فضيحة التهرب الضريبي تصل إلى المصارف الخاصة في ألمانيا
٢١ فبراير ٢٠٠٨بدأت أبعاد فضيحة التهرب الضريبي غير المسبوقة في تاريخ ألمانيا في الأتساع تدريجياً. فقد انطلقت الفضيحة بعد التحقيق مع الرئيس السابق لشركة البريد الألمانية "دويتشه بوست"، كلاوس تسومفينكل بسبب تهربه من الضرائب وتوظيفه ملايين اليورو في مؤسسات في إمارة لشتنشتاين. ليكتشف الرأي العام الألماني بعدها أن قضية تسومفينكل وارتباطها بإمارة لشتنشتاين ليست حالة فردية، وإنما هناك مئات المواطنين الألمان الأثرياء، الذين يتهربون من الضرائب ويوظفون أموالهم في الإمارة، مستفيدين من قوانين السرية المصرفية المفروضة هناك، وذلك وفق المعلومات التي كشف عنها جهاز المخابرات الألمانية.
وبالأمس أدت الفضيحة إلى تعكير الأجواء بين ألمانيا ولشتنشتاين قبيل زيارة رئيس الإمارة إلى برلين، إذ اتهم ولي عهد الإمارة ألمانيا بالتعدي على سيادة لشتنشتاين بشرائها معلومات مصرفية مسروقة من احد مصارفها من أجل ملاحقة مواطنيها الذين يتهربون من دفع الضرائب، ملمحا إلى أن العملية تهدف إلى الضغط على بلاده لإرغامها على رفع سريتها المصرفية. يُذكر أن تقارير صحفية أوردت شراء المخابرات الألمانية معلومات مصرفية سرية من لشتنشتاين بخصوص ألف ثري من مخبر بعد أن دفعت له مبلغ أربعة إلى خمسة ملايين يورو بموافقة من الحكومة الاتحادية.
مطالب ألمانية بالمساواة مع أمريكا
الجانب الألماني اعتبر أن القضية لا تتعلق بسيادة الإمارة ولكن بالتهرب الضريبي لبعض الأثرياء. وطالبت المستشارة ميركل خلال زيارة رئيس الإمارة اوتمار هاسلر أمس الأربعاء (20 فبراير/شباط) إلى برلين بأن تكشف لشتنشتاين معلومات مصرفية حول الألمان، الذين يستثمرون فيها مثلما تفعل بالنسبة للمستثمرين الأمريكيين. ومن المعروف أن مصلحة الضرائب الأمريكية تمكنت منذ عام 2002 من أن تفرض على لشتنشتاين رفعا جزئيا لسريتها المصرفية.
من ناحيته أشار هاسلر إلى اتفاق الحد من التهرب الضريبي الذي يجري التفاوض بشأنه بين الاتحاد الأوروبي ولشتنشتاين، وقال "من مصلحتنا أن تفضي المفاوضات إلى نتيجة". وفي هذا السياق يرى بعض الخبراء أن التشريعات الأوروبية الحالية تعاني من القصور. وبالرغم من دخول قانون ينص على فرض الضرائب على مداخيل الادخار حيز التنفيذ عام 2005 بهدف الحد من التهرب الضريبي، فإن الاتحاد الأوروبي لم ينجح بشكل فعال في مكافحة ما يطلق عليه "الجنات الضريبية" خارج الاتحاد، ويقصد بها سويسرا وسان مارينو وموناكو واندورا ولشتنشتاين.
الفضيحة تطال مصارف خاصة
وتواصل الفضيحة تصاعدها بعد تقارير صحفية أفادت بأن مفتشي الضرائب عثروا على أدلة تثبت قيام بعض المصارف الخاصة في ألمانيا بنصيحة عملائهم بتوظيف الأموال في إمارة لشتنشتاين هربا من الضرائب. وتحقق أجهزة الأمن حاليا من أجل لكشف عن ما إذا كان بعض الموظفين ضالعين في تسهيل عمليات التهرب الضريبي.
ووفقا لصحيفة "زود دوتيشه تسايتونج" فإنه في بعض الحالات قامت المصارف المذكورة بتحويل أموال من حساب العميل إلى حسابه في إحدى المؤسسات الخيرية الموجودة في إمارة لشتنشتاين بهدف التهرب من الضرائب. وذكرت الصحيفة أن عدد المؤسسات الخيرية المشتبه بأنها ستار للتهرب الضريبي يبلغ 50 مؤسسة.