في ميونيخ، يستضيف وزير الداخلية الألماني ألكسندر دوبرينت اجتماعا أوروبيا لبحث تشديد سياسات الهجرة وسط دعوات لإنشاء مراكز إعادة لطالبي اللجوء المرفوضين. يأتي ذلك وسط انتقادات لفشل أكثر من نصف عمليات الترحيل من ألمانيا.
يهدف اجتماع ميونيخ إلى إنشاء "مراكز إعادة" لإيواء طالبي اللجوء المرفوضين الذين يتعذر ترحيلهم إلى بلدانهم الأصلية.صورة من: Markus Schreiber/AP/picture alliance
إعلان
يستضيف وزير الداخلية الألماني ألكسندر دوبرينت اليوم السبت (الرابع من أكتوبر/تشرين الأول 2025) اجتماعا وزيرا أوروبيا في مدينة ميونيخ الألمانية، في اجتماع يهدف إلى تشديد سياسات الهجرة.
وأعلنت وزارة الداخلية الألمانية أن الاجتماع يعد "لقاء عمل"، ولن يصدر عنه بيان ختامي.
ومن المقرر أن يبحث الوزراء أيضا قضية تحليق الطائرات المسيرة غير المصرح بها وانتهاكها لأجواء بعض الدول.
وسيشارك في الاجتماع وزراء داخلية بولندا وإيطاليا ولوكسمبورغ وسويسرا، إلى جانب وزراء الهجرة من الدنمارك والسويد وبلجيكا وهولندا، بالإضافة إلى مفوض الاتحاد الأوروبي لشؤون الهجرة، ماجنوس برونر، بحسب بيانات الوزارة.
وقال دوبرينتفي تصريحات لصحيفة "مونشنر ميركور" الألمانية إن الهدف الأساسي للاجتماع هو التمهيد لإنشاء "مراكز إعادة" لإيواء طالبي اللجوء المرفوضين الذين يتعذر ترحيلهم إلى بلدانهم الأصلية.
وأضاف أن هذه المراكز ينبغي أن تقام بالقرب قدر الإمكان من دول المنشأ.
ورغم أن العمل جار على مستوى الاتحاد الأوروبي لإقامة مثل هذه المراكز، إلا أن الوزير الألماني أكد أن الاعتماد على بروكسل (الاتحاد الأوروبي) وحدها غير كاف. ودعا الدول الأعضاء إلى أخذ زمام المبادرة بشكل منفرد لإنشائها.
ويأتي الاجتماع في أعقاب لقاء عقده دوبرينت في يوليو/تموز الماضي مع وزراء من خمس دول أوروبية ومفوض الاتحاد الأوروبي لشؤون الهجرة، ماجنوس برونر، حيث تعهدوا حينها بتنفيذ عمليات ترحيل منتظمة، والتي ستتضمن الترحيل إلى سورياوأفغانستان، بالإضافة إلى تعزيز حماية الحدود الخارجية للاتحاد الأوروبي، وحث دول غير أعضاء في الاتحاد على استقبال طالبي اللجوء المرفوضين.
"الحقيقة المؤسفة" بشأن عمليات الترحيل
انتقد رئيس الشرطة الاتحادية الألمانية، ديتر رومان، العدد الكبير من عمليات الترحيل الملغاة لطالبي اللجوء المرفوضين في ألمانيا.
إعلان
وقال رومان في تصريحات لصحيفة "فيلت آم زونتاغ" "سجلنا في العام الماضي نحو 53 ألفا و800 عملية ترحيل أعلنت عنها الولايات، لكن نحو 33 ألفا و600 منها ألغيت قبل تسليم الشخص إلينا".
وأوضح رومان أن الأسباب تشمل اختفاء بعض الأشخاص المطلوب ترحيلهم في يوم السفر، أو تقديمهم تقارير طبية في اللحظة الأخيرة تحول دون تنفيذ الترحيل.
وأضاف أن "هذه هي الحقيقة المؤسفة، فكل رقم وراءه جهد ضخم. وطالما أن مصير كل هذه الإجراءات الإلغاء، ستبقى الفجوة بين من يحق ترحيلهم ومن يرحلون فعليا واسعة".
كما انتقد رومان بشدة نقص أماكن الاحتجاز المخصصة للترحيل في ألمانيا، قائلا: "مقابل 226 ألف شخص ملزمين بمغادرة البلاد، لدينا أقل من 800 مكان احتجاز. في ظل هذا الوضع، لن تتمكن شرطة الولايات أو الشرطة الاتحادية من احتجاز الأشخاص المطلوبين حتى لو توفرت الأسس القانونية لذلك".
وتعمل الحكومة الائتلافية على زيادة عدد عمليات الترحيل، وفقا لما نص عليه اتفاقها الحكومي. وكانت وزارة الداخلية الألمانية أعلنت عن ترحيل أكثر من 11 ألفا و800 شخص في النصف الأول من العام الجاري.
تحرير: خالد سلامة
ألمانيا واللاجئون.. كيف تغير الحال منذ الترحيب الكبير في 2015؟
أغلبية الألمان كانت في عام 2015 مع استقبال اللاجئين ومنحهم الحماية. ولكن الأمور لم تستمر كذلك، حيث تراجعت نسبة التأييد للاجئين بشكل متسارع اعتباراً من مطلع عام 2016. نستعرض ذلك في هذه الصور.
صورة من: Odd Andersen/AFP/Getty Images
ميركل وعبارتها الشهيرة
"نحن قادرون على إنجاز ذلك". عبارة قالتها المستشارة الألمانية أنغيلا ميركل في هذا المؤتمر الصحفي للحكومة، الذي عقد بتاريخ 31 أغسطس/آب 2015. لم تكن تعرف حينها أن الجملة ستدخل التاريخ الألماني الحديث، وتسبب استقطاباً في البلاد، ويتحول الرأي العام الألماني من مرحب بنسبة كبيرة باللاجئين، إلى تناقص هذه النسبة بمرور السنوات.
صورة من: Imago/photothek/T. Imo
تأييد كبير لاستقبال اللاجئين
حتى مع ارتفاع أعداد طالبي اللجوء إلى ألمانيا من حوالي 41 ألف طلب لجوء في عام 2010 إلى 173 ألف طلب لجوء في 2014، كانت الأغلبية الساحقة من الألمان، في مطلع عام 2015، مع استقبال اللاجئين وتقديم الحماية لهم.
صورة من: Martin Meissner/AP Photo/picture alliance
أول محطة ترحيب
صيف وخريف 2015 شهد ذروة موجة اللجوء الكبيرة. فبعد أخذ ورد على المستوى السياسي الألماني، ومع الدول الأوروبية المجاورة، سمحت ألمانيا ودول أوروبية أخرى بدخول طالبي اللجوء إليها. مئات الآلاف دخلوا البلاد خلال أسابيع قليل. وظهرت صور التعاطف معهم من جانب السكان الألمان. وكان ذلك واضحاً للعيان في محطات القطارات وفي مآوي اللاجئين.
صورة من: Sven Hoppe/dpa/picture alliance
التأييد حتى على مدرجات الملاعب
وحتى على مدرجات ملاعب كرة القدم، في مباريات الدوري الألماني (بوندسليغا)، شاهد العالم عبارات الترحيب باللاجئين، كما هنا حيث رفعت جماهير بوروسيا دورتموند هذه اللافتة العملاقة بتاريخ 25 أكتوبر/تشرين أول 2015.
وبالمجمل وصل إلى ألمانيا خلال عام 2015 وحده حوالي 890 ألف طالب لجوء.
صورة من: picture-alliance/G. Chai von der Laage
الرافضون لاستبقال اللاجئين أقلية في 2015
بنفس الوقت كان هناك رافضون لسياسة الهجرة والانفتاح على إيواء اللاجئين، وخاصة من أنصار حركة "بيغيدا" (أوروبيون وطنيون ضد أسلمة الغرب)، الذين كانوا يخرجون في مسيرات، خصوصاً في شرق البلاد، للتعبير عن رفضهم لاستقبال اللاجئين. كما كانت تخرج مظاهرات مضادة لحركة "بيغيدا" وداعمة لاستقبال اللاجئين.
صورة من: Reuters/F. Bensch
ليلة الانعطاف الكبير
وبقي الرأي العام منفتحاً على استقبال اللاجئين حتى ليلة حاسمة، مثلت علامة فارقة في قضية الهجرة واللجوء في ألمانيا. فبينما كان العالم يودع عام 2015 ويستقبل 2016، والاحتفالات السنوية تقام أيضا في المدن الألمانية، وردت أنباء متتالية عن عمليات تحرش بالكثير من الفتيات في موقع احتفال برأس السنة في مدينة كولن (كولونيا). أكثر من 600 فتاة تعرضن للتحرش والمضايقات.
صورة من: DW/D. Regev
تعليق لم الشمل لحملة الحماية المؤقتة
من تلك اللحظة بدأ المزاج العام في التغير وأخذ حجم التأييد لاستقبال اللاجئين يتراجع في الرأي العام الألماني. وبدأ التشديد في قوانين الهجرة واللجوء، كتعليق لم الشمل لمدة عامين للاجئي الحماية الثانوية (المؤقتة)، بموجب القانون الذي صدر في ربيع عام 2016، والذي صدر في عهد وزير الداخلية آنذاك توماس دي ميزير.
صورة من: Getty Images/AFP/J. McDougall
الهجوم على سوق عيد الميلاد في برلين 2016
وقبل أن يودع الألمان عام 2016 بأيام قليلة، أتت كارثة جديدة صدمت الرأي العام: هجوم بشاحنة على سوق لعيد الميلاد في العاصمة برلين، نفذه اللاجئ التونسي سميح عمري. 13 إنسان فقدوا حياتهم في الهجوم، وأصيب 63 آخرون. حصيلة مؤلمة ستترك ندوباً في المجتمع.
صورة من: Reuters/H. Hanschke
حزب البديل يدخل البرلمان للمرة الأولى
استفاد من هذه الأحداث حزب البديل لأجل ألمانيا اليميني المناهض لسياسة الهجرة واللجوء الحالية والرافض لاستقبال اللاجئين كلياً. ليدخل الحزب البرلمان الألماني لأول مرة في تاريخه، محققاً المركز الثالث في الانتخابات البرلمانية الاتحادية التي أقيمت في سبتمبر/أيلول 2017، بنسبة 12.6 بالمئة.
صورة من: Reuters/W. Rattay
استمرار الاستقطاب
شهدت السنوات اللاحقة استمرار الاستقطاب في المجتمع، خصوصاً مع بعض الهجمات التي نفذها لاجئون، بدوافع إرهابية. أمر قلص الدعم الشعبي للهجرة. إلى أن تراجعت الشعبية، وبات قرابة ثلثي الألمان في استطلاعات الرأي يريدون استقبال أعداداً أقل من اللاجئين أو وقف استقبالهم كلياً.