فشل جهود تشكيل لجنة الدستور السوري.. هل انتهى مسار آستانا؟
٢٩ نوفمبر ٢٠١٨
فشلت اجتماعات العاصمة الكازاخية آستانا في التوصل إلى اتفاق بشأن تشكيل لجنة لإعداد دستور لسوريا لمرحلة ما بعد الحرب، ما اعتبرته الأمم المتحدة فرصة ضائعة لإيجاد حل سياسي للأزمة السورية. فهل انتهى مسار آستانا؟
إعلان
"أستانا 11" و"الفرصة الضائعة".. ماذا بعد؟
23:21
قال مكتب ستافان دي ميستورا مبعوث الأمم المتحدة إلى سوريا في بيان اليوم الخميس (29 تشرين ثان/نوفمبر 2018) إن روسيا وتركيا وإيران أخفقت في تحقيق أي تقدم ملموس في تشكيل لجنة دستورية سورية خلال اجتماع عقد في آستانا عاصمة كازاخستان.
وذكر البيان أن "المبعوث الخاص دي ميستورا يأسف بشدة... لعدم إحراز تقدم ملموس للتغلب على الجمود المستمر منذ عشرة أشهر في تشكيل اللجنة الدستورية". وأضاف "كانت هذه المرة الأخيرة، التي يعقد فيها اجتماع في آستانا عام 2018، ومن المؤسف بالنسبة للشعب السوري، أنها كانت فرصة مهدرة للإسراع في تشكيل لجنة دستورية ذات مصداقية ومتوازنة وشاملةيشكلها سوريون ويقودها سوريون وترعاها الأمم المتحدة".
وقالت الدول الثلاث في بيان مشترك صدر بعد المحادثات إنها "ستكثف" المشاورات لتشكيل اللجنة في أقرب وقت ممكن.
وقال مبعوث روسيا إلى سوريا ألكسندر لافرينتييف في إفادة في آستانا بعد المحادثات "يرى الجانب الروسي نتيجة الاجتماع إيجابية". وأضاف المفاوض الروسي بعد المحادثات أن اللجنة تكتسي "أهمية كبرى". ورفض ما أشيع حول فشل اللجنة قائلا: "أود أن أقول إننا قريبون من هدفنا المرجو" بدون تحديد أي موعد.
وعبرت موسكو وطهران وأنقرة أيضا في البيان المشترك عن القلق إزاء انتهاكات وقف إطلاق النار في المنطقة منزوعة السلاح في إدلب بشمال غرب سوريا وقالت إنها "ستعزز جهودها لضمان الالتزام به"، لكنها شددت على الحاجة لمواصلة "محاربة الإرهاب" هناك. وقال البيان الصادر في اليوم الأخير من الاجتماع الذي استمر يومين إن هذا سيشمل تعزيز عمل مركز التنسيق الإيراني الروسي التركي.
من جانبها، قالت وزارة الخارجية الأمريكية إن تشكيل اللجنة الدستورية كان مهما واتهمت روسيا وإيران بمواصلة "استغلال العملية لإخفاء رفض نظام الأسد للمشاركة في العملية السياسية". وقالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية في بيان إن النجاح غير ممكن دون أن يُحمل المجتمع الدولي دمشق المسؤولية الكاملة عن عدم إحراز أي تقدم.
واختتمت الخميس المحادثات، التي استمرت يومين وكانت الجولة الـ11 منذ بدء موسكو جهودها الدبلوماسية مطلع العام 2017 والتي طغت على مسار المحادثات التي كانت تشرف عليها الأمم المتحدة. وقد رسخ مسار أستانا دور موسكو المهم بعد ان أتاح تدخلها العسكري في خريف 2015 تغيير المعطيات الميدانية لصالح النظام السوري.
ويغادر المبعوث الأممي لسوريا دي ميستورا منصبه في نهاية تشرين الثاني/نوفمبر بعد أكثر من أربع سنوات من الوساطة غير المثمرة.
ح.ع.ح/أ.ح (أ.ف.ب، رويترز)
صراع النفوذ في الأزمة السورية
منذ أن بدأت الاحتجاجات السلمية في سوريا يوم 15 مارس/آذار 2011، والكثير من الجهات تتدخل لإخماد نيران الأزمة التي صارت حربا فيما بعد. وقد شكل التدخل الأجنبي بداية لصراع حول النفوذ في هذا البلد.
صورة من: picture-alliance/AP Photo/U.S. Navy/Brian Stephens
روسيا
يعتبر النظام السوري حليفا تقليديا لروسيا، وقد حال التدخل العسكري الروسي في سوريا عام 2015 دون سقوط نظام الأسد، كما أن كفة القتال أصبحت منذ ذلك الوقت تميل لصالح القوات الحكومية وحلفائها. بتدخلها في سوريا ضمنت روسيا لنفسها قاعدتها البحرية الوحيدة في البحر المتوسط وتمكنت من إنشاء قاعدة جوية جديدة في اللاذقية.
صورة من: picture-alliance/dpa/M.Klimentyev
إيران
منذ الثمانينيات تحظى سوريا بأهمية استراتيجية لدى نظام الجمهورية الإسلامية الإيرانية، فدمشق هي الحليف الأهم لطهران في العالم العربي، وهي الجسر إلى ميلشيات حزب الله اللبناني، لذلك أرسل الحرس الثوري الإيراني "مستشارين عسكريين" إلى سوريا لدعم الأسد كما جندت إيران مقاتلين من العراق وأفغانستان للقتال إلى جانب النظام السوري. ويقول مراقبون إن ايران تسعى إلى تأمين ممر يربط طهران ببيروت عبر العراق وسوريا.
صورة من: AP
دول الخليج
السعودية والإمارات وقطر كانوا منذ بداية الأزمة السورية بالإضافة إلى تركيا، أهم الداعمين للقوات المعارضة في سوريا، خاصة الإسلامية منها. فيما توجه أصابع الاتهام إلى قطر بدعم التنظيمات الجهادية في سوريا. واليوم أصبح الدعم الخليجي يأخذ طابعا سياسيا أكثر، وتتولى الرياض مهمة التقريب بين أطياف المعارضة، لكن هدفها الأساسي يبقى هو الحد من نفوذ غريمتها إيران في سوريا.
صورة من: AFP/Getty Images/F. Nureldine
من الصداقة إلى العداوة
تحولت الصداقة التي كانت تجمع عائلة اردوغان بعائلة الأسد إلى عداوة، فقد دعمت تركيا الفصائل السورية المسلحة مثل الجيش الحر، كما تحالفت أنقرة مع قوى إسلامية متشددة أيضا وهو ما جلب إليها الكثير من النقد من طرف حلفائها في الناتو. وحتى اليوم يدعو الرئيس التركي للإطاحة بالأسد. لكن الأمر الأكثر أهمية بالنسبة له هو الحد من وجود وحدات حماية الشعب الكردية التي ترتبط ارتباطا وثيقا بحزب العمال الكردستاني.
صورة من: picture-alliance/AP Photo/SANA
اسرائيل
القلق الأكبر بالنسبة لإسرائيل من الأزمة السورية هو تمركز جماعة حزب الله والحرس الثوري الإيراني على حدودها. وتسعى إسرائيل إلى منع إيران من النجاح في إنشاء قواعد عسكرية وقاعدة بحرية في البحر المتوسط. ومنذ تردد أنباء عن إطلاق طائرة إيرانية بدون طيار فوق إسرائيل في أوائل فبراير ورد إسرائيل بقصف قواعد إيرانية في سوريا ازدادت حدة التوتر.
صورة من: Reuters/Handout Israel Defence Ministry
الولايات المتحدة الأمريكية
منذ 2014 تقود الولايات المتحدة الأمريكية التحالف الدولي ضد "داعش" في سوريا. ورغم التحفظ التركي قامت الولايات المتحدة بتسليح وتدريب قوات سوريا الديموقراطية لمواجهة التنظيم المتطرف في شمال سوريا. وحتى بعد القضاء على "داعش" ترغب الولايات المتحدة في الإبقاء على قواتها الخاصة في سوريا لاحتواء إيران ومراقبة الوضع في المنطقة. إعداد: هشام دريوش/ مريم مرغيش
صورة من: picture-alliance/AP Photo/U.S. Navy/Brian Stephens