1. تخطي إلى المحتوى
  2. تخطي إلى القائمة الرئيسية
  3. تخطي إلى المزيد من صفحات DW

فهمي هويدي لـ DW: دول عربية تحاول لعب أدوار أكبر من حجمها

٢٥ مايو ٢٠٢١

اشتعلت الأوضاع مجدداً بين إسرائيل والفلسطينيين وانطلقت حرب لكنها ليست كسابقاتها. حفل المشهد الإقليمي والدولي بمتغيرات غير مسبوقة سواء على الصعيد العسكري والعملياتي أو الإعلامي والسياسي..فهمي هويدي يحلل مشهد ما بعد الحرب.

القبة الحديدية الاسرائيلية خلال محاولات التصدي لصواريخ حركة حماس
جولة جديدة في مسلسل الصراع الفلسطيني-الإسرائيلي لكنها ليست كغيرها من الجولاتصورة من: AnAs Baba/AFP/Getty Images

جولة جديدة من المواجهات بين إسرائيل والفلسطينيين، انتهت بعد جهود دبلوماسية مصرية إلى وقف لإطلاق النار.. لكن انفجار الأوضاع وأشكال التصعيد، بل وحتى ردود الفعل الدولية كانت غير مسبوقة.. الكاتب الصحفي المصري فهمي هويدي يحلل المشهد.

DW عربية: كان هذا الاتصال هو الأول بين الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي والرئيس الأمريكي جو بايدن بشأن الجهود المصرية المبذولة لوقف إطلاق النار بين إسرائيل والفلسطينيين .. لماذا بدا أن التحرك المصري خلال هذه الأزمة كان مختلفاً؟

فهمي هويدي: مختلف في الأداء وليس في الموقف.. مختلف تكتيكياً وليس استراتيجياً.. بمعنى أن مصر هي الدولة المؤهلة أكثر من غيرها في المنطقة للتوسط في الأزمة، وخصوصاً إذا كان التوسط في موضوعات في حدود وقف إطلاق النار أو العودة للمسار السياسي، فالجوار الجغرافي فرض مصر طرفاً أساسياً في التعامل مع القضية الفلسطينية. الأمر الثاني أن الساحة العربية فيها الكثير من الشواغل وهناك دول طبعت مع إسرائيل وهناك شواغل داخلية للدول ، ومصر أخفها وطأة من هذه الزاوية.

ثالثاً سقف الحديث نفسه يناسب الأداء المصري.. علينا أن نلاحظ أن الحديث يدور حول وقف إطلاق النار ونتحدث عن تخفيف وتيرة العنف، لكن لا أحد تحدث عن الاحتلال.. علينا أيضاً الانتباه إلى أن هناك إيحاء مغلوط بأن المسألة إسرائيل وحماس.. هذه مغالطة كبرى.. فأين إسرائيل والفلسطينيين في 30 مدينة داخل إسرائيل؟ أين إسرائيل والضفة الغربية؟ أين إسرائيل والجماهير الفلسطينية في الشتات؟

اختزال الموضوع في إسرائيل وحماس وكل ما يتحدث عنه رئيس الوزراء الإسرائيلي (بنيامين نتانياهو) وغيره هو إضعاف قوة حماس العسكرية وأنها لن تستطيع أن تستخدم الأنفاق أو الصواريخ.. هذه ليست هي القضية، فالقضية هي قضية شعب والمشكلة ليست حماس وإنما قضية احتلال.. أيضاً هناك حديث يدور كثيراً في أوروبا عن حق إسرائيل في الدفاع عن نفسها وهذا صحيح لكن أليس من حق الفلسطينيين الدفاع عن أنفسهم أيضاً؟ هناك الكثير من المغالطات يُخدع بها الرأي العام العالمي.

أيضاً تم التركيز على الدور المصري لأن هناك قطاعات في الرأي العام تظن أن هناك مشكلة بين القيادة المصرية وحماس ليبدو الأمر وكأن مصر وإسرائيل تقفان في معسكر واحد ضد حماس، وهذه مغالطة. ولذا فإن مخاطبة مصر في الموضوع فيها فخٌ يوحي بأن حماس هي القضية. ثانياً سياسياً يعطي انطباعاً بأن سقف الحوار محكوم بمصالح إسرائيلية بسبب المشكلة الموهومة بين مصر وحماس..

وحقيقة لا يوجد مشكلة فعلياً بين مصر وحماس والكل يعرف أن حماس اتهمت ( من قبل مصر ـ المحرر) بأمور لم يثبت ضلوعها فيها إلى اليوم بدليل أن مصر تقدم مساعدات للفلسطينيين في غزة وما تقدمه مصر محدود أيضاً، فرغم ما قيل عن فتح الحدود لم يعبر من غزة إلى مصر إلا عدد قليل للغاية من المصابين لتلقي العلاج .. كل هذه مغالطات تحتاج إلى أن تضبط حتى تفهم القضية على نحو صحيح.

هويدي:لا يوجد مشكلة فعليا بين مصر وحماس والكل يعرف ان حماس اتهمت  بأمور لم يثبت ضلوعها فيها الى اليومصورة من: Shrouk

التحرك المصري يشيء بأن جهود التطبيع مع إسرائيل والتي قادتها الإمارات في الفترة الماضية سراً وعلناً هذه الموجة من التطبيع يقول البعض إنها فشلت بعد الأزمة الأخيرة وخصوصاً أن الإمارات ودول الخليج تعرضت لانتقادات عنيفة بسببها إضافة إلى ما بدا أنه غضب مصري من الاندفاع الخليجي الشديد نحو إقامة علاقات دبلوماسية مع إسرائيل دون العودة إلى مصر وهي الدولة التي لها باع طويل في التعامل مع السياسة الإسرائيلية، بل لم يتم استشارة مصر في أفضل الأحوال خاصة وأن القاهرة لم تمانع من إقامة مثل تلك العلاقات .. هل تعتقد أن هذا ما تحاول مصر اليوم التلويح به بعد نجاحها دبلوماسياً في وقف التصعيد بأنها لازالت تحتفظ بكلمة الفصل في المنطقة وبأن الإمارات عليها أن تبتعد قليلاً عن اللعب في هذه الساحة؟

ربما كان هذا أحد التفسيرات لكن أريد على الهامش أن أقول إن الدور المصري محكوم باعتبارات التاريخ والجغرافيا. بمعنى أنا ذكرت أن مصر على حدود غزة بالتالي الجغرافيا حكمت على مصر أن تكون لها يد طولى في غزة، وبالتالي في القضية الفلسطينية وفي الوقت نفسه فإن مصر باعتبارها دولة عربية كبرى لها دور قيادي في الساحة..

حينما تتداخل دول صغرى كالإمارات أو دول أخرى بسيطة ليست لها حدود معها وأخرى ليست لها مشاكل مع إسرائيل كالسودان، الذي أُقحم في الأمر وقيل أيضاً إن المغرب تمت المحاولة لدفعة إلى المشهد، هنا علينا أن نقول صراحة إن هذه الدول التي تدخلت في الوقت الغلط أصبحت أيديها ملطخة بالدم الفلسطيني في هذه التجربة، وبالتالي انفضح الأمر بعد دخولهم من الباب الغلط في التوقيت الغلط ولم يستطيعوا أن يوقفوا شيئاً بدليل أن من أوقف المعارك هو الاتصالات مع مصر وليس مع أي من الدول التي تصالحت مع إسرائيل.

 نبقى في ملف العلاقة المصرية الإماراتية .. هناك كثير من الإشارات المصرية على وجود غضب من محاولات إماراتية يبدو أنها كانت تستهدف سحب بعض الملفات على رأسها الملف الفلسطيني، وربما محاولة لتحجيم الدور الإقليمي لمصر؟

هذه صفحة في ملف محفوف بالكثير من الأسئلة لكن ما خلصت إليه في النهاية أن الإمارات تحاول أن تلعب دوراً أكبر من حجمها متصورة أن القوة الاقتصادية العارضة التي لا يد لها فيها والمتمثلة في النفط يمكن أن تحولها إلى قوة عظمى في المنطقة، فلا أرى بأساً في ذلك ولتتفضل، لكن القوة العظمى لها شروط والكبار لا يهمهم كثيراً أن يحاول أي طرف من الشباب الناشئ أن يستطيل في مشيته ويعجب بأدائه ويظن بنفسه أنه وصل إلى القمر أو المريخ .. لابأس فليس هناك سباق حول القيادة أو العظمة في المنطقة.

وكما أكرر: أن تكون كبيراً فهذه مسالة لها شروطها ولها علاقة ليس فقط بالإمكانيات المادية وإنما أيضاً بالتاريخ والجغرافيا وأمور كثيرة ، فلا أعتقد أن مصر لديها حساسية كبيرة إزاء محاولات الإمارات تقمص دور كبير في الساحة العالمية وخصوصاً هذا التمدد غير المبرر لأبوظبي سواء في الخليج أو في شمال وشرق إفريقيا. فمن يريد أن يتمدد ليكن، لكن لكل شيء مسئولياته وحدوده وسقفه ..

أنا ليس عندي أيضاً ثقة في أن هناك ضرر ما وقع على مصر من التحركات الإماراتية في المحيط المصري.. ربما يكون هناك قلق.. ربما يكون هناك أسئلة أثارتها مصر.. لا نعرف ما الذي جاء بالإمارات لتحارب مع حفتر على الحدود المصرية أو أن تحاول أن تستخدم قاعدة مصرية على الحدود الليبية في القيام بعمليات عسكرية.. شيء يثير القلق لكنه لا يثير الخوف.. كلٌ له مقامه..

هناك أفلام في السينما يظهر فيها بعض اليافعين في السن وهم يحاولون تأدية أدوار عظيمة.. قد يصلح ذلك في الأفلام، لكن في الحقائق السياسية هناك تاريخ وجغرافيا. وبالمناسبة من يريد أن يحمل الهم العربي ليتفضل شريطة أن يكون مؤهلاً لذلك وليس فقط ليؤدي أدواراً في مواقع التواصل الاجتماعي أو في الأفلام السينمائية.

في ملف العلاقات المصرية الأمريكية .. اتصال بايدن بالسيسي تأخر كثيراً ولولا الأحداث الأخيرة ربما كان قد تأخر أكثر من ذلك .. وهناك أيضاً توتر شديد داخل الإدارة المصرية بعد انتخاب الإدارة الديمقراطية الأمريكية خاصة وأن بها شخصيات وجهت انتقادات لمصر بشأن ملف حقوق الإنسان والديمقراطية.. كيف ترى السياق العام الذي جاي فيه هذا الاتصال؟

لابد أن أقرر في البداية أن بايدن اتصل بالقيادة المصرية واتصل حتى بنتانياهو عدة مرات بسبب الصواريخ الفلسطينية، وكلنا نعرف أن الإدارة الأمريكية عطلت صدور القرار من مجلس الأمن لوقف إطلاق النار لمدة 11 يوماً. ولولا ما فعله الفلسطينيون لما تخاطب بايدن مع هذا الرئيس أو ذاك، فالفضل في هذا هو للمقاومة التي أحرجت الجميع وفضحت نتانياهو وأحرجت الإدارة الأمريكية، التي عجزت عن وقف الحرب رغم مساندة بايدن الكاملة والتاريخية لإسرائيل، وهو صاحب المقولة الشهيرة "لا يجب أن تكون يهودياً لتكون صهيونياً". ولكن حينما اضطر أن يتدخل إلى مسافة أبعد واستخدام ورقة ضغط عربي للتقدم بطلب لوقف إطلاق النار بالتفاهم مع فرنسا وبترتيب أوروبي في مجلس الأمن. ولولا هذا لما اتصل بالسيسي ولا بغيره.

مع هذا اعتقد كما ذكرت أن مخاطبة مصر في هذا الموضوع لها خلفيات تسمح بتشجيع مصر أن تقوم بدور للأسباب السابق ذكرها، إضافة إلى السقف لذي تتحرك تحته مصر، وهو أن غاية المراد أن يعود الحوار إلى طاولة المفاوضات ونعود إلى تلك الدائرة المفرغة وعند هذه الحدود تتلاقي الإدارتان المصرية والأمريكية، وبالتالي ترشح الإدارة الأمريكية مصر لتقوم بهذا الدور مطمئنة إلى أنها لن تتجاوز الخطوط أو السقوف التي تريدها واشنطن.

هل يمكن أن تستفيد الحكومة المصرية من هذا الاتصال الأمريكي فيما يتعلق بملفات الداخل؟ ألا يمكن أن تسوق مصر قوتها الإقليمية ونجاحها الدبلوماسي في وقف الحرب كأحد أوراق الضغط إن حاولت الولايات المتحدة يوماً ما الضغط على مصر في ملفات شائكة كملف حقوق الإنسان أو غيرها؟

هذه إحدى النقاط الحساسة والدقيقة التي قد لا تتوافق فيها الإدارة السياسية المصرية مع الإدارة الأمريكية ونظراً لحساسية هذا الأمر فإن الإدارة الأمريكية لم تتحدث عنه إلى اليوم بشكل مباشر، بينما هي تتحدث عن مشكلات أخرى تبدو أكثر أهمية لها في الوقت الراهن مثل الأزمة مع روسيا أو الأزمة مع الصين، ولم تتدخل إلى اليوم في الشأن الداخلي المصري. وهذه ربما من الملفات المرحلة.

وأظن أن الديمقراطيين لهم رأي في الموضوع لا تستريح له الإدارة المصرية، وبالتالي ربما يرى الرئيس بايدن أن هذا موضوع يمكن تأجيله أو معالجته بعيداً عن الحوارات المعلنة أو الضغوط العلنية على القاهرة .. ربما يكون ذلك حادثاً على مستوى الاتصالات الداخلية أو على مستويات معينة ليس بينها الإعلان على الملأ.

يبدو أن هناك إشارات كثيرة على مواقع التواصل الاجتماعي بل وحتى في الإعلام الأمريكي نفسه توحي بوجود تغير في النظرة للقضية الفلسطينية اليوم واتضح ذلك من منشورات لفنانين وسياسيين أمريكيين. وأوروبيين وصل التغيير إلى داخل الكونغرس، هذا إلى جانب المظاهرات في العديد من دول العالم.. ما الذي دفع إلى هذه النظرة المختلفة؟

أولا إصرار الشعب الفلسطيني هو الذي أبقى على القضية حية إلى هذه اللحظة. ثانياً الصلف والغرور الإسرائيلي الذي لا يعرف حدوداً ... إلى جانب تنامي اليمين المتوحش في إسرائيل، والذي يتحدث صراحة عن هذا الأمر وهو ما نتج عنه اقتحام المسجد الأقصى في رمضان خلال الصلاة ومحاولة طرد الفلسطينيين من حي الشيخ جراح وتسليم منازلهم إلى مستوطنين إضافة إلى قوة مواقع التواصل الاجتماعي وشجاعة البعض في العديد من أنحاء العالم وأيضاً بعد زوال فترة ترامب الذي كان موغلاً في انحيازه لإسرائيل.

كلها عوامل تضافرت وفجرت عوامل الغضب واستدعى كل هذه المشاعر المتراكمة منذ عقود وأتاح لهذا الغضب أن يعلن عن نفسه ولهذا كل محاولات الاحتيال السياسي والحوار السياسي والدجل السياسي لم تصل إلى نتيجة. بل بالعكس شجعت إسرائيل على مزيد من التغول واجتمعت تلك العوامل لتكشف الحقائق أمام الرأي العام العالمي وشجعت أعداداً كبيرة من السياسيين والمثقفين أن يتحدثوا بوضوح عن رأيهم في هذه المسألة.

محمود عباس والقيادة الفلسطينية يبدو موقفهم اليوم في غاية الصعوبة خاصة وأن هذه الحرب نتج عنها وحدة الشارع الفلسطيني. كيف ترى مستقبل محمود عباس والقيادة الفلسطينية الحالية؟

أعتقد أن دور محمود عباس قد انتهى وأنه خرج من تاريخ القضية الفلسطينية في الوقت الراهن، إذ لم يعد له دورا ولا أحد يعول عليه أو ينتظر منه شيئاً. الأمر الآخر هو أن الألاعيب التي تمارس الآن بالعودة إلى ما يسمى بالحوار السياسي والاجتماعات واللجان والرباعية والخماسية وكل هذه الأمور تمت تجربتها وثبت فشلها وخصوصاً أن الشعب الفلسطيني نفد صبره وعلم أن صوته يمكن أن يهز ضمائر الكثيرين في العالم.

ولهذا أظن أننا مقبلون على طور جديد أعتقد أنه سيختلف كثيراً عما سبق بدليل أن الناس الذين خرجوا بعد وقف إطلاق النار وصلوا الجمعة في المسجد الأقصى لايزالون يتحدون الاحتلال.. ولابد أن نلاحظ أن الفلسطينيين في نحو 30 مدينة داخل إسرائيل والذين عانوا من ذل ومهانة طوال عقود هؤلاء ارتفع اليوم صوتهم وصاروا يرون الأمور بمنظور آخر ولهذا ينبغي أن نتوقع منهم شيئاً مختلفاً عما جرى في السابق.

أجرى الحوار/ محمود حسين

تخطي إلى الجزء التالي اكتشاف المزيد
تخطي إلى الجزء التالي موضوع DW الرئيسي

موضوع DW الرئيسي

تخطي إلى الجزء التالي المزيد من الموضوعات من DW