1. تخطي إلى المحتوى
  2. تخطي إلى القائمة الرئيسية
  3. تخطي إلى المزيد من صفحات DW

فنان أوكراني تحت الحصار: "أعيش كل يوم كأنه الأخير"

١١ يونيو ٢٠٢٢

سيرجي شيركس موسيقي ومصور من ميليتوبول، وهي مدينة اجتاحتها قوات الاحتلال الروسي وبسطت سيطرتها عليها. يحكي الفنان الأوكراني، كيف تغيرت حياته بعد الحرب، وكيف يقضي يومه رفقة والدته وجدته داخل غرفة في نزل بعد نزوحهم.

رجل يساعد امرأة عجوز في ركوب حافلة إجلاء من كراماتورسك إلى دنيبرو في 9 مايو 2022
رجل يساعد امرأة عجوز في ركوب حافلة إجلاء من كراماتورسك إلى دنيبرو في 9 مايو 2022صورة من: ZUMAPRESS/picture alliance

 "أنا مواطن أوكراني عادي، أعمل موسيقياً ومصوراً. قبل الحرب، كنت أعيش في دنيبرو، وهي مدينة في شرق أوكرانيا، حيث كنت أخطط لمستقبلي" يوضح سيرجي شيركس في نص نشره على موقع Medium في الرابع من مايو/أيار الجاري.

في حوار مع مهاجر نيوز، بدا سيرجي أصغر من عمره بكثير (28 عاماً). لغته الإنجليزية ممتازة، أحياناً يتوقف قليلاً للبحث عن أكثر الكلمات دقة للتعبير عن شعور ما أو موقف معين مر به.

بالإضافة إلى كونه موسيقياً ومصوراً، فإن سيرجي طالب في السنة الأولى من درجة الماجستير في اللغة الإنجليزية والأدب الأجنبي. لا يعرف ما إذا كان سيتمكن من متابعة دراسته ويتمكن من التخرج. تقع جامعته في ميليتوبول، مسقط رأسه، والتي يحتلها الروس حالياً، ولا يعرف بعد ما إذا كان بإمكانه إتمام دراسته في جامعة أخرى.

مثل معظم الرجال الأوكرانيين الذين تتراوح أعمارهم بين 18 و60 عاماً، لا يمكن لسيرجي مغادرة أوكرانيا  حتى لو أراد ذلك. "أنا موسيقي"، يقول سيرجي موضحاً أنه قد يكون أكثر إفادة إذا سافر إلى الخارج وعمل مع أوركسترا أجنبية وكسب المال لإرساله إلى الجيش الأوكراني، بدلاً من مطالبته بالقتال.

يحاول سيرجي جاهداً الحفاظ على نظرة إيجابية، على الرغم من أن حياته اليومية قد تغيرت بشكل كبير. يقول: "أريد فقط التأكد من سلامة عائلتي، هذه هي مهمتي الرئيسية الآن. في بعض الأحيان تحتاج جدتي إلى أدوية، تبلغ من العمر 82 عاماً، وفي بعض الأحيان تحتاج أمي إلى مساعدة لعلاج إصابتها القديمة في ركبتها".

"أذهب إلى صالة الألعاب الرياضية حينما أجد وقتاً، لأنه يتوجب علي الحفاظ على لياقتي، وأعزف الموسيقى وأقرأ كتباً حول تدريس اللغة الإنجليزية استعداداً للحصول على شهادتي"، يشرح سيرجي.

بقايا دبابة أوكرانية محطمة في مدينة ميليتوبول التي يحتلها الآن الجيش الروسي/ الصورة: سيرجي شيركسصورة من: Sergei Cherkes/DW

"أدرك جيداً أن هذه حالة حرب"

في الوقت الحالي، ما يزال حوالي 66 بالمئة من راتب سيرجي يصله من قبل الأوركسترا السيمفونية التي يعمل معها، وعلى الرغم من عدم قيامه بأي عمل، ولا يعرف إلى متى يمكنهم الاستمرار في دفع راتبه. يقول "أنا أفهم أن هذه حالة حرب".

بعد أيام قليلة من اندلاع الحرب، انطلق سيرجي إلى ميليتوبول معتقداً أنه سيعود في غضون يوم واحد مع والدته وجدته. يتذكر الموسيقي الشاب أنه كان من السهل الوصول إلى هناك حينها. كانت الصعوبة الوحيدة أنه لم يستطع السير في الطريق الرئيسي، حيث تواجدت الدبابات  وكثرت والاشتباكات بين الجنود الأوكرانيين والروس.

"سرت في الطريق الثانوي عبر القرى، وفي كل قرية كنت أتوقف وأسأل الناس: هل الطريق أمامنا مفتوح وآمن؟"، يقول سيرجي. حينها لم تعترضه في الطريق سوى نقطتي تفتيش للمرور.

عندما وصل سيرجي إلى ميليتوبول، استغرق الأمر وقتاً أطول مما كان يعتقد لإقناع والدته وجدته بالمغادرة. "لم يكن الأمر سهلاً عليهما، جدتي تبلغ من العمر 82 عاماً، وسبق أن عاشت أجواء الحرب (العالمية الثانية) سابقاً، كان من الصعب إقناعها".

الغرفة الصغيرة التي يتشاركها سيرجي شيركس مع جدته ووالدته في النزلصورة من: Sergei Cherkes/DW

الأوضاع تزداد سوءاً

يقول سيرجي إن الحياة في ظل الاجتياح الروسي كانت تزداد سوءاً كل يوم. "كان هناك آلاف الجنود في الشوارع، ثم بدأت الاعتقالات والاختفاءات والتعذيب في السجون. بدأت أقلق على عائلتي". ومن هنا قرر أخذ عائلته وترك المدينة.

عندما غادر سيرجي المدينة مع عائلته، حاول الجنود الروس الذين صادفهم في الطريق إقناعه بالبقاء في ميليتوبول. يتذكر سيرجي قول الجنود "لن يكون الوضع آمناً في الطريق، أنت تخاطر مع أسرتك. الوضع هادئ للغاية في ميليتوبول، لكنك تأخذهم إلى مدينة سنقصفها ونهاجمها ونحتلها، ماذا تفعل؟ ارجع!"، رد سيرجي بابتسامة على الجنود، واستمر في طريقه.

يقول سيرجي "في البداية شاركت في المظاهرات وسط المدينة (ميليتوبول)، ونشرت مقاطع فيديو وصوراً للأحداث. كان الناس يسيرون بالعلم الأوكراني، أو يرفعون شعارات مطالبة بالسلام. لكن في وقت لاحق من شهر مارس/آذار، لم يتسامح الروس مع هذه المظاهرات، وأصبح الناس خائفين جداً من تنظيمها، كان كل شيء يزداد سوءًا، حتى أن إمكانية مغادرة المدينة صارت صعبة".

12 نقطة تفتيش

قبل الانطلاق، أدى سيرجي وأمه وجدته صلاتهم خوفاً مما يمكن أن يصيبهم خلال الرحلة. يقول "سمعنا عن إطلاق النار على أشخاص من قبل الروس. الرحلة القصيرة في العادة إلى دنيبرو، استغرقت في هذه الظروف أكثر من تسع ساعات، مروا خلالها عبر 12 نقطة تفتيش روسية.

في كل نقطة تفتيش، كان الجنود الروس "يفحصون هواتفنا، ومنصات التواصل الاجتماعي، والرسائل الخاصة". عند إحدى نقاط التفتيش، وجد جندي فيديو على هاتف والدته كانت قد نسيت حذفه. فيديو تم تنزيله من الإنترنت مكتوباً عليه "المجد لأوكرانيا!  كان الثلاثة متوترين وخائفين حسب ما يحكيه سيرجي،  لحسن الحظ، قال الجندي الروسي، بما أنهم لم يصوروا الفيديو بأنفسهم، يمكنهم المغادرة، ثم توجه لسيرجي بالكلام قائلاً "أنصحك بحذفه قبل نقطة التفتيش التالية".

"بعض الجنود كانوا يطلبون منا أشياء نحملها في السيارة". يقول سيرجي: "إنها ليست سرقة تماماً"، وبنبرة ساخرة يكمل حديثه "ولكن عندما يطلب منك رجل يحمل كلاشينكوف بلطف شديد، وبنبرة هادئة، أن تعطيه شيئاً لك، فأكيد لن تتردد في ذلك"، يتذكر سيرجي.

صحيح أن سيرجي وأسرته فقدوا الكثير من الأشياء التي كانوا في حاجة لها، لكنهم فرحوا بمغادرتهم سالمين. كثيرون لم يغادروا المدينة لأسباب كثيرة، منها عدم القدرة المادية وعدم توفر سيارة، وأيضاً لصعوبة الطريق والأخطار التي سمعوا عنها. إضافة لذلك قرر الكثيرون البقاء في منازلهم ومواجهة المخاطر، عوض اختيار العيش في ملاجئ أو نزل كما حدث لسيرجي وأسرته.

رفعت الأعلام الأوكرانية في الساحة الرئيسية في ميليتوبول في مظاهرة خلال شهر مارس الماضي، بعد ذلك توقف الناس عن التظاهر خوفًا من الاعتقال | الصورة: سيرجي شيركسصورة من: Sergei Cherkes/DW

لا خطط للمستقبل

حياة التشرد هذه ليست سهلة على أحد، لكن سيرجي يقول أنها أيضاً ليست بالغة السوء أيضاً: "يمكنك تناول الطعام مجاناً في المراكز الإنسانية، لكن معظم الناس لا يريدون ذلك إذا كان بإمكانهم تجنبه". تتلقى كل من والدته وجدته ما يعادل 70 يورو شهرياً وهي قيمة المعونة المخصصة للنازحين.  تغطي هذه المساعدات إيجار غرفتهما الصغيرة في النزل. ويشتري سيرجي بما يتوفر عليه من مال طعاماً وأدوية وما يحتاجونه من ضروريات".

في الوقت الحالي لا يخطط سيرجي لأي خطوة مستقبلية، ويركز كامل اهتمامه على الحفاظ على سلامته وسلامة أمه وجدته. يقول سيرجي وهو يتذكر الأوقات التي كان فيها كان قادراً على السفر والاستماع للموسيقى في كل مكان ومنها مدينة دريسدن الألمانية: "كانت تجربة رائعة، الشعب الألماني يحب الموسيقى الكلاسيكية ". ويتابع الشاب: "بالنسبة لي الآن، أنا أعيش كل يوم بأحداثه وتفاصيله. أنا أعيش كل يوم كأنه يومي الأخير".

مهاجر نيوز 2022

 

تخطي إلى الجزء التالي اكتشاف المزيد
تخطي إلى الجزء التالي موضوع DW الرئيسي

موضوع DW الرئيسي

تخطي إلى الجزء التالي المزيد من الموضوعات من DW