستطيع أن أتمالك نفسي، لكن وبالرغم من ذلك بالكاد أستطيع أن أنام ليلاً. أشاهد فيديوهات حفيدي مراراً وتكراراً". مثل جميع أفراد عائلات الفرنسيين المنضمين إلى صفوف "داعش"، والذين تحدثت معهم DW، يقول أنطوان إنه لا يعرف ماذا فعلت ابنته في سوريا بالضبط.

"نخلق غوانتانامو ثانٍ"
ويؤكد الأب: "لكنني لست قاضيها"، ويضيف: "عليها أن تدافع عما اقترفته ولها الحق في محاكمة عادلة، مثلنا جميعاً. هذا هو الفرق بين الديمقراطية والديكتاتورية. لكننا نخلق غوانتانامو ثانٍ هناك!". خلال محنته، شكل أنطوان جمعية مع نحو 100 عائلة أخرى من عائلات الفرنسيين المنضمين إلى "داعش" وأطلقوا عليه اسم جمعية "العائلات المتحدة".
تنتمي كاترين** أيضاً إلى هذه الجمعية. ففي عام 2015 ذهبت ابنتها التي كانت تبلغ من العمر 15 عاماً وقتها إلى سوريا. الأم مصدومة بالطريقة التي تعامل فيها فرنسا الأطفال، كما تقول.

حفيد أنطوان البالغ من العمر 18 شهراًصورة من: privat

وتضيف: "لماذا تتعب فرنسا نفسها بالتوقيع على اتفاقيات دولية خاصة بحقوق الأطفال، بينما تترك الأطفال يتعفنون في هذه المخيمات (في سوريا)"، وتتابع: "ظروف المعيشة هناك رهيبة. إنها غير نظيفة ولا توجد أي رعاية طبية. في الخيم يكون الجو إما حاراً جداً أو بارداً جداً، وغالباً ما تغمرها المياه وقت العواصف".

يرى أنطوان أن من حق ابنته أن تحاكم محاكمة عادلةصورة من: DW/L. Louis


كانت ابنتها التي نشأت كاثوليكية، قد اعتنقت الإسلام أيضاً. وتتذكر والدتها أنها كانت تتصل بسوريات، لكنها لا تعرف بالضبط ما الذي دفع ابنتها أخيراً إلى الذهاب إلى سوريا. وفي سوريا تزوجت الابنة وأنجبت ولداً يبلغ عمره الآن ثلاث سنوات وستة أشهر. ومنذ نحو خمسة أشهر اختفى الاثنان من مخيم الهول، لكن الأم تعتقد أنه تم نقلهما إلى السجن.

وقتها فقدت الأم الاتصال مع ابنتها التي كانت تتواصل معها يومياً. تقول الأم: "أشعر أن الحكومة تخلت عني تماماً، فهي تتصرف وكأن هؤلاء الأشخاص غير موجودين، لكنهم موجودون حقاً!".

الحكومة تقول إنها تلتزم بالقانون الدولي
وبالرغم من ذلك، تقول الحكومة الفرنسية إنها تلتزم بالقانون الدولي. وقد استعادت فرنسا حتى الآن نحو 30 طفلاً من تلك المخيمات، إلا أنها لم تستعد النساء والرجال. لكن تركيا قامت بترحيل نحو 200 مواطن فرنسي (رجال ونساء) بموجب اتفاقية ثنائية.

يقول رافائيل جوفين، البرلماني الفرنسي عن حزب "الجمهورية إلى الأمام!" الحاكم، لـ DW: "على الناس أن يحاكموا في المكان الذي ارتكبوا جرائم فيه"، ويضيف: "والأطفال نستعيدهم عندما تقبل الأمهات بتسليمهم إلينا".

وبذلك فإن نهج الحكومة يوافق الرأي العام. ووفقاً لاستطلاع أجرته شركة أودوكسا المتخصصة في الاستطلاعات والاستشارات في عام 2019، فإن 80 بالمئة من الفرنسيين يؤيدون محاكمة أعضاء تنظيم "داعش" في سوريا والعراق.

كاترين مصدومة بالطريقة التي تعامل بها فرنسا الأطفالصورة من: privat


لكن المحامية ماري دوزيه التي تمثل عائلات 40 امرأة فرنسية في المخيمات السورية، تقول إن هذا النهج لا يتوافق مع القانون الدولي، وتوضح لـ DW: "هؤلاء الأشخاص محتجزون بشكل تعسفي، وحتى لو كانت هناك محاكم، فإن جرائمهم بدأت في فرنسا، وهم متهمون بالانضمام لمنظمة إرهابية وينبغي أن يحاكموا هنا".

فرنسا "لا مبالية بشكل خاص"
تقول ليتا تايلر، كبيرة الباحثين لدى منظمة هيومن رايتس ووتس في نيويورك، إن لدى فرنسا توجهاً لامبالياً بشكل خاص من بين دول أوروبا الغربية، وتضيف لـ DW: "فرنسا تفصل الأطفال عن الأبوين بشكل جمعي. فقد استعادت طفلة صغيرة كانت تعاني من مرض في القلب في أبريل/ نيسان الماضي لكنها تركت الأم في سوريا"، وتتابع: "هذا غير أخلاقي، فهؤلاء الأطفال يعانون من صدمات نفسية شديدة، ومن خلال فصلهم (عن عوائلهم) تضيف فرنسا صدمة نفسية أخرى".
وقد لجأ أنطوان وعدة عائلات أخرى إلى المحكمة لإجبار الحكومة على استعادة المواطنين الفرنسيين، وقد تصل القضية العام المقبل إلى محكمة العدل الأوروبية.

عودة الفرنسيين في مصلحة فرنسا أيضاً؟
ولا تستطيع سارة** التي ذهب شقيقها إلى سوريا عام 2015، أن تستوعب سبب عدم استعادة فرنسا مواطنيها الذين انضموا لـ "داعش" منذ فترة طويلة، على الأقل من أجل مصلحة البلاد، كما تقول.

المحامية ماري دوزيه تقول إن نهج الحكومة الفرنسية لا يتوافق مع القانون الدوليصورة من: DW/L. Louis

ذهب شقيقها إلى سوريا "لمساعدة إخوانه المسلمين"، لكنه يقبع الآن في السجن، ولديه طفلان من امرأتين مختلفتين يقيمون في المخيمات التي يديرها الأكراد. تقول سارة: "في المخيمات أيضاً هناك الكثير من الأشخاص الذين يمثلون خطراً حقيقياً، ولذلك لا يمكننا تركهم هناك!".

في الآونة الأخيرة، قيل أن العديد من النساء هربن من المخيم بعد تعرضه لهجوم. ويُعتقد أن أرملة أميدي كوليبالي، منفذ الهجوم على سوبرماركت يهودي في باريس عام 2015، كانت بينهنّ. تقول سارة: "هؤلاء الناس يمكنهم الانضمام إلى الإرهابيين مرة أخرى وتنفيذ هجمات جديدة ضدنا، وهذا يخيفني!".

 لكن كاترين متفائلة، وتقول: "الرئيس ماكرون عيّن إريك دوبون-موريتي وزيراً للعدل"، وتضيف: "لقد أعلن عدة مرات عن نيتهم إعادة أعضاء داعش الفرنسيين. إذا كان يوجد شخص يمكنه أن يحدث فرقاً، إنه هو!".

*تم تغيير الاسم
** المتحدثون أرادوا ذكر أسمائهم الأولى فحسب


ليزا لويس/م.ع.ح

تخطي إلى الجزء التالي اكتشاف المزيد

اكتشاف المزيد

تخطي إلى الجزء التالي موضوع DW الرئيسي

موضوع DW الرئيسي

تخطي إلى الجزء التالي المزيد من الموضوعات من DW

المزيد من الموضوعات من DW