"فقاعة الدوحة" تنقذ أبطال آسيا من كورونا وتترقب "الأندية"
٢٥ ديسمبر ٢٠٢٠في أيار/ مايو الماضي قدم الدوري الألماني لكرة القدم "بوندسليغا" نموذجاً متميزاً لما يمكن أن يكون عليه التعامل في البطولات الرياضية بشكل عام والكروية بشكل خاص في ظل أزمة تفشي الإصابات بفيروس كورونا المستجد.
وكان الدوري الألماني أولى بطولات الدوري الكبيرة التي تستأنف فعالياتها في ظل جائحة كورونا، وحقق البروتوكول الصحي الصارم الذي قدمه منظمو المسابقة نجاحاً باهراً لتكتمل المسابقة دون مشاكل كبيرة وتصبح البوندسليغا نموذجاً يحتذى به لدى بطولات الدوري الكبيرة.
أمر صعب
ولكن تطبيق هذا النموذج على بطولات الأندية القارية كان أمراً صعباً في ظل اختلاف اللوائح والإجراءات المطبقة في كل دولة عن نظيرتها في دول أخرى ما يعني صعوبة اتباع نفس الإجراءات التي طبقت في البوندسليغا أو في باقي بطولات الدوري المحلية.
ومن الطبيعي أن يزداد الأمر صعوبة في البطولات القارية التي كانت لا تزال في أدوار مبكرة مع ارتفاع عدد الفرق المتنافسة وصعوبة إحكام الإجراءات الصحية وإتاحة عمليات السفر والتنقل دون مشاكل أو أزمات تتعلق بالتأخير من ناحية أو بالجانب الصحي من ناحية أخرى.
وكانت بطولة دوري أبطال آسيا من أكبر الأمثلة على هذا خاصة وأن فعاليات البطولة توقفت بسبب جائحة كورونا وهي لا تزال في دور المجموعات الذي يقام بمشاركة 32 فريقاً من بينهم 16 فريقاً من منطقة شرق وجنوب شرق القارة ومثلهم من غرب القارة إضافة لكون القارة الأسيوية هي الأكبر من بين جميع قارات العالم واختلاف الإجراءات المطبقة في معظم الدول التي تنتمي إليها هذه الفرق المتنافسة.
نجاح فكرة الفقاعة
ووسط المخاوف في العديد من بقاع العالم بسبب الموجة الجديدة من الإصابة بعدوى فيروس "كورونا" المستجد، وحرص الاتحاد الأسيوي للعبة على استكمال المسابقة، أصبح نجاح فكرة "الفقاعة الصحية" مصدر الاطمئنان وصمام الأمان الوحيد لفعاليات البطولة.
ونجحت فكرة "الفقاعة" في تمهيد الطريق أمام استئناف عدد من البطولات في القارة الأوروبية، ومنها مسابقة دوري أبطال أوروبا التي استكملت في العاصمة البرتغالية لشبونة في ظل إجراءات وقائية واحترازية مشددة للحد من تفشي الإصابات بفيروس "كورونا" بشكل أكبر.
وكان الوضع أكثر صعوبة في القارة الأسيوية مع وجود عدد كبير من الفرق المتنافسة في البطولة، ولكن الإمكانيات التي تتمتع بها العاصمة القطرية الدوحة ساهمت في إنقاذ البطولة حيث استضافت الدوحة فعاليات ما تبقى من دور المجموعات وكذلك الأدوار النهائية لبطولة دوري أبطال آسيا لكرة القدم على مستوى منطقة غرب القارة خلال الفترة من 14 أيلول/ سبتمبر وحتى الثالث من تشرين أول/ أكتوبر الماضيين.
وأقيمت مباريات هذه الدورة المجمعة في ظل إجراءات صارمة تضمن التحرك المحدود والآمن لجميع المشاركين ضمن نطاق يقتصر على مقار الإقامة وملاعب التدريب وملاعب إقامة المباريات، لضمان سلامة جميع اللاعبين والمنظمين وغيرهم خلال المشاركة في البطولة.
تدابير عدة
وشملت التدابير الوقائية خضوع جميع المشاركين لفحص كوفيد-19، واستخدام وسائل نقل آمنة، والتعقيم المنتظم لكافة استادات البطولة ومواقع التدريب ومرافق الإعلام إضافة إلى تخصيص أطقم طبية في الملاعب طوال فترة المنافسات.
وناقش خبراء في قطاعات الصحة والسلامة والمنافسات خلال ندوة عبر تطبيق "زوم" بعنوان "استضافة الأحداث الرياضية الكبرى في ظل أزمة كوفييد-19" شاركت فيها وكالة الأنباء الألمانية (د ب أ)، الإجراءات التي اتخذتها قطر والدروس المستفادة التي يمكن تطبيقها في تنظيم أحداث رياضية بالمستقبل في ظل الوباء العالمي.
واقع جديد
وفي هذا السياق يقول الدكتور عبد الوهاب المصلح مستشار وزير الصحة العامة لشؤون الرياضة والطوارئ خلال مداخلته في الندوة : "فرض علينا انتشار فيروس كورونا المستجد حول العالم واقعاً جديداً تطلب منا ضرورة اللجوء لحلول نوعية تضمن أمن وسلامة جميع المشاركين في المنافسات الرياضية. وعليه، اتبعنا منهجاً يضمن خضوع كافة المشاركين للفحص قبل دخولهم إلى دائرة العزل الطبي الصارمة، ولم يسمح لأحد بتجاوز هذا النطاق الآمن لضمان سلامة الجميع".
وأوضح: "أجرينا خلال منافسات البطولة أكثر من 7900 فحص، ولم تتجاوز نسبة الحالات الإيجابية 1.7 بالمائة وهو معدل منخفض للغاية مقارنة بالمعدلات السائدة بالدولة".
وأضاف المصلح: "في حال المقارنة بين عدد الفرق المشاركة في منافسات دوري الأبطال لغرب القارة وعدد الفرق المتوقع مشاركتها في بطولة كأس العالم في عام 2022، ستجد أنها بمثابة نسخة مصغرة من المونديال، وتبلغ النصف تقريباً، من حيث أعداد الفرق والأفراد".
ويوضح المصلح أن هذه التجربة أفادت المسؤولين الرياضيين في قطر "في ظل التحسين المستمر لخطط السلامة الصحية على صعيد البطولات الرياضية الكبرى"، بما يرفع من استعداداتنا للحدث الأكبر ، مونديال قطر 2022 بعد نحو عامين من الآن.
بر الأمان
وفي ظل نجاح التجربة والجهود التي بذلتها الأطقم الطبية للخروج بهذه الدورة المجمعة إلى بر الأمان، قرر الاتحاد الآسيوي منح قطر حق استضافة نفس الفعاليات على مستوى شرق القارة خلال الفترة من 18 تشرين الثاني/ نوفمبر الماضي إلى 13 كانون الأول/ ديسمبر الحالي وسط تدابير احترازية صارمة لضمان صحة وسلامة اللاعبين والإداريين وأعضاء اللجنة المحلية المنظمة.
وتكرر النجاح في منافسات شرق القارة ثم في المباراة النهائية التي فاز فيها أولسان هيونداي الكوري الجنوبي على بيرسيبوليس الإيراني ليحجز مقعده في مونديال الأندية.
ومع تكرار نفس النجاح على المستويين التنظيمي والصحي في منافسات شرق القارة ، أصبح هذا بمثابة حافز إضافي على إقامة فعاليات بطولة كأس العالم للأندية في الدوحة في أقرب فرصة ممكنة في ظل التوقعات.
وبالفعل، لم يكن تغيير موعد البطولة إلى شباط/ فبراير المقبل بسبب قصور في قدرات الدوحة على استضافة البطولة وإنما كان نابعاً من تأخر تتويج بعض أبطال القارات وخاصة في بطولة كأس ليبرتادوريس، التي استأنفت فعالياتها مؤخرا ليتأخر تتويج بطلها باللقب إلى موعد لاحق للموعد المقرر سابقاً لمونديال الأندية في قطر خلال كانون الأول/ ديسمبر الجاري.
ع.غ/ ع.ش (د ب أ)